أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - نخبوية المثقف : الفكر لأجل الإنسان أم الإنسان تحت رحمة الفكرة














المزيد.....

نخبوية المثقف : الفكر لأجل الإنسان أم الإنسان تحت رحمة الفكرة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1814 - 2007 / 2 / 2 - 11:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما يستوقف المرء في أداء و مقاربة النخبة المثقفة هو نخبويتها تجاه المجتمع و الإنسان..و هذا لا يقتصر على حملة إيديولوجيا معينة بعينها..إن خطاب المثقف و مقاربته متعاليان فوقيان تجاه المجتمع بمعنى أن المثقف يرى مهمته في مساعدة المجتمع و إنسانه و وعيه على الارتقاء و بلوغ مستوى وعي المثقف ذاته الذي تتمحور حوله عملية تثوير أو تطوير المجتمع و وعيه..هذا كان صحيحا بالنسبة للمثقفين عموما أي أنه كان نهجا سائدا في علاقة المثقف بالمجتمع و وعيه و لا يختلف في هذا المثقفين الحداثيين كطه حسين عن المثقفين الماضويين كحسن البنا و الرافعي و لا اليساريين من اليمينيين أو الليبراليين..في قراءة لخواطر سيد قطب من داخل سجنه الناصري ( الرسالة المعروفة بأفراح الروح ) يظهر سيد قطب كمثقف يكرس حياته لفكرة تقوم على تمييز جلي واضح قطعي بين "الشر" و "الخير" أما الإنسان فهو يحضر بوضعيته الخاطئة الناقصة التائهة المستوجبة للتصحيح و هنا نرى قطب يختار التقرب من الإنسان بوضعيته هذه في محاولته لنقله من تلك الوضعية إلى مستوى وعي المثقف مما يعني انتقاله إلى حالة إنسانية أرقى أو قابلة لتقبل الحق..لنقرأ سيد قطب و لنر بكل بساطة أنه كان من الممكن أن يكون كاتب هذه السطور أو حامل هذه المشاعر مناضلا ماركسيا أو مثقفا نهضويا حداثيا يثيره خمول الجماهير أو سلبيتها أو استسلامها للتخلف و يحلم بيوم خلاصها : "حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحا أو أطيب منهم قلبا أو أرحب منهم نفسا أو أذكى منهم عقلا لا نكون قد صنعنا شيئا كبيرا..لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل و أقلها مؤونة !..إن العظة الحقيقية : أن نخالط الناس مشبعين بروح السماحة و العطف على ضعفهم و نقصهم و خطئهم و روح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم و تثقيفهم و رفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع !".."ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا و مثلنا السامية أو أن نتملق هؤلاء الناس و نثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقا.." هذه المشاعر لا بد أن تكون خامرت أولئك الذين انتموا لآراء سياسية أو فكرية متعارضة بشكل جذري مع آراء قطب خلال نضالهم لتثوير الوضع و الارتقاء بوعي الجماهير النضال الذي خاضوه بتصميم قطب و ثقته الجازمة بصوابه و بانتصاره..كان المثقفون العرب العقلانيون في القرون الوسطى في غمار مواجهتهم المتصاعدة مع مؤسسة دينية تزداد تزمتا و تشددا إزاء مواقفهم المنتصرة للعقل في مواجهة النص و في مقابل عزلتهم المتزايدة عن الشارع قد تبنوا الموقف الأفلاطوني الذي اعتبر الأديان بشكلها اللاعقلاني ضرورة لالتزام الجماهير الجاهلة الأخلاقي في مواجهة التزام العارفين العقلاني و معرفتهم العقلانية النخبوية التي تستخدم وسائل العقل في مواجهة معرفة الجماهير التسليمية..
نذكر أن ابن خلدون قد بدأ عملية أنسنة ما للتاريخ بأن حاول تخليصه من أن يكون مجرد منفذ لرغبات الملوك و السلاطين و الأنبياء و المفكرين عندما رأى في أحداثه قانونية خاصة مستقلة عن أفعال و رغبات "عظماء" التاريخ..في هذه المحاولة معارضة صريحة عقلانية المرجعية حتمية الرؤية لموقف تراثي يضع "الفرد" المرتبط بالمقدس كمحور للفعل في التاريخ و يرتب الأفراد وفق تراتبية خاصة أساسية لفهم التاريخ حسب هذه القراءة..نعرف أن الخطابات الدينية السائدة تقسم الأفراد وفق تراتبية خاصة تفاضلية أي أنها تبدأ بالأفضل فالأقل و هكذا و نرى مثلا قراءة السنة التاريخية تعتمد تراتبية تقر ما جرى في الواقع أساسا للتفاضل بين الأفراد ( كتعبير عن منح ما جرى شرعية دينية خاصة الانقلاب الأموي على الحكم الشوري ) فالأفضل بين الصحابة هو أبو بكر فعمر فعثمان ثم علي في تثبيت للواقعة التاريخية على أنها أصل الحقيقة الدينية ثم تضع أبناء الصحابة فالتابعين و تابعي التابعين في درجات أقل لكنها أرفع من سائر الأمة و هي تمثل مجتمعة أساس المرجعية "مرجعية الجماعة" و يقابلها مرجعية أخرى تقول بعصمة أئمة أهل البيت مقابل حالة بشرية ثانوية هامشية بقرار مقدس عليها السمع و الطاعة و يدور هنا جزء أساسي من الخلاف بين هذه المرجعيات حول سيرة و درجة شرعية أو ممارسات أفراد بعينهم كمعاوية و ابنه يزيد..و يستخدم في هذا صلة النسب و القرابة من النبي الكريم ( الرابط الأساسي في المجتمعات القبلية ) أو اعتبار الفرد صحابيا هذه الوضعية التي رفعها الخطاب السني لدرجة مرجعية لقراءة المقدس..
هذه القراءة لوظيفة المثقف التي تتماهى مع الموقف من علاقة الفرد بالتاريخ تطرح المجتمع و الإنسان في وضعية تبعية لحالة متقدمة يمثلها المثقف و تستبعد أن يكون المثقف يتحرك من داخل التاريخ و وفق الممكن تاريخيا إنما تصر في مثالية ذاتوية أن الفرد-المثقف هو في أساس عملية الفعل التاريخي و تنسب إليه الفضل في تطوير حالة المجتمع و وعيه..إن هذه النخبوية المتعالية على الواقع و الجماهير تلغي دور المثقف كجزء من حركة التاريخ أو حركة الجماهير الواعية بحيث يرتبط بالواقع أكثر من أن ينعزل عنه و أن يصبح التغيير حالة تنمو في رحم الواقع و يكون الفكر استجابة لهذه الحركة و ليس حالة تفرض من خارج الواقع باسم الأفكار و المثل العليا التي تصبح سجنا للعقل و قيدا على ظروفه الإنسانية كما رأينا في محاولة فرض تغيير يقوم على دوغمائيات فكرية تنعزل عن الواقع و توغل في عزلتها حتى تستحيل إلى حالة قهر للإنسان أي أن يكون الفكر أقرب للإنسان بل لأجل الإنسان و ألا يكون الإنسان من جديد مجرد مادة التغيير بأن نقدم إليه مجموعة قسرية من الأفكار و الدوغمائيات المثالية الثابتة التي يكون بها صلاحه و أن نرفق هذا مع منظومة عقابية تعتبر انتهاك حرية الإنسان لصالح دوغمائيات العقيدة عملا مشروعا بل ضروريا لصلاح الإنسان هذا الصلاح الذي يعني حسن التزامه بدوغمائيات الفكرة



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتل الآخر في عاشوراء مرة أخرى
- نار الحرب القادمة و مستقبل التغيير
- الديمقراطية بين خطابات -التغيير-
- بين الخارج و الخطابات السائدة
- كلام في الديمقراطية
- الإمام الأعظم أبو حنيفة..قراءة مختلفة
- القهر أم تحرير المجتمع و الإنسان ؟
- خواطر في التغيير الوطني الديمقراطي
- حراك المجتمع و الطائفية و النظام
- الإنسان و القهر بين تاريخنا و حاضرنا
- مرثية لقوم اسمهم العرب ! !
- خواطر في الدولة
- حول الخلاف السني-الشيعي
- نداء إلى القوى السياسية السورية - نداء إلى المعارضة السورية
- مقتل السيد بيار الجميل : رفض القتل كفعل في السياسة و رفض الم ...
- الطائفية و الشارع و اللعب بالنار
- محنة خلق القرآن: محاولة عقلنة الخطاب الديني بالقوة
- الخيانة , العنف و السلطة
- لا يهم مع من تحالفوا فالمضمون واحد
- الفصام بين خطاب الأمس و ممارسة اليوم


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - نخبوية المثقف : الفكر لأجل الإنسان أم الإنسان تحت رحمة الفكرة