أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادر قريط - ظاهرة اللسان الداشر















المزيد.....

ظاهرة اللسان الداشر


نادر قريط

الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقل عن جحا قوله: عن أبي عن جدي عن كتب الحكمة عن أخبار الأولين سمعت: أن الواقف ليس كالجالس، والصاحي ليس كالنائم ، والجائع ليس كالشبعان، واللابس ليس كالعريان...
بهذه المقدمة (الفلسفية العتيدة) أوكد عظمة الموروث الذي أخبرنا أيضا أن الكلام( ببلاش) وأن كثيرا مما تصوغه الأقلام، لايزيد دلالة وعمقا ، عما ذكره جحا( رضي الله عنه)..وإمعانا مني في البلاهة، أحيطكم علما ( خصوصا لمن يجهل لهجات أهل الشام ) بأن لفظ الداشر(في العنوان)، يعني السائب أو الفالت، والولد الداشر يعني بلهجة أهل مصر: الواد الصايع، والبنت الداشرة، هي الماشية على حل شعرها..وقبل أن أدخل الموضوع أستميحكم عذرا فيما لو تدشرت قليلا، أوانزلقت في فلتان لساني ...فالقضية برمتها قد تخرج عن حدود المنطق والمألوف!!

لا أخفي بأني مواظب على قراءة مسلسل ( ظاهرة اللسان الداشر ) للدكتورة وفاء سلطان، وانتظر بلهفة مقالاتها، لأشبع جوعي ونهمي للمعرفة، ولاأخفي أن الحلقة السادسة والسابعة قد شدّتني أكثر من غيرها، وجعلتني أتيقن أن القضية دخلت عالم الطرافة والدعابة، وبوسعي من الآن وصاعدا، أن أشتري كيسا من البوب كورن( الذرة) أثناء القراءة، وأحذو حذو الأمركيين في صالات السينما!! فالقضية لاتتعدى كونها تسلية بتسلية.
تقول الحلقة السادسة( حرفيا): الواقع الذي يعيشه أي إنسان هو نتاج حتمي لسلوكه وتصرفاته، وهذه نتاج حتمي لبنات أفكاره، فلكي تغير الواقع عليك أن تسعى لتصحيح السلوك البشري المسؤول عن هذا الواقع وتحفر عميقا في البنية الفكرية للإنسان....تغيير الواقع المخزي الذي يعيشه العالم الإسلامي يمر بتغيير سلوك الفرد المسؤول عن خزيّ الواقع ..الغزو ليس طريقا صحيحا للكسب، والغنائم ليست وسيلة مشروعة للعيش( انتهى)..وملخص القول: على الرجل المسلم أن يكف عن النهب والسرقات والرشوة والطمع. ويقتدي بالحضارة الغربية التي تقدس العمل المثمر، الذي تمثلته من تعاليم الكتاب المقدس!! ومقولته: بعرق جبينك تأكل خبزك؟؟ عظيم...إنه لعمري درس أمريكي بليغ، وضربة قاضية تكاد تجندل كل العلوم وتطرحها أرضا.. لكن قبل ذلك اسمحوا لي أن أتمهل قليلا أمام عبارة تستحق سيجارة وفنجان قهوة ( أنقل حرفيا) الأزمة في العالم الإسلامي أزمة أخلاق والأمة برمتها تعيش حالة من الإنهيار الأخلاقي ( انتهى)ألا تذكّر هذه الجملة بالخطاب الإخواني من حسن البنا إلى حسن الترابي وما بينهما من أخلاق القرية للسادات؟؟ماهذا الحب العذري بين من يشكو أزمة الأخلاق ويقول: الإسلام هو الحل وبين أخر يبكي على الأخلاق ويقول: الإسلام هو المشكلة..المصيبة أن الأخوان قد نسوا (أزمة الأخلاق) وبدأوا يتحدثون بمكر عن أزمة الديكتاتورية، والإحتلال وأزمة المواصلات والسكن وكفاية، في حين توقظ المصطلحات الميتة من قبورها..فأية لغة عربية فضفاضة، تلك التي ترتدي الشيء ونقيضه!! بعد الرشفة الأخيرة أخذت أتساءل عما سنفعله بهيغل أو بصاحب رأس المال أو بكاتب أصل العائلة والملكية والدولة ماذا نفعل بماكس فيبر وابن خلدون وغيرهم ..فكل ماتعلمناه من هؤلاء (الحمقى) ليس أكثر من مضيعة للوقت!! فملخص القضية بناءا على طريقة استدلال (التيك اوي) الأمريكية الجديدة: أفكار تؤدي إلى سلوك ثم إلى واقع!! فإذا راود بنات أفكارك شيطان المال وأغراهن، وفكرّت أن تصبح مليونيرا، فما عليك إلا أن تتمثل سلوك الوليد ابن طلال، فواقعك سيتغير لامحالة، وسوف ترقص من حولك الدنيا والحسان ( وربك الوهاب)!!
أتذكر أني كتبت يوما شيئا مشابها لهذه الفكرة، حينها كنت يافعا ومفتونا بنبيّ جبران ونزعته الصوفية ..وعندما جاء دوري وقرأت، أوقفني المدرّس بخشونة وقال لي: يكفي شعرا وإنشاء وفذلكة؟؟ الواقع هو صيرورة تاريخية..بعد ذلك بأعوام عديدة فهمت أيضا أن الوعي( الفردي والجمعي) وأنماط السلوك ..هي نتاج للأطر الإجتماعية للمعرفة، وأنساقها، ولو قدر لآنشتاين أن يولد في دمشق( القرن19)، لما عرفنا نظريته النسبية..وربما رأيناه كبائع متجول ينادي( ريّانة يا بندورة وأسود يابيتنجان) ولو قدر لمئات الجراحين والعلماء أن يلتقوا في الربع الخالي، لعجزوا حتى عن حلق ذقونهم..فالحداثة والنهضة هي تراكم معرفي ومادي، ومنظور ورؤية كونية، تخلقها الحاجة والضرورة والمسارات القسرية للتاريخ، ..لذا فإن مقولة: الحفر في بنيتهم العقلية وتغيير سلوكهم..هو عبث يشبه محاولة إقناع راعي الإبل بأهمية موسيقى باخ ؟
لكني طربت، أيما طرب وتمايلت كأحد عشاق أم كلثوم، الذين تأخذهم النشوة، وضربت كفا بكف وقلت( عظمة على عظمة يا ست) فمشكلة الرجل المسلم، هي عقلية الغزو والنهب!!! والسبب أنه فطم منذ طفولته (قبل 14 قرن) على فكرة الغزو!! وهكذا استطيع أن أتخيّل القاهرة والرباط ودمشق وبغداد وطهران وتونس وكل هذه المدن المليونية ..وهي تتمدد على فراش وثير وأرائك حريرية، وتنظر باحتقار إلى عبيد الأمم المغلوبة الذين ينقلون لها الغنائم المنهوبة والسبايا؟؟ لابل أن مخيّلتي دفعتني إلى مايشبه أحلام اليقظة، فتخيّلت أهل الأنبار وهم يحاصرون سان فرانسيسكو ويفرضون عليها الجزية ويأمرونها بخراج الأرض! وتخيّلت طائرات تكريت وهي تشن الغارات على مدينة ديترويت، وجماعة الصدر وهم يضعون الحجاب على رأس تمثال الحرية..هكذا كان عليّ أن أفكر بالمقلوب لأفهم الدلالة العبقرية والمغزى العميق لما قرأت..
أما مقولة التوراة: (بعرق جبينك تأكل خبزك)، واعتبارها أساسا لحضارة الغرب، وقيم العمل المثمر ..فهي صفعة لكل علماء الإجتماع؟ تثبت بالبيّنة مدى حماقتهم، وغيّهم وجهلهم!! ألم يلاحظوا عظمة هذه الفكرة ( المحركة للسلوك ثم للواقع)؟؟أم أننا نستطيع أيضا أن نلتمس لهم العذر، فالمساكين تعلموا التاريخ بغثه وسمينه ..هم عرفوا (لفرط جهلهم)، بأن هذه المقولة، وردت في سفر التكوين، في نسق قصصي أسطوري، كان يتحدث عن طرد آدم من الجنة، بسبب عصيانه الأوامر الإلهية، وليكون العمل درسا أبديا في الشقاء، وفي نفس السياق تلقت ماما حواء جزاء فعلتها النكراء إذ قال لها الرب: بالآلام تحبلين وبالأوجاع تلدين، أما الحيّة ( وهي ثالثة الأثافي في المؤامرة) فقد أمرها أن تلدغ نسل آدم، الذين بدورهم سوف يسحقون رأسها..لكن السؤال الأهم: أية قيمة فعلية لهذه ( الحتوتة) التي خصّت قبائل اسرائيلية تائهة في البرية؟ قبائل قامت أساسا على فكرة غزو كنعان، ونهب أرضهم، التي تسيل لبنا وعسلا؟ وما علاقة الإنجيل بكل ذلك، خصوصا إذا عرفنا أن دعوة الخلاص المسيحي تقوم على نكران الدنيا وانتظار ملكوت السماوات، إذا يقول الإنجيل: انظروا طيور السماء، إنها لاتزرع ولاتحصد ولاتخزن في الأهراء، فأبوكم في السماوات هو الذي يرزقها( بالمناسبة هذه دعوة جيّدة لي ولكل عشاق الكسل والتثاؤب!!)

من صراع الحضارات إلى صراع التواليتات
في الحلقة السابعة من ظاهرة اللسان الداشر، تمحورت القضية حول ظاهرة الطهارة والنجاسة، ونرجسية المسلمين واحتكارهم لفكرة النظافة البدنية، ونظرتهم الاستعلائية التي تستبطن نجاسة الآخرين..أولا ، لابد من الإعتراف أن هذا الطرح يحمل مشروعية ما، ولايمكن استنكاره بالمطلق، وتأكيدا لذلك فإني أتذكر بدويا كان يعتزّ ببداوته!! وأتذكر أنه تنجس وكاد يتقيأ من أكل المعكرونة( الديدان حسب رأيه )رغم علمي اليقين بأنه إغتسل مرتين في حياته، وفي المرة الثالثة والأخيرة غسله الأخرون دون علمه، وهذا يعادل نسبيا عدد المرات التي استحم بها الملك الإسباني فيليب صاحب أسطول الأورمادا الشهير (في القرن 16) ..ولأهمية القضية، وبناءا على النظرية الأمريكية القائلة: أرني تواليتك أقول لك من أنت....ولأني استفززت شخصيا ( باعتباري حوراني ) عاش كافة المراحل الإنتربولوجية للتقذر...ابتداءا من التبعر في الهواء الطلق مرورا بمراحيض دمشق القديمة ( عبارة عن حفرة عميقة، تتلصص في قعرها الجرذان ) ثم مراحيض دور الطلبة في بغداد ( وهي تحتاج إلى كمامات وجزم مطاطية، كالتي يرتديها رجال المطافئ) وصولا إلى دورات المياه الأوروبية ذات مقاعد الجلوس الصدفية الرخامية ..وزيادة في التبحر فقد اطلعت على فقه الإستنجاء الإسلامي وروايات الحجر القالع الطاهر النظيف، ومررت على الظاهرة التقذرية ( عند فرويد ) وملاحظاته للأطفال الذين يستأنسون ويعبثون ( بمنتجاتهم الوطنية )، وكذلك ملاحظة الحيوانات، التي تشمّ الروث بتلذذ، ثم ترفع رأسها في الهواء( شاكرة على النعم).. ورغم كل هذا( القرف ) الذي ذكرته، أقرّ وأعترف بأن الحلقة السابعة لظاهرة اللسان الداشر، كانت أشد قرفا، وإثارة للإشمئزاز. فمن البديهي أن أمريكا قد طوّرت وسائل التعقيم والنظافة ومبيدات البكتريا ( والبشر) ومن البديهي أن شوارع لاس فيغاس أنظف من ذقن( ملا عمر) وأن الطفل الأمريكي لايغطي وجهه الذباب كالطفل الأفغاني، لكن من العبث أن يصبح التواليت الأمريكي بروتستانتيا، والمرحاض الأفغاني إسلاميا، ومن العبث أن يقال أن محمدين يتوضأ بمسح رقبته ثم يبول في النيل ويمشي؟وأن جرجس لايفعل الشيئ عينه؟ وكل هذا الكلام سفسطة عقيمة!! ..فهل يختلف التواليت النيجيري في الأجزاء المسيحية البروتستانتية عن نظيره النيجيري في المناطق المسلمة، وماهي امتيازات التواليت الماروني الكاثوليكي عن الآخر الدرزي أو المسلم؟؟ وماذا فعلت الثقافة المسيحية العريقة لأثيوبيا؟ هل ساعدتها في إطلاق مكوك فضائي؟ ألا يمارس مسيحيو الشام والعراق جرائم الشرف وغسل العار كمحيطهم الإسلامي تماما ؟؟ وهل وهل
ملاحظة: تذكرت فيصل القاسم وأنا أكتب (وهل وهل)، ففقدت شهية الكتابة



#نادر_قريط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( أمة إقرأ ) عليها السلام
- العراق وكوميديا اللغة
- اللغة واللغو
- وفاء سلطان..مطرقة من خشب
- الصورة وإعدام الكلمات
- المطأطئون وذهب رغد
- رسالة إلى حسن نصرالله..إعدام صدام مصيدة
- وداعا صدام!!
- هرطقات أبو سفيان 2
- هرطقات أبو سفيان
- أسئلة في لوح بابلي؟


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادر قريط - ظاهرة اللسان الداشر