أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لبنى حسن - !!عيد كراهية سعيد















المزيد.....

!!عيد كراهية سعيد


لبنى حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1828 - 2007 / 2 / 16 - 06:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بعيد الحب و يتبادل معظمنا التهاني و تنتشر القلوب الحمراء و الورود في الشوارع و على الانترنت و رسائل الموبايل, يبدوا أن هناك مجموعات أخرى اختارت الترويج لعيد أخر, أغلب الظن انه "عيد للكراهية" فضمن الرسائل التي وصلت لبريدي الالكتروني يوم "عيد الحب" لفت انتباهي رسالتين, كل رسالة توزع من خلال مجموعة بريدية مختلفة و بالتالي تصل لمئات الأشخاص المفترض فيهم أن يكونوا بالعنصرية الكافية لتصديرها لباقي معارفهم و أصدقائهم حتى تعم الكراهية على الجميع باعتباره مولد و أصحابه حاضرين!!

الرسالة الأولى تحذيرية تنبه لخطورة الاحتفال بعيد الحب و تصفه بأنه بدعة نصرانية بجانب بعض "التحابيش" اللطيفة من نفس العينة, أما الرسالة الأخرى فتحريضية وعنوانها صوت ب "لا" و بداخلها رابط لاستفتاء صحيفة إنجليزية للتصويت على الموافقة على إنشاء مسجد ما في لندن و أيضا مع بعض البهارات الحارة اللطيفة من مرسلي الرسالة... طبعا هوية كل مجموعة واضحة وضوح الشمس و لا تحتاج منى لتخمين, و هنا لن انحدر لمستوى مصدري تلك الرسائل و لن أشارك في جريمة نشر و توزيع أو ترويج بث الكراهية بعرض نماذج الرسائل أو حتى شرح محتواهم و الرد على منطقهم, فيكفى أن تلاحظوا أن في الحالتين اخترت فقط الأمثلة التي وصلتني يوم "عيد الحب", خاصة و أنهما يعدوا من أرق الرسائل, فقد سبق و وصلني من الجانبين ما هو أبشع كثيرا......يبدوا أن كل مجموعة فاهماني غلط!!!

قد تكون الحكومات بأجهزتها الأمنية كفيلة بمواجه و محاربة الإرهاب المسلح أما بث الكراهية الطائفية فتنتشر و تتوغل دون أن يتصدى لها سوى قلة عاقلة تجد نفسها غالبا عاجزة أمام غالبية أما سلبية أو مغيبة مُنقادة و بين هذا و ذاك يضيع الشباب و أحيانا ينقاد أيضا من تعدوا مرحلة الشباب ليدخلوا في دوامة الكراهية و التحريض, فنجد في كل طرف (إلى الآن مسلم و مسيحيي فقط!! ) َمن يعتبر نماذج التعصب التي يبديها بعض مجموعات الطرف الأخر مبررا للمشاركة و تشجيع بث الكراهية, خاصة إذا كان طرف يشعر بأنة لا يأخذ نفس المساحة أو "الحرية" في إبداء الكراهية للطرف الأخر فيشعر بظلم مما يغذى الرغبة في بث المزيد من الكراهية, و النتيجة أن نجد أنفسنا في مجتمع مُحفز للتعصب مرحب بالتكتلات الطائفية المنغلقة على نفسها, فبين الكتب السلفية و أشرطة الكاسيت الصفراء و مواقع النت التي تحرض على المسيحية و بين مواقع و أعلام مضاد محرض على الإسلام و كأننا في مولد على الأشطر فيه أن يرفع صوته أكثر.

مع مرور الوقت نشأت مجموعات من "السوس" تنخر في جسد الوطن فكما هناك تيارات إسلامية متطرفة تحرض على كراهية المسيحيين فهناك أيضا تيارات أخرى تحاول السير على نفس الدرب على الجانب الأخر, و كما يقول البعض الإسلام دين سمح ثم يكفرون من يختلف معهم فيسيئون للإسلام, كذلك هناك بعض من يقولون المسيحية دين محبة ثم يساهموا في بث الكراهية فيسيئون إليها, لا ملائكة على الأرض و هناك دائما شخصيات غير مسئولة تتورط في بث الكراهية و تحرض لإشعال نيران ستحرقها قبل غيرها و للأسف المعتدلين أو العقلاء من الجانبين -الذين نحتاجهم بشدة- بات تواجدهم على الساحة قليلا و بالتالي من المنطقي أن تفرز لنا تلك الأجواء المحتقنة أنماط أكثر تعصباً تهوى بث الكراهية من أي منبر متاح, فرسائل بث الكراهية التي تضل طريقها وتتسرب لبريدي الالكتروني من المجموعتين من وقت لأخر ما هي إلا إفراز طبيعي للأجواء المحتقنة حيث تعبر عن نمط من التفكير نجده في الجانبين على حد السواء و يزداد انتشاره خاصة على الانترنت ليس فقط من خلال المجموعات البريدية الطائفية أو المواقع الالكترونية المعدة خصيصاً و علناً لهذا الغرض, بل نجد أن بعض المواقع التي تقدم نفسها على أنها صوت معتدل قد انجرفت أيضا لتلك الدوامة بدعوى حرية الرأي أو بالأحرى حرية الكراهية!!

اختلفت الأيديولوجيات و التعصب واحد و ربما يكون ملة واحدة لها أتباع من أديان و مذاهب فكرية عديدة و هناك أمثلة كثيرة سواء على مر التاريخ أو في واقعنا المعاصر, فالتعصب في الأساس صفة بشرية بمعنى أن المتعصب من أتباع فكر معين -حتى لو كروي- كان سيكون متعصب أيضا إذا كان من أتباع فكر أخر, و للأسف الشديد مع التجربة و الاحتكاك أصبحت على قناعة أن غالبية المتعصبين خاصة المتعصبين دينياً يصعب – و لا أقول مستحيل- تغييرهم و كأن الأمر له علاقة بالجينات الوراثية, حتى من يتظاهر منهم بالعلمانية أو يدعى الليبرالية تجد مناقشات أو مواقف بسيطة تكشفه تماما, و طبعا هذا لا ينفى أن ترسيخ التعصب يرجع إلى الظروف المجتمعية و التربية و نوعية المعلومات المتاحة للإنسان كما يرجع إلى جهله بالمعتقد الذي يتبعه هو أولا قبل جهله بمعتقد الآخرين, و بدلا من أن يغرق في تفاصيل ما يتبعه و يبتعد عن الآخرين يكرس جهده لمهاجمتهم و شتمهم و التحريض عليهم و لا أقول نقدهم لان غالبا هؤلاء لا يتمتعوا بقدرة نقدية أو تحليلية بل أصحاب توجهات عصبية تشنجية و غوغائية لا يروا سوى كراهيتهم التي يسعوا لترويجها و نشرها على أوسع نطاق, المؤسف أن هذا يؤدى إلى اتساع الفجوة و يصنع أعداء بلا هدف سوى التنفيس و هو الأمر الذي أثبت انه يضر من لا ذنب لهم.

قد يختلف البعض مع هذا الطرح و ندخل في جدال و مناقشات حول الدوافع أو أي تطرف سبق الأخر؟ و لكن كل تلك المجادلات لن تبرر بأي حال من الأحوال المشاركة في مهرجان بث الكراهية أو سكب المزيد من البنزين و هو ما يجعلنا نتساءل عن الهدف الحقيقي وراء ترويج البعض لتلك الأفكار الهدامة, خاصة و أنى على قناعة أن المسيحية لن تندثر و الإسلام لن يندثر كما لن يندثر أي دين أخر حتى و لو كان محدود الانتشار بتلك المحاولات و لكن فقط سيزداد التعصب و الانغلاق على الذات و كراهية كل جانب للأخر, و حتى من كان لا يكره أو غير منتبه للقضية في المقام الأول فانتشار تلك التوجهات العدائية كفيل بضمه لصفوف المتعصبين لخلق أجيال ناقمة متحجرة العقل أن زال عنها الجبن و خارت قوى القانون سيبيدون أنفسهم بأيديهم.

على المستوى الشخصي لا تشغلني على الإطلاق الصراعات الدائرة حول فكرة الأديان أو مضمونها ولا حتى تستوقفني المساهمات المتطرفة لاقتناعي بان كل إنسان يعبر عن نفسه فقط أو حتى عن توجه عام لمجموعة هي بالتأكيد صغيرة نسبياً, ما يقلقني حقا هو تأثير ذلك على الشباب في ظل الأمية الثقافية و الأجواء المحتقنة الحالية, بمعنى مساهمته في تغيير أسلوب تفكيرهم و بالتالي سلوكهم مما قد يدخلهم في متاهات تبعدهم عن المشاكل الأساسية, لذا أجدني ضد الخطاب الصدامي التحريضي و لست من أنصار المناظرات الدينية أو خوض كل طرف في تفاصيل معتقد الطرف الأخر ليس فقط لأنها غالبا تتم بجهل و لكن لان العقل يرجح أننا لا يجب أن نسعى للوصول لطريق مسدود و لا داعي لإهدار طاقتنا في مجادلات أضرارها على المدى البعيد أكثر من نفعها -لو كان لها- على المدى القريب, الإصرار على هذا الأسلوب من شأنه خلق مشكلات كنا في غنى عنها خاصة أنها تشدنا بعيدا عن طرح حلول قابلة للتنفيذ, و هذا لأن التشجيع على مقابلة التطرف بالتطرف يعد ترسيخ لفكرة التطرف بشكل عام و بالتالي يمهد الطريق لدوامة كبيرة لن تفرق بين مسلم و مسيحي وستبتلع الجميع و تشتت الجهود بعيدا عن مواجهة الأسباب الحقيقية التي أدت لما وصلنا إليه من غياب للعدالة و فقدان لسيادة القانون.

و هنا فقط أعنى التركيز على خطورة بث الكراهية التي أصبحت آفة مجتمعية و هو بالطبع ما يجب نبذه أي أن كان مصدره, فعلى كل فرد في المجتمع أن يكون بالوعي الكافي الذي يجعله يرفض كافة أشكال التحريض و التطرف سواء معنوي أو غير ذلك و سواء صغر أو كبر حجمه لأن النيران دائما تبدأ من مستصغر الشرر, و قضيتي الأساسية هي أهمية الحفاظ على السلام الاجتماعي و مكافحة أي محاولات لبث الكراهية أو التحريض عليها أو لتنشئة جيل متعصب كارهه لوطنه و أبناء وطنه, و بشكل عام اعتقد انه إذا ساهمنا في الترويج للفكر المتطرف و لو حتى بغض البصر عنه أو تبريره, و إن سادت الروح التي ترد في الرسائل الطائفية فسنمنح المتعصبين من كل جانب الشرعية وسنستعدي من كان محايدا و ستتسع الفجوة وبالتالي لن نتقدم خطوة واحدة بل سنتأخر أميالا و سيخسر الوطن.

و ختاما و بالرغم من كل مخاوفي تلك إلا أنى على ثقة أن الخير دائما هو الأصل, و أؤكد على أنني لست من أنصار الرقابة على الفكر و لكن أدعو كل عاقل لمحاولة خلق توازن يخدم على المدى البعيد قضية المواطنة و يضم المزيد من المؤمنين بالدفاع عنها, كما أؤكد على أن الدولة المدنية الحقيقية التي تحترم حقوق الإنسان و تطبق القانون بعدالة هي سبيلنا للتعامل مع الكثير من المشكلات, و قد حان الوقت للتركيز على استخدام العقل لتحديد ما فيه صالح المواطنين و بالتالي صالح الوطن, و لتكن مسئولية الاختيار علينا و على ضمائرنا, و لتبقى الأديان داخل المعابد و الكنائس والمساجد فقط, و لننبذ التطرف بكافة أشكاله حتى لا نشارك في تكريس العنصرية و نشر العداء و الكراهية أو شرعنة الإرهاب.



#لبنى_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيبا على مؤتمر المضطهدين و المهمشين
- حجاب على صفيح ساخن
- الخروج من الشرنقة
- المتشنجون في الأرض
- !ممنوع الاقتراب أو التفكير
- أرض النفاق
- حضرة المتهم النظام
- إذا كانت الحرائق لم تنرها
- يبقى أنت أكيد في الجحيم
- تحت راية سحقاً للمصريين
- !!أوعى البطوط
- شعب نفسه يفرح
- كانت سنة سوداء
- نقاب آه...حجاب لا
- !أمسك....علماني
- دعوة للهدوء
- !المصري سريع الاشتعال
- آمالي السودا
- أزمة الغد صحية
- لو واحد فى المليون


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لبنى حسن - !!عيد كراهية سعيد