أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر حسن أبودان - مخاطر المشروع الفيدرالي العراقي















المزيد.....


مخاطر المشروع الفيدرالي العراقي


منذر حسن أبودان

الحوار المتمدن-العدد: 1833 - 2007 / 2 / 21 - 13:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولا: الانتهازية الحزبية بين الإنفصالية والعنصرية::
الفيدرالية التي يروج لها البعض في العراق ‘ تهدف بالدرجة الأساسية إلى التقسيم الطائفي ‘ وهو تقسيم عنصري, والعنصرية بحد ذاتها تعتبر وباء يهدد الوطن والشعب
فلم تكن المفاجأة في إصرار الأكراد على رفع سقف مطالبهم القومية، لتأكيد وترسيخ النزعة الرامية كهدف استراتيجي إلى تحقيق انفصال كامل لإقليم الشمال وتكوين دويلة كردية ، حيث بلغت هذه المطالب حداً غير مسبوق مثل المطالبة بوجود تمثيل كردي دبلوماسي مميز داخل السفارات العراقية بالخارج بأسلوب يكرس فكرة (الدولة داخل الدولة) تمهيدا لانتهاز أية فرصة قريبة لإعلان استقلال كردستان وهو ما تكرس عبر الإصرار على عدم حل الميليشيات المسلحة الكردية (البشمركة)، حتى بعد الاتجاه إلى بناء جيش وطني اتحادي جديد للعراق بعد جلاء الاحتلال الأميركي,هو الأمر الذي يعكس نية مبيتة للانفصال في أية لحظة.
وقد ظهر ذلك جلياً خلال مداولات كتابة الدستور العراقي الجديد، فقد أصر الأكراد على رفض إعطاء أي هوية عربية للدولة العراقية، ورفضوا بشدة قبول أن العراق البلد والكيان هو جزء لا يتجزأ من الأمة العربية.وبالرغم من أن هذه المطالب الكردية كانت شبه معلومة من قبل، إلا أن المفاجأة كانت في درجة الإلحاح عليها ومحاولة الأكراد استغلال المواقف والظروف الناجمة عن الاحتلال الأميركي للعراق، لمحاولة فرض واقع جديد يقود فعلياً لانفصال كردستان وفرض ذلك على بقية أجزاء العراق . لكن المفاجأة الأكبر جاءت من الجنوب العراقي، عندما أظهرت أحزاب شيعية لأول مرة فكرة فصل جنوب العراق وطالبت بإنشاء إقليم شيعي في الجنوب والوسط العراقي يضم 9 محافظات ليكون إقليما شبه مستقل على غرار إقليم كردستان في الشمال وواكب ذلك المطالبة أيضا بالاستحواذ على نفط الجنوب أسوة بمطالب الأكراد بالاستحواذ على نفط الشمال العراقي في كركوك وما حولها، وجاءت صيغة الفيدرالية لتنفيذ مخطط تقسيم العراق على أساس عرقي (الأكراد في الشمال) وطائفي (الشيعة في الجنوب)، على أن يترك للسنة العرب في الوسط أن يتدبروا أمرهم حيث لا توجد اكتشافات نفطية في مناطق الوسط حول بغداد وفي غرب العراق على الحدود مع الأردن وسوريا. ولا يمكن فصل محاولات تقسيم العراق على هذا النحو على أساس عرقي وطائفي (الشمال الكردي، والجنوب الشيعي)، عن واقع التوزيع الطبوغرافي للثروة النفطية العراقية المكتشفة حتى الآن والتي تتركز في الشمال والجنوب.
فلو افترضنا أن الثروة النفطية العراقية تتركز في إقليم الوسط وحول بغداد حيث تتركز الأغلبية السنية، لا أعتقد أنه سوف تظهر مثل هذه المطالب الانفصالية لأكراد الشمال وشيعة الجنوب. علما بأن أهل الشمال والجنوب يزايدون على أهل الوسط من السنة العرب في التمسك بوحدة الدولة العراقية .اذن المطالبة بالفدرالية العرقية في هذه المرحلة الحساسة ربما تهدد وحدة العراق والتعايش السلمي بين العراقيين، بل قد تتضمن في طياتها مخاطر حرب أهلية تحرق الجميع .
ثانياً: أهداف القوى الإقليمية :-
لقد بات المصير العراقي مهددا ليس فقط بتأثيرات المشروع الاستعماري الأميركي ,ولكن أيضا بفعل المخططات والأطماع الاستراتيجية للقوى الإقليمية، وهو ما زاد من مخاطر تعاظم حدوث سيناريو شبح التقسيم العرقي والطائفي في العراق.
1-إيران ومشروع ولاية الفقية:
أكدنا فيما سبق بأن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق علي صلة وثيقة بإيران, فهو يتحرك سياسياً وفق توجيهاتها ليحقق مجموعة من الأهداف الإيرانية , وكشفنا عن"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" ما هو إلا جزء من "الثورة الإسلامية" الإيرانية.فمطالبت السيد الحكيم بالفيدرالية يفسر لنا الرؤية الإيرانية تجاه تشكيل مستقبل العراق .
والرؤية الإيرانية في هذا الشأن مرتبطة بتأسيس حكومة إسلامية , ومن ثم كان للثقافة الشيعية انعكاس واضح علي رؤية إيران ما بعد الثورة لمفهوم الحكومة الإسلامية , حيث كان مفهوم ولاية الفقية ترجمة عصرية وعملية لمفهوم الإمامة الراسخ في الفكر الشيعي , بحيث يصبح مفهوم ولاية الفقية معيارا هاما للحكم علي شرعية النظم السياسية .ونظرت القوي السياسية المختلفة للنظرية الشيعية السياسية باعتبارها تشكل تهديد وتحديا مباشرا لمصادرها الفكرية وكذلك تهديدا للوحدة الوطنية. حيث حاولت الثورة الإيرانية احتلال أي جزء من العراق خاصة في الجنوب. تبرز الآن نوايا تقسيم العراق من قبل الجماعات المدعومة من طهران , وما جاء في تصريحات السيد عبد العزيز الحكيم من مطالبة بفيدرالية تضم كيانا شيعيا في الجنوب امتدادا للنجف. ويجمع المراقبون أن ذلك يتم بتوجيه ايراني. لتوثيق العلاقة مع الجنوب بدافع الانسجام والتقارب الأيديولوجي و تطوير العلاقات الاقتصادية بين إيران والجنوب العراقي لما يملكه من ثروة بترولية ضخمة.
2- إسرائيل وإضعاف الدولة العراقية:
إسرائيل تطمح إلي إضعاف العراق وتفتيته لأسباب تاريخية وسيكولوجية تتعلق بمخاوف الصهاينة المتجددة من عقدة تدمير "الدولة العبرية" عن طريق غزو قادم من المشرق العربي، وبالتحديد من العراق على غرار محنة السبي البابلي لليهود في التاريخ القديم عندما أطاح البابليون العراقيون بمملكة "إسرائيل" القديمة وجروا الأسرى اليهود في سلاسل إلى العراق القديم ، ولكن هذه المرة تحت ظلال الإسلام والجهاد .ومازال شبح الهجوم العراقي الزاحف من الشرق لتدمير "إسرائيل" من جديد يشكل هاجساً قائماً في الوعي واللاوعي السياسي لقادة "إسرائيل".
تعتبر الصهاينة أي تفتيت أو تمزيق أو إضعاف للعراق بمثابة إبعاد لشبح تهديد مصير "الدولة العبرية" .ومن المنظور الاستراتيجي العسكري المعاصر، فقد ظلت "إسرائيل" تخشى
دوما من توحيد الجبهة العسكرية العربية والتي قاعدتها (التحالف بين مصر وسوريا والعراق)، واعتبرت ذلك دوما يشكل خطرا جسيما على مصير "إسرائيل".وقد كانت "إسرائيل" في غاية السعادة عندما استفحل واحتدم الصراع بين جناحي حزب البعث في دمشق وبغداد أبان حكم كل من الرئيسين حافظ الأسد وصدام حسين، وقد أدى ذلك إلى فشل محاولات توحيد القوة العسكرية العراقية والسورية في مواجهة "إسرائيل".ولهذا ترغب "إسرائيل" في ألا تقوم للعراق قائمة مرة أخرى.
حيث بدأت الإستراتيجية الصهيونية تطبق في العراق عندما قيام بول بريمر الحاكم الأميركي السابق في العراق بعد احتلاله بحل الجيش العسكري العراقي ، فقد جاء هذا القرار الأميركي من جانب بريمر (بالحل المفاجئ) للجيش بمثابة خدمة مباشرة للمخططات الصهيونية تجاه العراق. وإلحاح الجانب الكردي، على بلورة كيان قابل للإنفصال في أية لحظة في شمال العراق ، لا يمكن وضعه فقط في سياق الطموحات القومية الكردية التاريخية المعروفة، التي قوبلت دوما بحسابات المناوأة من قبل المحيط الإقليمي، حيث لا تقبل أية دولة من الدول التي يوجد بها كثافة سكانية كردية بفكرة قيام دولة مستقلة للأكراد في أي منها خشية أن تؤدي إلى انفصال الأقاليم الكردية في تلك الدول. لكن الأمر المؤكد أن الأكراد في شمال العراق يحظون بتأييد غير محدود من جانب "إسرائيل"، التي تدعم فكرة قيام كيان كردي مستقل في شمال العراق يكون حليفاً للدولة العبرية ويتناغم معها في مناهضة القومية العربية في المنطقة.
ثالثا : الاستراتيجية الأمريكية.. وسياستا التفكيك والتقسيم:
الكثيرون يتحدثون عن (نظرية المؤامرة) التي تحاك للعرب في الكواليس الغربية والأمريكية، البعض يرفض هذه النظرية (المزعومة) ويجعل حركة التاريخ وحدها المسؤولة عما وصل العالم العربي إليه.
ولكنني أعتقد أن هناك ما يمكن تسميته (مؤامرة) . فلم تكن الخطط الأمريكية الساعية إلى تقسيم دول العالم العربي ومن بينها العراق وليدة الوقت الحاضر، بل هي مشاريع حاضرة في مراكز الأبحاث الأمريكية وأذهان السياسيين الأمريكيين منذ القديم، حتى أن هنري كيسنجر أحد أشهر السياسيين الأمريكيين قال من يريد السيطرة على الأمة العربية عليه أن يدمر إرادة الأمة العراقية فهي الحلقة الرئيسية فيها وقال" أن العراق يسير باتجاه مصير يوغسلافيا السابقة, ودعا كيسنجر في مرات عديدة بعد احتلال العراق إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب" .
التفكيك السياسي : يقصد به " سعي قوة خارجية إلى سلب قدرة نظام ما على نَظْم القوى السياسية الداخلية - عرقية أو طائفية أو سياسية في عقد واحد ينبثق من عقيدته السياسية". فإن التفكيك مرادف لانفراط العقد الداخلي، وتداعي مركزية النظام وسيطرته على القوى الداخلية. وينبغي الانتباه إلى أن التفكيك بهذه الوضعية لا يماثل الانهيار، بل هو مرحلة سابقة عليه، وفي حال نجحت القوة الخارجية في إحداثه؛ فإنها يمكن أن تحافظ على الاستقرار الداخلي بإعادة صياغة القوى الداخلية وفق نظم خاص بها .
* من أهم الخطط التي طرحت لتقسيم العراق:
2-خطة ليزلي جيلب Leslie Gelb
" ليزلي جيلب " هو الرئيس السابق لمجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة.. وهو من أهم المحللين والكتاب الأمريكيين المؤثرين في صنع القرار الأمريكي خصوصا عبر رئاسته لمجلس العلاقات الخارجية، وهو احد مراكز التخطيط الإستراتيجي في أمريكا، والذي يجمع داخله كل من المخابرات الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية وكبار أصحاب الشركات العملاقة، حيث كتب مقال يوضح خطة الولايات المتحدة كالآتي ( استبدال العراق الحالي بثلاث دول صغيرة كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوبوتفترض هذه الخطة أنه بما أن كل طائفة ستكون لها دولتها الخاصة بها، فسوف يتوقف القتال، لأنه لن يكون له معنى) .
ويمكن للولايات المتحدة في هذه الحالة أن تخرج من العراق، وهي مطمئنة بعدم وجود تهديدات أمنية، وكذلك بوجود نوع من الاستقرار على الأرض.
2-خطة هنري كيسنجر Kissinger(الشرق الأوسط الكبير).
وهي الخطة التي اقترحها وزير الخارجية الأمريكية السابق هنري كيسنجر بتاريخ 16 حزيران 2005 على صحيفة "يدعوت أحرنوت "حول ضرورة تقسيم العراق كمخرج لحل الأزمات التي تواجهها الإدارة الأمريكية في العراق.حيث قال هنري( ولكي يكون الشرق الأوسط كبيراً, وهو الذي لا يمكن تغيير جغرافيته , ويمكن تطبيق سياسة دول الثواب والعقاب التي تحدث عنها , لابد أن تكون دول هذا الشرق الأوسط صغيرة وغير قابلة للحياة بمفردها, فلا بد من قوة عظمى تدعمها لتعيش وتبقى, تثيب الدولة الطائعة, وتعاقب الدولة العاصية, دون أن يتسبب ذلك في إرباك النظام العام في الشرق الأوسط الكبير, وهذا هو معنى دولة الثواب والعقاب).
لذلك فلا مكان للدول الكبيرة في خارطة الشرق الأوسط الكبير, بل هو مشروع الدول الصغيرة, وما العراق وتقسيمه سوى البداية.
3- خطة جالبريث Galbreath
وهي الخطة التي طرحها بيتر جالبريث في كتابه " نهاية العراق" والذي دعا فيه إلي تقسيم العراق إلي ثلاث دويلات وذلك بسبب الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق والتي كان من أبرزها الفشل الذريع في الحفاظ علي نسيج الوحدة الوطنية في البلاد مما جعل العراق ينجرف في حرب أهلية لم يشهد العالم لها مثيلاً من قبل. ويبرر جالبريث رؤيته هذه بقوله " لأن محاولة بناء مؤسسات وطنية أو قومية في بلد دمرنا فيه كل أسس ومقومات الدولة ليس سوي جهد ضائع ولا يؤدي إلي شيء سوي الإبقاء علي الولايات المتحدة في حرب بلا نهاية. ويشّخص في كتابه معالم تلك التي سمّاها بـ "الجريمة الكاملة" التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق. ويبرهن جالبريث علي وجهة نظره بأن ما كان يعرف بالعراق الموحد ذهب إلي غير رجعة بتفكيك مؤسساته الأساسية، وأن الإدارة الأميركية كتبت شهادة وفاة العراق، وعليها الآن الاعتراف بخطيئتها الكبرى واستخراج شهادات ميلاد للدويلات الثلاث المستقلة. تنفيذ مشروع التقسيم والمراحل التي وصل إليها بعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بغزو واحتلال العراق وتدمير بنيته التحتية وسحق كل مؤسسات الدولة العراقية وإلغائها إيذانا بالشروع بتنفيذ مخطط تقسيم العراق الذي كانت تسعي الإدارة الأمريكية . وقد برز ذلك واضحا وجليا علي ارض الواقع من خلال البنية السياسية لهيكلية إدارة الدولة الجديدة التي "بول بريمر" والتي كان من ابرز سماتها ما يلي:
1-إشاعة ثقافة التقسيم والفدرلة منذ اليوم الأول للاحتلال والشروع بعملية سياسية يكون للطائفية السياسية الثقل الأكبر فيها مما يمهد لمحاصصات سياسية علي أسس طائفية رسخت فكرة تقاسم العراق .
2-العمل علي ترسيخ مفاهيم جديدة تهيئ البيئة الملائمة لتقبل المجتمع العراقي لفكرة التقسيم منها ضرورة إنهاء و إضعاف سيطرة الحكومة المركزية علي المحافظات أو الوحدات الإدارية للعراق من خلال بناء عراق فدرالي تتركز فيه القوة والسلطة في عدة فدراليات وليس بيد حكومة مركزية واحدة التي ينبغي أن تصبح ضعيفة وهامشية تحت ذريعة سد الطريق أمام عودة الدكتاتورية إلي العراق.
3-حل وإلغاء الجيش الوطني الواحد والتثقيف علي أساس انه كان أداة بيد النظام السابق وعودته تعني إمكانية قيامه بانقلاب عسكري وإعادة الأمور إلي ما كانت عليه قبل الاحتلال. وعليه فان من الضروري استبداله بقوات خفيفة تكون خاضعة للحكومات الفدرالية وليس للحكومة المركزية.
4- فتح الحدود والتغاضي عن التدخلات لدول الجوار في الشأن العراقي لا بل إضفاء شرعية سياسية علي تدخلات دول الجوار العراقي من خلال تشجيعها علي عقد مؤتمرات دورية لبحث الشأن العراقي فيما بينها الأمر الذي انعكس بشكل سلبي واضح علي الوضع السياسي والاجتماعي والأمني العراقي.
5-سحب سيطرة الحكومة المركزية علي الثروات النفطية والاقتصادية الأخرى وتحويل التصرف بها والاستفادة منها بيد سلطات الفدراليات الثلاث الأمر الذي يمهد لتقسيم العراق اقتصاديا وهو ما يسهل انفصال أي كيانات فدرالية محتملة عن بعضـها البعض مستقبلا.
6- التشجيع علي القيام بعمليات تطهير طائفي وعرقي شاملة تحول الحساسيات والمخاوف الطائفية والعرقية الحالية، التي زرعها الاحتلال إلي عداءات مستحكمة لا يمكن التغلب عليها لضمان التأسيس للانفصال الرسمي مستقبلا، وهذا التكتيك يشبه ما اتبعته أمريكا في تقسيم يوغسلافيا.
رابعاً : أخطار تهدد العراق : تشير بعض الدراسات إلي ثلاثة أخطار تهدد مستقبل العراق من أهم تلك الأخطار ما يلي
الخطر الأول : الحرب الأهلية : فالعراق حاليا عند مداخل الحرب الأهلية لا تبدأ بين السنة والشيعة أو بين العرب والأكراد أو بين الأكراد والتركمان، بل بإشعال فتنة تقوم بها أحزاب سياسية فؤية, من هذا الفريق أو ذاك بدعم من طامعين لتنتهي بحرب الجميع ضد الجميع بعد أن تبدأ بتفجير جامع أو حسينية أو مقر أو اغتيال أو تصعيد واستقطاب طائفي أو اثني وبشكل مستمر فيؤدي هذا إلى الفلتان وعدم السيطرة .
الخطر الثاني :التقسيم : فبعد الحرب الأهلية الطاحنة شديدة الشراسة، يصبح قبول الأمر الواقع لا مفر منه، لدرجة أن استمرار القتل والتفجير والتطهير قد يفرض مطلب أو شرط التقسيم باعتباره أفضل الحلول المطروحة بحيث يمكن التحكم والتأثير في الأجزاء المتشظية سواء من جانب إيران في الوسط والجنوب (الشيعة) أو من جانب تركيا في كردستان في الشمال .
الخطر الثالث :اتجاه العراق بعيدا عن محيطه العربي وغرقه في محلية وعراقية ضيقة : مثلما يدعو البعض حاليا إلي مفهوم الأمة العراقية، بحسن نية أو من دونها، وإدارة الظهر إلي كل ما يمت للعروبة بصلة، خاصة اللغة العربية فلا يمكن أن يبقي العراق موحدا من دون هوية العراق القومية ولغته الرسمية العربية.
الولايات المتحدة الأمريكية تسير على نهج التفتيت وشرذمة المجتمع في العراق. أنها تفعل ما فعلته في التسعينات في رواندا عندما تركت الملايين من الناس عرضة لتصفيات عرقية وحشية لم تري البشرية لها مثيل من قبل. الفرق أنها اليوم مسؤولة مباشرة عما "يمكن أن" يحدث من مذابح في العراق مقارنة برواندا التي وقفت فيها أمريكا متواطئة مع لوردات الحرب الاثنية من قبائل الهوتو الذين امروا بقتل مئات الآلاف من المدنيين التوتسي. أمريكا اليوم تهئ لرواندا أخرى في العراق من خلال محاولة امرار دستور "الدولة الفيدرالية" والتأجيج المذهبي الحقير بين صفوف الجماهير.
مما سبق ذكره يتضح لنا معالم الصورة القاتمة التي رسمها الاحتلال الأمريكي لمستقبل العراق، فعلي مدي سنوات كانت هناك أصوات أميركية تنتقد غزو العراق وتتهم إدارة الرئيس جورج بوش بالتورط في حرب لا نهاية لها من أجل أهداف غير واضحة لا تمت للديمقراطية ولا للأمن القومي بصلة خصوصا بعد ثبوت عدم صحة الأهداف التي أعلنها البنتاغون لغزو العراق وهي إسقاط نظام صدام حسين لعلاقته بالقاعدة وثبوت عدم امتلاك العراق أي سلاح أو برنامج نووي حقيقي. العراق منذ القديم يشكل وحدة جغرافية سياسية واحدة من عهد حمورابي قبل الميلاد مرورا بعصر الخلفاء الراشدين والي الدولة الأموية ثم العباسية والتي دامت 800 عام وجاءت بعدها دول ودول مرورا بالدولة العثمانية وانتهاء بجمهورية العراق التي احتلها الغزاة عام 2003.بل إن محنته تتمحور بحق في طبيعة أنظمة الحكم التي أساءت استخدام مصادر السلطة والثروة بعيداً عن كل ما يمت إلى مبادئ العدل والأنصاف بصلة. لهذا يجب على القوى السياسية العراقية الالتفات إلى مستقبل العراق من منطلق الحفاظ على هويته وبلورة ثوابته وعدم السماح بجني مكاسب يتم الحصول عليها في عراق محتل وأن لا تكون الفيدرالية والمطالبة بمدينة كركوك الغنية بالنفط وترحيل العرب منها أساس للمساومة لأن من شأن ذلك الأضرار بالمصلحة النهائية للعراق الواحد الذي يتطلب الآن مقارعة العصبية القبلية أو التطرف الطائفي والنزاعات الانفصالية التي تقف وراءها أطراف عديدة وإنما يجب إلغاؤها من قاموسه.
الخلاصة : إن عملية بناء الدولة الموحدة ذات مؤسسات سيادية في العراق يقع علي عاتق الأحزاب السياسية .ولكن الواقع العراقي يشهد غير ذلك .فالأحزاب السياسية الطائفية والعرقية تسعي بكل جهد من أجل الاستقلال التام عن الدولة الوطنية , وذلك تلبيتاً لأطماعها الفئوية الضيقة .فكرة الفيدرالية هي مشروع تفتيت وتقسيم , يبدأ بالانفصال التدريجي وينتهي بتقسيم العراق إلي مجموعة الدول الطائفية والعرقية .فالقوى الشيعية لا تمانع من قيام فيدرالية كردية، لكنها تدعو بإصرار إلى قيام فيدرالية أو فيدراليات جنوبية وفي الفرات الأوسط تشبثاً بتوزيع الثروات والخصوصيات والمظلوميات التي تتحدث عنها. أما القوى الكردية فهي تصر إصرارا لا حدود له على الفيدرالية الكردية بضمنها كركوك ومناطق أخرى. أما القوى السنية المشاركة أو الممانعة، فإنها تعارض الفيدرالية الكردية وان كان بعضها يتخذ مواقف تكتيكية بالتحفظ عليها حالياً أو السعي لتأجيلها، لكنّه يرفض بشدة الفيدرالية الجنوبية ويعتبرها تقسيماً مبطناً للعراق، ولا يستبعد أن تقع تحت النفوذ الإيراني.أما قوى وبعض الشخصيات العراقية الإسلامية منها والوطنية فإنها ترفض رفضاً قاطعاً فكرة الفيدرالية وتعتبرها مشروعاً إسرائيليا وصفوياً، كما تصفها بعض الأدبيات. كل ذلك يجعل المشهد العراقي تناحرياً خصوصاً إذا تشبث كل حزب بوجهة نظره وحاول أن يستخدم القوة لفرضها على الآخرين.



#منذر_حسن_أبودان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر حسن أبودان - مخاطر المشروع الفيدرالي العراقي