أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحسيني إسماعيل - الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 3/5















المزيد.....



الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 3/5


محمد الحسيني إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1813 - 2007 / 2 / 1 - 11:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجزء الثالث : العقلانية والعلم بين المسيحية والإسلام
تقول وفاء سلطان في مقالها ( محمد واللسان الداشر ـ3 ) ..
[ في الصيف الماضي وخلال تواجدي في الوطن الأمّ ( سوريا ) ، قمت بزيارة ترافقني ابنتي إلى الجامع الأمويّ . دخلنا قاعة كتب على بابها "مقام رأس الحسين". رأينا عشرات النساء والأطفال والرجال يفترشون الأرض وهم يغطّون في نوم عميق . سألت بعض المارة عن قصّة هؤلاء النيام ، فأخبروني أنّهم زوّار من بلاد اسلاميّة ، ولكي يوفروا أجور الفنادق يضطّرون للنوم داخل الجامع . تحوّلت القاعة الى فرن درجة حرارته تصهر الحديد . لا مراوح ، لا نوافذ لتجديد الهواء . رائحة النيام تزكم الأنوف وتثير لديك حاسّة الإقياء .. ناهيك عن أرض الجامع والتي افترشت بالسجّاد .. ونتيجة للغبار المتراكم فوقها عبر السنين ، تحسّ وأنت تمشي كأنـّك تمشي في مستنقع للأوحال جفّت مياهه ، فتـأكل خشونة الأرض من قدميك .. حاولت ابنتي أن تمشي على أطراف القاعة ، ملتصقة بالحائط كي تتجنّب أن تدوس فوقها ! ]

ثم تضيف قائلة ..

[ تصوّر نفسك سائحا وخطر ببالك أن تزور كنيسة، ليس في باريس أو لندن أو بيفرلي هيلز، وإنّما في أحد أدغال افريقيا ، أو في جنوب السودان ، أو في بنغلادش كأفقر أقفار الله ، هل تعتقد أنّك ستدوس فوق أرضها على ذرّة من الغبار ، أو تزكم أنفك رائحة لانسان ؟! ليست الأزمة أزمة مال ، إنّها أزمة عقل ودين ، أزمة عقل سقط رهينة ذلك الدين ! أمّة ابتلت بعقلها ووجدانها ، وقبل أن تبتلي بهما ابتلت بدينها ! ]

وأكرر فقرتها الأخيرة لأؤكد هذه المعاني للقاريء ..

[ .. ليست الأزمة أزمة مال ، إنّها أزمة عقل ودين ، أزمة عقل سقط رهينة ذلك الدين ! أمّة ابتلت بعقلها ووجدانها ، وقبل أن تبتلي بهما ابتلت بدينها ! ]

وهكذا أعفت ـ وفاء سلطان ـ الأفراد البؤساء وسلوكهم من مسئولية المنظر الذي ازدرته عينيها والذين ظهروا عليه .. وألقت باللائمة على الدين الإسلامي نفسه .. على الرغم من علمها ـ بحكم إسلامها السابق كما تدّعي ـ بأن من المعلوم من الدين بالضرورة أن النظافة هي جزء أساسي من الإيمان بالدين الإسلامي ..!!! وليس هذا فحسب .. بل تقع الدكتورة في تناقضات واضحة ، بدون أن تتنبه لذلك ، حين تقول بأن الأزمة ليست أزمة مال .. على الرغم من سؤالها عن قصة هؤلاء القوم النيام داخل الجامع فيخبروها : [ .. .. أنّهم زوّار من بلاد اسلاميّة ، ولكي يوفروا أجور الفنادق يضطرون للنوم داخل الجامع .. ] .. إذن فالأزمة ـ كما نرى ـ هي أزمة مال ..!!! ولكن ـ وفاء سلطان ـ لا تريد أن ترى سوى أنها أزمة الدين الإسلامي نفسه ..!!!

وفي الحقيقة ؛ تمثل وفاء سلطان النموذج النمطي للغرب ـ وكل من يحذوا حذوها ـ في الهجوم على الدين الإسلامي .. حيث يجري هذا الأسلوب على النحو التالي ..

• أولا : ينسبون ـ دائما ـ كل أخطاء المسلمين العصاة ، والجهلة منهم ، وكذا كل أخطاء الطواغيت من حكام المسلمين ، إلى الدين الإسلامي نفسه .. وليس إلى المسلمين العصاة ، والجهلة ، والحكام الطغاة ..!!! وفي جميع الأحوال الإسلام منهم بريء . وللبرهنة على صحة هذه الحقيقة يمكن للقاريء الذهاب إلى المرجع : " السقوط الأخير / تاريخ الصراع على السلطة منذ ظهور الإسلام وحتى الوقت الحاضر " .. حتى يرى أن الإسلام لم يأت إلا بالديموقراطية الليبرالية بمعناها المثالي .. ولكن انحراف الولاة عن الإسلام هو الذي شوّه منهاج الله ـ سبحانه وتعالى ـ المثالي .

• ثانيا : يقومون بتصدير مشاكل الكتاب المقدس إلى القرآن العظيم ..!!! تحت دعوى أن كل دين هو دين يماثل الديانة المسيحية ( وهي الديانة التي تمثل " الفضيحة العقلية " .. على النحو الذي رأيناه في الجزئين السابقين ) .. وكل كتاب دين هو كتاب يماثل الكتاب المقدس ( وهو الكتاب الذي تشكل الخرافة والأسطورة الفكر الأساسي فيه .. على النحو الذي رأيناه في الجزئين السابقين ) .. وذلك بدون دراسة محايدة تؤكد صدق ما يفترون به على الإسلام ..!!!

• أو بمعنى آخر ؛ لم ينتهِ الغرب إلى الرفض والتجني على الإسلام من خلال دراسة نقدية وعلمية محايدة انتهى منها إلى هذه النتيجة ..!!! بل يقوم بسحب نتيجة تجربته الدينية الفاشلة مع الديانة المسيحية وتعميمها لتشمل الحكم على الدين الإسلامي .. !!!

• ثالثا : يعتمد الغرب ـ في كل ما يكتبه عن الإسلام ـ على " كتب التراث " وعلى أفكار الفرق الإسلامية المنشقة على الإسلام ، بل ويعتبر فكر هذه الفرق أنها الإسلام الحق ..!!! والمعروف أن الفرق المنشقة على الإسلام هي فرق ليست إسلامية ، كما وإن " كتب التراث " من المعروف أن بها الكثير من الغث والقبيح ، بسبب الإسرائيليات والموضوعات المدسوسة فيها .. بهدف ضرب الإسلام العظيم من داخله .. مثلما سبق وتم تحريف الكتاب المقدس من قبل ..!!!

• رابعا : لا يعتمد الغرب في الاستشهاد بالقرآن المجيد إلا فيما ندر ، وإذا استشهد بالقرآن المجيد يقوم بالاستشهاد بفقرات محدودة ومتناثرة منه ، وبجمل قرآنية مقطوعة عن سياق معناها الجزئي والكلي ( سنعود لبيان هذه المعاني في الرد الأخير ) .. ليقوم ـ الغرب ـ بتفسيرها بما يخدم أغراضه وبالمعنى الذي يريد أن يدسه في الدين الإسلامي .. تحقيقا لقوله تعالى ..

 وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) 
( القرآن المجيد : البقرة {2} : 109 )

• وتحقيقا لقوله تعالى ..

 وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120) 
( القرآن المجيد : البقرة {2} : 120 )

وبديهي ؛ لن تتننبه الدكتورة وفاء سلطان إلى قوله تعالى ..  .. بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ..  .. أي أن الذي جاء إلى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) هو : " علم " وليس قضية دينية مسلم بها فحسب .. كما سنرى ذلك في باقي هذا الرد ..

ونعود الآن ؛ لوصف دكتورة علم النفس لرحلتها إلى وطنها الأم .. لكي تعود دائرة الحياة ( The circle of life ) للتكرار .. ولترى ـ دكتورة علم النفس ـ أن كل ما أثارته في رحلتها من تساؤلات .. كما وأن موقفها .. هو موقف مماثل لموقف الكفار من قبل عند تعرضهم لرسالة " نوح " ( عليه السلام ) .. كما يخبرنا بهذا المولى ( عز وجل ) في قوله تعالى ..

 وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (30) وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (31) قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ (35) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37) 
( القرآن المجيد : هود {11} : 25 - 37 )

وأتمنى أن تفهم دكتورة علم النفس هذه المعاني . وبديهي ؛ لن أترك فهم هذه الآيات الكريمة واستنتاج معانيها لذكاء الدكتورة ..!!! حيث برهنت في كل ما كتبت على أن ذكاءها محدود للغاية .. كما وأن كتاباتها تعكس قصورا واضحة في فكرها بدرجة تدعو للدهشة ..!!! وأبدأ هذه الرؤية بالبؤساء الذين كانوا يفترشون أرض الجامع ليأتي قول الكافرين " لنوح " ( عليه السلام ) للمتبعين لمنهاج الله ـ سبحانه وتعالى ـ في قوله تعالى ..

 .. وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ( أي بدون تفكير ) وََمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ 

فهل كانت تتوقع ـ الدكتورة ـ أن نطرد هؤلاء البؤساء من رحمة الله ..  .. وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  . فهل سمعتِ رأي المولى ( عز وجل ) في أمثالها ..  .. وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ  .. أي الجهل هو سمتها ..!!!

وقد ازدرت عينيها هؤلاء القوم .. ونست الدكتورة ماضيها ـ باعترافها ـ بأنها كانت لا تجد ثمن تغيير الحذاء البالي الذي كانت تلبسه هي وزوجها ..!!! ونست أنها تضرعت إلى السماء لكي تعطيها دربا إلى أمريكا ..!!!

 .. وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا .. اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ 

سبحان الله العلي العظيم ..!!! أليس هذا الحوار .. هو حوار بين الخالق العظيم .. وبينك ـ يا دكتورة علم النفس ـ وبين أمثالك ..؟!!! سبحان الله العلي العظيم ..!!! أليس في هذا شهادة على صدق هذا الكتاب الخالد ..

 أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (14) مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (16) 
( القرآن المجيد : هود {11} : 13 - 16 )

هل أدركت ـ يا دكتورة علم النفس ـ هذه المعاني ..؟!!! ألم تتنبهي أنك تريدين الحياة الدنيا وزينتها .. سيوفيها الله ( عز وجل ) لكِ .. كما جاء في قوله تعالى ..  مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ  .. ولكن ـ وبكل أسف ـ فهذا هو مصيرك ..  أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ  ..

وتقول دكتورة علم النفس في " رسالة شكر وتقدير إلى موقع الحوار المتمدن " : " لقد تضرعت إلى السماء لكي تعطيني دربا إلى أمريكا " ..!!! والسؤال الآن ـ لدكتورة علم النفس ـ هل كنتِ تتضرعين إلى الكواكب أم إلى النجوم أم إلى المجرات ..؟!!! مسكينة تلك الدكتورة .. أشفق على ذكائها المحدود ..!!! فلم تتنبه ـ دكتورة علم النفس ـ أنها كانت تتضرع ( بالفطرة ) إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بدون أن تدري ..!!! وقد آتاها الله ـ سبحانه وتعالى ـ الخير على الرغم من شركها .. وأعطاها دربا إلى أمريكا ..!!! ولكنها نست الفضل .. نست فضل الله ـ سبحانه وتعالى ـ عليها ..!!! وتعود دائرة الحياة ( The circle of life ) للتكرار .. ولترى ـ دكتورة علم النفس ـ صورتها كاملة في قصة هؤلاء الأقوام .. كما جاء في قوله تعالى ..

 هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (23) إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) 
( القرآن المجيد ـ يونس {10} : 22 - 24 )

فهل تنبهت الدكتورة إلى هذه المعاني الخالدة .. وإلى قوله تعالى ..   .. كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  ..!!! فهل اختلت الدكتورة إلى نفسها ..؟!!! لمراجعة كل ما كتبت لترى إلى أي مدى تجنت على الإسلام العظيم .. وحملته أخطاء الطواغيت .. والعصاة والجهلة من المسلمين .. كما وأنها كانت ضحية لجهلها بهذا الدين العظيم ..!!! وأتمنى أن تعي دكتورة علم النفس ـ قبل فوات الآوان ـ قوله تعالى ..

 فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) 
( القرآن المجيد ـ الأنعام {6} : 44 )

فالحقيقة ـ الآن ـ والتي لا تقبل الجدل .. أن المشكلة الأساسية تقع في جهل الدكتورة ومن على شاكلها . ولكن جهل الدكتورة ـ دكتورة علم النفس ـ هو في الواقع جهل مزدوج .. لأنه ليس فقط جهل في الجانب الديني .. بل هو أيضا جهل في جانب علم النفس ( وسوف أعود لتحليل شخصية هذه الدكتورة المسكينة ـ إن شاء الله تعالى ـ في الرد الأخير ) ..!!!

وعموما يمكننا القول بأن المشكلة الحقيقية تكمن في جهل الإنسان بصفة عامة :

• بمعنى الدين ..
• ومعنى دور الدين في حياة الإنسان ..
• ومعنى الخالق العظيم ..
• ومعنى الغايات من الخلق ..

واكتفي بهذا القدر .. ولنبدأ قصة العلم والعقل ـ معا ـ في الدين الإسلامي والديانات الأخرى من أولها ..

من أهم أهداف هذا الرد ( أو البحث ) هو التركيز على فضل العلم والعلماء من منظور الدين الإسلامي .. ( مع مقارنة سريعة بما ورد في الديانتين اليهودية والمسيحية عن العلم ) حتى نخرص المرهصون في اتهام الدين الإسلامي بالبعد عن العقل والمنهاج العلمي .. وهو المنهاج الذي يعتبر الأساس الأول في فكر " التحول في النموذج الديني " .. أي الانتقال بالقضية الدينية من " حيز الوهم " ( أي الإنسان هو الذي خلق الإله ، وليس الإله هو الذي خلق الإنسان ) ، أو من " حيز الاعتقاد " ( أي الإيمان بدون برهان ) .. إلى حيز " القضايا العلمية " ذات البراهين الرياضية والفيزيائية الراسخة . بل وسوف يجـد المهتمين بالفلسفة ـ أيضا ـ أن كل أفكار وأسس الفلسفات الحديثة والمعاصرة مثل : " الفلسفة الوضعية المنطقية " [1] و " الفلسفة التحليلية " .. أنها قد تم احتوائها جميعا في الفكر الشامل الذي يقدمه القرآن المجيد .. وهو الفكر الإلهي القاضي بتشكيل الفكر الإنساني على النحو الذي أراده الله (  ) للإنسان .. تحقيقا لقوله تعالى :

 يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ (8) 
( القرآن المجيد : الإنفطار {82} : 6 - 8 )

[ غرك بربك الكريم : والمعنى .. أيها الإنسان كيف دفعك الغرور ـ بجهل وليس بعلم ـ إلى معصية الله .. وعدم الاستجابة لرسله ( مثل غره كرمه .. وغرته قوته ) ]

فالمقطوع به ـ كما سنرى ـ أن القرآن المجيد أو الفكر الإلهي قد عول أساسا على العلم والعلماء في فهم معنى الدين .. وإدراك معنى الغايات من الخلق . بينما في المقابل سوف يجد القارئ أن المسيحية واليهودية لا تتطلب تخلي الفرد عن العلم فحسب .. بل تتطلب أيضا تخليه عن العقل كحتمية يستلزمها طبيعة الإيمان بالأساطير والخرافات التي يأتي بها الدين اليهودي والدين المسيحي كل على حد سواء .. وذلك على النحو الذي رأيناه في الجزئين الأول والثاني من هذه الردود ( يمكن للقاريء الذهاب ـ أيضا ـ إلى موقع الكاتب : http://www.truth-4u.com .. لرؤية المنهاج العلمي في القرآن المجيد )

كما انتهينا في مرجع الكاتب السابق ـ الدين والعلم وقصور الفكر البشري ـ إلى كون الدين " قضية علمية كلية " يحوى بين دفتيه قوانين الحياة والعلم الفيزيائى . ولهذا ؛ لابد وأن يكون المدخـل إلى الدين مدخلا علميا ونستطيع أن نلخص ما سبق عرضه فى الآتى بعد :

• أن الدين علم .
• والمتكلم فى الدين هو " الله " ـ بكمالاته المطلقة ـ والذى أحاط بكل شىء علما .
• والكتاب الموحى به من الله هو " كتاب علم " أيضا ، قد أحكمت صياغته .

وبديهى والأمر كذلك ؛ فلابد وأن من يستطع استيعاب هذا المفهوم والحكم على صحة الكتاب والدين يجب أن يكون من العلماء .. كما جاء في قوله تعالى ..

 وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) 
( القرآن المجيد : سبأ {34} : 6 )

وهكذا يتحدد ـ بنص إلهي مباشر ـ الشرط الواجب توافره فيمن يستطيع الحكم على الدين وطبيعة الكتاب المُنزّل من عند الله ، فى أنه يجب أن يكون من  .. الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ..  ، أى أن يكون من العلماء .

وهكذا المدخـل إلى الدين ـ في الفكر الإسلامي ـ هو العلم ، والأقدر على فهم الدين هم العلماء . ثم تلى هذه المعرفة ـ أي معرفة أن هذا الكتاب منزل من عند الله (  ) ـ هو التصديق به والإيمان به ، كما جاء فى قوله تعالى :

 وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54) 
( القرآن المجيد : الحج {22} : 54 )

[ فتخبت له قلوبهم : أى تخضع قلوبهم للقرآن وتذعن بالتصديق به ]

حيث تبين هذه الآية الكريمة ؛ أن الامتداد الطبيعى للمعرفة بأن هذا الكتاب منزل من عند الله هو الإيمان به  .. فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ..  أى تخضع له قلوبهم وتذعن بالتصديق به ( أى بالتصديق بالقرآن ) . وهكذا نزل الدين بالمفهوم العلمى بالمعنى العريض للكلمة ، ومن ثم فإن " القضية الدينية " أصبحت " قضية علمية " ، كما أصبحت " القضية العلمية " هى " قضية دينية " ، أي لا فرق بينهما .

وتموج الديانة الإسلامية بالعلم فى كل تعاليمها .. ولا يعقل هذه المعاني ويستوعبها إلا العلماء كما جاء في قوله تعالى ..

 وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) 
( القرآن المجيد : العنكبوت {29} : 43 )

أى أن كل ما يجىء به القرآن المجيد من أمثال وفكر ، لا يعقلها إلا العلماء . وبديهى وحال الدين هو العلم ؛ أن يقوم علماء المسلمين عقب تنزيل القرآن المجيد مباشرة في القرن السابع الميلادي ( أي وأوربا تموج بالجهل والأساطير والخرافات .. ولا وجود للعلم فيها ) إلى تقسيم النصوص القرآنية والسنة النبوية الشريفة ( أي كل ما ورد عن الرسول  من أحاديث وأفعال وتقرير ) عن العلم .. إلى مواضيع وأبواب كثيرة منها :

1. فضل العلم 2. منزلة العلماء 3. العلماء ورثة الأنبياء 4. طلب العلم والعمل به
5. مجالس العلماء 6. كتابة العلم وحفظه 7. التدقيق فى العلم 8. تبليغ العلم
9. الفهم فى العلم 10. انتشار العلم 11. امتهان العلم 12. آداب العلم

وبديهى ؛ لن نتناول كل هذه البنود بالتفصيل ، وإلا ما وسعنا هذا البحث فى التعرض لكل ما جاء حولها ، ولكن سوف نوجز ونجمل الخطوط العريضة فحسب التى تتحرك فى إطارها الديانة الإسلامية التى تعلى من شأن العلم والعلماء ، حتى تعتبر العلم هو ميراث الأنبياء ، كما جاء فى قول رسول الله (  ) [ سنن الترمذي ] ..

[ .. إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ .. ]

بل أن العلم وطلبه هو المدخل إلى نيل الخلاص ، فطلب العلم هو الطريق إلى الجنة ، كما جاء في قول رسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ..

[ .. مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ ( الأسماك ) فِي الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ .. ]

فهكذا حياة الإنسان من المنظور الإسلامى ، لا يتجاوز معناها عن السعى فى طلب العلم .. فالعلم هو المدخل لتحقيق الغايات من الخلق وأول هذه الغايات هو إدراك وجود الله (  ) . وتدَرّج المعرفة بالله (  ) يأتى فى قوله تعالى على النحو التالى :

 شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) 
( القرآن المجيد : آل عمران {3} : 18 )

[ قائما : الذي يقوم به " الوجود " على نحو مطلق .. أي لا " وجود " إلا بالله سبحانه وتعالى / القسط : يعني من المعاني الآتي : العدل ، القانون الطبيعي ، المرجع المطلق ، التوازن الطبيعي .. إلى آخره من المعاني المشابهة ]

وهكذا تتدرج المعرفة بالله (  ) : الله (  ) يشهد لكماله ولذاته بالربوبية والوحدانية وبأنه لا شريك له فى الخلق ولا فى الأداء ، فهو القيوم على خلقه .. وهو القائم بالقسط والعدل فى ملكه . ثم تأتى الملائكة ـ بعد ذلك ـ لتشهد على هذا الوجود وعلى هذه الوحدانية .. شهادة حضرة ، أى إدراك ورؤية مباشرة . ثم يأتى العلماء ليشهدوا على كل هذا شهادة علم .. ثم لتزيدهم هذه المعرفة الخشية من الله ، عز وجل ..

 .. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) 
( القرآن المجيد : فاطر {35} : 28 )

وبديهى تمثل هذه الآية الكريمة معرفة اختبارية .. أى يستطيع قطاع كبير من المؤمنين التحقق من صحتها وصدقها بشكل مباشر .. أو كل من أدرك من العلم مما يكفى لمعرفة هذه الخشية .. وهي الآية الكريمة التي تبين أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله ، سبحانه وتعالى .

وحول هذا المعنى يروى لنا العالم الهندى " عناية الله مشرقى " قصته مع عالم الفلك البريطاني سير جيمس جينز فيقول :

[ لقد دعاني سير جيمس جينز لزيارته في أحد الأيام .. وأخذ يلقى عليّ محاضرة عن تكوين الأجرام السماوية ، ونظامها المدهش ، وأبعادها وفواصلها اللامتناهية ، وطرقها ، ومداراتها وجاذبيتها ، وطوفان أنوارها المذهلة ، حتى إننى شعرت بقلبى يهتز من هيبة الله وجلاله ، أما ( السير جيمس ) فوجدت أن شعر رأسه قائما والدموع تنهمر من عينيه ، ويداه ترتعدان من خشية الله . وتوقف فجأه ثم بدأ يقول : " يا عناية الله ..!! عندما ألقى نظرة على روائع خلق الله يبدأ وجودى يرتعش من الجلال الإلهى ، وعندما أركع أمام الله وأقول له : إنك عظيم .. أجد أن كل جزء من كيانى يؤيدنى فى هذا الدعاء ، وأشعر بسكون وسعادة عظيمين ، وأحس بسعادة تفوق سعادة الآخرين ألف مرة ]

واستكمالا للقصة المذكورة ، يقول الدكتور عناية الله مشرقى : لقد استسمحت سير جيمس جينز فى قراءة هذه الآية السابقة ، فلما قرأتها عليه وسمع النص القرآنى :  … إنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلمَاءُ …  صرخ قائلا : ماذا قلت ؟  … إنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ العُلمَاءُ …  مدهش ، وغريب ، وعجيب جدا ، إنه الأمر الذى اكتشفته بعد دراسة ومشاهدة استمرت نحو خمسين عاما ..!!! هل هذه الآية موجوده حقا فى القرآن ..؟!! لو كان الأمر كذلك فأكتب شهادة منى بأن القرآن موحى به من عند الله . وبديهى ؛ نحن لا نقول بهذا تأييدا للفكر القرآنى ، فالفكر القرآنى ليس في حاجة لمثل هذا التأييد . بل أقول بهذا لأن أحد العلماء قد أدرك جزئية قال بها القرآن المجيد فى إحكام شديد ، فى ستة كلمات فقط ؛ بينما ـ هذه الجزئية ـ قد استغرقت معرفتها من عالم فيزيائي ورياضي وفلكي حياته بالكامل لإدراك معناها .

وطالما العلم كذلك ، يأتى قول رسول الله (  ) [ سنن الدارمي ] ..‍‍‍‍

[ اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا وَلَا خَيْرَ فِيمَا سِوَاهُمَا ]

وربما كان هذا لسبب بسيط ، كما قال رسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ، هو أن ...

[ الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ ، وَلَا خَيْرَ فِي سَائِرِ النَّاسِ ]

ثم يزيد رسول الله (  ) فيقول [ سنن بن ماجه ] ..

[ مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ ]

ثم نأتى إلى " العقل " فى الديانة الإسلامية ، فنجد أن ذكره يأتى فى القرآن المجيد ( هو ومشتقاته ) فى ( 49 ) موضعا . ويرتبط العقل ، فى الديانة الإسلامية ، بنيل الخلاص وحسن المصير ، وهو ما يعنى أن " القضية الدينية " هى قضية عقليه فى المقام الأول والأخير ، وليست صورة من صور الاعتقاد فحسب . ونضرب على ذلك مثالين ؛ المثل الأول يمثل ارتباط فهم معانى القرآن بالعقل وبالعلم ، وهو ما جاء فى قوله تعالى :

 وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) 
( القرآن المجيد : العنكبوت {29} : 43 )

أما المثال الثانى ، فهو يرتبط بعدم " تعقل " الكفرة لمعنى القضية الدينية ، ويتمثل هذا فى إجابتهم ـ فى الآخرة ـ عند سؤالهم عن الرسل والنذر المرسلة إليهم ، فتأتى الإجابة ـ بعد فوات الأوان ـ بأنهم كانوا لا يستمعون إليهم ، وحتى إذا سمعوا ما كانوا يعقلون ما يسمعون .. ويأتى هذا المشهد فى قوله تعالى :

 .. ألَمْ يَأتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَىْءٍ إِنْ أنْـتُمْ إِلَّا فِى ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أصْحَابِ السَّعِيرِ (10)
( القرآن المجيد : الملك {67} : 8 - 10 )
[ السعير : النار ]

وهنا يأتى أهمية السمع والعقل والتعقل للإنسان لنيل الخلاص المأمول . ولهذا تأتي شكوى نوح من قومه .. في قوله تعالى ..

 قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) 
( القرآن المجيد : نوح {71} : 5 - 7 )

وهكذا ؛ تضع الشعوب المسيحية ( صاحبة الإله الخروف ) ، كما تضع الشعوب اليهودية ( صاحبة الإله اللاعب مع الحوت ) ..!!! أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا الحق ..!!!

والتفكير من المنظور الإسلامى ، يقود مباشرة إلى الإيمان ، كما يـأتى هذا فى قوله تعالى :

 إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) 
( القرآن المجيد : آل عِمْران {3} : 190 - 191 )

كما وأن الإيمان لا يأتى من فراغ بل يأتى من العلم ، وبهذا لا يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، كما جاء فى قوله تعالى :

 أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (9) 
( القرآن المجيد : الزمر {39} : 9 )

[ أمن هو قانت : هى مقارنة مع ما سبقها من آيات ، وتعنى أهذا الذى يضل عن سبيل الله مثل من هو قانت : مطيع لله / آناء الليل : ساعاته / يحذر الآخرة : يخاف الآخرة / أولوا الألباب : ذوي العقول ]

ويعتبر الإسلام " العلم " بأنه ـ يكاد يكون ـ الوسيلة الوحيدة للتحقق من صحة هذا " البلاغ العقلانى " القادم من الله (  ) ، حتى بات العلم ـ من المنظور القرآنى ـ هو وسيلة التفضيل بين مفردات الوجود الإنسانى .. لهذا يجىء قوله تعالى ..

 .. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) 
( القرآن المجيد : المجادلة {58} : 11 )

وقد يتنبه الإنسان ـ أو قد لا يتنبه ـ إلى موضع كلمة  .. مِنكُمْ …  فى سياق كلمات الآية الكريمة السابقة ، ليدرك أنه يوجد سياقين فى التفضيل الإلهي . سياق تفضيل إيمانى يقع فى داخله المنظومة الإسلامية  .. الَّذِينَ ءامَنُوا مِنكُمْ ..  أي أنه أمر مقصور على المسلمين فقط . وسياق تفضيلى آخر ، هو سياق تفضيل علمي ـ مستقل عن الإيمان الإسلامي ـ تقع فى داخله البشرية جمعاء ، أى  .. وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ ..  من كل البشرية بما فى ذلك المسلمين وغير المسلمين .. وسبحان الله على الإحكام القرآني ..

 أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) 
( القرآن المجيد : محمد {47} : 24 )

[ أفلا يتدبرون القرآن : فيعرفون الحق / أم : بل / على قلوب أقفالها : فلا يفهمونه .. وقد سبق الكلام عن دور القلب في التفكير والفقه ]

وهكذا ؛ العلم له درجته الخاصة به ، كما وأن الإيمان له درجته المستقلة عن درجة العلم ، وهى درجة مقصورة على المسلمين فحسب .

ولهذا كانت أولى آيات القرآن المجيد قاطبة على محمد (  ) دعوة إلى العلم والتعلم ، وبديهى أن هذا المدخل لن يتحقق إلا بالقراءة والكتابة ، كما جاء فى قوله تعالى :

 اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) 
( القرآن المجيد : العلق {96} : 1 - 5 )

وكما نرى ؛ فإن القرآن يقرر الحقيقة العلمية التالية :  خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ  . وكلمة " علق " هي كلمة جامعة تعني الحيوان المنوي للذكر .. كما تعني " تعلق " بويضة الأنثى المخصبة بجدار الرحم . كما تعني مرحلة الجنين الأولى وهو كعلقة من الدم .. وبعد التكون يكون كعلقة البرك .. وهكذا من طيف عريض من المعاني التي تحملها هذه الكلمة ( سبحان الله ..!!! ) . ثم نأتي إلى معنى " القلم " . فبديهى ؛ أن " القلم " هو ذاكرة التاريخ وحضارة الإنسان ، ويأتى هذا من طبيعة وكيفية عملية تعلم الإنسان التى لا تتحقق إلا باستخدام القلم . فمهما أوتى الفرد من ذكاء فإنه لا يستطيع حل أبسط المعادلات الرياضية إلا باستخدام القلم .. وهكذا عن عمليات التعلم الأخرى .

والسعى وراء المعرفة هو أمر إلهى صريح .. لقوله تعالى :

 قُلِ اْنظُرُوا مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ .. (101) 
( القرآن المجيد : يونس {10} : 101 )

 قُلْ سِيرُوا فى الأرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأ الخَلْقَ .. (20) 
( القرآن المجيد : العنكبوت {29} : 20 )

وكما سبق وأن بينت ، لولا اختلاف بداية الخلق عما نحن عليه الآن .. لما قال المولى (  )  .. فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأ الخَلْقَ ..  .. وفي هذا إشارة ضمنية إلى " نظرية النشوء والارتقاء " .

بل ويمتد أثر العلم وفضله على الإنسان إلى ما وراء موت الإنسان . أى أن العلم يتبع الإنسان إلى العوالم الأخرى .. لقول الرسول (  ) [ سنن الترمذي ] :

[ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ ]

فهكذا فضل العلم يلاحق الإنسان فى جميع صور وجوده الممتد إلى العوالم الأخرى ، فهو ليس مقصورا على عالمنا هذا ، بل يمتد إلى ما بعد مغادرتنا لهذا العالم إلى العوالم الأخرى ..

ولهذا يقول رسول الله (  ) [ صحيح البخاري ] ..

[ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا ]

وحول فضل العلماء ، نورد قول أبو إمامة الباهلى [ سنن الترمذي ] .. بأنه قال :

[ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالْآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ]

وفى قول آخر لرسول الله (  ) [ مسند أحمد ] عن فضل العلماء ...

[ إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ ]

وقال رسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ..

[ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ]

ومرفوض إسلاميا كتم العلم ، لقول رسول الله (  ) [ سنن أبي داود ] ..

[ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ]

ويتأكد هذا المعنى فى قول آخر لرسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ..

[ مَا مِنْ رَجُلٍ يَحْفَظُ عِلْمًا فَيَكْتُمُهُ إِلَّا أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ ]

ويُرَغب رسول الله (  ) فى نشر العلم فيقول [ سنن الترمذي ] ..

[ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ]

والسؤال عن العلم هو سؤال أساسى فى اليوم الآخر ، كما فى قول الرسول الكريم (  ) [ سنن الترمذي ] :

[ لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ]

وعن التدقيق فى العلم يقول رسول الله (  ) [ مسند أحمد ] ..

[ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ]

والعلم هو خير وسيلة لحماية الإنسان من فتن هذه الحياة الدنيا .. كما يأتى هذا المعنى فى قول رسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ..

[ سَتَكُونُ فِتَنٌ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا إِلَّا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ ]

ثم نختم هذه العجالة بقول رسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ..

[ فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ ]

والفقيه هو العالم العابد ..

وقبل أن نغادر هذا البحث ؛ لابد لنا من ذكر موقف الدولة الإسلامية من العلم والفلسفة ؛ فتاريخيا نجد أن الدولة الإسلامية كانت أرحب صدرا وأسمح فكرا مع الفلسفة اليونانية من بلاد العالم اليونانى الذى نشأت فيه ، ويمكن أن نتبين ذلك من مصائر فلاسفة اليونان ذاتهم . فثالوث الفلسفة اليونانية يتجمع فى : " سقراط : Socrate " ( 469 – 399 ق. م. ) ، و " أفلاطون : Platon " ( 427 – 347 ق. م. ) تلميذ سقراط ، و " أرسطو : Aristotle " ( 384 – 322 ق. م. ) تلميذ أفلاطون . فقد حوكم سقراط بثلاث تهم هى : إنكار الآلهة القومية ، وتنصيب آلهة جديدة خاصة به ، وإفساد الشباب . وقد حكم عليه بالموت بأن حمل إليه كأس مسمومة شربها بشجاعة بعد أن رفض أن يهرب . وأفلاطون بيع فى سوق العبيد ، وارسطو نجا بنفسه من أثينا خوفا من عاقبة كعاقبة سقراط ، بعد أن رماه كاهن من كهانها بالإلحاد . فإذا ذهبنا إلى الفيثاغورثيون فقد مات فيثاغورث قتيلا بجانب مزرعة فول . وهكذا ؛ كان حال الفلاسفة والمفكرين مع محاكم التفتيش حتى بداية عصر النهضة ..!!!

ونقارن بين أحوال فلاسفة اليونان وبين أحوال فلاسفة المسلمين ، فلا نرى أحدا أصيب بمثل هذا المصاب من جراء الفلسفة أو الأفكار الفلسفية ، ومن أصيب منهم يوما بمكروه فإنما كان من كيد السياسة ولم يكن من حرج بالفلسفة أو حجر على الأفكار . فأشهر الفلاسفة المسلمين فى المشرق : " ابن سينا : Avicenna " ( 980 - 1037 م. ) الملقب بالشيخ الرئيس دخل السجن لأنه كان عند أمير همذان فبرم بالمقام عنده ، وأراد أن يلحق بأمير أصفهان علاء الدولة بن كاكويه فسجنه أمير همذان ليبقيه إلى جواره ، ولم يسجنه على رأى من آرائه . والفيلسوف العربى : " ابن رشد : Averroes " ( 1126 – 1198 م. ) ، أشهر فلاسفة المسلمين فى المغرب ، أصابته النكبة لأنه لقب الخليفة المنصور فى بعض كتبه بلقب " ملك البربر " ( سبق ذكر أسباب أخرى في مقال : المنهاج العلمي في القرآن المجيد ) . وهكذا ؛ فكثير من نكبات الفلاسفة المسلمين لم يكن سببها الفلسفة أو الدين ، بل كانوا ضحايا للسياسة فينالهم منها ما ينال سائر ضحاياها ..!!!

ثم ننهى هذه الفقرة بقول رسول الله (  ) [ سنن بن ماجه ] ..

[ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يَبْلُغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ ]

فهذا هو الإسلام وموقفه من العلم والعلماء فى عجالة قصيرة . وننهي هذه الفقرة بقول الحق تبارك وتعالى عن قرآنه المجيد ..

 وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106) قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) 
( القرآن المجيد : الإسراء {17} : 105 - 109 )

[ فرقناه : بيناه وفصلناه أو أنزلناه مفرقا / على مكث : على تؤده وتأن ]

وكما نرى ؛ فهى آيات اخبارية إختبارية قابلة للملاحظة والتدقيق والتحقيق ، فهى تصف الجانب النفسى لما يمكن أن يكون عليه رد فعل الجانب النفسى للذين أوتوا العلم تجاه الآيات القرآنية عندما تتلى عليهم ، أو عند تلاوتهم للقرآن المجيد . وبديهى ؛ لا يمكن أن يقول بمثل هذا القول إلا الخالق العظيم (  ) لسبب بسيط جدا ، هو أنه المحيط بما خلق . فـ " الله " (  ) هو الخالق الذى ركب الطبيعة الفطرية ( أو الغريزة ) لدى الإنسان و" رد الفعل التلقائى " ، فى الجانب النفسى للإنسان عند سماع النص القرآنى وإدراك معانيه . وهذا عين ما يحدث فعلا لكثير من العلماء والعامة والخاصة عند سماعهم للنص القرآنى .. فربما كان البكاء هو سمة رد الفعل الطبيعى لامتزاج معانى القرآن المجيد ( القضية العقلية ) بوجود الحضرة الإلهية ( القضية العاطفية ) .. ليصل الإنسان بهذا المزج إلى الذروة لإدراكه لوجوده .. وإلى الذروة لإدراكه لأحزانه .. وإلى الذروة لإدراكه لأبديته .. وهو ما يؤدى إلى تلقائية سجود الإنسان لقدرة لا نهائية .. تتعالى عظمة وكبرياء على وجود متناهى ..

 وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
( القرآن المجيد : الجاثية {45} : 37 )

قدرة تتجلى وتفصح عن ذاتها فى الإحاطة .. وفى الإستعلاء .. وفى اللاتناهى .. وهكذا إدراك أولي العلم .. لله .. سبحانه وتعالى ..!!!


• كلمة موجزة عن شبكة الملحدين العرب .. والمواقع المماثلة ..

بديهي ؛ بعد العرض السابق لقدسية العلم والعقل في الدين الإسلامي .. لا مجال للقول بأن الدين الإسلامي لا يقدس العلم والعقل معا . بل وقد وصل تقديس العقل في الدين الإسلامي إلى حد إسقاط التكليف عن الإنسان على من لا عقل له كما جاء في حديث الرسول الكريم [ متفق عليه ] :

[ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ]

و " رُفِعَ الْقَلَمُ " كناية عن عدم التكليف . فالإسلام يطلب من الإنسان " الإيمان العاقل " .. أي الإيمان المبني على العقل والعلم معا .. ويرفض " إيمان الحيوان " الذي ينادي به فلاسفة الغرب أمثال " جورج سنتيانا " .. وأمثاله ، كناتج طبيعي من تجربتهم مع خرافات ووثنيات الديانتين اليهودية والمسيحية معا ..!!!

وفي مقابل ما قدمنا نجد موقع : " شبكة الملحدين العرب / منتدى الملحدين العرب " ـ على شبكة الإنترنت ـ تتبنى شعار : " نحو عالم لا يقدس إلا العقل " .. حيث يقوم هذا الموقع بالهجوم الصارخ على الدين الإسلامي .. تحت زعم أن الدين الإسلامي لا يقدس العقل والعلم معا ..!!! مما يعكس جهل المشرفين على هذا الموقع بالدين الإسلامي ..!!! بل ويتهكم الموقع ـ إلى أبعد الحدود ـ على مفهوم الإعجاز العلمي في القرآن المجيد ..!!! وكان التوقع من المشرفين على هذا الموقع ، إذا كانوا يتسموا بالعقل والعلم والموضوعية في الخطاب ، أن يدرسوا الدين الإسلامي قبل التورط في الهجوم عليه . ومن المؤكد ، بعد قيامهم بهذه الدراسة ، سوف يتنهوا إلى القول : " بأن الدين الإسلامي هو المدخل نحو عالم يقدس العقل والعلم .. ومكارم الأخلاق معا " .. وبهذا يصبح الإسلام هو المدخل الوحيد نحو الإيمان العاقل وليس إلى الإلحاد .. ولكن جهل المشرفين على الموقع بالدين الإسلامي والعلم معا .. هو الذي دفعهم إلى الإلحاد .. والقول بعكس هذا ..!!!

وبكل أسف أن جميع ما جاء في موقع : " شبكة الملحدين العرب " ، وفي المواقع المماثلة ، هو حكم مسبق على الدين الإسلامي بدون علم ، ولا يتسم حكمهم بالحياد والموضوعية .. حيث لا يعتمدوا إلى دراسة متكاملة ومحايدة عن الدين الإسلامي تبين صدق دعواهم ، بل يأتي دائما الحكم بجهل غريب عن الدين الإسلامي . والمشاهد من خطابهم أنهم يقومون بتصدير مشاكل الديانتين اليهودية والمسيحية مع العقل والعلم ( كما سنرى ذلك في الفقرة التالية ) إلى الدين الإسلامي .. حيث لا علاقة للإسلام بهذه المشاكل . ولهذا يقومون بإقحام هذه المشاكل في الدين الإسلامي بعيدا تماما عن النص القرآني والسنة الصحيحة ..!!!

ويمكن إيجاز السمات المشتركة في كل كتابات هؤلاء الملحدين ومن ماثلهم .. في الآتي :

أولا : غياب معنى الغايات من الخلق تماما في كل كتاباتهم ، بمعنى الجهل بوجود غايات من خلق الإنسان .. كأحد أنواع الخلائق ( المكلفة ) لدى الخالق العظيم .. سبحانه وتعالى ..

ثانيا : الجهل بوجود الفطرة أو الغريزة الدينية بمعناها الشامل ، والتي تشمل : الدوافع الذاتية لممارسة العبادة / الإدراك الفطري بوجود الله (  ) / إدراك الأبدية ، بمعنى إدراك استمرارية حياة الإنسان / الخوف من الموت ، والتي تعني الاعتقاد الضمني باستمرارية الحياة فيما بعد الموت / .. إلى آخره . وسنعود لتفاصيل هذه المعاني في بحوث لاحقة إن شاء الله .

ثالثا : الاحتجاج على صفات الذات الإلهية ، ورغبتهم في تعريف هذه الصفات من منظورهم الشخصي .. متناسين بذلك تماما الغايات من الخلق ..!!! وهم بهذا السلوك يكونوا كالموظف الصغير الذي يعمل في إحدى الشركات العملاقة التي تضم ملايين العاملين ، ويتمرد هذا الموظف الصغير على قوانين الشركة ، بحكم قصور فكره .. وجهله بسياسة صاحب الشركة ، بل ويرغب في تغيير سياستها وأهدافها لمجرد أنها لا تتفق وهواه الشخصي ..!!! لهذا ينبه المولى (  ) رسوله الكريم (  ) .. وكل من يسلك طريق الدعوة بقوله تعالى ..

 فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)
( القرآن المجيد : القصص {28} : 50 )

ولهذا يصف المولى (  ) مثل هؤلاء القوم ـ أي من يتخذ إلهه هواه ـ بأنهم أضل من الماشية .. كما جاء في قوله تعالى ..

 أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) 
( القرآن المجيد : الفرقان {25} : 43 - )

وكما نرى .. فقد ربط الإيمان ـ في هذه الآية الكريمة ـ بالسمع ثم العقل والتعقل .. ورفضهم لهذا المعنى يدرجهم في مصاف الماشية التي لا عقل لها ..!!!

رابعا : رفض الحوار على الإطلاق .. والهروب من المواجهة .. لعلمهم ـ يقينا ـ بضعف الحجة لديهم .. وغالبا ما يكونوا جهلة تما ما بالمعنى العريض للكلمة .. فكل حججهم واهية .. وغالبا ما تكون تافهة وسطحية إلى درجة تدعوا للدهشة وتعكس ثقافة بسيطة وضحلة للغاية .

وأذكر على سبيل المثال ؛ أحد ( كُتَّاب !!! ) هذه المواقع : كريم عامر ( واسمه الحقيقي : عبد الكريم نبيل سليمان ) .. هو عبارة عن طالب فاشل باعترافه ..!!! طالب فشل في دراسته .. وتم رفده من كلية العلوم بعد السنة الأولى من دراسته في قسم البيولوجي ..!!! من مواليد سنة 1984 م ، أي أن عمره الآن ( سنة 2007 ) حوالي 23 سنة . ولا أدري أي علم يمكن أن يتوقع من كتابات هذا الشاب المراهق الجاهل ..!!! ولكن تلقفته هذه المواقع .. لا لشيء سوى أنه شن هجوماً بشعاً على الإسلام والمسلمين ونبى الإسلام .. فى مقالته " حقيقة الإسلام " حيث لم يدع أى صفة وضيعة إلا ولصقها بالمسلمين .. فهو يقول عنهم :

[ بأنهم في قمة الهمجية والوحشية واللصوصية واللاإنسانية .. فلا تحكمهم أية معايير أخلاقية فى تعاملهم مع الغير .. فهم حشرات سامة .. وهم الرعاع وأياديهم قذرة نجسة .. وسلوكياتهم فى غاية الوقاحة والإجرام والبشاعة ـ على الرغم من انتمائه لهم ـ .. فهم أصبحوا وبالاً على الإنسانية وأصبح وجودهم يهدد المجتمع الإنساني ويزعزع استقراره .. وأن أفعالهم لم تخرج قيد أنملة عن التعاليم الإسلامية فى صورتها الأصلية ..!!! ]

وبهذه المقالة أصبح هذا الـ " كريم عامر " مراسلا ـ أيضا ـ لموقع " الأقباط المتحدون " ..!!! فهذه هي نوعية كُتَّاب الملحدين .. وطبيعة كتاباتهم ..!!!

ويوجد مثال آخر ؛ يتبناه الموقع الخاص بكتب الإلحاد ومنها كتاب : " نقد الفكر الديني " ، للدكتور صادق جلال العظم . وهو كتاب يتنقل من جهل إلى جهل آخر برشاقة غريبة ، ولا يكاد يخلوا سطرا واحدا ـ من هذا الكتاب ـ بدون خطأ فادح ، حتى أن نقد الكتاب يستلزم إعادة كتابة الكتاب مرة أخرى ونقده سطرا بسطر ..!!! ومن مظاهر تخبط هذا الكاتب ، نجده يرفض الفكر العلمي في الدين الإسلامي ، وعندما يسوق الأدلة على ذلك يضرب المثل بعلاقة العلم بالديانة المسيحية .. وليس بعلاقة العلم بالدين الإسلامي ..!!! وحكمه في هذا التناول هو حكم من ذهبت الخمر بعقله ..!!! فالكاتب ـ في عرضه ـ لا يفرق بين الديانة المسيحية .. والدين الإسلامي .. مما يعكس جهله الفاضح بالدين بالإسلامي .. وربما جهله الواضح بالديانتين معا ..!!! وسنعود لنقد هذه المعاني بتفصيل في كتابات تالية متخصصة ( إن شاء الله ) .. لنبين مدى تخبط هؤلاء القوم وضياعهم العلمي والفكري .. بل والعقلي أيضا .. أما ـ الآن ـ فسنكتفي بعرض موقف المسيحية من العلم في إيجاز شديد ..

• موقف المسيحية من العقل والعلم ..

والآن ما هو موقف المسيحية من العقل والعلم ..؟!!! في الواقع ؛ إذا أخذنا في الاعتبار الخرافات والوثنيات الفكرية الواردة في الكتاب المقدس [ يمكن مراجعة الردين السابقين ] ؛ فلابد وأن يكون موقف " الكتاب المقدس " أو الديانة المسيحية من العلم والعلماء .. هو دعوة صريحة لإلغاء العقل والعلم واعتناق الجهل والترويج له .. كما ولابد وأن تكون الحكمة ـ من منظور الكتاب المقدس ـ هي فى الجهل واللاعقل أيضا ، كما يقول بهذا بولس الرسول ( أو بمعنى أدق : بولس الحواري ) [ http://www.truth-4u.com ] مؤسس الديانة المسيحية :

[ (18) .. إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم فى هذا الدهر فليصر جاهلا لكي يصير حكيما ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس {3} : 18 )

هكذا صراحة : الحكمة فى الجهل ..!!! كما يقول النص بهذا . وليس هذا فحسب ، فحكمة هذا العالم هى جهالة عند الله ، كما ينبغي أن يؤخذ الحكماء بمكرهم :

[ (19) لأن حكمة هذا العالم هى جهالة عند الله ( is foolishness with God ) لأنه مكتوب أخذ الحكماء بمكرهم ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس {3} : 19 )

فكما نرى ؛ إن حكمة هذا العالم هى حماقة ( أو غباء ) عند " إله المسيحية " .. كما هو واضح من النص الإنجليزي ( نسخة الملك جيمس ) ..!!! وبديهي ؛ نسيَ " إله المسيحية " أنه هو خالق هذه الحكمة وواضعها في الإنسان ..!!!

و يقرر " إله المسيحية " ـ كذلك ـ فى النص السابق بأن الحكماء هم قوم ماكرون لا يؤمن جانبهم ، لذلك ينبغي أخذهم بمكرهم ..!! . وليس هذا فحسب بل يقرر الكتاب المقدس ـ أيضا ـ بأن أفكار الحكماء باطلة على نحو عام ، كما يقول :

[ (20) وأيضا الرب يعلم أفكار الحكماء أنها باطلة ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس {3} : 20 )

ومن هذا المنظور ، بديهي ، لا يقع اختيار الإله إلا على الجهلة أيضا من البشر ..!!!

[ (27) بل اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء ... ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس {1} : 27 )

هكذا بمنتهى الصراحة ، يختار " الله " الجهلاء ليخزي الحكماء .. والقيام بالتبليغ عنه ..!!! فإله المسيحية ـ كما نرى ـ ثار ثورة عارمة على الحكماء .. وعلى كل من يفهم ..!!! بل ويختار طريق المعرفة إليه بالحماقة .. وحماقة المبشرين .. كما صرح بهذا إلى بولس الرسول ..

[ (19) لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء (20) أين الحكيم . أين الكاتب . أين مباحث هذا الدهر . ألم يُجَهّل الله حكمة هذا العالم (21) لأنه إذ كان العالم فى حكمةِ اللهِ لم يَعْرفِ اللهَ بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة : by the foolishness of preaching ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس {1} : 19 )

وكما نرى من هذا النص ؛ أن " إله المسيحية " سيبيد حكمة الحكماء ، كما يرفض فهم الفهماء . كما وإنه استحسن تخليص المؤمنين بجهالة الكرازة ( أى بجهالة التبشير ) ، وهو ما يعنى جهل الوعاظ والمبشرين . ويأتي هذا المعنى فى الكتاب المقدس ، نسخة الملك جيمس بمعنى : بحماقة التبشير ( by the foolishness of preaching ) ، أى بحماقة الوعاظ والمبشرين كما هو مبين باللغة الإنجليزية المناظرة عن الكتاب المقدس نسخة الملك جيمس .

والمتأمل فى هذه النصوص يستطيع أن يرى بوضوح أن ثورة " إله المسيحية " على الحكماء ـ كما يقرر هذا بولس الرسول كاتب هذه الرسالات ـ هو نتيجة عدم قبول الحكماء لمثل هذا الدين وما يأتي به من خرافات ، ولهذا يقع اختيار " الإله " على الجهلاء فقط ، لأنهم الفئة الوحيدة التي يمكن أن تقبل بمثل هذه الخرافات والوثنيات الفكرية فى الدين .

وهكذا ؛ نرى الندّية فى هذه النصوص بين " إله المسيحية " وبين الحكماء ..!!! وبديهي ؛ لا يمكن أن يأتي فكر الندّية من " الفكر الإلهي المطلق " ، لأنه هو مصدر الحكمة وخالقها ، وليس هذا فحسب ، بل " هو " خالق الإنسان ذاته وحكمته .

وفي المقابل تمثل الحكمة فى الفكر اإسلامي .. ذروة سنام الخير للبشرية ، كما جاء فى قوله تعالى :

 يُؤتى الحِكمَـةَ مَن يَشاءُ وَمَن يُؤتَ الـحِكْمَةَ فقد أوتـِىَ خَيرًا كَثيرًا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أولوا الألبابِ (269) 
( القرآن المجيد : البقرة {2} : 269 )

و " أولوا الألباب " : هم ذووا الفكر العالي أو الفكر المتقدم . وكلنا يعلم أن " الحكمة " هى : " أمثل أو أفضل قرار أو حكم : Optimum Decision or Judgment " المبنى على العلم والخبرة .

ومن الأمور البديهية نجد أن فكر الندية لا يأتي إلا من فكر بشرى منافس ، هو ـ فى الواقع ـ فكر بولس الرسول كاتب هذه النصوص .. وهو الذي كان يعترف بغبائه صراحة .. كما جاء هذا في نصه المقدس التالي ..!!!

[ (11) قد صرت غبيا وأنا افتخر . أنتم ألزمتموني لأنه كان ينبغي أن أُمدح منكم إذ لم انقص شيئا عن فائقي الرسل وإن كنت لست شيئا . ]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 12 : 11 )

وربما الترجمة الحديثة لهذا النص أكثر وضوحا وتعبيرا عن معنى غبائه ..

[ (11) ها قد صرت غبيا ! ولكن أنتم أجبرتموني ! فقد كان يجب أن تمدحوني أنتم ، لأني لست متخلفا في شيء عن أولئك الرسل المتفوقين ، وإن كنت لا شيء ]
( الكتاب المقدس ـ كتاب الحياة : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 12 : 11 )

فكما نرى ؛ أن بولس يعترف بغبائه صراحة .. ومع ذلك يحـاول كسب إطـراء ومديح الناس [ .. فقد كان يجب أن تمدحوني .. ] . وليس هذا فحسب .. بل يتكلم بولس أحيانا كمختل العقل عندما يحاول أن يبين أنه أهم وأفضل خدام المسيح .. لأنه احتمل الكثير ..

[ (22) أهم عبرانيون فأنا أيضا . أهم إسرائيليون فأنا أيضا . أهم نسل إبراهيم فأنا أيضا (23) أهم خدام المسيح . أقول كمختل العقل . فأنا أفضل . في الأتعاب أكثر . في الضربات أوفر . في السجون أكثر . في الميتات مرارا كثيرة .]
( الكتاب المقدس : رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 11 : 23 )

ولا يصح القول أن بولس اضطر إلى أن يقول هذا لأن الناس تشككت في رسالته كما يقول بهذا البابا شنودة الثالث ( بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ) ..!!! ففي جميع الأحـوال لا يصح للرسول أن يتكلم كمختل العقل .. فكيف تثق الناس في من يتكلم كمختل العقل ..؟!!! ( ولمزيد من التفاصيل أنظر : مقالات بولس الرسول على موقع الكاتب : http://www.truth-4u.com ) .

ولا يقتصر رفض الديانة المسيحية ( العهدين معا ) للعقل والعلم معا .. بل يتفق منظور العهد القديم ( الديانة اليهودية ) مع ما ورد ذكره في العهد الجديد أيضا . فأعمال الحكماء ( من منظور الديانة اليهودية ) تتساوى فى القدر مع أعمال المخادعين وحماقات العرافين . وبذلك يصنف الكتاب المقدس ـ أو إله المسيحية واليهودية معا ـ الحكماء .. بأنهم فى نفس مستوى المخادعين والعرافين ، ولذلك فهو يرجع الحكماء بحكمتهم إلى الوراء ، ويجهل معرفتهم ..

[ (25) مبطل آيـات المخادعين ومحمق العرافين . مرجع الحكماء إلى الوراء ومجهل معرفتهم ]
( الكتاب المقدس : إشعياء {44} : 25 )

وبعد هذه العجالة شديدة الإيجاز عن العلم والحكمة والحكماء فى الكتاب المقدس ، فإننا نؤكد على أن المبرر الوحيد لقبول الكنيسة لكل هذه الخرافات والأساطير وجعلها جزئية من إيمانها بالدين .. لا تخرج عن ما سبق ذكره في الكتاب الأول من سلسلة ( حوار الأديان أمام القضاء العالمي ) . وننتهي من هذه العجالة إلى أن : الجهل هو أساس الإيمان المسيحي واليهودي معا ..!!! وربما كان الدافع الأساسي وراء الاعتقاد في الجهل في الديانة المسيحية .. هو أن " إله المسيحية " ـ نفسه ـ عبارة عن " خروف مذبوح له سبعة قرون .. " كما جاء ذلك على لسان القديس يوحنا الرائي .. في الكتاب المقدس ..!!!

[ (5) ... خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبعُ أعين هى سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض ]
( الكتاب المقدس : رؤيا يوحنا اللاهوتي {5} : 6 )

وليس في هذا تجني أو اذدراء .. بل هي نصوص قطعية تفصح عن نفسها كما رأينا .. ولمزيد من التفاصيل يمكن للقارئ الرجوع إلى سلسلة الكاتب : " حوار الأديان أمام القضاء العالمي " .

• وأخيرا موقف اليهودية من العقل والعلم ..

وفي إيجاز شديد ننتقل الآن إلى الفكر اليهودي عن العلم .. ولكن سنطرح القضية بطريقة مخالفة قليلا ، حيث سنعرض لأساطير " الإله " ـ البعيدة كل البعد عن العقل والعلم ـ كما يأتي بها التلمود . والتلمود هو الكتاب الأهم بين الكتب اليهودية . وهو مستودع التراث اليهودي كله سواء التاريخي أو الجغرافي أو السياسي أو الأدبي . ويحتوي التلمود على " التوراة " وهي أسفار موسى الخمسة من الكتاب المقدس .. وهو القسم الرئيسي أو القسم التأسيسي للتلمود ، ثم يأتي بعد ذلك : " المشناة : Mishnah " وهي تعليق على التوراة وشرح لها . ومن بعد المشناة تأتي : " الجمارا : Gemarah " وهي هوامش وتعليقات على المشناة . ثم ظهر بعد ذلك شروحات وتعليقات وأطروحات صغيرة سميت : " توسيفوث : Tosephoth " ضمت إليه . وينقسم التلمود بشكل عام إلى ستة أجزاء تتناول جميع نـواحي الحيـاة اليهوديـة من القضايـا الخطيرة .. إلى التسلية والترفيه . ويضم التلمود بين دفتيه التراث اليهودي كله . ويقدم لنا " التلمود " رؤية أسطورية في غاية من الغرابة عن الإله .. نذكر منها ما يلي :

أولا : ورد في التلمود أن الله يقضي ساعات النهار الإثنى عشر على النحو التالي :

1. الساعات الثلاث الأولى : يطالع فيها الإله الشريعة . وكما هو معروف أن الشريعة هي توراة موسى التي أنزلها الإله على موسى من قبل . وبهذا المعنى فإن الإله يدرس ما سبق وأن أرسله من قبل ..!!!
2. الساعات الثلاث الثانية : يحكم الإله فيها البشرية .
3. الساعات الثلاث الثالثة : يطعم الإله العالم .
4. الساعات الثلاث الرابعة : يجلس الإله ليلعب مع الحوت ملك الأسماك ..!!!

ويعلق الحاخام : " مناحم " قائلا أن الله لا شغل له خلال الليل سوى تعلم التلمود مع الملائكة وأسمودية ( ملك الشياطين ) وذلك في مدرسة السماء .. حيث يصعد إليها ( أسمودية ) كل ليلة للدراسة .. ثم يهبط بعد الدراسة إلى الأرض في الصباح ( ليضل البشر ) ..!!!

ثانيا : ندم الله كثيرا على سماحه بخراب أورشليم واحتراق الهيكل .. فصار يبكي ويزأر طوال الليل ( بديهي الليل الأرضي ) مثل الأسد ..!!! وصار من وقتها يشغل فقط أربع سماوات ( وهو ما يعنى انطواء الإله على نفسه ) بعد أن كان يشغل كل مساحة السماوات والأرض في جميع الأزمان .

ثالثا : ندم ـ الإله ـ على تركه اليهود في حالة تعاسة .. حتى أنه يلطم ويبكي كل يوم .. فتسقط من عينيه دمعتان في البحر ، فيسمع دويهما من أقصى الدنيا إلى أقصاها .. فتضطرب المياه وترتجف الأرض فتحصل الزلازل ( وهو ما يعني تفسير الظواهر الطبيعية بالأسطورة والخرافة ) ..!!!

رابعا : ندم ـ الإله ـ على أنه غضب على بني إسرائيل وحرمهم من الأبدية . ولكنه لم ينفذ قسمه الذي أقسمه لأنه شعر أنه قسم خاطئ .

خامسا : سمع أحد العقلاء من اليهود .. أن الله يطلب من يحله من اليمين الخاطئة التي حلفها فلم يحله من هذا اليمين .. فاعتبر الحاخامات ـ ذلك الرجل ـ حمارا لأنه لم يحل الله . ومن ثم فقد وضع الحاخامات : " ملكا " بين السماء والأرض يدعى : " مي " ليحلل الله من كل يمين ونذر عند اللزوم .. عندما يخطيء ويتراجع عن قسمه ..!!!

سادسا : عندما يسمع الله مديح أولاده له ، يطرق برأسه متأسفا وهو يقول : ما أسعد الملك الذي يمتدح ويبجل وهو مستحق لذلك . ولكن لا يستحق شيئا من المدح .. الآب الذي يترك أولاده في الشقاء .

سابعا : عاتب القمر الله لأنه خلقه أصغر من الشمس .. فاعترف الله بخطئه وطلب من الناس أن يقدموا عنه ( أي عن الله ) ذبيحة تكفير .

ثامنا : ويقول التلمود أيضا .. أن الله هو الذي وضع في البشر الطبيعة الفاسدة .. لذلك فهم غير مسئولين عن الخطايا التي تصدر عنهم .. مثل خطية داود مع امرأة أوريا الحثي [35] ..!!

والآن ؛ بعد استعراضنا لهذه الأساطير غير الواعية والخرافات .. الإله يلعب ويلهو مع الحوت .. يبكي ويولول .. يدرس مع الشيطان ما يكتبه اليهود من أساطير ..!!! فهل يمكن أن يكون في اليهودية عقلا أو علما ( ومن هذا المنظور لا يقبل رجال الدين اليهودي ـ وكذلك رجال الدين المسيحي ـ حوارا حول هذه المعاني ..!!! )

• الخاتمة ..

وننتهي من هذا البحث أن الإسلام العظيم قد رفع من شأن العلم والعلماء بشكل غير مسبوق أو ملحوق في التاريخ الإنساني ، كما رفع من قدر العقل وجعله دليل الإيمان والتكليف والمسئولية الإنسانية حتى يصبح الإنسان هو المسئول عن قدره وتحديد مكانه في بانوراما الوجود ، بينما نجد في المقابل أن الجهل والتغييب العقلي .. والأسطورة غير الواعية والخرافة هي السمة الأساسية لكل من الديانة المسيحية والديانة اليهودية معا ..!!! أما لماذا إيمان الشعوب بها .. فهذا ما سوف نعرض له ـ في بحث آخر إن شاء الله تعالى ـ لنظريتي الإحلال والاحتواء .. التي تشرح أسباب اعتقاد البشرية في الديانات الوثنية والخرافية معا ..!!!

 وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (109) 
( القرآن المجيد : آل عمران {3} : 109 )



#محمد_الحسيني_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 2/5
- الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 1/5


المزيد.....




- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحسيني إسماعيل - الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 3/5