أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - ألوان فيصل لعيبي واهبة للحياة حتى في لوحات الموت














المزيد.....

ألوان فيصل لعيبي واهبة للحياة حتى في لوحات الموت


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 07:04
المحور: الادب والفن
    


كثيرا ما وجدت في لوحات فيصل لعيبي - المولود في البصرة عام 1945 - التي اطلعت عليها في مناسبات مختلفة انها تعبر عتبات الأبعاد اللونية، لتكشف لنا كونا مرئيا ومبنيا بعناية لرمز، او تحدد معنى من معاني الخلق الإنساني، او تدوي فرشاته بصوت معاناة الإنسان المعاصر، او يمس المعاناة الإنسانية والخلق معا.

أول مرة شاهدت بعض رسوماته في " سلايدات " احتضنت حضور انتفاضة الإنسان العراقي عام 1991 في وجه الظلم السلطوي الذي ارتعش بعد سقوط الانتفاضة بسبب ارتعاش أم فقدت وليدها، والى نداءات أخت فقدت أخاها، والى شظايا حزن على وجوه نساء فقدن أزواجهن. كان ذلك العرض السلايدي في ندوة عام 2000 في مدينة دلفت الهولندية، استظهر فيها تجربته الفنية، ليس كما تعلمها قبلا، بل كريح لا تريد ان تسكن وهو في غربته الطويلة في المنفى.
وجدت في ذلك المساء ان فيصل لعيبي يولد من فرشاته أمواجا من الألوان الواهبة للحياة حتى في لوحات الأمر الجلل، الموت مثلا.
هذا هو الانطباع الأول الذي أحيته نيران فرشاته عندي.. نبض يدق، وصرير ألوان، وقوة ضربات تشكيلية هائلة جعلتني أنحاز من لقائي الأول به وبمحاضرته يومذاك، الى فنه، اي الى حركة نقية متنامية داخل فلكلور بلده الاسمر الناحل، المنتحبة براعمه منذ عقود طويلة بالظلم وغياب الحرية.
لقاء ثان جمعني مع جزء آخر من اعماله، تم في العام نفسه، اي في مطلع الألفية الثالثة، لكن في داخل مرسمه هذه المرة، حين حاول فيصل لعيبي نفسه ان يخرجني، اثناء زيارة سريعة قمت بها الى لندن، من دوامة مدينة لندن المزمنة بالتسوق لتحقيق سعادتي بقضاء ساعة او ساعتين في فضاء الرسم والألوان بزيارتين سريعتين بهيجتين الى مرسمين، كانت الزيارة الاولى قد تحققت الى المرسم الشخصي البيتي الفريد للفنان العراقي ناظم رمزي فكان انجذابي قويا الى لوحات هذا الفنان الكثيرة المعلقة على كل جدران البيت الذي تناولنا فيه فطورا شهيا، ثم قادنا ناظم رمزي بسيارته لتحقيق امتيازات ذلك اليوم الجميل الى مكان ما خارج زحمة المدينة اللندنية لزيارة المرسم الثاني، مرسم فيصل لعيبي. وما ان توقفت سيارة رمزي امام HANWELL وهي احدى بنايات بلدية GREENFORD في غرب لندن التي كانت دارا للأيتام عاش فيها بزمن سابق اليتيم شارلي شابلن فوجدت نفسي في بقعة تثير حساسيات الطبيعة والمعمار معا، فالمرسم يتفاعل في كل لحظة مع بناء بريطاني قديم، ضخم وشاهق، ومع مألوفات الطبيعة الجميلة وكان المرسم موزعا مساحاته بعدالة بين مجموعة من رسامين آخرين بينهم الرسام العراقي ريبوار سعيد. على الجدران شاهدت مشروعات كثيرة منجزة، وبعضها نصف منجز، وتحسست بعيني بذور بلاد النهرين منثورة في مكان ما في لندن واستشعرت فخرا ينبض في داخلي، في تلك اللحظة عينها، ان شمس فيصل لعيبي لا تغرب حتى في معاناة غربته وصارت فكرة العمل الفني قطبا في ذاكرتي تعيد نفسها دائما امام عيني بفاعلية وقوة فرشاة فيصل لعيبي المتشعبة على رؤية تكنولوجيا الفن التراثي وعلى التداخل الثقافي المتنوع بما فيه تداخل الحداثة اللونية المحققة عبر الكثير من لوحاته الحسية والنفسية المميزة في رسومات نخيل البصرة ووجوه الناس في مقاهي بغداد.
ثم انقطعت عن رسومات فيصل لعيبي ولكنني لم انقطع عن متابعة نشاطاته ورسوماته ومعارضه التي كان آخرها المعرض الشخصي الرابع عشر في مدينة عنابة في الجزائر للفترة من 9 نوفمبر ولغاية 14 ديسمبر من عام ،2006 وهو مخصص للمدينة العتيقة (بلاص دارم) اي ساحة السلام او الحامية العسكرية سابقا، وهي مدينة يعود تاريخها الى ايام الفينيقيين وقد مرت عليها عهود عديدة حتى يومنا الحالي. كان المعرض عبر صور اللوحات التي شاهدتها بمثابة نداء فني تحريضي، من خلال 24 لوحة مرسومة بمادة الأكريليك على القماش وبقياسات مختلفة توافر فيها قدر هائل من المفاهيم الجالية الفلكلورية مجسدا تمثيل الجمال المعماري القديم وقوى الطبيعة والتاريخ، متوجها الى اهل عنابة والمعنيين بأمر تراثها الفني والتاريخي، للاهتمام بها وإعادة بعض التألق القديم الذي كان يميزها ايام عزها.
كتب الفنان مقدمة للمعرض بعنوان احلام وأحزان المدينة العتيقة عبر بها عن حزنه لما آلت اليه هذه المنطقة الاثرية حيث الاهمال والخراب يحيطها من جميع الجهات فلاقى المعرض صدى طيبا من محبي الفن الجزائريين ومن جمهور المشاهدين، وهم يشاهدون رسومات فيصل لعيبي تتجاوز معنى غربته ليجاور المدينة الجزائرية



عنابة كأنه يفتح باب نافذة بيته في البصرة.
أقيم المعرض في " رواق الزمرد " الذي تشرف عليه السيدتان وسيلة مرير وآسيا الاحمر وكان قد بدأ نشاطه منذ سنوات، وهو المكان الفني الوحيد في مدينة عنابة غير خاضع للدولة ولا للمؤسسات الرسمية.
بدا لي هذا المعرض كبداية عملية لتجربة تشكيلية جديدة يقدم عليها الفنان فيصل لعيبي في علاقة اللاتكافؤ بين " وجوده " في لندن وبين " رسوماته " في الجزائر عن مدنها، كما انها في الوقت نفسه تحتوي علي تضمينات تفصيلية في علاقات التكافؤ في اعادة انتاج نفسه عن المدن التراثية العراقية في المدن الجزائرية ذاتها بمقدرات فنية غزيرة في محاولة منه لنيل امتياز عربي آخر في الطرف الغربي من العالم العربي ليضيف إلى فنه أطرا عربية مشتركة بين الشرق العربي والمغرب العربي داخل حقائق التراث والحداثة.. والأصالة، وهو كما وجدته دائما فنانا جديرا بانتهال عروض الاداء الفني الجميل لمدن جزائرية بريشة عراقية التوصيل ليكون هذا المعرض بداية لسلسلة من معارض تهتم بالمدن العتيقة في الجزائر والتي ينوي أصحاب الرواق والفنان معا أقامتها على التوالي، وربما يصدر كتاب خاص بها اذا ما توافرت الفرص.
يظل فيصل لعيبي حقيقة أكيدة من حقائق الفن التشكيلي العراقي والعربي منسجما مع تطور الحداثة في فن الرسم العالمي كله، وتظل كل مغامراته في ابتكار القطب الموحد في معارضه امتيازا إبداعيا خاصا بنمو تجاربه الفذة.



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - المهدي المنتظر - هو الموت الرحيم للعملية السياسية ..؟ مسام ...
- السن الحرجة لحكومة نوري المالكي ..! مسامير 1263
- مسامير جاسم المطير 1262
- الشيوعيون اللبنانيون يصلّون مع حزب الله ..!! مسامير 1261
- أكبر غلطة في الحياة هي حفظ الملفات ..!!مسامير 1260
- عبد علوان كما عرفته
- مسامير جاسم المطير 1259
- التحول الديمقراطي في البرلمان العراقي ..!!مسامير 1258
- الأكاذيب غريزة كل الضعفاء ..!!مسامير 1257
- رسالة من قارئ سوداني ..‍‍!!مسامير 1256
- مسامير جاسم المطير 1255
- إذا كان الإنسان أعوجا فظله أعوج أيضا ..!!مسامير 1254
- مسامير جاسم المطير 1253
- مسامير جاسم المطير 1252
- مسامير جاسم المطير 1251
- مسامير جاسم المطير 1250
- مسامير جاسم المطير 1249
- مسامير جاسم المطير 1248
- سيداتي سادتي : لقد اعدموا صدام حسين ..!
- مسامير جاسم المطير 1244


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - ألوان فيصل لعيبي واهبة للحياة حتى في لوحات الموت