أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام إبراهيم - الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات-1














المزيد.....

الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات-1


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1832 - 2007 / 2 / 20 - 13:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في العلاقة المعقدة بين ذات الكاتب والواقع والأفكار وطبيعة الصراع المجتمعي يتبلور موقف ورؤية الكاتب. ومن هذه النقطة بالذات يتحدد مسار الكتابة وغايتها. هذه البديهية المبكرة يجري تناسيها من قبل البعض لدوافع لا تمت إلى الأدب بصلة كونه مسعى جماليا معني بالإنسان كقيمة مطلقة. وهذا التغافل لهذه المقولة يؤدي بالضرورة إلى لبسِ يخلط الأوراق، ويقلب المفاهيم والحقائق بجعل النص موظفاً لأغراض نفعية، فيقوم بتعمية وتزييف العلاقات والصراعات المجتمعية بأبعادها الروحية والنفسية مما يغلق طريق الوصول إلى الوضع البشري في التجربة المحددة. قد يبدو هذا الكلام ملتبساً للوهلة الأولى، ولكن عند الدخول في التجربة الحية وأقصد هنا التجربة العراقية الدامية خلال العقود الثلاثة الأخيرة سيبدو الكلام ليس واضحا فحسب، بل شديد السطوع. التجربة العراقية في المرحلة التي أشرت إليها عنيفة في كل مساراتها السياسية والثقافية والاجتماعية، فأنا مثلا من جيل نشأ على وقع ذلك العنف وتجلياته. فما كدتُ أبلغ التاسعة حتى وجدتني أفتقد بغتة للعديد من الرموز، وأكثر تلك الرموز حضورا لدى الطفل هو معلم المدرسة، ففي الأيام التي تلت 8 شباط 1963 اختفى من المدرسة بغتة نصف المعلمين، ومن ضمنهم مرشد الصف، معلمي المحبوب، أعمامي من البيت، والعديد من الجيران، وعندما كنت أتساءل يجيبونني همسا:
ـ أسكتْ. أخذهم الحرس القومي!.
وقتها تشكلت لدي صورة العنف مركزة وأبي النجار يقف كل يوم حاملا فأسه خلف الباب مخافة أن يأتي الحرس القومي ليأخذوا أمي وأختي الكبيرة النشطة في " رابطة المرأة العراقية" التي كانت وقتذاك واجه من واجهات الحزب الشيوعي العراقي. ثم تراكمت حكايات الرعب يهمس بها الناس آنذاك عن تحويلهم للمدارس وروضة الأطفال الوحيدة التي كانت بالديوانية وقتذاك إلى مراكز للتحقيق والتعذيب. حكايات جعلتني أتوجس خيفة لدى مروري بمبنى الأطفال ذاك سامعاً بالصمت صراخ من يعذبون، معلمي، أعمامي، الجيران، سأتعرف على تفاصيل ما كان يجري عندما أبلغ السادسة عشرة، وصديقي الشاعر على الشباني كان نزيلا في ذاك المكان عندما كان في عمري ورأى الجحيم مجسداً. منذ تلك السنة وفي بواكير وعيي تشكلت صورة الحرس القومي قوة قاهرة ترمز إلى الرعب. هذه التجربة المفصلية في حياة العراقي سيجدها المتابع الجاد في كل النصوص العراقية المهمة، وأذكر منها "القلعة الخامسة" "لفاضل العزاوي"، حيث الشخصية المحورية بالنص يعتقله الحرس القومي دون أن تكون له علاقة بأي تنظيم ـ وكان في المقهى ـ لشأن شخصي محض ليعيش تجربة السجن المهولة وسط ذلك العالم الأيدلوجي المغلق الذي ينبذه ويذيقه الويل. "الغلامة" لعالية ممدوح، الشخصية المحورية طالبة جامعية يسارية يغتصبها الحرس القومي ويغيب حبيبها، لتبدأ رحلة تدهورها الروحي والأخلاقي في معادل فني لتدهور الوضع العراقي بكل أبعاده في ظل الطاغية إلى حدود الاحتلال. "وداعا أيها الطفل" لجبار ياسين وهو من جيلي بالضبط. وجد نفسه في المنفى يستعيد طفولته الطافحة بالعنف المرتبط في نصه بالحرس القومي. وفي نصوص كريم عبد، جنان جاسم حلاوي، والعديد من الكتاب ممن كان طفلا في ذلك الوقت، ولست هنا بصدد هذا الموضوع، ولكن سيظل التاريخ العراقي السياسي والاجتماعي والأدبي والنفسي يعود إلى هذه النقطة المفصلية عندما يحاول دراسة العنف العراقي المعاصر في ذروته الصدامية بعلامة المقابر الجماعية المكتشفة بجنوب ووسط وأطراف كردستان العراق. عايشت ذلك الرعب الذي تضافر مع رعب وعنف العلاقات في العراق، فأنت معرض للضرب في أي وقت، في الشارع مع رفاق الطفولة، وفي المدرسة فكل معلم كان يخبأ عصا في خزانته بالصف، وفي البيت. المجتمع العراقي موسوم بالعنف.. سيتجّذر هذا الإحساس والرأي وأنا أعايش في صباي ومراهقتي ونضجي نفس أولئك الذين أرعبوا مخيلة طفولتي. سأعتقل أربع مرات بين 1970 ـ 1980 وأذوق ما ذاقه معلمي وأعمامي وصديقي الشاعر علي الشباني.. سيخرب نفس أولئك القساة حلم الاستقرار وتكوين عائلة وسط الأحبة وبمدينة طفولتي.. سيرسخ الإحساس ذاك إبحاري ببطون كتب التاريخ بحثا عن تعليل ما للعنف الطاغي في علاقاتنا السياسية والاجتماعية. سأطل على ذلك العنف وطرائق الموت الرهيبة في العصر الأموي والعباسي والتتري والعثماني.
ـ هل كان ذلك سبباً في تكوين بيئة مغلقة صارمة التقاليد شكلية؟!.
الأسئلة كثيرة وكبيرة وسلطة البعث ذهبت بالعنف التاريخي إلى أقصاه، يطلع العالم الآن على قطرة من بحره عبر الفضائيات. من هذا العالم الموشوم بالعنف يتبلور المثقف والمبدع العراقي محملاً بإرث جبار. تاريخ دموي لكنه حافل بالفخر وعلامات البناء والحضارة، وحاضر عنيف حيث الأمور والتفاصيل لم تقبل حلاً وسطاً في يومٍ ما. وإن حدث ذلك فالكل يعرف بأن ذلك مجرد توافق وقتي سرعان ما ينفرط. هذه السمة الفريدة التي وسمت الشخصية العراقية المضطربة لكنها في الوقت نفسه الرصينة بحيث جعلت العديد من المحللين الاجتماعيين يحارون في تفسيرها ويفردون كتبا لتحليل الشخصية العراقية تجعل خيار الأديب العراقي حاداً.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات6
- في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الثاني
- رواية في أروقة الذاكرة لهيفاء زنكنه رواية تؤرخ لتجربة الق ...
- المنفى يضرب أعمق العلاقات الإنسانية-خريف المدن- مجموعة حسين ...
- حافة القيامة- رواية -زهير الجزائري بحث فني في طبيعة الديكتات ...
- وطن آخر مجموعة -بثينة الناصري القصصية تزييف عذاب المنفى وتم ...
- في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الأول
- عن مقتل صديقي الزنجي عادل تركي
- ليل البلاد رواية جنان جاسم حلاوي نص يرسم جحيم العراق بالكلم ...
- عن العالم السفلى لنعيم شريف العراقي يحمل جرح الحروب في الوج ...
- خسوف برهان الكتبي للطفية الدليمي كيف تنعكس ظروف القمع على ا ...
- سرير الرمل
- قسوة
- التآكل
- جورية الجيران
- نخلة في غرفة
- في ذكرى الرائي عزيز السماوي
- موت شاعر 1 بمناسبة وفاة الشاعر الصعلوك كزار حنتوش
- بمناسبة موت الشاعر كزار حنتوش3 موت شاعر
- بمناسبة موت كزار حنتوش2 موت الشاعر


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام إبراهيم - الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات-1