أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - هل من يحرض على الطائفية والقتل هو من القتلة أيضاً؟















المزيد.....

هل من يحرض على الطائفية والقتل هو من القتلة أيضاً؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان الطائفي السياسي في بلادي يخجل من أن يُعرف بأنه أو يتهم بكونه مصاب بمرض الطائفية السياسية, إذ أنهخا كانت بمثابة شتيمة كبيرة توجه للفرد لا يقبلها الإنسان العراقي لنفسه. وكان الطائفيون يمارسونها سراً ويبثون سمومها, ولكنهم كانوا مرفوضين والطائفية بذاتها مرفوضة. وحين كانت تمارسها حكومات العهد الملكي, كانت تلك الحكومات هي الأخرى مرفوضة من الناس في بلادي, سواء أكانوا من أتباع المذهب الشيعي أم السني. وكان الاحترام لأتباع الأديان الأخرى حالة طبيعية بين الناس في ما عدا ما كانت تحرض عليه الحكومات في عهود سالفة أو بعض الجماعات الدينية والسياسية الشوفينية. رجال الدين من الطائفتين ما كانوا يجرأون التحدث بلغة طائفية لا لخشية من حكم, بل لأن الإنسان العراقي كان يلفظهم ولا يرى فيهم وفي طائفيتهم سوى إساءة للوطن ووحدة الشعب. كان البعض من أئمة المساجد من الشيعة والسنة متلبسين بالطائفية السياسية ويمارسونها بصيغ مختلفة, ولكنهم كانوا قلة, في حين كانت الغالبية العظمى ترفضها.
تعززت حالة الاعتراف المتبادل والتسامح وعدم الإحساس بالطائفية بعد سقوط النظام الملكي ونهوض النظام الجمهوري, حيث أصبحت الطائفية بعيدة عن تفكير الغالبية العظمى من الناس, إذ أن الثورة قد أوجدت مناخاً إيجابياً يعزز وحدة الناس وخلقت موضوعات أكثر أهمية وأكثر فائدة ل|لإنسان من الانشغال بالأمور الطائفية. ولكن سرعان ما تغير الحال حين بدأ الصراع السياسي وتدخلت المناخات غير الديمقراطية, ومن ثم عندما جاء البعثيون أولاً والقيوميون الشوفينيون والطائفيون ثانياً, حيث مورست في عهد عبد السلام محمد عارف على أوسع نطاق ودون حياء بل بصلاقفة مقيتة. وفيما بعد تفاقمت هذه الحالة السلبية في عهد الدكتاتور المقبور صدام حسين. وفي مقابل ممارسة الطائفية من جانب الحكم, انتعشت بعض الأحزاب الدينية الشيعية لتواجه الطائفية السنية بطائفية شيعية. وهكذا بدأ الطائفيون يمهدون الطريق لصراع طائفي. إلا أنه كان صراعاً بين السلطة التي كانت في غالبيتها سنية وبين المعارضة التي كانت متنوعة ولكن غالبية الأحزاب الإسلامية السياسية المشاركة في مناهضة النظام الدكتاتوري كانت من الأوساط الشيعية. ومع سقوط النظام بدأت الطائفية تلعب دورها المحزن, حيث شعر بعض الأوساط الدينية القريبة النخبة الحاكمة السنية أنه فقد الحكم, في حين تصورت النخبة المعارضة الشيعية أنها انتصرت ووصلت الآن إلى الحكم وعليها قطف ثمار ذلك. ولكن هذه الثمار كانت ولا تزال مرة ومحرمة, إنها ثمار الفرقة والموت والخراب, إذ حالما تسود الطائفية في بلد ما, سرعان ما يدمر ذلك البلد ويموت الناس ضحايا رخيصة لتلك الطائفية القاتلة والمقيتة. وها هو الشعب العراقي يجمي ثمار هذه الطائفية السياسية القاتلة التي تقودها مجموعة من الأحزاب السياسية الإسلامية الطائفية التي لا تفكر إلا بالكسب الطائفي على حساب المواطن والمواطنة والوطن. وتشارك فيه قوى إرهابية أخرى ذات وجهة تكفيرية تعمل على الصيد الدولي وتركز نشاطها الآن في العراق.
الطائفية السياسية مرض عضال يمكن أن يسيطر على فكر الفرد أو الجماعة أو المجتمع. ويقود في مثل هذه الحالة إلى دمار وخراب وموت, وإلى بلد تنعق فيه الغربان لتلتهم لحم ضحايا الفتنة الطائفية. ما كان في مقدور الطائفية أن تنتشر وبهذا الشكل لولا وجود أئمة ورجال دين وأحزاب سياسية طائفية, ولولا وجود قنوات تلفزة عربية وغير عربية ومحطات إذاعة وصحافة تبشر بالطائفية السياسية وتدعو لها في الليل والنهار وتعبئ الناس حولها. وهي المعاناة التي يواجهها المجتمع العراقي حالياًُ, ويمكن أن تسود الحالة في بلدان أخرى في المنطقة إن تواصلت في العراق طويلاً.
الطائفية السياسية ليست مرضاً عضالاً حسب, بل هي جريمة بشعة أيضاً ترتكب ضد حرية الإنسان وحقوقه المشروعة وضد التضامن والإخاء والوفاق والتعايش الوطني.
الطائفية هوية الجهلة والمتخلفين والمعاقين فكرياً وسياسياً, هوية المحرومين من الثقافة والواقعين تحت تأثير بعض رجال الدين ولكنهم من غير دين ولا ذمة أو ضمير, لهذا فهم يسمحون للفتنة أن تشتعل بين أهل السنة وأهل الشيعة, وأقطاب الحكم يتفرجون على الحالة غير العقلانية التي كانت سائدة في البلاد.

استمعت قبل يومين إلى خطاب ديني مصور قدمت جانباً منه وإحدة أو أكثر من الفضائيات العربية. كان الخطاب الديني لأحد شيوخ قطر والجزيرة وأحد أعضاء جماعة "الأخوان المسلمين", إنه الشيخ يوسف القرضاوي. كان الخطاب تحريضاً وقحاً وعدوانياً لحرب مدمرة بين الشيعة والسنة, ومحاول جر الكرد إلى هذا الصراع المذهبي. فهو يطالب المسلمين الكرد بالتدخل لإيقاف القتال بين الشيعة والسنة وأن لم يتوقفوا فعليهم أن يساعدوا الشيعة في محاربة السنة, لأن الشيعة هم الذي يطاردون السنة ويهجرونهم ويقتلونهم. لقد اثارني هذا الخطاب لسبب أساسي واحد هو أن هذا الرجل قد دأب على التحريض الطائفي عبر قناة الجزيرة على امتداد السنوات المنصرمة وهو لا يزال يمارس هذه المهنة التحريضية التي لا تقود إلى صراع فكري وسياسي فحسب, بل وإلى قتال بين الشيعة والسنة وليس في العراق فحسب, بل وفي أنحاء أخرى من العالم حيثما وجد شيعة وسنة. إن القتلة يا شيخ يوسف هم من الشيعة والسنة في آن واحد, أنمهم يستمعون إلى أمثالك وأمثال رجال الدين شيعة فتتأجج الطائفية السياسية وتلتهب الأحقاد ويبدأ الموت يخطف بنات وأبناء العراق وأطفالهم. الشيخ ضاري سكت طويلاً, بل أصيب بالخرس عندما كانت القاعدة واتلزرقاوي يقتلون الناس في العراق وفي كل مكان, سواء أكانوا من الشيعة أو السنة, لأنهم يشكلون الجزء المتطرف من الأخوان المسلمين, هذا التنظيم الدولي الفاعل حالياً في أغلب الدول العربية والإسلامية.
لا يختلف المتلبس بالطائفية, سواء أكان شيعياًُ أم سنياً, فكلاهما من طينة سيئة واحدة, فهما لا يحترمان كرامة الإنسان وحريته وحقه في اختيار الدين أو المذهب الذي يراه مناسباً له وينسجم مع تفكيره ويتبنى المعتقدات التي يقتنع بها, إن الطائفية السياسية, وليست المذهبية العاقلة, هوية قاتلة ومن يرفعها عالياً يدعو إلى الصراع والنزاع المسلح والقتل العمد. هذا ما يحصل الآن في العراق وربما سيحصل في لبنان وفي بلدان عربية وإسلامية أخرى.
أدرك جيداً بأن الطائفيين السياسيين يقبعون في الطائفتين ويمارسون العمل السياسي التهييجي ضد بعضهما, ولكن الضحية الفعلية يبقى الإنسان المؤمن بمذهبه وغير المتزمت بل يعترف بحق كل إنسان بتبني المذهب الذي يرتأيه.
أتمنى على المؤمنين العراقيين والعرب من السنة والشيعة أن يرفعوا صوت الاحتجاج ضد ممارسة الطائفية السياسية أو الداعين والمحرضين لها, اتمنى على الناس أن يعوا المخاطر الجدية الكتامنة وراء ممارسة اتلطائفية عليهم بالذات, فمن لم تشسمله اليوم ستشمله غداً أو بعد غد, ولن ينجو منها أي إنسان عاقل, إذ أن الطائفيين ضد العقل والعقلانية وضد الفكر الحر.
أواخر كانون الثاني/ يناير 2007



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور حامد فضل الله وبعض بؤساء الفكر والصحافة في السودان
- هل من جديد في جعبة الشيخ يوسف القرضاوي؟
- !كرستان والإشكالية التركية
- !حوار مع السيد شنتاف حول العقدة الشيعية
- الإرهابيون يعيشون بيننا, فهل سنعي مهمتنا إزاء هؤلاء القتلة؟
- هل من جديد في السياسة الإيرانية إزاء العراق؟
- هل من بديل عن التعاون والتحالف بين القوى الديمقراطية في العر ...
- التيار الصدري وميليشيا جيش المهدي ... إلى أين؟
- هل سينجح المالكي في مواجهة التحديات الطائفية السياسية؟ الحلق ...
- هل سينجح المالكي في مواجهة التحديات الطائفية السياسية؟
- هل من علاقة ذهنية بين الدكتاتور ألقذافي والدكتاتور المقبور ص ...
- الطغاة ... لا يولدون في بلادي طغاةً ...!
- مات الدكتاتور ... فهل ستموت لدكتاتورية في بلادنا؟
- كيف يفترض أن يدار الحوار في إطار قوى اليسار العراق؟
- ما المهمات التي تستهدفها المصالحة الوطنية؟
- لو كانت زمرة صدام حسين البعثية جادة لقدمت اعتذاراً إلى من غد ...
- هل أن العلمانيين ملحدون حقاً؟
- هل من إستراتيجية جديدة في السياسة العراقية؟
- تعقيب على تعقيب الأستاذ القاضي زهير كاظم عبود حول مقالي النق ...
- سعيد قزاز وإعادة كتابة التاريخ في العراق!*


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - هل من يحرض على الطائفية والقتل هو من القتلة أيضاً؟