أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - العالم عالق بأسطورة بابل، أم بالحكاية..















المزيد.....

العالم عالق بأسطورة بابل، أم بالحكاية..


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1822 - 2007 / 2 / 10 - 11:21
المحور: الادب والفن
    


عندما قدَّم المخرج المكيسكي أليخاندرو إيناريتو فيلمه السابق «21 غرام»، في العام 2003، قال النقاد: «إن أفضل فيلم أمريكي جاء من المكسيك».
يومها قدَّم إيناريتو فيلمه ذاك، مع مجموعة من كبار نجوم السينما أمثال: الأمريكي شون بين، والبورتريكي بينيتشو ديل تورو، والبريطانية ناعومي واتس، وكل منهم نال قدراً من التكريم، حيث اعتبر النقاد شون بين أحد أفضل الممثلين المعاصرين، بينما ترشَّح بينيتشو ديل تورو لأوسكار أفضل ممثل ثانوي، وترشحت ناعومي واتس لأوسكار أفضل ممثلة.
واليوم يعود إيناريتو مع فيلمه الجديد «بابل»، 2006، ليثير عاصفة جديدة، لا تقل عما سبق، وتقديراً يرفع هذا المخرج إلى مصاف كبار المخرجين السينمائيين، على الرغم من أنه لا يتجاوز الثالثة والأربعين من عمره. وهو في فيلمه الجديد نال جوائز ذهبية من مهرجان كان السينمائي الدولي، ومن غولدن غلوب، وينظر لجائزة الأوسكار
التداخل والتشابك، والتناقض والتنافر، الذي ظهر فيما بين شخصيات فيلمه «21 غرام»، يوسِّعه المخرج، هذه المرَّة، ليغطّي العالم كله، على نحو ما رأيناه في «بابل»، حيث تدور أحداث الفيلم في أربعة أصقاع العالم، من اليابان شرقاً، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والمكسيك غرباً، مروراً بالمملكة المغربية. أي من قارة آسيا، إلى أمريكا الشمالية، وأمريكا الوسطى، مروراً بقارة أفريقياً..
قد يبدو ذلك مستغرباً، بل قد يبدو من العسير أن تستطيع قصة ما، أن تدور في هذه الأماكن، وتحتفظ مع ذلك بتماسكها، أو بالخيط الدرامي الرابط بينها، دون أن تفلت التشويق، والإثارة، والقدرة على الإقناع.
يبدأ الفيلم من جرود الجبال في المغرب العربي، في مقطع استهلالي طويل، نرى فيه راعياً مغربياً وقد حصل أخيراً على بندقية لردِّ الضباع عن قطعان أغنامه، ويسلِّم البندقية لولديه الفتيين، اللذين يقومان بالرعي، فتتحول البندقية بين أيديهم أداة لهو، أو اختبار كذب من باعها لوالدهما.. وينتهي الاستهلال بإطلاق رصاصة نحو حافلة سياح، تبدو من البعيد، في تلافيف الجبال والوديان.
ينتقل الفيلم، إلى خادمة مكسيكية، في أواسط عمرها، معنية بالذهاب من مكان عملها في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى بيتها في المكسيك، ليوم واحد على الأقل، لحضور زفاف ابنها، وإذا لا تستطيع أن تضع الطفلين المتروكين في رعايتها، في غياب والديهما، لدى أي من زميلاتها الخادمات المكسيكيات، ولا تركهما وحيدين في البيت، تضطر لأخذهما معها بطريقة غير شرعية.
ينتقل الفيلم، مرَّة أخرى، إلى مباراة بكرة الطائرة، بين فريقي فتيات، يبدو لنا منذ الوهلة الأولى أن الفتيات صمّاوات بكماوات، وتنتهي المبارة بخسارةأحد الفريقين، بعد طرد إحدى لاعباته، ونذهب معهن إلى غرفة تبديل الملابس لنتعرف على الفتاة المطرودة «شيكو»، والتي تصفها إحدى زميلاتها في الفريق أنها متوترة لأنها لا تجد من يضاجعها، وسنرى أن خللاً ما يشوب علاقتها والدها، فتنطلق هذه الفتاة في رحلة بحث عمَّن يمكن أن يضاجعها، لكنها تقع في الخيبة مرة تلو أخرى، آن يكتشف كل من تطارده وتغويه، أنها صمَّاء بكماء.
النقلة الرابعة تكون بالعودة إلى المغرب العربي، لنرى مجموعة سياحية، ونتعرَّف ضمن أفرادها إلى زوجين سائحين أمريكيين، ليس ثمّة الكثير من التوافق بينهما، بل إن نثار الأحاديث تبين خللاً ما في علاقتهما، أو غموضاً ما يشوب سلامة العلاقة بينهما.. وفجأة تنفذ رصاصة من زجاج الحافلة لتستقر في كتف الزوجة، مما يثير هلع السياح الأمريكيين، ويعتقدون أنهم تعرَّضوا لهجوم من جماعة إرهابية ما، تترصَّدهم، وتنوي قتلهم..
قرابة النصف الأول من الفيلم يمضي في بسط أوليات القصة التي يرد حكايتها، وعلى الرغم من التناثر البادي في عناصر القصة، إلا أن البناء المونتاجي الخاص، الذي ظهر لدى المخرج هنا، كما ظهر بشكل أكثر بروزاً في فيلمه السابق «21 غرام»، يمنح المشاهد فرصة الالتقاط الذكي، وإعادة الربط، والترميم، ليكتشف أيَّ رابط بين هذا وذاك، وهذه وتلك.
ربما ليس من المبالغة في شيء القول إن البندقية هي ذاك الرابط، إذ سنكتشف قبيل نهاية الفيلم، أن البندقية هي لرجل الأعمال الياباني، والد شيكو، الذي كان ذات وقت في رحلة صيد في المغرب، فأهدى بندقية لدليله السياحي المغربي، الذي رأيناه في مفتتح الفيلم يبيعها لوالد الطفلين، اللذين يطلقان رصاصة عابثة تصيب السائحة الأمريكية، والدة الطفلين اللذين اصطحبتهما الخادمة المكسيكية، وعلقت معهما على الحدود الأمريكية المكسيكية.. وكل مفردة من هذه المفردات كادت تتحول إلى كارثة في لحظة حرجة..
في فيض هذه التفاصيل الصغيرة، والتناثرات الخاصة، اللاهية والعابثة، أحياناً، والنابعة من عمق الذات وأوجاعها، في أحيان أخرى، يقوم الفيلم بإغناء حكاياته، وتبيان الاختلافات الكبيرة على مستوى البشر، بعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم وهمومهم وقضاياهم، وآمالهم وآلامهم، ولعل هذه التفاصيل الصغيرة، المرصودة بدقّة، والمنسوجة ببراعة فنية، هي ما تمنح الفيلم حيويته، وتعمّق دلالاته، وتثريها.
كأنما في الفيلم ما يقول إن نتاج الحضارة «ياباني»، يقع في يد جاهل «عربي»، فتصيب «الأمريكي» بالأذى، فيما يدفع «المكسيكي» الواقف على حافة الحضارة الأمريكية ثمن عدم التزامه القوانين، دون أن ينسى الإشارة إلى عنصرية الأمريكي.. ولكن الواضح أن المخرج لا يريد إدانة أحد بعينه، بل الكشف عما يتلبَّس هذا العالم من اتصال وانفصال؛ من تقارب شديد، ومن عزلة أكثر شدة..
وعملية الكشف التي تبدو وكأنها هاجس المخرج، وصنّاع الفيلم، تجلَّت عن إشارات فاضحة غالباً، فالتطوّر الصناعي الهائل في اليابان، واكتظاظ الشوارع والأمكنة، لا يستطيع انقاذ شيكو من عزلتها ووحدتها، ولا تلبية حاجتها النفسية قبل الجسدية، والسلطات الأمريكية التي تهب لنجدة مواطنيها الأمريكيين، لن تستطيع منع ممارسات عنصرية ضد من هو غير أمريكي، والسلطات المغربية الحريصة على إظهار البلد سياحياً، تعامل مواطنيها بالركل والرفس، وتترك التخلف يسرح ويمرح في الجبال والوديان..
ستقف شيكو عارية تماماً في نهاية الفيلم، في معادل درامي لعري العالم، وستبدو شيكو في مشهد عام عالقة على شرفتها العالية، لنفهم أن العالم ذاته عالق.. عالق بالأسطورة.. وربما لهذا كان عنوان الفيلم «بابل».
إيناريتو مع فيلمه الجديد «بابل»، الذي نال ذهبية مهرجان كان السينمائي الدولي 2006، والغولدن غلوب 2006، ينظر بأمل لجائزة الأوسكار 2007، فلننتظر إلى الشهر القادم.



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فئران سكورسيزي المُحاصرة.. هل تمنحه الأوسكار؟..
- المرأة الفلسطينية.. كتابة وصورة
- الفلسطيني بين الواقع والرمز
- تظاهرة الوردة للسينما العربية المستقلة
- عندما يصبح الانتظار لعبة الفلسطينيين
- العالم كما يراه بوش
- إياد الداوود في ضيافة البندقية
- أسئلة السينما العراقية المعاصرة
- المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..
- عندما يصبح ال «انتظار» لعبة الفلسطينيين
- سينما الأصوات الصامتة في سوريا
- جديد مجلة «الوردة»: وماذا لو فاق أبو زهدي؟..
- تعاونية عمان للأفلام.. سينما الشباب في الأردن
- الفلسطيني يحضر بموته.. رحيل المخرج مازن غطاس
- عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما
- هموم شباب لبنان في صورته السينمائية
- أسئلة شباب السينما المصرية المستقلة
- ثلاث سنوات على حاجز سوردا
- السينما المستقلة في سوريا
- مشاهد من الاحتلال في غزة1973


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - العالم عالق بأسطورة بابل، أم بالحكاية..