أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هوازن خداج - الليبرالية والخلط بالمفاهيم















المزيد.....

الليبرالية والخلط بالمفاهيم


هوازن خداج
صحفية وباحثة

(Hawazen Khadaj)


الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 12:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاقت قيم الديمقراطية الليبرالية رواجا واسعا في الدول الغربية في نظام يدعم النزعة الفردية من حيث الحاجات والحرية والحق في تحقيق الفرد لذاته والتعبير عن رأيه، وان هذه القيم الفردية نشأت في الغرب كجزء من تطور اجتماعي وسياسي واقتصادي كان في إطار التصنيع والتسويق الرأسمالي، واكتمال نشوء الدولة القومية التي أخذت على عاتقها رعاية شؤون وحاجات مواطنيها، وبعد أن وفرت هذه الدول من خلال مؤسساتها واقتصادها مصدر الرزق للمواطنين ووفرت لهم معظم حاجاتهم الأساسية للبقاء، سارت باتجاه المرحلة التي أصبح فيها الفرد كيانا مستقلا معترف به وبحاجاته ورأيه وقيمه وبدأ الحديث عن حقوق المواطن وحرية الرأي وحرية التعبير. عندها أصبحت الأحزاب بمثابة النظام الذي يمثل مصالح هذه الطبقات في المجتمع. وان هذا النظام "ربما" كان نظاما ضروريا لتكريس التطور إذ أنه وفر للفرد الشعور بالحرية وبقدرته على التأثير من خلال الآلية الديمقراطية، لكن في نفس الوقت وفر لمراكز القوى الاقتصادية آليات سيطرة غير مرئية على المواطنين وعلى عقولهم..
إن هذا التطور الاجتماعي-الاقتصادي-السياسي الذي مهد لظهور الفردية في الغرب لم يحصل في بقية المناطق في العالم..وتحديدا في الدول التي ما زالت تفتقر للتصنيع وبعيدة كل البعد عن دولة المواطنين. الأمر الذي يجعل من الليبرالية وقيمها الفردية أمر غريب في العالم العربي الذي يبقى الانتماء العائلي أو القبلي أو الديني أو الإثني ثابتا لدى العديد من مكونات العالم العربي "ويكاد يضاهي الانتماء القومي من جهة ويضاهي الهوية الشخصية-الفردية من جهة أخرى" بحكم كونه الكيان الذي يوفر الرعاية والدعم الذي لم توفره الدولة أو مؤسساتها بعد..
لكن هذا لا يلغي الانتشار اللافت للشعارات الديمقراطية والمفاهيم الليبرالية كحاجة للوصول إلى تفسير فلسفي للتبدلات العميقة في الحياة والتي تتردد أصدائها في النظريات الفكرية المختلفة بين طيف كبير من المثقفين العرب ومنهم السوريين الذين تبنوا هذه المفاهيم الليبرالية التي بدأت تؤسس لمرحلة مختلفة على صعيد الحراك السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي في المجتمع السوري، وان ظهور هذه التيارات الليبرالية ارتبط ارتباطا وثيقا بالانتصار الذي حققه الفكر الليبرالي باعتباره فلسفة الحرية في التغيرات التي حصلت على الصعيد الدولي، وكان من نتيجتها انهيار الكثير من الأنظمة الشمولية، في مقابل تأزم ما كان يسمى الدول الاشتراكية وانهيارها، ليبدو فيها الفكر الليبرالي أو كما يطلق عليه الليبرالية السياسية أو الثقافية أو دولة القانون، كمحاولة لتجريب لون جديد من الحكم يتمثل بتركيزها على أهمية احترام الجهد الإنساني وقدرة الفرد على إدارة شؤونه ومصالحه.. وقد تم استخدام هذا المصطلح لدى العديد من المثقفين كعامل محرض لإدارة الصراعات الاجتماعية الجارية من اجل تغيير الأنظمة الاستبدادية في البلدان المتخلفة، في محاولة لإنتاج نظام سياسي جديد، يكون بديلا لحالة الفشل التي لاقتها الأيديولوجيات القومية والماركسية في تحقيق الأهداف المرجوة،هذا النظام السياسي الليبرالي لم يأتي كفكرة متبلورة بحد ذاتها إنما أتى مزيج من دعوات كثيرة كانت قبله، وليست خاصة به، مثل بناء دولة القانون التي يتم فيها فصل الدين عن الدولة واحترام الحريات والتعددية وتداول السلطة وحقوق الإنسان..مع التركيز على قضايا المعيشة وتحسين مستويات الدخل والتنمية والتعاون مع الدول الأجنبية.. مع عدم إهماله للمسألة الجوهرية الأساسية في تأكيد احترام التنوع العرقي والديني، التي يعتمد عليها ضمن إقراره بحكم الأغلبية العددية وهنا ليس المقصود منه "الحالة الديمقراطية للحكم" إنما تم شرحه من قبل بعض الليبراليين إنه يعني إعطاء الأغلبية العددية "النسبة المئوية، أو المحاصصة" حسب المكونات الأساسية للوطن السوري دينية أو إثنية أو... لتكون هذه الأغلبية العددية هي البديل في قيادة البلاد...
لكن، لا تزال تعترض التيار الليبرالي في سوريا وفرص تطوره، تحديات ومعوقات كثيرة، منها عدم وضوح وتبلور الفكر الليبرالي الذي تتم الدعوة له وعدم تبنيه كصيغة مفهومة لدى جميع الداعين إلى هذا الفكر.. فما زال الكثيرين من الليبراليين يعرضون أفكارهم ضمن حالة من تشويش المفاهيم ويخلطون بين الليبرالية والديمقراطية، وهذا يؤدي إلى انعدام إمكانية وضع جميع من يطلقون على أنفسهم اسم الليبراليين بسلة واحدة أو النظر إليهم من زاوية واحدة.. وقد يكون الأهم من الدعوات الليبرالية هي الحالة الخاصة التي يعيشها المجتمع السوري في ضوء ثالوث من التأثيرات الاقتصادية – الاجتماعية "الخارجية والتراثية" –السياسية. فهذا المجتمع ما زال حاملا للكثير من الأحاسيس الوطنية -كحماية الاستقلال والسيادة الوطنية وعدم قبول معظم أبناء الشعب السوري بالتدخل أو الالتحاق بالدول الأجنبية وعلى رأسها أمريكا- ولديه ركيزة لا يمكن تجاهلها من الأفكار القومية - تحديدا ما يتعلق بالتأكيد على الهوية العربية وأحلام بناء مشاريع الوحدة أو الاتحاد أو التعاون الإقليمي الخاص بين البلدان العربية.. واعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، ويأتي في النهاية انتشار التيارات الدينية التي انتعشت في السبعينات و تنادي بارتباطها بالأمة الإسلامية ورفض كل ما هو إقليمي أو قطري. من هنا فإن الشعب السوري لا يعيش انتماء أحاديا أو هوية أحادية، حتى لو تم تغليب هوية على أخرى في ظروف معينة، وإنه من غير الممكن وغير المنصف أن نتجاهل أو ننكر وجودها أو أن نتعامل معها على أنها آفة يجب اقتلاعها لأنها تتعارض مع الفكر الليبرالي الفردي الذي ينادي بالأغلبية العددية "النسبية، كما تم شرحه سابقا" وهذا القانون لا يعترف بالحقوق الجماعية للأقليات وفي بعض حالاته يكون آلية شرعية لاضطهاد الأقليات باسم قانون الأغلبية العددية الذي يعطي للأغلبية حقَ القرارِ المطلق وإمكانية السيطرة على الأقليات...وإذا نادى البعض من الليبراليين بديمقراطية تعددية خارجة عن إطار الأغلبية العددية فإنه ينادي إلى تقسيم المجتمع إلى تصنيفاته البدائية الدينية أو الإثنية أو.. وهذا التقسيم أو الدعوات تزيد الأمور تعقيدا وسوءا لأنها تدفع الجميع دون استثناء للخروج عن دولة المواطنية.. يضاف إليه الخوف من أن تؤدي الحريات الفردية إلى تفكيك المجتمع..
مما لا شك فيه، أن مصلحتنا الوطنية وحفاظنا على هويتنا ومواطنيتنا تحتم علينا قراءة واقعنا الاجتماعي -الفسيفسائي من حيث الاختلاف الديني والمذهبي والإثني الذي يصبغة بحالة من الخصوصية ليست موجودة في الغرب- بشكل صحيح وتفهمه بشكل دقيق وإمكانية العمل عليه من خلال معطياته لا من خلال النظريات العالمية التي تأتي إلينا برؤية إيمانية منسوخة وغير مكتملة خاصة في طبيعة الأهداف وأسباب التشكيل..
إن هذه المعوقات جعلت من الفكر الليبرالي فكرا نخبويا ضعيف الاستناد إلى أساس موضوعي في البنية التحتية، طالما لم يحظ بقوى اجتماعية لها مصلحة حقيقية في اعتناقه، ولها طموحات اقتصادية في تحرير سوقها وإخضاع الحاجات الحيوية للمواطنين لفوضى السوق وقانون العرض والطلب، وبناء دولة الديمقراطية وإنجاز مشروعها الاقتصادي والسياسي الخاص، والتي قد تكون بعيدة عما يبشر به بعض الليبراليون الذين تسرعوا في طرح أنفسهم مخلصين وبدلاء يعملون على إخراج البلاد من أزمتها وأمراضها المزمنة.. خصوصا إن ردود الأفعال الشعبية تجاه ما يطرح من أفكار ليبرالية، ومقابلة هذا الفكر بالإدانة والاتهام " كناتج طبيعي لعدم امتلاك هذه القوى الليبرالية إلى صيغة وطنية حقيقية تنظم عمل التعدد السياسي في البلد على أسس ديمقراطية أو عبر قانون أحزاب عصري يلبي طموحات الوطن والمواطن" وهو ما يجعل تهمة العمالة والترويج للاحتلال الأمريكي لاصقة بالدعوة الليبرالية في ظروف دولية محيطة، خصوصا بعد أن قدمت الليبرالية مشروعها في العراق على ظهر الدبابة الأمريكية، وأخضعت مصر عبر حل داخلي خارجي للإرادة الأمريكية والإسرائيلية، ووضعت سوريا في مرمى الأهداف الأمريكية التي تدير عجلة النظام العالمي الجديد.. والتي مع الأسف يسابق عدد من ليبراليونا إلى قيادة مشروعها دون أن ينظروا حولهم أو يعرفوا ما الذي سيحل بهم بعد أن حلوا ضيوفا على المائدة الأمريكية التي لم ترحم حلفائها في الماضي ولن ترحمهم بعد تنفيذ مصالحها في المستقبل..
في النتيجة، إن طرح الليبراليين السوريين كمعارضة وحيدة تعمل على التغيير يجعلنا نتساءل ما هي آليات ووسائل هذا التغيير، وعلى أي أرضية وفي أي اتجاه تكون المعارضة أو التغيير؟ أفي اتجاه مصلحة الشعب، أم باتجاه تعزيز العمل ضمن إطار المحاولة الأميركية للالتفاف على الحركات الديمقراطية واستثمارها لتحقيق مآرب ليس لها علاقة أبدا بالدفاع عن حقوق الفرد وحرياته الأساسية... إنما دفع المواطن باسم ديمقراطية موهومة إلى مقايضة الوطنية ببرنامج استعماري جديد، عبر التفاهم الأميركي- المحلي على إقامة نظم أمنية معدلة، ذات واجهة تعددية شكلية تخفي حقيقة السلطة الفئوية التابعة والمصالح الأجنبية شبه الاستعمارية المتحالفة معها، مغلفة بشعارات محببة مثل الديمقراطية الليبرالية التي تتقاطع مع المشروع الأمريكي النظري بشكل كبير دون أن يدرك أفرادها أو الداعين لها" بقصد أو بغير قصد" أن أكثر ما أساء للمفهوم الوطني ونزع مصداقيته هو ارتباطه بنظم استبدادية، وما سيسيء أكثر لهذا المفهوم هو ربطه بالعدمية الوطنية والحالات الفردية لأنه سينزع عن الدولة السورية السيادة وحق التصرف بالمسائل الاستراتيجية وتقرير مستقبلها ومصالحها البعيدة كدولة لأبنائها بالدرجة الأولى والأخيرة.
إن الطروحات الليبرالية في كثير من وجوهها هي محاولة لثني المجتمعات عن الاستمرار في طريق الكفاح الديمقراطي وعن القدرة على بلورة الرد الشعبي المناسب على إستراتيجيات العزل والتهميش والتلاعب والتغييب المختلفة التي تطورها نظم الاستبداد الداخلية ومنظومات السيطرة الاستعمارية الخارجية معا.

********
المراجع
* من الاتجاهات الفكرية في سوريا ولبنان – الدكتور عبد الله حنا – دار الأهالي
* تحرير الديمقراطية من فلسفة الليبرالية شرط تعميمها- د. برهان غليون - الاتحاد
* تباعد الوطني والديموقراطي... سورية نموذجاً-محمد سيد رصاص - الحياة
* الليبرالية الجديدة في سورية والحَوَل السياسي - قاسيون
* المعارضة السورية بين منطقين: منطق تدمير الوطن في سبيل إسقاط النظام.. ومنطق تقدير الخطر المحدق لإنقاذ الوطن - أسامة أبو ارشيد - القدس العربي



#هوازن_خداج (هاشتاغ)       Hawazen_Khadaj#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هوازن خداج - الليبرالية والخلط بالمفاهيم