أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - رحيق الأفعى















المزيد.....

رحيق الأفعى


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 1828 - 2007 / 2 / 16 - 06:24
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
ما الذي يجعلني أسير بكل هذه السرعة؟.. ليس ورائي ما يدفعني..وليس أمامي ما يجذبني..
العصافير تملأ الفضاء بزقزقتها، والطقس ربيعي يبعث على التأمل والهدوء..فلماذا أسير هكذا ياترى؟
وحدي كنت..في الجهة اليمنى مني أشجار تتباعد عن بعضها البعض تدريجيا ..وفي اليسرى بعض النعاج ترعى العشب الذي كان مايزال صغيرا طريا..
أمامي تنبسط الأرض مشكلة أفقا مفتوحا على اللانهائي.. وخلفي يتراكم صمت المكان..
فجأة أيقضتني من شبه سباتي ذاك عصفورة فاجأتها بوجودي فطارت مذعورة..و..
لاحت أمامي صخرة يغري مظهرها بالجلوس .. لم أتردد وجلست..
كانت الشمس ما تزال في كبد السماء .. وكنت تائها تماما حين رأيتها تتسرب ..
من بين رجلي خرجت الأفعى..جمدني الخوف.. وعجزت كل العجز عن الحركة..
بعد أن صارت على بعد متر ونصف تقريبا أمامي استدارت.. واستدارت الأرض بي..ياويلتي صحت في الداخل الأعمق..
ـ لا تخف قالت ..لقد أنقذت أخي..شكرا لك..
ـ أفعى تتكلم؟ همست مندهشا..
ـ شكرا كثيرا أضافت..لولاك لقضي عليه..إننا مدينون لك بحياته..
ابتسمت.. وأحسست براحة غريبة تغمرني..و..
كانا يتعاركان..يلتف الأكبر على الأصغر ويضغط..ويصدر الأصغر صوتا أجش ..
وقفت .. تأملت المشهد جيدا .. كنت على بعد خطوات.. كان الأكبر يضغط ويضغط.. والأصغر يتلوى مصدرا صوتا متألما حزينا.. أحسست به يستغيث ..
هل أتركه يموت؟.. تساءلت.. رفعت حجرا ورميتهما..خف الضغط..انساب الأصغر ببطء..ثم أسرع الزحف..
نفخ الأكبر أوداجه واتجه صوبي..
تملكتني شدة الخوف..أعطيت الريح لرجليَ وعدوت..
كان الثعبان ورائي يزحف .. كنت أسمع وقع الحصى وهي تتطاير من تحت جسده..
أجري .. والثعبان ورائي يجري.. وفي السهو رأيت الساقية تمتد أمامي..وقفزت..و..
كنت أصعد المرتفع لاهثا حين توقف وقع الحصى.. التفت.. رأيته يقف.. استدار إلى الخلف وغاب بين حجارة المكان..
رميت جثتي التي كانت ماتزال ترتعش على الأرض..وتمددت..
وكنت ما أزال على الصخرة حين بدأت الأرض تنشق..ذهلت وارتفع الجسد بي..
ـ لاتخف قالت.. اتبعني..عليك الأمان..
بدت الدرجات الرخامية ناصعة البياض..تكومت فوق أولاها وأشارت إلي بالجلوس..
جلست.. وأخذت الدرجات تتحرك نازلة..
حين صرنا في الأسفل وقفت الأفعى فتاة..أكون كاذبا لو قلت: إنني رأيت مثلها في حياتي.. الزرقة في العينين.. والشعر ساحل يمتد.. ويمتد.. بعيدا..
طوقتني بذراعيها.. وانتقلت الرعشة من عضتها إلى القلب مباشرة.. وسرنا..
كان الكهف مضاء..لاتوجد مصابيح.. ولم تكن هناك شموس..
قالت للباب الصندلي الذي واجهنا: انفتح أيها الباب..
انفتح الباب.. دخلتْ.. تفضل قالت..
دخلت..واجهني في البهو رجل يلبس البياض..
تقدمتْ.. وتقدمتُ..


نهض الرجل.. أهلا وسهلا.. جئت أخيرا.. فتح ذراعيه واحتضنني سعيدا..
ـ اجلس قال وأشار إلى الأريكة.. جلست..
وضعت الفتاة الأفعى المائدة أمامنا.. هذا عصير الأعشاب البرية.. وسلمتني الكأس.. يقيك العطش ويحميك من كل سموم الكون.. شربت الكأس.. ما أحلى هذا العصير قلت.. سلمتني الثانية..
أخذ الرجل حبة التفاح الإجاصي..خذ قال.. تقيك الجوع وتحميك من كل كل أمراض البشرية.. قضمت الحبة..عسلا صحت..
لم أرفع عيني عن وجهها المشرّب بالخضرة..ولم ترفع عينيها عن جسدي.. كان الرجل ينظر إلى حركات أعيننا ويبتسم..
ـ كل ياولدي .. كل .. خير الله كثير..
ـ هاهو.. وأشار إلى الخلف مني.. التفت..
أكذب لو قلت: يوجد في من عرفت من الفتيان من يشبهه..
قال الفتى: أهلا وسهلا..ومد يده.. أنت من أنقذ حياتي..
أراد أن يجلس على البساط الممتد أمامي..نهضت.. عانقني وألقى برأسه على الصدر..
ـ إنني مدين لك بحياتي قال.. كانت الدموع تملأ مقلتيه..
ـ لا بأس ياولدي..الصدفة هي من ساقني إليك في تلك اللحظة..أنت أو غيرك..كان لابد أن أفعل ذلك..لا أستطيع الوقوف متفرجا وأنا أرى القوي يعتدي على من هو اضعف منه..
كرر الفتى: ومع ذلك أنا مدين لك بحياتي..
قال الشيخ: لا بأس.. تفضل، اجلس..
جلست وجلس الفتى بجانبي.. وواصلت قضم التفاح الإجاصي..
ـ حان وقت الذهاب قلت.. وأنا أنظر إلى الساعة في معصمي..
ـ نعم نعرف ذلك قال الرجل.. ووقف..
وقفت.. مد يده إلي مودعا.. لا تغب عنا.. زرنا من حين إلى آخر..
ـ خذ .. ناولني سلة التفاح الإجاصي.. أخذت حبتين.. يكفي هذا ..
ـ كما تشاء قال.. وكرر: ننتظرك دائما..
حركت رأسي موافقا..إن شاء الله..
مدت الفتاة الأفعى يدها في الفضاء ثم إلي.. كانت فارغة.. لكنها حين لامست يدي رأيت علبة المجوهرات..هذه لزوجتك قالت..
مشت.. ومشيت..
حين انغلق الباب وراءنا طوقتني بذراعيها.. وانتقلت الرعشة من عضتها إلى القلب أكثر..وصعدت بنا الدرجات..
ـ أنتظرك في نفس المكان دائما قالت..
سرت.. في الجهة اليسرى أشجار تتباعد عن بعضها تدريجيا..وفي اليمنى بعض النعاج ترعى العشب الذي كان مايزال صغيرا طريا..و..
في اللحظة التي استيقظت رأيت تفاحتي الإجاص أمامي..أسرعت إلى المعطف.. كانت العلبة في الجيب..
ناديت: تعالي..
جاءت مسرعة..ماهذا؟ قالت..تفاحا إجاصيا؟!
ناولتها العلبة..مؤكد أنني لم أسرقها..
أخرجت السلسلة وضعتها في الجيد..وألبست أصبعها الخاتم.. ما أجملهما قالت..
… ورغم أنها لاتذهب إلى الأعراس إلا نادرا.. لأنني معلم في الأساس..فإن النساء لايترددن ويسألنها: من أين لك بهذه السلسلة العجيبة؟..كيف تحصلت على هذا الخاتم النادر؟!..
وتجيبهم: أتى بهما زوجي من بلاد الواق واق ..
ويسألني الرجال: نساؤنا يقلن: إن لزوجتك سلسلة وخاتما لامثيل لهما عند كل النساء..من أين جئت بهما؟
وأجيبهم أيضا: من بلاد الواق واق .. وأضحك.. و..
هاهي تجلس معكن بزرقة عينيها الواسعتين وشعرها الساحلي البعيد.. أقسم.. وإذا لم تصدقنني، تلمسن الأماكن الشاغرة
بينكن .. فقط ..احذرن عضتها إذا كانت قلوبكن غير ممتلئة بشجر الآخر..
إنها تبتسم.. وهاهي الرعشة تنتقل منها إلى القلب مبا..شـ ..ر..ة.



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي
- الطريق
- نهايات طللية
- مهاباد مهداة إلى عبد الله أوجلان
- العرب بيت الديكتاتورية والفهم المتخلف للدين


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - رحيق الأفعى