سَعْد اليَاسِري
الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 11:36
المحور:
الادب والفن
تَنْوِيهٌ : بَعْضُ المَقَاطِعِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا هَذَا النَّصُّ ؛ جُزْءٌ مِنْ ” كِتَابُ الرَّسَائِلِ ” , وَ الَّذِي آمَلُ نَشْرَهُ مَطْبُوعًا فِي المُقْبِلِ مِنْ عُمْرِي .
إِهْدَاءٌ :
إِلَى “عَبْدُ الكَرِيمِ كَاظِمْ” *؛ قَبْلَ أَنْ تُتْلِفَهُ الكَأْسُ الأَخِيرَةُ , وَ خِيانَاتُ الأَصْدِقَاءِ الصَّغِيرَةُ .. !!
(مُفْتَتَحٌ)
غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَكُنْ صَالِحِينَ بِمَا يَكْفِي كَيْ نَعْبُرَ بِأَبْيَضِنَا .
بِأَبْيَضِنَا فَقَطْ – يَا صَاحِبِي – دُونَ أَعْوَانٍ ..
إِذْ أَنَّنَا لَمْ نَكُنْ صَالِحِينَ بِمَا يَكْفِي .. إِلَخْ .. !!
(مُفْتَتَحٌ ؛ ثَانِي مَرَّةْ)
أَنْتَ بِمِعْطَفِكَ الَّذِي لَمْلَمْتَ بِهِ خَيْبَتَكَ وَ الوَطَنَ ,
وَ أَنَا بِدُخَّانِ سَجَائِرِي الرَّخِيصَةِ – حِينَذَاكَ - ,
وَ الأَصْدِقَاءُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الفُكَاهَةِ غَيرِ المُضِرَّةِ .
كُنَّا ؛ نُشَيِّدُ عُمْرَانَ القَطِيعَةِ دُونَ أَنْ نَدْرِي .. !!
(أَيْضًا ؛ مُفْتَتَحٌ)
أَتَذَكَّرُ المَشْهَدَ :
حَالِمُونَ بِضَفَّةِ البَحْرِ البَعِيدَةِ ,
صُرَاخُ سَائِقِي سَيَّارَاتِ النَّقْلِ ,
دَمْعَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَلْبِكَ – وَ لَمَحْتُهَا وَحْدِي - حِينَ أَزِفَ الرَّحِيلْ .. !!
I
تَرُوقُ لِي ؛
وَ أَنْتَ المُخْتَالُ فِي نَكْهَةِ الصَّخْرِ كَإِزْمِيلٍ نَشِيطٍ ,
فَمَنْ يَتَجَرَّأُ عَلَى الخَطْوِ بَاسِمًا مِثْلَكْ .. !؟
II
لِلْسُّكُونِ وِسَادَةٌ مِنْ اِنْتِبَاهٍ ,
وَ سَرِيرُهُ - عَلَى الأَرْجَحِ – القَلَقُ ,
فَانْتَبِذْ مَكَانَكَ مِنَ الصَّحْوِ ..
وَ اِشْتَعِلْ .. !!
III
هِيَ الدُّرُوبُ وَ هَاجِسُ المَاشِينََ فَقَطْ ؛
تُعَلِّمُنَا اِقْتِنَاءَ البُوصِلَةِ بِتَوْقِيرِ المُرِيدِ لِشَيْخِهِ .. !!
IV
مَرْهُونَةٌ تِلْكَ المَسَاءَاتُ لِلْفُرَاتِ ,
حَيْثُ سَادِنَةٌ تَتَعَرَّى بِاتِّجَاهِ المَصَبِّ ,
وَ أَنْتَ فِي خِضَمِّ الكَيْدِ تَشْتِلُنِي قَصِيدَةً ..!!
(المَتْنُ)
قِفْ عَلَى قَدَمَيْكَ – كَالْصَّلِيبِ – يَا صَاحِبِي ؛
وَ لِنْلْعَنَ لَيْلَتِي الطَّوِيلَةَ ,
تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي غَنَّيْتُ لَهَا :
ضَلِّلِي الحَقِيقَةَ كَمَا دَوْمًا ؛
وَ اِنْتَقِمي لِجَدِيلَتِكِ الَّتِي اِحْتَطَبَهَا قَلَقِي ,
أَخْبِرِيهُمْ عَنِّي , وَ اِفْضَحِي مَا اِجْتَهَدْتُ دَهْرًا أَسْتُرُهُ ,
قُولِي لَهُمْ - مِنْ بَابِ التَّقَوُّلِ - :
أَنَّنِي وَسِيمٌ ,
وَ أَنَّ شَعْرِيَ يَكَادُ أَنْ يَخْنُقَ النَّهْرَ ,
وَ أَنَّ أَصَابِعِي جَوْقَةٌ شَعْبِيَّةٌ , تُغَنِّي حَتَّى تَأْفَلَ الكَأْسُ ,
وَ أَنَّ كُلَّ طِفْلَةٍ أَخْلُقُهَا تَطْعَنُنِي بِإِتْقَانٍ ,
وَ أَنَّ صَغِيرَتِي لاَ تَمْلِكُ نَهْدَيْنِ , حَتَّى أَنَّهَا دُونَ تَضَارِيسَ يَذْكُرُهَا رَسَّامٌ ,
وَ أَنَّ الحُزْنَ الَّذِي أَدَّعِيهِ لاَ يُؤَهِّلُنِي لِلْبُكَاءِ ,
وَ أَنَّنِي تَحَدَّثْتُ عَنْ التَّشَرُّدِ دُونَ أَنْ أَقْرَأَ الرَّصِيفَ ,
وَ أَنَّ الشَّمَالَ - لِقُرْبِهِ مِنَ اللهِ - مُزَوَّدٌ بِالْمَلاَئِكَةِ ,
وَ أَنَّ أَخِي - الَّذِي يَصْغُرُنِي بِأَلْفِ حُزْنٍ - لَمْ يَسْرِقْ سَجَائِرِي يَوْمًا ,
وَ أَنَّ قَلْبِيَ لَمْ يَكُنْ مَكَبًّا لِلْهَزَائِمِ ذَاتَ خِيَانَةٍ ,
وَ أَنَّ أَصْدِقَائِي أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ الإِسْفَلْتِ – تَصَوَّرْ !! - ,
وَ أَنَّ الحُبَّ - بِسَبِبِ أَهَمِّيَّتِهِ لَدَى التُعَسَاءِ - أَقْصَرُ الطُرُقَ إِلَى الفِرَاشِ ,
وَ أَنَّنِي أَغْبِطُ - أَيْ وَاللهِ - سِيَاجَ المَقْبَرَةِ ؛ إِذْ لاَ بَشَرْ .
أَخْبِرِيهُمْ :
أَنَّنِي لَمْ أُعَاشِرْ بَائِعَةَ الورُودِ القَاصِرَ ,
وَ أَنَّنِي أُقَايِضُ قَصَائِدِي بِالْنَّبِيذِ ,
وَ أَنَّنِي قَضَيْتُ وَقْتًا سَيِّئًا فِي صَيْدِ السَّمَكِ إِمْعَانًا فِي طَاعِةِ وَالِدِي ,
وَ أَنَّ دُوَلاً ” شَرِيفَةً ” طَبَعَتْ عَلَى مُؤَخَّرَتِي أَحْذِيَةَ العَسَسِ ,
وَ أَنَّنِي اِرْتَدَيْتُ بَدْلَةً أَنِيقَةً فِي زِفَافِ رَجُلٍ فَظٍّ - لاَ أَعْرِفُهُ - ..
فَقَطْ لأَفْتِنَ زَوْجَتَهُ المُثِيرَةَ ,
وَ أَنَّ الأَجْنِحَةَ غَايَةُ المُصَابِينَ بِالْكُسَاحِ ,
وَ أَنَّ الشِّعْرَ أَسْهَلُ مِنَ التَّبَوُّلِ اللاَّإِرَادِيّ فِي إِصَابَةِ غَيرِ الصَّالِحِينَ – كَـ نَحْنُ - ,
وَ أَنَّنِي مَشَيْتُ - كَالْرُّومَانْسِيينَ - تَحْتَ المَطَرِ لِسَاعَاتٍ حَتَّى أُصِبْتُ بِلَوْثَةٍ فِي رِئَتَيَّ , وَ لَمْ تَحْضُرْ الخَدِينَةُ ,
وَ أَنَّ القَدَرَ ؛ فِكْرَةٌ ذَكِيَّةٌ أَتْلَفَتِ القُدْرَةَ ,
وَ أَنَّ الأَشْيَاءَ بِرُمَّتِهَا مَحْكُومَةٌ بِالْعَبَثِ .
حَدِّثِيهُمْ :
عَنْ عَشِيقَاتِي اللَّوَاتِي تَفَرَّسْنَ بِشَغَبِي ..
أَوْ أَرَدْنَنِي حَصَانَ تَلْقِيحٍ ,
أَخْبِرِيهُمْ - أُخْتَ القَلَقِ - عَنْ الشَّقَاءِ الخِصْبِ ,
وَ كَيْفَ يَبْدُوَ الخَرَابُ مُحَفِّزًا عَلَى الأَغَانِي الطَّوِيلَةِ ,
وَ كَيْفَ أَنَّ الصَّارِمِينَ وَحْدَهُمْ يَمُوتُونَ عَلَى أَرْضِ اليَقِينِ بِلاَ شَوَاهِدَ تَذْكُرُهُمْ ,
وَ كَيْفَ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ فِي مُجْمَلِهِمْ كَانُوا عَاشِقِينَ مَهَرَةً .
أَيْ لَيْلَتِي العَتِيَّةْ :
ضَلِّلِي جُمْهُورِي الكَئِيبَ ,
وَ اِنْتَحِرِي .. لأَغْفُوَ .. فَوْقَ نَهْدِ حَبِيبَتِي المُتَوَرِّمِ مُنْذُ الأَمْسْ .. !!
(هَامِشٌ أَخِيرٌ)
يَا صَاحِبِي :
فِي المَرَّةِ القَادِمَةِ ؛
حَدِّثْنِي - بِشَكْلٍ مُغَامِرٍ - عَنْ الضَّوْءِ ,
لأُرِيَكَ عُتْمَتِي .. وَ شَرْخًا فِي أَضْلُعِي .. !!
(قَفْلَةٌ)
ثَمَّةَ مَا يَكْتَظُّ بِيَ الآنَ مُحَفِّزًا ؛
كَيْ أَفْصِلَ رَأْسَكَ عَنْ بَاقِي جَسَدِكَ ,
فَنَجْلِسُ نَحْنُ الثَّلاَثَةُ :
أَنَا | أَنْتَ | رَأْسُكَ ..
نُغَنِّي لِلْخَرَابِ سَاعَةً .
بَعْدَهَا تَعُودُ الأُمُورُ لِطَبِيعَتِهَا ,
وَ نَمُوتُ بِشَكْلٍ مُخَيِّبْ .. !!
ودّ
شُبَاطْ / 2007
السُّوَيْدْ
* شَاعِرٌ عِرَاقِيٌّ مُقِيمٌ فِي “أَلْمَانْيَا” . اِقْتَسَمْنَا مَعًا الأَذَى وَ المَوَدَّةَ فِي “لِيبْيَا” . هُوَ – فِي سُلُوكِهِ الإِنْسَانِيِّ - أَقْرَبُ إِلَى مَوَّالٍ حَزِينٍ فِي حَانَةٍ شَعْبِيَّةٍ .
#سَعْد_اليَاسِري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟