أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصعب فريد حسن - قصة قصيرة- دبكة ودبّيكة وطبّال















المزيد.....

قصة قصيرة- دبكة ودبّيكة وطبّال


مصعب فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سعر المحل خمسة ملايين ليرة سورية , أعمل فيه عشر ساعات يوميا , فيه كل ما يحتاجه الطلاب , والمجتمع , من قرطاسية , وكتب من كل الأنواع ( كتب فلسفة وأدب ودراسات) , وفيه آلة تصوير مستندات , و ألعاب وهدايا , صحف و مجلات . ولكن كم أبيع على مدار اليوم كم قلما وكم ممحاة كم كتابا وكم دفترا ؟ , في الحقيقة , الشيء القليل , الذي لا يسمن ولا يغني من جوع , موجودات المحل قيمتها حوالي مليون ليرة , و بحسابات التجار,هذا المال المجمد يجب أن يكون دخله الشهري مئة ألف ليرة على الأقل , ولكن دخلي لا يتجاوز العشرين ألف ,الآن بعد سنتين من العمل أنا نادم على افتتاح المحل كمكتبة , وبدأت أستثقل الزبائن وطلباتهم , وأشعر إنني أعمل بالمجان.
- عندك جريدة تشرين .
قطع علي أحد الزبائن شرودي .
-لا, خلصت.
(( يعني في الحقيقة أنا قاعد هون ومجمد خمسة مليون ليرة حتى تجي وتشتري جريدة بخمس ليرات , ربحها ليرة سورية واحدة , يلعن أبوك كلب ابن كلب , طبعا ما عندي ))
- طيب الثورة .
- لا والله يا أستاذ كمان خلصت. ((أبوك و أبو الجرايد ))
- شكرا .
-أهلين أستاذ. (( تلحس طي...ي)) .
هكذا طوال اليوم تتكلم بلسانين لسانك المسموع ولسانك المبلوع , منذ مدة أشار عليّ أحد الأصدقاء , كي أبيع السي دي cd ربما تزداد المبيعات في المكتبة, وفعلا اشتريت كل أنواع الcd , سيديات أغاني وبرامج كمبيوتر و ألعاب , وهذه أيضا لها تعبها وهمها .
- والله ما اشتغل السي دي .
- بيكون الكمبيوتر عندك قديم , أو ذواكره ضعيفة , أو أنت ما عرفت تشغل السي دي , أو..
وغالبا ما يكون السبب فعلا هو ما أقوله للزبون , وعلى كل حال ,أنت لا تستطيع أن تكفل ستة مئة مليون بايت موجود على سي دي واحد , من أجل عيون خمس ليرات كربح ,( أبوكم وأبو السي دي ) طوال الوقت تقاتل نفسك وتقاتل الزبون من وراء ابتسامتك له , هذا إن ابتسمت له , فأنا منذ مدة لاحظت أنني لم أبتسم لزبون .
-عندك أفلام سيكس .
سألني أحد الزبائن مرة , عندما رأى عندي هذه السيديات , التي لا يمكن أن توحي لكثير من الناس حتى الآن إلا بالسيكس.
- عفوا أستاذ هذه مكتبة محترمة ويدخلها الطفل والمرأة وكل أفراد الأسرة , طبعا لا يوجد ما طلبته .
(( والله معك حق , لو أنني أبيع أفلام سيكس كان أشرف وأحسن وأربح لي )) هكذا كنت أفكر حقيقة , أبوكم وأبو الكتب وأبو التجارة كلها .
أغرّب خلف الرزق وهو مشرق وأقسم لو شرقت لراح يغرب.
لم أبع اليوم حتى الآن سوى بخمس مئة ليرة ,كان الملل والقرف من مهنة (المكتبجي ) (كلها عبعضها) قد بلغا أوجهما عندي , وبدأت أفكر منذ الآن ببديل لهذه المهنة , و.....
- عندك سي دي أغاني جبلية لوفيق حبيب , وعلي الديك .
- نعم .
كان شابا في مقتبل العمر.( أبوك وأبو كل المطربين الجبليين والسهليين والنهريين والبحريين والهوائيين ) .
- بيدبّـك .
- عفوا ماذا؟! .
- يعني ... بيدبّكني .
- والله ما بعرف .( والله عال العال , هذا ما كان ينقصني ,يلعن أبوك على أبو الدبكة ) , ولكن يا أستاذ بإمكانك أن تجرب السي دي .
- كيف .
- يعني , كما يجربون القمصان والأحذية , سأشغل السي دي , ونسمعه ونرى إن كان يدبّـك أو لا , (سأذهب في المهزلة إلى النهاية )
- كيفك بالدبكة , خذ اشرب بلعة عرق .
وناولته زجاجة عرق جاهزة للشرب كنت أضعها بجانبي بشكل دائم لأشرب منها بلعة أو بلعتين في أوقات الضجر .
أخذ بلعتان ومقة وقال لي – أنا كنت عم اشرب قبل ما إجي لهون .
- إي صحتين , كفي شربك هون .
وضعت السي دي في جهاز الكمبيوتر وشغّلته , وبدأ وفيق حبيب يصدح بأغنية (دبكة ودبيكة وطبال )
- شو أستاذ كيف الأغنية ؟
- رائعة .
اخذ بلعتين من العرق , وتمايل قليلا ,أخذ بلعة أخرى وازداد تمايلا , فناولته مسبحة على الفور أمسكها بيده وبدأ يدبك ببطء وخجل في البداية ,أخذ بلعة كحول أخرى فازدادت قوة دبكته , (والله العظيم هادا بالضبط ما ينقصني !) أزحت بعض الكراسي وأزحت المكتب قليلا حتى تتوسع دائرة الدبكة ( شو استاذ إنشاء الله أعجبك السي دي ) ومسكت بيده ( يلعن أبو التجارة لأبو الزبائن هادا الزبون اللي بيعبي المخ ) وبدأنا ندبك ( إيـــــيـــــــيــــــــه ) أطلق هذه الصيحة فرحا طربا بعد أن رآني جادا في الدبكة , و يبدو أن ابن القحبة قد تخلص سريعا من خجله و وجله, فرددت عليه وأنا أطير في الهواء وأنزل على الارض كالبهلوان (ست ميت إيـــــيـــــيــــــه) , حميت الدبكة استدار نصف استدارة وهو يلوح بالمسبحة , استدرت استدارة كاملة ونخيت على الأرض ثم قفزت مرة أخرى فاردا يداي في الهواء , اصطدمت بعلب المحايات والبرايات وأقلام الرصاص فسقطوا على الأرض تحت أقدامنا , وأنا انزل على الأرض بالدبكة قلت له ( ولا يهمك ) وهو في الحقيقة لم يكن مهموما بشيء بقدر همه بالدبكة , بدأنا ندبك فوق كل تلك الفوضى , ساحقين كل أنواع البرايات والمحايات , ويبدو أنه , انتبه لمزاجيتي العالية وربما يكون قد سمع أو قرأ زوربا , وظنني شبيها به , وكان وفيق حبيب لا يزال يصدح ( دبكة ودبيكة وطبال ومجوز غنى القرّادة ) مد الزبون المسلطن يده على أحد الرفوف وأسقط رفا كاملا من الأقلام والدفاتر واللزيق والصمغ وعلب الحبر , ( لن تكون أعلى مزاجا مني ) ومددت يدي فأسقطت رفا مماثلا من الدبابيس وشكالات الأوراق , والمحافظ الجلدية , والأهم من كل هذا أسقطت رف كتب الفلسفة بحقد وبفرح ( أبو الكتب على أبو الفلسفة , خللي الناس تقرا ) كل هذا طبعا ونحن ندبك بحمية وطرب وسلطنة , يعطيني زجاجة العرق فاشرب ونحن ندبك وأناوله إياها فيشرب , وهكذا حتى انتهت الأغنية وزجاجة العرق , كنا قد تعبنا حقا من مجهود الدبكة هذا, والعرق يتصبب منا إلى أسفل مؤخراتنا , هدأ قليلا وهو فرح مبتسم , وأنا أيضا كنت حقا في غاية السعادة وشكرته من أعماقي على هذه الوصلة الفنية ,التي أديناها سوية بتلقائية وعفوية , صاح ( رائع بدي اشتري السي دي لقد أعجبني ) ( طيب ) وأنا فرحت حقا لأن السي دي أعجبه , دفع 25 ليرة سورية وهو يودعني بفرح ويعدني بأن يشتري كل أغانيه الجبلية من عندي , ودعته بفرح أيضا وأنا أضع النقود في الدرج مرددا بصوت عالٍ ( الشغل شغل , والدبكة دبكة ) و ( دبكة ودبيكة وطبال ).



#مصعب_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة - الأنثى والريح
- قصة قصيرة-غياب متدلٍ كأرجوحة
- قصة قصيرة - غياب متدل كأرجوحة
- قصتان قصيرتان جدا-مهنة-تحميلة
- قصة قصيرة - الشيء
- قصة قصيرة -عند مفترق الرموز
- قصة قصيرة - رائحة على شكل قلب
- -قصة قصيرة بعنوان- ذبابة واحدة ويكتمل القرصان


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصعب فريد حسن - قصة قصيرة- دبكة ودبّيكة وطبّال