أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسين - حبل الرحمة















المزيد.....

حبل الرحمة


احمد حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1825 - 2007 / 2 / 13 - 06:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن ذلك الأحد عطلة رسمية لمغازلة أهلنا المصلوبين بالصمت على صليب الإقصاء منذ زمن طويل ، كما لم يكن مرحمة يتصدق بها ذوي القلوب الخضراء النابضة بالوفاء لهذه الأمة المبتلاة بالسواد والمهووسة بالتضحيات الجماعية ، ولا يصنفْ هذا الأحد البغيض ضمن عطل الأسبوع في بلد مُسخ تاريخه إكراما لسنام بعير لفظته الصحراء في غفلة من الزمن خلت بشكل تام من أي قشة تعالج ظهورنا المقصومة بالمرار .
أحدنْا المشؤوم لم يختر أي صفة مما ذكر بل ألقى بشمسه في تقويم مظلم حيث لا تنفع الشموس العملاقة لإضاءة بصيص النسيان . من هو المحكوم بالإعدام ، وبأي حقٍ أغدقت عليه المحكمة حبل عدالتها المفرطة حد القرف ؟. لا يعنيني هنا شرعية المحكمة من عدمها ، ولا أبالي إن احترمت القانون أم ركلته خارج القاعة ، ولن أكترث أن نطقت بحكمها لتضيف رصيدا انتخابي لحزب عدد المصوتين له يوازي تعداد العراقيين جميعا ، ما يعنيني هو حول أي الرقاب سيلتف هذا الحبل ؟.
من السذاجة أن نصفه بالحكم العادل ومن الغباء أن نجعل مرحمة الشنق جزاءً لما ارتُكب من فظائع ونسيمها قصاص ، ما ارتُكب هو أكبر من محكمة كاريكاتيرية يستعرض فيها مصاصي الدماء دفاعاتهم المستفزة والمهينة عمدا للأمة التي أسالت لعاب الحاقدين ومنحتهم الضوء الأخضر لاتهام وتدنيس كل التضحيات المروعة التي قدمتها الأرواح والأجساد والنفوس العراقية الطاهرة والتي يفتقر لمثلها جيران السوء وأخوة الرذيلة ، مغيظة كانت تضحياتنا ولا زالت تقف أمامها النفوس المريضة حانقة مغتاظة فيما تنحني لها إجلالا كل نفسٍ نورانية تعرف ما هو الحق وتتفهم معنى التضحية . خلف أسوار الدفاع عن الانحطاط وقف السوداويون يشحذون ألسنة فطرتهم الشيطانية وقبالتهم وقف الأدعياء بحقوقنا يترنمون بالشعارات المنمقة والجمل الرنانة ليغتسلوا بأضواء الكاميرات بعد كل جلسة سِفاح تنعقد في حضرة المطرقة العادلة .
الإحصائية المهولة للجرائم المدونة في سجلات التاريخ المغتصب علنا لهذا البلد المثخن بالوجع حد الانهيار وبحور دمنا السبع التي تشربتها الصفحات ، حجم الدمار النووي الذي حلّ بنا تاريخيا وجغرافيا واجتماعيا ، إرثنا وآثارنا ، هالة الربوبية التي فاضت بركاتها منذ الأزل على البشرية جمعاء ، القوة التي تلاشت ، المنزلة التي انحطت ، الثروات المتبخرة ، النفوس المحطمة ، العاهات المستديمة ، النسيج الممزق حد الاهتراء . كل هذه الكوارث التي حيرتنا وأوصدت كل أبواب الولوج إلى هذه الشيطانية المفزعة التي استعمرتنا لعقود ، من الظلم أن تنتهي معلقة بحبل ، لا بد للميدوزا أن ترى كيف تتحول عينيها إلى مرآة تعكس لها وفيها كل ما فعلته .
عرف التاريخ كثيرا من الطغاة وآوت صفحاته الكثير من اللقطاء والنكرات ، غير أنه انفرد بسبقٍ غريب شائن للقيطنا المخلوع . كان هتلر دكتاتور وسفاح وغير ذلك إلا أنه صنع من ألمانيا قوة عظمى رغم كل الدمار الذي خلفه وخلق فردا آريا عقيدته الاعتداد بالنفس وإلهه الهوية الألمانية . وكان ستالين دكتاتور وسفاح وغير ذلك إلا أنه أسس لقطبية عظمى اخترقت الفضاء وهزت المجرة الغربية بأكملها . وكان غيرهم وغيرهم الكثير إلا أننا نكتفي بهما لسببين :
أولهما : رغم التعداد المليوني للأرواح التي انزلقت من بين أصابع كفيهما إلا أنهما زرعا من تلك الأجساد ما أثمر حضارة تستحق الاحترام استثمرها من جاء بعدهما بشكل صحيح .
ثانيهما : رغم تعصبهم الأعمى وإيديولوجيتهم الدموية إلا أنهما نجحا في إبراز هوية مغمورة لم تحظى بالاحترام قبلهما وخلقا فردا يرى لنفسه دورا رساليً في قيادة البشرية .
هل من المقبول أن نغدق على جرذنا المخلوع صفة الدكتاتورية بعد الآن ؟. أن ما فعله تأنف الدكتاتورية أن يلصق بها ويلفظه أي مسمى آخر ، ما الذي تركه لنا غير الدمار الذي لا يمكن إصلاحه ؟. جاء هذا الوضيع بخزين من الحقد على العراق تاريخا وأرضا وسماء ، جاء كريح عاد . لم يحمل شيئا من الشجاعة كما تجرد من أي صفة بشرية أو حتى نيادرتالية وتعبأ بالحقد على كل شيء ، تزود بالموت والفناء مع رصيد خطير من الحماقة .
لم تحوي أجندته سوى الشر وشهادة عليا في الغباء المفرط ، حيث كانت تصرفاته المجنونة لا يمكن التكهن بها ليس لغموض سياسي يتستر به بل أن ارتجالاته الغبية جعلت الكثير يصعقون من قراراته الصبيانية وأكثر منهم من استثمر هذا الغباء بشكل بشع دفعنا ثمنه عقود غابرة وأخرى آتية . في وقت لم تكن القضية الكردية تسمى قضية وحمل مناضليها اسم العصاة بمرسوم بعثي ولم تحظى بأي دعم أو تعاطف أو اهتمام انبرى المخلوع ليوقع بيان 11 آذار ويسجل اعترافه رسميا بهذه القضية ليصبح العصاة فرسانا لا تُشهر سيوفهم إلا بوجه بني جلدتهم ويتحول الانفصاليون العملاء الخونة إلى آخره من قائمة التهم الجاهزة مستشارين وقادة ومسؤولين في الدولة وإقليم الحكم الذاتي ، وفجأة يتبخر كل ذلك وتتصاعد الأرواح البريئة بعد أن هبطت مكانها غمامة الخردل !.
وهكذا معاهدة 1975 ، شريحة دسمة من الجسد العراق تهدى بسخاء لإيران ثم لا يكتفي بذلك ليلحقها بمئات الآلاف من الأجساد العراقية في مجزرة استنزفتنا ثمانٍ عجاف كنا فيها نحارب أنفسنا وبلدنا بكل سذاجة . وبعد أن ارتوت أوداجه بدمائنا الزكية عادت الشريحة متبلة بعروستنا التي زففناها بكامل زينتها منذ العام الأول للحرب لتعود لنا ثيبا ثكلى في العام الأخير بوجه مجدور . وهكذا الكويت ، وهكذا خطوط الطول والعرض ولجان التفتيش وغيرها .
أترانا حقا محسودين على قضاءنا العادل وهل نحن بحاجة للحرمل والخضرمة ؟!. أما كان الأجدر بقضائنا أن يشذّ عن عدالته الشاذة منذ شباط الشؤم والخيانة ويحكم بحياة ضعف العمر الافتراضي لهذا الكائن ويطوف به مدن العراق بزنزانة تحمي بقاءه فقط لكي يشفي الموجعين جراحهم وتجفف الثكالى دموعها ؟.
أن أرواح شهداء الأمة العراقية ومن ماتوا أسفا ما زالت تملأ فضائنا الصاخب بالأنين ، لن تهدأ هذه الأرواح المحكومة بالظلم حتى بعد رحليها ما لم تقتص منه ، ستظل هذه الأرواح وكل أنة وحسرة أحرقت صدر سجين أو معذب أو متأسف أو متوجع وكل من تراخت جفونه ألما على العراق وأمته وكل من قطعت صدره الزفرات كل هذا الضجيج سيظل عاصفا بأجوائنا لاعنا من يعقد حبل النجاة ومن أمره ومن سكت عنه . ستطاردنا لعناتهم إلى يوم القيامة . . .



#احمد_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زواج المتعة والموروث الأحمق
- هل شاهدت الواقعة ؟؟؟؟ صدام بريء وانتم خونة
- كشف المستور في كتابة الدستور
- الاسلاميون وامريكا
- معا ضد التطرف
- شيفرة الموت والجامعات العراقية
- حب الكتروني
- تحولات الكائن
- الإسلام السياسي والعنف


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد حسين - حبل الرحمة