أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب خليل - إعدام المدن بلا محاكمة















المزيد.....

إعدام المدن بلا محاكمة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقال ان لص البنوك الأمريكي الشهير "دلنجر" كان اول من استخدم فكرة اخذ الرهائن لحماية نفسه حين هرب عام 1934 مع صديقه من سجن انديانا مع رهينتين لمنع الشرطة من اطلاق النار عليهم. ومنذ ذلك الحين استخدم الخارجون عن القانون نقطة الإحراج هذه للسلطات ويضعون حياتهم وحياة بعض الأبرياء في سلة واحدة.

لقد تركت الشرطة دلنجر يفر حيث اعتبر ممثلوا القانون أن قتل الأبرياء خسارة اكبر من ترك مجرم يهرب من الناحيتين القانونية والرمزية اضافة الى الناحية الإنسانية. لاشك انه استغلال سيء لقيمة الحياة الإنسانية, لكنها ضريبة لابد منها.

لم يتصرف المسؤولون في كل العالم المتحضر دائماً بتلك الإنسانية لكن السلطات كانت في جميع الأحوال تبذل كل ما تستطيع لإنقاذ اكبر عدد ممكن من المواطنين قبل ان تبدأ اية عملية خطيرة, أما في العراق فقد تعود الجميع على ما يبدو, بضمنهم الحكومة, رخص قيمة الحياة الإنسانية, لذا نرى الحكومة العراقية تستسهل قصف المدن العراقية على اهلها او ترك القوات الأمريكية تفعل ذلك كلما ضاقت بها الضائقة.
وزير عراقي صرح بعد صدور قانون "محاربة الإرهاب" مباشرة ان لارحمة بعد اليوم وان البيوت التي يشك بوجود ارهابيين فيها ستقصف فوق رؤوس اهلها. اذن ليست المسألة خطأ في التقدير او اضطرار مفاجئ او تصرفات فردية او ضغوط امريكية, بل هي عقلية لاتحترم حياة الناس.

واليوم ومع تطور "الخطة الأمنية" تتكرر مقالقنا ان تنفذ تلك الخطة مثل هذه العقلية التي لاتدعوا الى الإطمئنان والثقة, وقد بدت طلائعها في قرية "السمرة" حيث حدثت كما تناقلتها الصحف: "مجزرة جديدة للاحتلال في قرية "السمرة " جنوب بغداد : 70 قتيلا بينهم نساء وأطفال"
وكانت منازل المواطنين تعرضت لقصف جوي أمريكي استخدمت فيه القوات الأمريكية القنابل العنقودية والصواريخ التي دمرت 11 منزلا على رؤوس ساكنيها وتدمير مسجد القرية الحمزة الذي سوي بالأرض, وان بعض الفارين غرقوا في النهر واخرون لاحقهم الطيران الأمريكي وهم يفرون الى قرية مجاورة فلحقها التدمير, اضافة الى قصص وحشية اخرى يتداولها السكان.

اما معركة " جند السماء" التي وقعت في ضواحي النجف مؤخراً وقتل فيها مئات عدة من الناس, فتحوم حول القصة الرسمية لها شبهات كثيرة وتساؤلات لم تتم الإجابة عنها بعد حتى ان فريق تحقيق أمريكي رفيع المستوى قدم إلى بغداد للإشراف على التحقيقات الجارية بشأنها. لماذا لم نسمع من قبل بـ "جند السماء" هؤلاء؟ ماالذي حدث فعلا في تلك المعركة؟ كم بريئاً قتل فيها وكم مجزرة نفذت فيها؟
كتبت يوماً تحت عنوان "كيف تنتصر الحكومة في الرمادي: "الحرب على مدينة، مهما كانت نتائجه العسكرية، فشل ذريع للحكومة وتمزيق لمصداقيتها ولفرص توطيد الثقة بينها وبين الناس الذين هي بأمس الحاجة الى مساندتهم, وبالتالي الدفع بها الى الإستسلام التام لضغوط الإحتلال لتتحول الى حكومة عمالة كلاسيكية, تغرق العراق في حرب لا نهاية لها."

لانريد ان نتخذ موقفاً مثالياً تعجيزياً في هذا الظرف ولا نعلم على وجه التحديد ماهي الخيارات الفعلية التي كانت متاحة للمالكي حين قرر ان افضلها هو هذا الهجوم العسكري العام, ولكن لدينا مؤشر هام على انه لم يستعمل كل خياراته الأخرى. فقبل حوالي اسبوعين رد المالكي على استفسارات احد اعضاء مجلس النواب هو عبد الناصر الجنابي من "جبهة التوافق" قائلاً (المالكي): "عندما احرك ملفك واعرضه على البرلمان ويرى المجلس انك قمت بخطف 150 شخصا فهل تتحمل مسؤولية ما تقوله"؟ وبدلاً من ان يصر رئيس البرلمان على معرفة الحقيقة وكشفها اعترض وقطع الحديث, وبالتالي اتفق الطرفان بشكل غير مباشر ان لايعرف الشعب شيئاً لا عن استفسارات النائب ولا عن المعلومات الخطيرة التي يعرفها رئيس الوزراء!

ان كان لدى المالكي فعلاً مثل تلك المعلومات, ولا اضنه كاذباً, فلماذا لايستعملها ويأمر بالتحقيق الذي قد يكشف اموراً كثيرة ويصطاد ارهابيين محددين, او يكشف له زيف معلوماته فيصححها ويعتذر؟ لم يفضل قصف المدن على رؤوس الناس على مواجهة نائب برلماني؟ اليس من حق المواطن ان يتساءل اي نوع من الحكومة لديه واي برلمان؟

في ك2 من العام الماضي قام الأمريكان بغارة جوية من غاراتهم العشوائية فقتلت 18 مدنياً, فقامت الدنيا عليهم...لا ليس في العراق بل في الباكستان! يومها كتبت عن الموضوع مقارناً بين ردود فعل السياسيين والمواطنين في البلدين على القصف الوحشي لمواطنيهم. (*)
في الباكستان " تقول الأخبار ان عشرات الآلاف من الباكستانيين خرجوا في مظاهرات احتجاجية في مختلف المدن الباكستانية, رافعين لافتات تدين القصف الأميركي, ومطالبين بخروج القوات الأميركية من أفغانستان, نددوا خلالها بتعاون حكومة الرئيس برويز مشرف مع الولايات المتحدة, وطالب 13 من أعضاء البرلمان الباكستاني الحكومة توضيح موقفها. كما ان الخارجية الباكستانية استدعت أمس السفير الأميركي لدى إسلام آباد لتقديم احتجاج على تلك الغارة الأميركية, وقالت الحكومة بأنها "لن تسمح بتكرار مثل هذه الأحداث"." في الباكستان حدث هذا فماذا يحدث في العراق ان قصفت بضعة دور في قرية ما؟

لاحاجة لنا للخيال لتقدير ما كان سيحدث فقد حدث فعلاً قبل شهرين بالضبط من قصف القرية الباكستانية ان قصف الجيش الأمريكي بلدة "الكرابلة" قرب القائم, وقد قتل فيه حسب ما قال طبيب في مستشفى البلدة 40 شخصاً بينهم العديد من النساء والأطفال اضافة الى عدد من الجرحى, وقال السكان ان المنطقة كانت خالية من المقاتلين, اما المتحدث العسكري الأمريكي فقال ان القف كان "موجها بدقة لتجنب إصابة أي مدنيين". هل احتجت حكومتنا كما احتجت حكومة الباكستان؟ هل احتج نوابنا كما فعل اؤلئك؟
المسألة, حتى ان لم نصدق سكان الكرابلة وصدقنا الأمريكان بوجود مقاتلين في المكان, فان مثل هذه المذابح تعتبر استهتاراً بشعاً بارواح الأبرياء الذين لابد ان يقتلوا في مثل هذا العمل.

ان تجاهل الحكومة وتساهلها في هذه المسألة يشجع بالطبع قوات الإحتلال على التصرف "بحرية" دون قلق على قتل ابرياء, فلها ان تقصف اية مجموعة لمجرد الشك بها, مما يزيد احتمال الخطأ, مثلما حدث لقصف البيشمركة قبل ايام, وهو ما لم يحدث في الباكستان منذ الإحتجاج الشديد الذي قابلت به الحكومة الباكستانية والبرلمان والشعب "خطأ" الأمريكان, وان حدث فنادراً, وليس كما يستمر في العراق بلا عائق.

كتبت يوماً ان محاكمة صدام ورفاقه على علاتها تعتبر انجازاً عالمياً في العدالة اذا قيست العدالة بما تحمل من تضحيات. ولكن امام استسهال الحكومة قصف المدن التي تعج بالسكان لامناص من التساؤل لماذا يستحق صدام وبقية شلته من القتلة الجماعيين كل تلك المحاكمة الطويلة قبل ان يرسل الى الموت ولايستحق الأبرياء من الأطفال وغيرهم في المدن والمناطق المقصوفة من الأعظمية الى النجف اية محاولات جدية لحل المشكلة بطريقة اخرى لاتتطلب التضحية بحياتهم؟ إن العدالة التي ارادت الحكومة الفخر بها من خلال محاكمة صدام وربعه تفرض عليها ان تتصرف بنفس القياس على الأقل فيما يتعلق بعمليات يتم فيها قتل ابرياء بلا محاكمة, وشن حروب على المدن بلا محاكمة.

انها السنة الخامسة منذ الإحتلال وليس هناك مؤشر ان الحكومة اصبحت تتعامل مع مثل هذه المشاكل بكفاءة اكبر. كما انها مستمرة بالتصرف مع قوات الإحتلال كأنها مصدر ثقة وهو ما لاتؤكده الوقائع. كان على الحكومة ان تضع لنفسها خططها الخاصة المستقلة لتحقيق مصلحة العراق حتى ان لم تناسب الأهداف الأمريكية. فمن مصلحة العراق الأكيدة ان تكون له مثلاً علاقات سليمة مع دول الجوار اكبر كثيرا مما لأمريكا مصلحة في ذلك. لكن الحكومة العراقية لم تبذل جهداً لدفع بوش الى التحدث مع سوريا وايران حتى كما طالبه تقرير بيكر ـ هاملتون, مشيراً الى اصرار بوش على رفض الحديث معهما والإكتفاء بدعوتهما الى دعم العراق, دون تقديم اي شيء بالمقابل, او "بالتمني" كما وصفه هاملتون مؤخراً. لابل ذهبت الحكومة ابعد من ذلك كثيرا في الإحتفاظ بمنظمة مجاهدي خلق الإرهابية التي دعمت صدام بوحشية في قمعه للإنتفاضة, وابقتها في العراق في وضع خطير ولم تقرر طردها الا بعد سنوات طويلة.

يقال ان من يحمل مطرقة يرى جميع الأشياء مساميراً, فلا عجب ان ترغب اميركا المسلحة بشكل لم يسبق له مثيل في التأريخ باستخدام اسلحتها بمناسبة وبدون مناسبة وبضرورة وبلا ضرورة, وتأريخها وحاضرها حافل بالأمثلة. وهاهي تمارس اليوم تهديداتها لأقامة حروب في المنطفة لخدمة شركاتها ولخدمة اسرائيل والعراق مهدد ان يكون قاعدة الإنطلاق لتلك الحروب ووقوداً لها, والجميع يتحدث اليوم عن استعدادات متقدمة لضرب ايران فهل ستسمح الحكومة العراقية ان تستخدم اراضيها كساحة معركة تقام على "ادلة" لاتزيد عن تلك التي قدمها كولن باول للإمم المتحدة واعتبرها فيما بعد وصمة عار في حياته السياسية؟ هل يكون موقف طالباني في لهجته الجديدة تجاه اميركا مؤشرا لتطور باتجاه بعض الإستقلال للقرار العراقي, ام اننا سنستمر نسير خلف ستراتيجية اجنبية هي "أقرب لعملية الاختبار والتجريب المستمرة" كما وصفها صلاح نصراوي, وهل يستمر الإستهتار بارواح العراقيين وجعل مدنهم وحياتهم مختبر تجريب لستراتيجيات واسلحة الأمريكان؟

لقد بقي الإرهاب في بريطانيا عشرات السنين, إلا ان طائرة واحدة لم تقصف ايرلندا. كذلك لم تقصف اسبانيا الباسك لابقذائف طائرات ثقيلة ولا بمدفعية هوجاء, فلماذا يستسهلون قصف مدننا ولماذا تصمت حكومتنا؟ الحكومة لم تطور اي اسلوب لمعالجة مثل هذه القضايا منذ بدأها من سنوات فهل تنوي قصف العراق مدينة تلو مدينة كلما قامت معارضة في مكان؟
(*) http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=55392




#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهنود الحمر يجيبون وفاء سلطان
- وفاء سلطان: -عدنان القيسي- العلمانيين
- أرهاب بريء من الطائفية
- البحث عن راحة الإستسلام: رد على هجوم زهير المخ على مبدأ السي ...
- الوحي زار حاكم العراق في المنام
- مسرحية الإعدام ودفع العراقيين لخيار بين الجنون واحضان الإحتل ...
- إعدام ومقاييس مختلة -1
- محاكمة العراق الناقصة، قمة عالمية في العدالة يصعب تكرارها
- مقطعان ملفتان للنظر من رسالة صدام حسين الوداعية
- الخوف من محاكمة الحقائق- رد على سامر عينكاوي
- ارهابيي الرياضة والرمز: وعي متقدم لاطائفي
- دفع المالكي الى الإنتحار
- القابض على الجمر: مراجعة للتهم الموجهة الى جيش المهدي
- ثلاثة افكار من اجل رد ثقافي على الطائفية والإرهاب
- عادل امام يصالح السنة والشيعة
- الإعتقال المطول السابق لتوجيه الإتهام نوع من التعذيب
- ذكرى مقتل جون لينون, الخنفس اليساري الذي ارعب اقوى رجل في ال ...
- البعث يدافع عن مجتثيه
- إنتقم من الخطأ
- عن وردة سعدون وارض الخوف وميلاد المقاومات الثلاثة


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب خليل - إعدام المدن بلا محاكمة