أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعيد أراق - الخطاب الغربي المفلس حول الحرية والديمقراطية














المزيد.....

الخطاب الغربي المفلس حول الحرية والديمقراطية


سعيد أراق

الحوار المتمدن-العدد: 1814 - 2007 / 2 / 2 - 11:13
المحور: المجتمع المدني
    



علاقة الإنسان بالحرية هي الوجه الآخر لعلاقته بوضعيته الوجودية. الحرية ليست بالضرورة شرطا بل هي تقويض للشروط, وهي مراودة للمتاح, وهي في نفس الوقت سيرورة بحث عن سبل تنصيب النماذج المتجددة للكينونة الإنسانية الفردية والجماعية. فالديمقراطية مثلا هي النموذج الذي أرست أسسه بعض المجتمعات, وحولته إلى نسق اشتراط فكري وإنساني محدِّد لمستويات التعايش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. ومن هذه الزاوية, ليست الديمقراطية نفسها سوى ارتهان للشرط الجماعي والإجماعي الذي ارتضته مجتمعات معينة في لحظة تاريخية معينة. لكن الديمقراطية ليست هي المعادل الخالص للحرية, وليست هي الإحالة المباشرة على استيفاء الحق وانتهاج الواجب. ويكشف المآل التاريخي لمجموعة من المشاريع الوطنية التي تستظل مرجعيا بشعار الديمقراطية, أن أكثر الناس دفاعا عن الديمقراطية هم أكثر الناس انتفاعا من تدبيراتها. يقول "فرانسوا غيزو" François GUIZOT : " هذه هي المصادر التي تستمد منها الديمقراطية كل قوتها: إنها راية كل الآمال, وكل الطموحات الاجتماعية للجنس الإنساني, سواء تلك الطموحات الطاهرة أو الدنيئة, الحكيمة أو الرعناء, الممكنة أو الوهمية[1]".

إن المحرك الجوهري لكل نوابض التطلعات الإنسانية على مر التاريخ كان ولا يزال هو العدالة الاجتماعية. وحتى الحرية من حيث هي قيمة إنسانية, لا تطرح إلا باعتبارها الشرط اللازم والملازم لكل عدالة اجتماعية ولكل ديمقراطية. وهذا الفهم التاريخي والتقليدي للديمقراطية, جعلها تنحصر ضمن مفهوم تاريخي وجغرافي ضيق, والدليل على ذلك أن المجتمعات التي أضحت تستند نظريا وعمليا إلى التدبير الديمقراطي, لم تلتزم تاريخيا وإنسانيا بالنهج الديمقراطي في علاقاتها بما يعتبر في رأيها مجتمعات غير ديمقراطية. ومعنى هذا أن الديمقراطية في صيغتها الغربية على وجه التحديد, مارست إشعاعها من خلال ولوجيات العدالة الاجتماعية, لكنها لم تلتزم في المقابل بالممارسة الديمقراطية ذات البعد الأشمل, ونقصد به البعد الإنساني. ومعنى هذا أن الديمقراطية الغربية هي ديمقراطية مجتمعية بحصر المعنى, وليست ديمقراطية عبر-مجتمعية trans-sociétale, بمعنى أنها ديمقراطية تشمل المجتمع الغربي في إطار حدوده الوطنية الضيقة, ولا تنفتح على المواطن الكوني أو المجتمعات الواقعة خارج المركزية الغربية. والأمثلة على ذلك كثيرة: الكيل بمكيالين حين بتعلق الأمر بالتعامل مع الفلسطينيين والإسرائيليين, التضييق على حماس رغم وصولها إلى الحكم من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة, اجتياح العراق دون الالتزام بالشرعية الدولية...الخ.

ونحن نعلم أن هذا الوضع لا يعكس قصورا في فهم الديمقراطية من حيث هي كذلك, وإنما يحيل على ممارسة الديمقراطية وفق منطق انتقائي قائم على الحسابات المصلحية. ومن ضمن الأسباب الرئيسية التي تيسر على الغرب مهمة الضغط على/والتحكم في الأنظمة العربية وتسخيرها وفق أهوائه ومصالحه, هو غياب التدبير الديمقراطي في الدول العربية. والمشروع الذي طرحته الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص نشر الديمقراطية في العالم العربي, ليس سوى مادة للاستهلاك والترويج الإعلاميين. إن إبقاء العالم العربي ضمن منظومة الدول ذات التدبير المزاجي والسياسات الاعتباطية والانتهاجات اللاعقلانية, يجعل الأنظمة العربية في وضع من الهشاشة المستمرة, ويخلق فرص اختراقها وييسر سبل الضغط عليها وتوقع ردود أفعالها, ما دام أن كل ما يهم الحكام العرب هو البقاء في مناصبهم حتى لو كلفهم ذلك التحالف مع الشيطان أو مصادرة المصالح الوطنية والقومية. لقد أثر عن "لابوميل" قوله: " كلما أتيح للسياسي المحنك اقتراف جريمة في مصلحته, تأكدوا أنه سيقترفها دون تردد[2]".

يتبع



#سعيد_أراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة التدوين
- نحو تخطي طور المرآة في الكتابة النسائية
- اللامعنى وأنظمة الاستفراغ الدلالي
- ميثولوجيا الواقع
- نهر الحياة والموت
- lieu communالمرأة من حيث هي موضع مشترك
- المعرفة أو الشغب المتوج جنونا
- جينيالوجيا الإرهاب المعاصر


المزيد.....




- الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة -الأونروا- بقيمة ...
- حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية
- بن غفير يدعو لإعدام المعتقلين الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ ال ...
- حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية
- المواجهات تعود لمدينة الفاشر رغم اكتظاظها بالنازحين
- شهادات مروّعة عن عمليات التنكيل بالأسرى داخل سجون الاحتلال
- دهسه متعمدا.. حكم بالإعدام على قاتل الشاب بدر في المغرب
- التعاون الإسلامي تؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف جرائم الحرب بح ...
- -العفو الدولية- تتهم السلطات الكردية بارتكاب جرائم حرب في سو ...
- فرنسا تطرد مئات المهاجرين من باريس قبل انطلاق الألعاب الأولم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعيد أراق - الخطاب الغربي المفلس حول الحرية والديمقراطية