أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مازن لطيف علي - حوار مع الباحث والمؤرخ رشيد الخيون















المزيد.....

حوار مع الباحث والمؤرخ رشيد الخيون


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 12:19
المحور: مقابلات و حوارات
    


رشيد الخيون : البلاد ما زالت ولادة
حاوره : مازن لطيف علي

في اطار ذلك الخراب الموجود حالياً جاء متدرجاً، بل أن هناك مفارقة كبيرة بين ماضي العراق وحاضره
تمكنت من الثبات في العهد العثماني، الذي احتضن العصور الوسطى، ليس العراقية بل أطراف العراق، واستقر عليها حتى سقوطه ببغداد 1917، ثم تسارع البناء رويداً رويداً، وجاءت المحبطات بثقلها الفاشية القومية، جاءت مسعورة لتفتح الطريق على مصراعيها لدولة البعث، وعبثت ما عبثت بظل شخص موتورٍ مثل صدام حسين، بل كان في داخل حزب البعث ممَنْ حاول الوقوف بوجه هذا التمرد على الحضارة لكنه انتهى إلى الموت. أرى الخراب الذي يسري في كل أركان المجتمع والدولة العراقية هو امتداد لذلك الخراب في النفوس والعقول والبنى التحتية للاقتصاد هذا ما يوضحه..
الباحث العراقي رشيد الخيُّون، دكتوراه في الفلسفة الإسلامية، يكتب مقالاً إسبوعياً في جريدة الشرق الأوسط. ويشرف على الدراسات العليا في الجامعة العليا للعلوم الإسلامية بلندن. وصدرت له الكتب التالية: مذهب المعتزلة من الكلام إلى الفلسفة، دار النبوغ- بيوت 1994. تلخيص البيان في ذكر أهل الأديان (تحقيق) دار الحكمة-لندن 1994. معتزلة البصرة وبغداد (طبعتان) 1997و1999. جدل التنـزيل (تاريخ خلق القرآن) دار الجمل-كولون 2000. هل انتهت إسطورة ابن خلدون جدل ساخن بين الأكاديميين والمفكرين العرب (كتاب مشترك إعداد محمود إسماعيل وآخرين)، القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر 2000. الأديان والمذاهب بالعراق، كولونيا: دار الجمل، (طبعتان): 2002، 2006. حروف حي، تاريخ البابية والبهائية، كولون: دار الجمل، 2003. كتاب مندائي أو الصابئة الأقدمون (تحقيق) دار الحكمة-لندن 2003. المختار من أدب المغتربين العراقيين (كتاب مشترك)، اعداد صلاح نيازي، لندن: مؤسسة الرافد 2004. المباح واللامباح (فصول من التراث الإسلامي) دار مهجر-بوسطن 2005. المندائيون في الفقه والتاريخ الإسلاميين، بغداد: إتحاد الجمعيات المندائية 2005. خواطر السنين. مذكرات الدكتور محمد مكية (تحرير) دار الساقي- بيروت 2005. المشروطة والمستبدة (تاريخ الحركة الدستورية بالعراق وإيران وتركيا)، بيروت: مركز الدراسات الاستراتيجية 2006. طروس من تاريخ الإسلام، بيروت: الانتشار العربي 2007.
* بصفتك مؤرخاً علمياً وموضوعياً يتعامل مع الأحداث الجارية الآن في العراق ضمن مقارنة/ مقاربة تاريخيتين مع حوادث ماضية. ترى ما مدى ما يجري الآن من خراب شامل لجميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
- ما زلت مطمئناً إلى انجازات العراق التاريخية النادرة، في زمن كان العالم لايقرأ ولا يكتب، وفي زمن لم تكن العجلة تدور فوق شوارق أوروبا، ولا نيوتن اكتشف الجاذبية بعد حينما تجادل معتزلة البصرة وبغداد حول جاذبية الأرض، واستخدموا التفاحة مثلاً أو نموذجاً، كان ذلك في القرن الرابع الهجري، أو العاشر الميلادي. كذلك مطمئناً إلى أن شهرة ابن خلدون، المؤرخ المغربي، وقيل الحضرمي منحدراً، بنيت على رسائل إخوان الصفا، وهم الجماعة البصرية المعروفة. لهذا كتبت أكثر من مرة بأني متفائل بالماضي. ولا يعني هذا أني دخلت مستوى اليأس من الحاضر، بقدر ما أعني أن دوافع التقدم التاريخية متوافرة، وما يحصل مهما تعددت سنواته يبقى طارئاً في محصلة حساب الزمن وتاريخ العراق الغارق في القِدم. ومثلما قال أبو العتاهية في العجز: "إن السفينة لا تجري على اليبس"، فبلاد ليس لها كل هذا التاريخ والماء ستجري سفن الحضارة فيها، وإن تعطلت إلى حين. وكتبتُ أيضاً عن الجامعة المستنصرية بأنها سليلة المدرسة المستنصرية. ومهما ابتعد مكان الجامعة لا تحوي الذاكرة في مخيال تلك المدرسة. وأن أعتى أو أقسى الغزاة لم يمسوا طلبتها، بل اكتفى تيمورلنك بمصادرة علماء بغداد ونقلهم إلى عاصمته سمرقند، ليبني حضارتها على أكتاف وليدة دجلة، وهذا ما فعله العديد من الخلفاء وهم يبنون صرح بغداد العلم، فالمأمون جلب كل علماء الكلام من الأطراف ليتناظروا في مجلسه. وهذا أبو محمد بن أبي بكر الكاتب يقول في فضل تاريخ العراق، حسب رواية صاحب يتيمة الدهر الثعالبي: "لا تعجبنْ من عراقيٍّ رأيت له..بحراً من العِلم أو كنزاً من الأدب.. وأعجب لمَنْ ببلاد الجهل منشؤه.. إن كان يُفرِق بين الرأس والذَنبِ". وتوثيقاً لتعلم الآخرين الكتابة والقراءة من العراقيين الأوائل، فمِن غير الرُقم الطينية المسمارية، اسمع ما قاله ابن خلدون في مقدمته، المتوفى في القرن الخامس عشر الميلادي، التاسع الهجري في قضية تعلم الكتابة من أهل الحيرة: "ومن الحيرة لقنه أهل الطائف وقريش... وإن مَنْ تعلم الكتابة من الحيرة هو سفيان بن أمية، ويُقال حرب بن أمية". وقال شاعر أياد من أهل العراق: "قوم لهم ساحة العراق إذا.. ساروا جميعاً والخط والقلم". وقيل أخذ العرب الكتابة من أهل الأنبار. إلا أن العصبية القومية جعلت البعض يقول أن أهل العراق تعلموا الكتابة "من طارئ طرأ عليهم عليهم من أهل اليمن". مع أن الهجرات العربية من اليمن إلى العراق ماهي إلا محض خرافة ومجرد حكاية، اذ علمنا أن سد مأرب خربته الفئران!
ثلاثون عاماً من العسكرة وشعار الحزب الواحد، ثم الرجل الواحد ماذا يبقى للمجتمع من تنوع حضاري وتطور ثقافي. والحالة مثلما نرى أخذت طابعها المتخلف، وهو تحصيل حاصل أن تهيمن الجامعات الدينية، ليست المتنورة بل المتخلفة، وذلك للتناسب مع المستوى الهابط من الحضارة. إلا أن ذلك أراه مؤقتاً والسبب ليس لدى هذه القوى من حلول ناجحة، وكذلك ليس لها قاعدة البقاء، إذا علمنا أن مقالة تنشر بأميركا تُقرأ حالياً في أهوار العراق، وان البلاد عطشى للثقافة والنور.
*لو استرجعنا المنهج المتبع من قبلكم نرى ان صورة التاريخ بوقائعه هو الرديف لحلول باتت عصية، هذا المنهج ولو اليسير منه لا يعيره المؤرخون في العراق إذناً مصغية، فأصبحوا صنائع وعرابين للقوى التي تحركهم وفق منظورين أحدهما طائفي والآخر قومي. ما مدى خطورة ذلك على الهوية العراقية؟
- صاحبت كتابة التاريخ مغالطات لا تحصى، وقد يسأل سائل: كيف تعتمد رواية لها ما ينقضها، وخبر إن صح عند مؤرخ وكُذب عند مؤرخ آخر. ما أراه هو العودة بالرواية والخبر إلى زمن المؤرخ، ولا يهم صدق الرواية أو كذبها، وكذلك الخبر. فما قاله محمد بن جرير الطبري، المتوفى في بداية القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي، ونسبه إلى أحد الأئمة أو أحد الخلفاء الراشدين مثلاً إذا لم يتحقق من صحته فلا يُترك لهذا السبب بل ليؤخذ بزمن الطبري نفسه، وربما هو ما كان يفكر فيه الطبري، وهكذا لا أرى أن تهمل رواية أو خبر، وحتى الأغاليط منها. والمثال على ذلك أن آخر وزراء بني العباس تعرض لحملة من الأكاذيب بأنه سلم مفاتيح بغداد لهولاكو، السنة 656هـ، وهذه الأكاذيب لاتهمل من قبل الباحث في تلك الفترة، لأنها تعكس له الصراعات المذهبية والسياسية، إذا علم أن هناك مَنْ أنصف هذا الرجل.
مقصد القول البحث في التاريخ يحتاج إلى دراية وعفة ضمير وحيادية صافية نقية. أما أن يكون المؤرخ متحزباً قومياً أو طائفياً طبقياً فسيأخذ ما يريد ويترك ما لايريد، يبرأ هذا ويتهم هذا، وهذا ما كان يعيب مثلاً مؤرخاً كبيراً مثل عبد العزيز الدوري، وأن كتابه "تاريخ العراق الاقتصادي في القرن ارابع الهجري"، الذي قدمه أطروحة لنيل الدكتوراه ببريطانيا، غير مشمول بالتأثير القومي عليه، لأنه كان في حل من تلك الهيمنة، إلا كتبه في الشعوبية والتاريخ العربي جاءت منحازة، حتى تورط وللأسف في فعل سياسي عندما كان رئيساً لجامعة بغداد، إثر إنقلاب 8 شباط 1963 بطرد زملائه، وهم كبار في العلم مثله. إلا أنه يبقى مؤرخاً كبيراً. وبطبيعة الحال عندما يهوي مؤرخو البلاد إلى هاوية التعصب القومي والطائفي فستجسل الأحداث وفق هذين المنظورين. ومثلما هو بارز في أجواء العراق الحالية أن الصراع القديم بين العلويين والأمويين أخذ يتجدد بفعل ما أرخ للأحداث، وكذلك الحال في التعصب القومي ضد الكورد وبقية الأقوام. لذا يتحمل المؤرخون مسؤولية نقل المعلومة، وطريقة تقديمها، فلقراءة التاريخ مشارب، ومن جانبي يصعب عليَّ احترام معلومة أو تحليل يُقدمه المؤرخ بصفته القومية أو الطائفية أو الفكرية، المؤرخ الصادق مع نفسه أن يكون بريئاً من كل المتعلقات، لا ينتمي إلا لمجال علمه. ولنا معرفة كم من أغاليط ارتكبها مؤرخو الملل والنحل، وكم من أغاليط ارتكبت في دراسة الحركات، التي سميت بالثورية، من القرامطة والزنج، حيث قُدمت وكأنها أحزاب تقدمية اشتراكية، مع أنها كانت تحت قيادات موغلة بالأرستقراطية. وهنا لا أتأخر من نقد كتاب المفكر الكبير حسين مروة، في النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية، رغم جلالة العمل، إلا أنه جاء صوتاً لفكر المؤرخ، حيث قُدمت المسألة الأساسية في الفلسفة، وهي مقولة لينينية، أساساً في العمل، بينما قراءة الفلسفة الإلسامية تعطيك عدم ثبات صحة هذه المقولة، فهناك تمازج بين النزعات المادية والمثالية. وكذلك الحال بالنسبة للمستشرق الروسي، المنحدر من أُصول فلسطينية، بندلي جوزي وكتابه "الحركات الفكرية في الإسلام"، وكذلك المؤرخ حسين قاسم العزيز في "البابكية"، وما يحرك المفكر والمؤرخ عابد الجابري غير الهاجس القومي.
* في كتابك "المشروطة والمستبدة "هناك رؤية تجدها مجددة ضمن الواقع العراقي الآن ألاتعتقد بأن نموذج تركيا الكمالية (دولة موحدة علمانية) هو النموذج الأنسب للعراق مع اعطاء كل ذي حق حقه بحكم دستور مدني يحمى من قبل فيتو عسكري او رقيب اميركي؟
-جاء كتاب المشروطة والمستبدة استجابة لطلب معهد الدراسات الاستراتيجية، بشخص رئيسه الباحث العراقي فالح عبد الجبار. وكان لمناسبة مرور مئة عام على حدث المشروطة، التي افترق فيها علماء الدين، وكان مركزها النجف، بعد أن استفتى علماء إيران المرجعية الدينية. وتعطيك أحداث المشروطة (1906) فكرة مهمة وهي أن النجف، ومنذ زمن بعيد هي مركز المرجعيات الدينية الشيعية، فإن غربت المرجعية أو شرقت تعود إلى الحاضنة وهي النجف. وكان طرفا الصراع السيد محمد كاظم اليزدي، المتوفى 1919، والأخوند محمد كاظم الخراساني. وبعد استلام السلطة بإيران من قبل المشروطيين تراجع العديد من علماء الدين عن تأييدهم، وذلك بسبب الاعدامات والتهور السياسي العنفي ضد الخصوم. ويعطيك حدث الشروطة فكرة أخرى أيضاً ألا وهي التقارب الذي حصل بين الطائفتين الشيعة والسُنَّة، فمشروطيو النجف كتبوا يستغيثون بالسلطان العثماني السُنَّي ضد شاه إيران، وأن مشروطيي تركيا كتبوا لمناصرة علماء النجف لهم، وأن بغداد عند إعلان الدستور توحدت دينياً ومذهبياً.
وفي ما يخص تركيا الكمالية فقد ظهرت في مرحلة تاريخية، ووجود مَنْ ينهض بها، مثل أتاتورك (أبو الأتراك)، وجاءت عقب الخلافة العثمانية، يصعب تكرارها ببلد مثل العراق، وزمن مثل زماننا. أولاً لعدم وجود الشخصية ذات المؤثر الشامل، وثانياً لوجود التفاوت القومي والطائفي والحزبي، إلا جانب الظرف الدولي، الذي لا يسمح بظهور مثل هذه الشخصية أو ذاك النظام. لكن يمكن للعلمانية أن تظهر بالعراق عبر الحياة البرلمانية، وجهد مجموعة أحزاب وطبقات اجتماعية. وهنا أريد التوضيح حول العلمانية، أنها ليست كما جعلها الإخوان المسلمين، وكل طُلاب الدولة الدينية، قرينة للإلحاد، ولا أبالغ إذا قلت هناك نشطاء في الأحزاب الدينية هم ملحدون في سرائرهم، لكن الدولة الدينية ، وممارسة الطقس ظاهرياً هو مثلما يُقال "عدة الشغل". العلمانية هي فصل الدين عن الدولة حسب، ليس غير. إلا أن الإخوان المسلمين، ولا أشمل هنا الحزب الإسلامي العراقي كونه يختلف اختلافاً كبيراً عما هو الإخوان بمصر أو الإردن، جعلو مسألة السلطة مسألة إيمان، أو أصل من الأصول، بمعنى عقيدة، وليست فرع من الفروع. مع أن الإمامة أو السلطة لدى كل المذاهب الإسلامية ، ماعدا فرق الشيعة، هي ليست من الأُصول. وحتى الشيعة أوكلوها إلى صاحبها وهو المهدي المنتظر.
العلمانية التي تصاحبها الليبرالية هي الحل للمعضلات الاجتماعية، التي تظهر على أساس الدين أو المذهب، بمعنى في رحاب العلمانية تجد الأديان والمذاهب كافة التعايش السلمي مع بعضها البعض، وضمن قوانين تحمي حرمة الأديان والمذاهب. يضاف إلى ذلك أن الدولة الدينية قد أخذت فرصتها الطويلة، ولن تستطع خلق نظام حُكم عادل. ومعلوم أن المرجع الديني الكبير ابن طاووس، المتوفى في القرن السابع الهجري، أفتى فتواه الشهيرة "«تفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر»، ومَن يريد التقصي ليعود إلى ابن الطقطقي في "الفخري في الآداب السلطانية". وهنا انقل شيئاً مما أوردته في كتابي "طروس من تاريخ الإسلام" (دار الانتشار العربي 2007) فصل "فتوى ابن طاووس" التالي: لم يتأخر علماء الشيعة، المقربون من السلطة في العهد الصفوي، من التذكير بمقالة ابن طاووس في العدل. جاء على لسان العلامة محمد باقر المجلسي (ت1111هـ- 1699)، وهو أشهر فقهاء الحقبة الصفوية، عن أبي عبد الله جعفر الصادق، قوله: "الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم". غير أن أُصول هذه الوصية تظهر في التراث السُنَّي أيضاً، ورد عند الفقيه الشافعي أبو حامد الغزالي (ت 505هـ 1111 ميلادية)، ويجعلها حديثاً نبوياً. قال: "السلطان في الحقيقة هو الذي يعدل بين عباده (يقصد عباد الله على الأرجح)، ولا يقوم بالجَور والفساد، لأن السلطان الجائر مشؤوم، وأمره إلى زوال، وذلك أن النبي (ص) قال: الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم". وورد النص أيضاً عند نجم الدين الرازي (654هـ 1265 ميلادية).
* عدم تحديد منهج عراقي واضح بالدراسات الجامعية واتخاذ توجه سلبي غير مستقل من قبل المسؤولين ارجع حركة الدراسات الجامعية الى الوراء. برأيكم ما هي السبل الكفيلة لانتشال الجامعات العراقية لبلوغها المرام الأمثل لوصولها الى كيفية تجعل مستواها مناسباً، والصورة المثالية أيام الزعيم عبدالكريم قاسم والمقصود اختيار عبدالجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد، وفيصل السامر وزير المعارف، تلك الصورة اليوم لم تكن في حسبان العراقيين؟
- المجال الأكاديمي أو الجامعي أو التعليمي بشكل عام، في علوه وهبوطه، يتبع حال العراق العامة، فلايمكن النظر إلى اقتصاد متدهور، وقطاع خدماتي رديء ونطلب تقدماً جامعياً أو أكاديمياً، وأن للسلطة تأثيرها في هذا المجال أو ذاك. ومثلما يُقال "فاقد الشيء لا يعطيه"، فالقوى المهيمنة الآن على مفاصل الدولة وقطاعاتها ليس لديها ما تمنحه لهذا القطاع أو ذاك. بل هي قد تحاول العطاء، ولكن من أين، وهي بين عقول جفف ما جفف النظام السابق والحصار منها، وبين قوى دينية لاتجيد غير إدارات المؤسسات الدينية، وتعمييم الشعائر. يضاف إلى ذلك ضحالة النفوس التي وصلت إلى شراء الشهادات، وهيمنة على المراكز العلمية، بينما أصحاب الخبرات هم خارج البلاد. فهل يصح أن يُخرج عالم في الآثار، وفي هذه الأيام، لتتلقفه المؤسسات العالمية. بينما يتولى هذا المجال أُناس مشكوك بأعلميتهم.
لاشك أن المجال الجامعي والأكاديمي هو عصب، أو مرضع مستقبل البلاد العلمي، فالمختبرات والمراكز العلمية لا توجد إلا في أروقة الجامعات، بينما، وكما يعلم الجميع، في يوم من الأيام وضعت هذه المختبرات تحت إشراف حسين كامل، وهو لم يميز بين مفردة الاستيم (البخار) وبين السيم، المعروف. وصحيح أن الجامعات كثرة بالعراق، ولكن ما الفائدة وهي هابطة المستوى. أرى أولا ما يحتاج إليه المجال الجامعي هو الاستقلالية، وأن تنظف الجامعات من أي تأثير حزبي وديني وطائفي. وأن لايشمل التعليم العالي والتربية التعلمية بنظام المحاصصة السياسية، وأعني تعيين الوزراء ورؤساء الجامعات وحتى عمداء الكليات. لكن، لنكن أكثر واقعية أن ظرف العراق الحالي لايسمح بتحقيق مستوى جامعي عالمي إذا لم يُنظر إلى وزير التعليم العالي أو رئيس الجامعة بالمنظار العلمي، وبالتفوق في الخبرات. وعلى ذكر عبد الكريم قاسم، وتعيينه الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيساً لجامعة بغداد، رغم منافسة قوية جرت مع آخرين، إلا أنه أوجده هو الأعلم والأنسب، أن هناك ثلاث شخصيات خسرها العراق في أدوار دولته الحديثة: هم الملك فيصل الأول، والزعيم عبدالكريم قاسم، والقانوني الكبير عبدالرحمن البزاز. هؤلاء نظروا إلى العراق كعراق، أراد الأول تأسيس الهوية العراقية بعد التشظي فيها خلال قرون العهد العثماني، وأراد الثاني تكريسها ونقل العراق إلى بلد لا أثر للطائفية والتمييز القومي والديني فيه، ,اراد الثالث عودة الليبرالية على أساس المواطنة العراقية. ومع هذه الخسرات إلا أن البلاد مازالت ولادة.




#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفكر ميثم الجنابي ...انتعاش الهوية الطائفية في العراق يمثل ...
- حوار مع الروائي العراقي الكبير : محمود سعيد
- حوار مع المفكر د.ميثم الجنابي
- الشاعر خالد المعالي : افضل مثقف عربي هو ذلك الذي يمتلك لساني ...
- كامل شياع : في العراق اليوم ميول يسارية من شتى الأنواع وحول ...
- سلامة كيلة: الانتماء للماركسية عندنا تم بشكل عفوي وليس وعيا ...
- المؤرخ د. كمال مظهر احمد: لا أزال مؤمناً بالفكر الاشتراكي وم ...


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مازن لطيف علي - حوار مع الباحث والمؤرخ رشيد الخيون