أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الخالدي - العولمة














المزيد.....

العولمة


محمد الخالدي

الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 11:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ماذا نريد أن نُعَوْلِم ؟ سؤال مركزي و ضروري إذا أردنا أن نفهم العولمة كما هي بعيدا عن كل شعار خادع، سواء كان منافحا عنها أو رافضا لها.
غالبا ما تقدم العولمة باعتبارها ذلك الإطار الذي تتوحد فيه الكيانات الوطنية و القومية و الدينية من اجل خلق مجتمع عالمي تنصهر فيه كل الاختلافات، و يمكن تقديم العولمة أيضا كآلية لهذا التوحد.
فبدلا من الحديث عن اقتصاديات سيتم الكلام عن الاقتصاد العالمي الذي ينبغي أن ينخرط فيه الجميع، و لا حياة خارجه، لكن ما هو الاقتصاد النموذج الذي ينبغي له أن يسود العالم ؟ ما خصائصه ؟ من هم المستفيدين منه ؟
إن الاقتصاد المطلوب هو الاقتصاد الرأسمالي بكل بنياته و آلياته و اكراهاته ، و بكل ما يمثله من قيم استهلاكية تراهن على الربح فقط باعتباره قيمة القيم.
حتى الثقافات ينبغي أن تزول بصيغة الجمع، حتى تتم السيادة للثقافة العالمية الإنسانية، ويُقصد بها الثقافة الاستهلاكية التي لا تنظر إلى الإنسان إلا باعتباره أداة و شيئا في خدمة الرأسمال ينبغي استغلاله، بل و استنزاف كل قدراته مادية كانت أو معنوية، و بهذا المعنى فهي مرتبطة عضويا بنموذج الاقتصاد الرأسمالي المراد له أن يسود.
وما قلناه عن الثقافة و الاقتصاد يمس أنظمة الحكم و ربما بدرجة أكبر، باعتبارها الأدوات المؤسسية التي تسهر على فرض الرؤى و الاختيارات في كل مجالات الحياة المجتمعية، وهذا ما يفسر العداء السافر للولايات المتحدة الأمريكية لأنظمة الحكم الوطنية الرافضة لهيمنة الرأسمال و تحكمه في مصير شعوب العالم (الموقف من نظام تشافيز الوطني في فينزويلا نموذجا).
إن العولمة بهذا المعنى، الذي يعني سيادة نموذج سياسي و اقتصادي و ثقافي قائم على تشييء الإنسان و استغلاله خدمة للرأسمال العالمي العابر للقارات ،لا يمكن إلا أن يلقى الرفض من قطاعات واسعة من أبناء هذا العالم، هذا الرفض الذي بدأ في الدول الرأسمالية قبل غيرها، و ما ذلك إلا لأن مواطني هذه المجتمعات أكثر معرفة و معايشة لنموذج الحياة الرأسمالية ، مما جعلهم أكثر وعيا و إدراكا للخطر الذي يتهدد الوجود الإنساني، بل وجود الحياة على الأرض ، إذا تم النجاح لهذا النموذج الذي لا وجود فيه لأية قيمة عليا فكل شيء يحقق الربح مباح ، فيُستباح تبعا لذلك الإنسان و الطبيعة على السواء.
إن رفض الكثيرين للعولمة الرأسمالية لم يأت من فراغ ، و لكن من وعي عميق بالنتائج المأساوية لهيمنة هذا النموذج ، هذه الهيمنة التي ستشكل ضربة كاسرة لكل الإنجازات التي حققها الإنسان من الحرية و العدالة و الانتصار للإنسان و الانحياز له.
إن العولمة ليست مرفوضة لذاتها ، فأغلب الأديان و المذاهب، وإن اختلفت ألوانها و تباينت أشكالها، تختزن في جانب منها ذالك البعد العولمي، بمعنى السعي نحو العالمية.
فكل مسلم يريد لدينه أن يسود العالم ، و المسيحي يتمنى لو أن المسيحية أصبحت الدين المتبع في كل أرجاء الدنيا ، و الشيوعي يحلم بالمجتمع الشيوعي يسود العالم.
إن كل صاحب رسالة أو فكر و رؤية يرغب في أن تسود رؤيته العالم، لكن السؤال لمصلحة من ؟ و كيف؟
أن سيادة النموذج الرأسمالي في نسخته الجديدة المسكونة بالتفرد و الانتصار النهائي ، هو انتصار لرؤية قائمة على تشييء الإنسان و تسليعه و جعله مجرد أداة لتحقيق أكثر تراكم للأرباح ، و بكل الوسائل نظيفة كانت أم قذرة.
فعلى المستوى العالمي بدأ التراجع عن كثير من الحقوق الاجتماعية بل و حتى السياسية(مثلا : القوانين التي تشرع مرونة عقود الشغل ،قوانين مكافحة الإرهاب)
إن الرأسمالي لم يعد يخاف من بديل يتهدد وجوده (بعد سقوط النموذج الاشتراكي السوفياتي ) ،أما اليد العاملة فأصبحت تعبر القارات مثلها مثل المواد الأولية و رؤوس الأموال ، فإمكانيات الضغط التقليدية أصبحت شبه معدومة في نظر الرأسماليين ، خصوصا بعد تغيير ملامح الطبقة العاملة و جعلها كائنا هلاميا نتيجة تعقد عملية الإنتاج الرأسمالي، فأصبح من الصعب تحديد طبيعة العلاقات الاستغلالية ، و بدرجة أصعب الوعي بها و السعي لتغييرها أو على الأقل رفضها.
هذه التراجعات وهذا التكالب على الفئات المسحوقة و المهمشة بدأ و نحن
في بداية الهيمنة و التفرد، لكن إذا كتبت لهذا النموذج السيادة الكاملة، فليس ببعيد أن تصبح هذه التراجعات شاملة ، و يصبح التكالب أكثر وحشية.
إن علاقة السيد-العبد المقننة و المبهمة اليوم ستصبح واضحة و جلية فيتحول بالفعل كل من لا يملك رأسمالاً يمكنه من الانخراط بقوة في دوامة الإنتاج الرأسمالي إلى عبد في صورة أجير، و ربما تحول إلى رتبة أقل من مرتبة العبد القديم الذي عرفته المجتمعات العبودية التقليدية ( كان السيد يضمن الأكل و الملبس و السكن للعبد مقابل خدمته له )
من الخطأ الاعتقاد بأن للرأسمالية التواقة للتفرد و الهيمنة حتى بالحروب و تمزيق وحدة الأوطان ( العراق، أفغانستان، لبنان ….) دين أو فكر أو قيم إنسانية تريد لها أن تسود.
إن الأديان و الأفكار و القيم تتحول، في منظومة الإنتاج الرأسمالي، إلى مجرد سلع أو أدوات لترويج السلع، فالرأسمال هو الإله المعبود الذي لا يقبل بغير الربح قربانا، هذا الربح الذي ينبغي ضمانه حتى بالحروب و المجاعات و نشر الأمراض الوبائية.
ليس ثمة من ثقافة مهددة في وجودها لوحدها، و لا وجود لدين مهدد في وجوده لوحده فكل الأديان وكل الثقافات، بكل ما تمثله، مهددة إما للزوال و إما لتتحول إلى أدوات تخدم الأوضاع السائدة، و ربما تصبح سلعا يُتكسب من ورائها.
إن الإنسان عندما يصبح مهددا في وجوده كإنسان، بألف ولام العهد، تصبح معه كل القيم مهددة في وجودها.
عندما نقتل الإنسان و نغتاله، نغتال معه كل القيم، و حينئذ يمكننا أن نتحدث عن أي شيء إلا عن مجتمع إنساني، و ويمكن ربما أن نتحدث عن أي كائن إلا عن الإنسان.
لكن ما هو البديل ؟
إن البديل هو عالم ينتصر للإنسان و ينحاز، و طبعا ستختلف الأشكال المقترحة تبعا لتجارب الشعوب و خصوصياتها، وحتما ستنتعش في ظله كل القيم السامية و النبيلة.



#محمد_الخالدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع السني-الشيعي...إلى متى؟
- حكاية شهيدة - إلى روح الشهيدة سعيدة المنبهي-
- الشباب المغربي: بين الواقع المرير و الآمال المنزعة من أفواه ...


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الخالدي - العولمة