أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - وليد ياسين - ذاكرة طفلة فلسطينية















المزيد.....

ذاكرة طفلة فلسطينية


وليد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 1825 - 2007 / 2 / 13 - 06:46
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


«استيقظ من فراشي، أغسل وجهي، انظف أسناني، أرتب فراشي، أرتدي ملابسي، أمشط شعري، أتناول فطوري، أحمل حقيبتي وأمضي إلى المدرسة».

«نشيد النظافة» يضبط إيقاع النهوض والاستعداد. والنشيط هو الذي ينجز كل تعليماته، من دون تلكّؤ، فبهذا النشيد يبدأ المشوار إلى المدرسة، كل يوم، طوال 15 سنة. والتلاميذ يحفظونه جيّداً، ومع ذلك يرتكب بعضهم خطأً في الترتيب، كأن يمضي تلميذ إلى المدرسة قبل أن يستيقظ. والذي يرتكب هذا الخطأ تحديداً، يكون طائشاً ولا مبالياً، أو أنه لم ينم طوال الليل لأسباب مختلفة، منها هدير دبابة أو اشتباك «أخوي»... والمدرسة لا تنتظر، في اليوم التالي، من يصيبه هذا النوع من الأرق.

وسلام أبو بكر (9 سنوات)، من جنّين في الضفة الغربية، تتوسّل «نشيد النظافة» على طريقتها، لتنطلق كل يوم إلى مدرستها، ولو في أحلك الظروف. حتى أنها قبلت أن تسلك الدرب ذاتها، خلال الإجازة الفصلية، لتستعيد مشوارها، والبريق في عينيها.

هو المشوار الذي يكرره التلاميذ في أنحاء المعمورة، كل يوم. لكن محطاته، بالنسبة إلى تلميذ في فلسطين، قد تختلف عن محطات أقرانه في العالم... ففي مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة يستيقظ هذا التلميذ على «أنغام» مختلفة: جنود يعلنون منع التجول، أو أزيز رصاص بين البيوت خلال مواجهة بين شبان المقاومة وجنود الاحتلال أو مواجهة محلية بين «فتح» و«حماس»...

و«أحياناً نسمع دوي النيران من دون أي سبب»، تستدرك سلام الصغيرة، وهي من سكان حي خروبي المجاور لضاحية صباح الخير، على مشارف الجهة الشرقية لمدينة جنّين. وهي طالبة في الصف الثالث، في مدرسة فاطمة خاتون، يفصل بيتها عن مدرستها نحو كيلومترين، وتنتقل إليها بالحافلة. لكنها، في أحيان كثيرة، تقطع المسافة سيراً على الأقدام.

وللوهلة الأولى، تظنّ أن الاضطرار إلى السير سببه حالة أمنية، فلا يعود السؤال عنه مهماً، خصوصاً أنك داخل منطقة «ساخنة». غير أن كلام الصبية ينفي هذا الافتراض، إذ يكشف السبب الحقيقي: «سائق حافلة الركاب يتقاضى مبلغ «شيكل» (العملة الاسرائيلية)، مقابل نقل الطالب في كل اتجاه. ولكن، أحياناً وبسبب الضيقة الاقتصادية، يعجز والدي عن تأمين الأجرة لي ولأختي». ووالد سلام يعمل موظفاً في دائرة رسمية. ومنذ فرض المقاطعة والحصار «أصبح الحصول على شيكل حلماً يراود الطلاب والتلاميذ»... والأهل والسائقين، أيضاً.

وخلال تعقّب وجهتها اليومية، حضرت سلام مع شقيقتها كرمل (7 سنوات). كان الطريق خالياً إلاّ من بعض المارّة الذين تعجّبوا من منظرهما، وهما ترزحان تحت الحقيبتين الثقيلتين، لأن المدارس مغلقة بسبب العطلة الفصلية.

وسلام «تحب المدرسة، ولا تحب العطلة أبداً»، على ما أفصحت أختها الصغيرة. فحين أضرب المعلمون، في مطلع السنة الدراسية، بسبب عدم دفع رواتبهم، لم تفرح للإضراب، لأنني «خسرت الكثير من دروسي». وتردف: «اريد من المعلمين ألا يُضرِبوا كي نواصل الدراسة، كي يتعلم الأطفال». وصمتت للحظة ثم أضافت: «العلم يفيد الانسان، انه سلاح المستقبل، اريد أن أتعلم، وأبني مستقبلي».


أسوأ من الاحتلال

وفي طريقهم إلى المدرسة يتحدّث التلاميذ عن الدروس، وأحياناً يلعبون، ومنهم من يستغرق في اللهو حتى يسمع الجرس من بعيد، فيهرع إلى الصف. وأحياناً، تضيف سلام، «نتحدث عن الأوضاع»! وتقصد الصراع بين «الأشقاء» (الفصائل الفلسطينية)، الذي تراه أسوأ بكثير من المواجهة مع الاحتلال، «ولا أعود أشعر بأمان». الصراع مع الاحتلال لم ينته بالانسحاب الإسرائيلي من شوارع المدن، فجنود الاحتلال يواصلون التوغل، وتتواصل المواجهات. والأطفال الفلسطينيون شهودٌ «مواظبون» على المواجهات، لا بل ان عدداً كبيراً منهم يشارك فيها برشق الحجارة.

أما سلام، فعلى عكس هؤلاء، تختبئ والسبب: «أنا لا أحب الجيش ولا أحب الحرب، أخاف كثيراً من جيش الاحتلال واختبئ إذا وقعت مواجهة على طريق المدرسة».


أعباء الطالب الفلسطيني

العديد من تلاميذ المدارس الفلسطينية يضطرون أحياناً كثيرة إلى تحمل بعض الأعباء، على رغم صغر سنهم. «اذهب لشراء الحاجيات بعد انتهاء الدراسة»، تقول سلام، وهـذا لا شيء مقـارنـة بمن يعملون للمشاركة في إعالة أسـرهم. فما يكاد الجـرس يقرع حتى يسارعوا الى مفترقات الطرق لبيع القداحات ومشابك الغسيل والصابون والأقلام... أملاً في جمع بعض الشواكل».

ولا تخلو ظروف عملهم من الأخطار، خصوصاً عندما يتراكضون بين السيارات ويستعطفون ركابها لشراء حاجة ما. وهناك أولاد يعيشون فقراً مدقعاً لا تملك أسرهم ثمن ربطة خبز، فيهربون من الدراسة للعمل.

ثائر، والد سلام، يشير إلى ان نسبة كبيرة من الأولاد يتسرّبون من المدارس بسبب الاوضاع الاقتصادية المتدهورة. لكن هذه النسبة ليست مرتفعة، بحسب معطيات مديرية التربية والتعليم في جنين.

وتوضّح رئيسة المديرية، سلام الطاهر، أن الوزارة وضعت خطة متكاملة لمحاربة التسرب: «قسم الارشاد عمل كثيراً في هذا المجال، وصلنا إلى البيوت وتمكناً من اعادة الكثير من التلاميذ إلى مقاعد الدراسة». وهي تقول ان المعطيات المتوافرة لديها تشير إلى أن من بين 39 ألف طالب في المدارس التابعة لمديرية جنين، سُجّلت 144 حالة تسرب فقط. وتعتبر الطاهر أن من أسباب هذه الظاهرة الأوضاع الاقتصادية (للذكور)، والزواج المبكر (للإناث)، والضعف في التحصيل العلمي (للجنسين معاً).

ثلاث جهات تشرف على التعليم

يخضع جهاز التعليم في المدارس الأساسية الفلسطينية لإشراف ثلاث جهات: وزارة التربية والتعليم، ووكالة غوث اللاجئين.

وتقول الطاهر ان مديرية التربية والتعليم تشرف في شكل كامل على التعليم في المدارس الرسمية. أما مدارس القطاع الخاص فتشرف عليها المديرية إدارياً فقط. والمنهاج الدراسي تحدده الوزارة، باستثناء بعض المقررات التي تحددها المدارس الأهلية.

ويختلف الأمر في المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا). فعلى رغم أن منهاجها الدراسي هو المتّبع في المدارس الرسمية، تبقى مدارس الأونروا مستقلة إدارياً ولا علاقة للوزارة بها بتاتاً.

ويبلغ عدد المدارس الحكومية في مديرية جنين 113 مدرسة، يتعلم فيها قرابة 40500 طالب وطالبة، ومثلها في مديرية قباطية. اما رياض الأطفال فيبلغ عددها في مديرية جنين 65 ومثلها تقريباً في مديرية قباطية. ويبلغ عدد الاطفال الذين تحتضنهم هذه الرياض قرابة 8000 طفل.

ووفق معطيات نشرتها منظمة «يونيسف»، يبلغ عدد الأطفال دون سن 18 سنة في فلسطين 1.9 مليون طفل، وبحسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي لسنة 2006، يصل عدد التلاميذ في المدارس الأساسية في فلسطين إلى مليون طالب يتعلمون في 2277 مدرسة حكومية وخاصة منتشرة في الضفة الغربية وغزة (1715 في الضفة و 562 في قطاع غزة).

وتفسّر الإحصاءات اكتظاظ القاعات في المدارس الحكومية مما يضر بالعملية التعليمية ويضعفها. وتشير تقارير «يونيسف» إلى أن أكثر من 23 في المئة من الطلبة عانوا بعد سنة 2002، صعوبة الوصول إلى مدارسهم بسبب الحواجز الإسرائيلية.




#وليد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صافرة انذار
- بطاقات غاضبة: شافيز وتيجان الملوك
- الإعلام الإسرائيلي مجند حتى النخاع لتبرير العدوان ويهاجم الإ ...
- تلاعب إسرائيل بالالفاظ لن يقلل من فظاعة الجرائم الحربية في ل ...
- فلسطين منكم براء!
- دير ياسين.. 58 عاما وذاكرة تأبى النسيان
- أنطوان شلحت وواحة الشاباك
- الشرطة الاسرائيلية تبرئ افرادها القتلة من دماء شهداء اكتوبر ...
- الفخ الاسرائيلي في قطاع غزة
- سياسة التثقيف العسكري وتسليح المجتمع الاسرائيلي هي القضية ال ...
- شذرات على هامش فك الارتباط: هي خطوة اخرى ويأتيك المخاض
- في وداع شهداء شفاعمرو*
- برتقالنا وبرتقالهم
- العنصرية في عروقكم
- كلمات عابرة الى امرأة في عيدها
- ما وراء تعيين حالوتس قائدا عاما للجيش الاسرائيلي
- رسالة الى قريبي في المخيم


المزيد.....




- اعتقال 3 أشخاص بعد اكتشاف مخبأ أسلحة في مرآب سيارات في شمال ...
- إصابات.. الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة والقدس
- شهداء وجرحى باستهدف خيام النازحين برفح ولجان توزيع المساعدات ...
- غزة: كابوس المجاعة لن يطرد إلا بالمساعدات
- الأمم المتحدة: مكافحة الإرهاب تتطلب القضاء على الفقر أولا
- غزة تحولت اليوم إلى معرض لجرائم الحرب الحديثة في العالم
- لماذا ترفض إسرائيل عودة النازحين إلى شمال القطاع؟
- تعذيب وترهيب وتمييز..الأمم المتحدة تكيل سلسلة من الاتهامات ل ...
- كابوس المجاعة في غزة -يناشد- وصول المساعدات جوا وبرا وبحرا
- فيديو خاص حول الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - وليد ياسين - ذاكرة طفلة فلسطينية