أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الرزاق عيد - حزب الله بين ولاية الفقيه الإيراني ووصاية الرفيق البعثي 2من 2















المزيد.....


حزب الله بين ولاية الفقيه الإيراني ووصاية الرفيق البعثي 2من 2


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 1810 - 2007 / 1 / 29 - 12:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


القومي–الإلهي / الأمة–الطائفة

ما كان الرب الحامي للجولان، سوى رجالات رب (حزب الله) الذي غدا الورقة الوحيدة لتذكير اسرائيل بالجولان مقابل الخدمة الجليلة التي قدمتها المخابرات السورية (غازي كنعان) لتمكين حزب الله في الجنوب على حساب تهميش وازاحة كل القوى الوطنية المقاومة لصالحه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لاحكام السيطرة على لبنان من خلال تأمين حزب الله قاعدة شعبية للنظام السوري داخل النسيج اللبناني عبر القضم التدريجي للبنان الحريات السياسية والثقافية والاعلامية الديموقراطية وتكريس لبنان البعد الواحد. أي ابادة الدلالة الرمزية اللبنانية ممثلة بالثلاثي الصوفي الرباني الكوني والعالمي والانساني (جبران خليل جبران – أمين الريحاني – ميخائيل نعيمة)، لصالح أرواح الله الثيوقراطية والأوتوقراطية من ملالي ايران، وقد كان تتويج ذلك بتلك الاهانة التي وجهها حزب الله وقائده السيد نصرالله للشعب السوري بأن قدم الحزب رمز انتصاره (بندقية المقاومة) هدية لرئيس المخابرات السورية، وتبرع رئيس حزب الله بسوريا هدية لحاكمها (سوريا الأسد)، ليعبر لنا (سيد المقاومة) عن فهمه لسيادة الأوطان وشكل علاقتها بحكامها بصورة: (الأرض وما عليها ملك لسلطان الزمان، فالسلطان ظل الله على الارض، بل هو روح الله كولي لها وعليها، وعلى هذا فالارض – في منظومة النيرفانا السحرية والثيولوجية- ليست سوى جغرافيا حجارة وتراب تذهب وتعود وتمنح وتهدى للرفيق الوصي أو الفقيه الولي، بينما لا يبقى سوى وجه الغمام (الإمام) الذي يلفع الرسالة بلهيبها المقدس، فلتذهب لبنان – كما يقول أحد رجالات حزب الله- ولتبقى رسالة الأمة الاسلامية بقيادة روح الله مرشدها الأعظم الذي لا يتردد – سيد المقاومة- عن تقبيل يده في كل زيارة له لطهران بعد أن رفعه مكانا عليا وغدا وكيلا مرضيا على لبنان الذي سيتحول إلى رمز لكربلاء سرمدي تمارس على أرضه شهوة العدم (شبق التاناتوس)، وذلك بأمر من ولي الفقيه، حيث تتجدد قرابين الدماء الطقسية من رحم تضحياته حتى عودة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وفق اللازمة الشيعيية غبّ كل ذكر للإمام، وذلك تمهيدا لإزالة اسرائيل من دربه على طريق نهاية العالم وقيامة قيامته على يد شيبوب ايران بعد انقلابه الثوري على عنترة العربي .


هذا الغلاف من الهيولا الطقسية كانت تتحقق تحت سمائه سرديات مبتذلة في دنيويتها الخبيثة. إذ سيقوم رجالات الله في لبنان بإنشاء حصان طروادة تحت اسم (مزارع شبعا) لأهداف جليلة في ذرائعيتها الخالية من النبل الوطني الذي لا تعترف به الشمولية الايديولوجية لحزب الله في كل الأحوال، يمكن تلخيصها بنقاط أربع :


أولا، يتيح للحليف الايراني الالهي استثمارا اقليميا هائلا في المنطقة عبر تمويل وتسليح الحزب باسم تحرير مزارع شبعا التي عارضت ايران انسحاب اسرائيل منها لوضعها -مؤقتا- تحت اشراف المم المتحدة، وذلك لصالح البرنامج النووي الذي لا يستهدف اسرائيل قطعيا، لأن ايران–ببساطة- بحاجة لأكثر من نصف قرن لتتكافأ نوويا مع اسرائيل، هذا إذا وقفت اسرائيل على قارعة طريق التاريخ في انتظار ملالي ايران وإمامهم الغائب عجل الله في عودته من غيبته... وعلى هذا فإن البرنامج النووي الايراني –والأمر كذلك- لن يهدد ويخضع أحداً سوانا نحن العرب، وكأنه لا يكفينا الاخضاع والإذلال الاسرائيلي الذي يطمّع حتى ايران بركوبنا ...



كما ويتيح –ثانيا- للشقيق السوري التدخل (القومي) عبرالانشغال بموضوع لبنانية أو سورية المزارع، كتعويض وطني وقومي عن الجولان الذي هو أكبر ليس من شبعا فحسب بل ومن لبنان نفسه.



وثالثا، فإن حصان (شبعا) يتيح لرجالات الله أن يحافظوا على سلاحهم المقدس باسم مقدس الأرض بالإصطلاح الوطني والقومي وليس اللاهوتي لأن المقدس الوحيد وفق الايولوجيا الشمولية الدينية هو قتل أعداء الله عموما، ومقدس آل البيت لدى الشيعة خصوصا، إذ أن وصية المجاهدين في قناة (المنار ) دائما هي دعوة أبنائهم لمحبة آل البيت وليس محبة لبنان على اعتبار أن التضحية والشهادة لا يستحقها إلا آل البيت...!؟



إن مقدس الأرض هو مقدس ظاهري لا قيمة له في عالم مثيولوجيات البرزخ اللاهوتي عن الضحية والقربان والفدية والافتداء، ذلك العالم الذي يرعاه آيات الله الايرانيون (قوميا-الهيا) تحت راية عالمية الاسلام المرسل للناس كافة، وإن كان من المفضل أن يكون الناس كافة تحت راية (الأمة /الطائفة) التي أبدعها الملالي وفق فيض روح الله الخميني، فكانت هذه الأطروحة بمثابة اللغم المؤسس للفتنة التي أطلقتها ايران في العالم العربي والاسلامي التي نعيشها في العراق والتي ندعو الله وآل البيت وأوليائه الصالحين أن يحفظ لبنان وسوريا والعالم العربي من تداعياتها الفظيعة... لقد أدخل الملالي المنطقة في متاهة فكرية وايديولوجية وسياسية تستجيب تماما للتنظيرات التي يؤصلها عتاة اليمين المحافظ والجديد في الغرب وأمريكا في الفكر السياسي العالمي عن صراع الثقافات والهويات والخصوصيات ماقبل القومية والوطنية تأسيسا لدولة العصبيات والانتماءات العضوية، أي دولة (الأمة /الطائفة)، كما تجسدها صورة ايران الدولة اليوم وهي تخوض معركة الأمة باسم الطائفة لتهدد كل الدول الوطنية حولها بما فيها العربية التي حققت ضربا من ضروب حداثة الدولة الوطنية التلقائية الغريزية ما قبل (المواطنية) التي لم ترتق بعد إلى دولة العقل وذلك لأنها لازالت مفخخة داخليا باحتمالات الانفجار إلى دول الطوائف. وهذا ما يفسر ردود فعلها الغريزية نحو ايران التي راحت تشعرها بالخطر على كياناتها أكثر من العدو التاريخي التقليدي اسرائيل. وذلك لأن لإيران أفخاخها الطائفية في الداخل، هذا من جهة، ونظرا لممكنات الاختراق الداخلي في الدائرة الاسلامية من جهة أخرى، أي ممكنات التحول المذهبي داخل الدائرة الاسلامية بين الملل والنحل بينما يستحيل ذلك على مستوى الصراع مع الآخر المسيحي واليهودي دون أن يستدعي ذلك حكم الردة شرعا ..



إن النزعة التبشيرية الشيعية الراديكالية التي يقودها ملالي ايران بصخب في محيطها العربي والاسلامي هي التي تكمن وراء الاستعداد للانتقال بسلاسة شديدة لهذه البلدان من موقع المؤيد المتحمس لحزب الله إلى الموقع العدائي الذي يستبدل عداوة اسرائيل بعداوة ايران، تحت ضغط المفاعيل ذاتها للحروب الصليبية في العصور الوسطى التي قادت إلى فتوى ابن تيمية عن الخطر الشيعي الأشد من خطر الأرمن المسيحيين، وذلك لأن الشيعة من أهل الدار فخطرهم أكبر، مما يسمح للعقل الغريزي الانفعالي السني الموازي والمناظر لغريزية عقل الملالي أن يخلص إلى أن الغرب الاستعماري خلال قرون لم يتمكن من الغاء الهوية الثقافية والدينية للشعوب المستعمَرة، ولا تمكنت اسرائيل من تهويد الفلسطينيين، بينما سدنة هياكل الوهم للعقل الفقهي الشيعي الإيراني جادون حقا باستهداف الهوية السنية تبشيرا وتمويلا لتشييعها طائفيا ومن ثم الحاقها قوميا بالأحلام الامبراطورية العتيقة والغثة لمجوعة من الملتاثين الايرانيين كرئيسهم المسحور. ويقدم لك محاوروك-عندما تتساءل عن جدية حقيقة التشيع في بلد كسوريا- عشرات الأمثلة عن أفراد وجماعات وقرى سورية تتشيع ...



كما يتيح –رابعا- للثعلب الاسرائيلي أن يغدو ذئبا وحملا عند الحاجة: ذئبا باستدراج حزب الله – باسم شبعا – للتحرش بهم ليعيدوا تدمير لبنان كلما تعمر، وحملا وديعا للظهور أمام العالم بأنه الضحية التي طالما تهدده ايران من خلال هذيانات (نجاد) بذبح هذا الحمل، وذلك من خلال أداته حزب الله الذي يتفاجأ –بدوره- بوحشية رد الفعل التدميري على لبنان من قبل جاره الحمل الاسرائيلي الذي يظل-مع ذلك- يثغو شاكيا من عدوانية وارهاب ايران التي تتهدد وتتوعد بتدمير اسرائيل، ذلك الحمل الذي يقوم بتدمير لبنان حقا وفعلا على الأرض وليس بالتنفجات والمعاظلات. بل إن اسرائيل تتشكى-مع ذلك- من ارهاب حزب الله لأنها لم تتمكن من افتراسه كليا. والمفارقة إن أول من يصدق تشكيها وتظلمها هو حزب الله وأمته العربية والإسلامية، عندما يستخدم تشكيها وظلاماتها كوثيقة أو دلالة وحجة على هزيمتها. وعندها سيتمكن شيلوك اليهودي أن يفر بغنائمه وجرائمه مقهقها من سذاجة العرب ومن انتصاراتهم الخلبية، وذلك من أجل ايهام الخصم (حزب الله) بأنه المنتصر بهدف دفعه لمطالبة بني قومه بثمن هذا الانتصار الذي دفعوه دما ودمارا للوطن والانسان !



والمآل دفع الخصم –وهنا حزب الله- للنزول إلى الشوارع للمطالبة بغنائمه السياسية العبثية من شعبه الذي ناصره وطنيا، بل وقبليا كأخ عربي لا يسأل أخاه في النائبات عما فعل برهانا ظالما كان أو مظلوما، ومن الطبيعي أن وعيا مقلوبا في فهم معادلة الانتصار والهزيمة بهذا الشكل الغرائبي لاحل له إلا بصرع الأطروحة للاطروحة المضادة أو العكس، فلا مجال لديالكتيك هيغل الذي ينتج عن صراع الأطروحتين تركيبا نوعيا جديدا في مجتمعات ما قبل عقلانية العقل، وذلك لأن العقل الغريزي لا يحتمل غرائزيا وجود آخر مختلف دون سحقه والتهامه حتى ولو كان يعبده من قبل كآلهة التمر ... لابد للعروبيين والاسلامويين المنتصرين أبدا، الظفرويين بماضيهم المجيد أن يتذكروا بهذه المناسبة كلمة بن غوريون الموجهة إلى جنرالاته المنتشين بالنصر بعد حرب حزيران 1967، بقوله لهم: لاتفرطوا بالثقة بأنفسكم لأن عدوكم الذي انتصرتم عليه كان ضعيفا وهزيلا ومتخلفا ...!



هذه العناصر الأربعة تتشابك وتتضافر لتنتج الكارثة (الانتصارية) لحزب الله. فايران استخدمت سلاحها المقدس لتمتحن فعاليته الإجرائية الحربية عبر الكفاءة العالية لمقاتلي حزب الله ومن ثم نتائجه العسكرية الاستراتيجية على أرض لبنان كساحة لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة، وذلك في سياق مطامحها الاقليمية والنووية التي تصطدم بالغرب والولايات المتحدة، وحزب الله أراد بهذه الحرب أن يسكت الأطراف الوطنية الأخرى عن الاحتفاظ بسلاحه الذي يفترض أنهم شركاء له في الوطن، وذلك بفرضه لهذا السلاح كأمر واقع انطلاقا من حتمية الصراع العسكري المفتوح مع اسرائيل بلا نهاية، طالما أن المسكوت عنه المضمر في ايديولوجيا حرب (حزب الله مع حزب الشيطان) هو القضاء على الشيطان الاسرائيلي، ككيان ودولة، فهي اذن حرب مفتوحه على العدم المطلق !



والنظام السوري ببنيته السياسية والايديولوجية الانقلابية يعتقد أن تغير موازين القوى عسكريا لصالح حليفه (حزب الله) تتيح للأخير أن ينهي انقلابيا هذه التجربة الديموقراطية الوليدة الشئيمة لدى جاريه اللبناني و العراقي، حتى ولو أدت الى الحرب الأهلية. فهو في كلتا الحالتين رابح إن كان في هيمنة حزب الله الانقلابية على لبنان، أو الحرب الأهلية التي تثبت عجز البنانيين عن قيادة أنفسم بأنفسهم بدون مخابرات الأشقاء. وبذلك يكفل العودة كوسيط وبالمآل كوصي، الأمر الذي من شأنه اغراق ملف التحقيق في اغتيال الشهيد رفيق الحريري في الفتنة أو الفوضى ...!



إن هذا التداخل المتشابك المعطيات الذي يقف وراء مغامرة حزب الله الأخيرة في خطف الجنديين الاسرائيلين وفتح باب جهنم على لبنان، هو ما يفسر صلاحية كل القراءات التي قاربت هذه الحرب: بوصفها حربا ايرانية / أمريكية اسرائيلية على أرض لبنان، أو بوصفها حربا سورية لاستعادة ما خسرته من مواقع النفوذ، أو حربا لحزب الله من أجل فرض تسلحه كأمر واقع على اللبنانيين. لكن كل هذه القراءات تستبعد فكرة أن حزب الله خاض مغامرته لحساب المصلحة الوطنية اللبنانية في صراعها الطويل مع اسرائيل، لأن النتائج الكارثية كلها كانت على حساب لبنان اقتصادا وشعبا ومجتمعا بل وأرضا وسيادة. إذ عاد الاسرائيليون لاحتلال أراضي لبنانية، وموازين قوى الحرب التي ترجمت نفسها في القرار 1701 أدت موضوعيا لانتقاص سيادة لبنان بوجود 15 ألف جندي أجنبي على أراضيه بغض النظر عن شرعية هذا الوجود المغطى بشرعية دولية، شرعية الأمم المتحدة، بالإضافة للنتيجة الكارثية الأكبر التي تمخضت عنها هذه الحرب وهي شق المجتمع اللبناني الذي لم يختلف على تثمين انتصارسنة 2000 بل ارتقى حزب الله في الضمير اللبناني والعربي حينها إلى مستوى الأيقونة المقدسة التي يمنع مسها بالسوء حتى لدى خصومها فكريا وسياسيا !



إن المكسب الوحيد الذي حققه حزب الله في مغامرته الأخيرة هو التأكيد على ما أصبح معروفا عن ( مرجلته الالهية) وتضحياته الكربلائية هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجاعة حرب العصابات في مواجهة التفوق العسكري التكنولوجي للجيش النظامي الاسرائيلي .

إن هاتين النتيجتين لم يكن حزب الله مدعوا لاثباتها من جديد بعد أن حققت اجماعا وطنيا في انتصار سنة 2000، فمنذ تلك الفترة لم يثبت حزب الله فقط هذه الحقائق على الأرض ، بل إن المجتمع اللبناني كان قد أثبتها أيضا من قبل خلال تاريخ حروبه مع اسرائيل، مما غدا أمثولة راح يؤسس عليها اسنتاجات سياسية وعسكرية في منتهى الأهمية، وكان أهمها التفسير القائل : بأن دحر الجيش الاسرائيلي يعود إلى مدى استقلالية مؤسسات المجتمع المدني اللبناني عن تغول السلطة المألوف عربيا، أي أنه يعود إلى مدى ما يمتلكه هذا المجتمع من مساحات مستقلة عن الهيمنة الكلية للدولة الشمولية التوليتارية، وهذا ما ميزه عن كل المواجهات الرسمية العربية الأخرى، سيما الشقيق الوصي السوري الذي يمارس صموده التسلطي عبر التصدي اللبناني المجتمعي، نظرا للمكاسب المدنية والحريات السياسية والديموقراطية التي يتمتع بها هذا المجتمع، والتي عجز النظام السوري عن ازدرادها رغم نهشه المؤلم لها، ناهيك عن المجتمع السوري الذي حوله الى أنقاض وخرائب ومقابر منذ الثمانينات حيث لا يستطيع أن يدفع عدوانا أو يحارب عدوا، أو يحمل سلاحا شأنه في ذلك شأن المجتمع والشعب العراقي الذي سقطت بلاده وعاصمته في أيام بعد سلسلة من الهزائم التي ألحقها النظام المقبور بالشعب العراقي العظيم، هذا الشعب الذي يدفع –حتى الآن- اتاوة الحرية غاليا مع مواصلة الأشقاء في النظام العربي حربهم القذرة ضد تطلعه الى الحرية الداخلية التي هي الباب الوحيد للتحرر الخارجي !



إذن لم يكن حزب الله بحاجة للبرهنة على شجاعته وصموده ونجاعة حرب العصابات، فقد برهن على ذلك من قبل، بالاضافة إلى أن نتائج هذه الحرب الكارثية لم تساعده على تبرير شرعية الاحتفاظ بسلاحه، وعلى هذا يغدو من المشروع والمبرر القول: إن هذه الحرب الكابوسية خاضها حزب الله لصالح الحلفاء السوريين والايرانيين، لكن الأولوية كانت للحليف الايراني الداعم بالمال والسلاح، فهو الأحق والأولى في الضرب بعصاه ...



ولذا فإن هذه النصوص في هذا الكتيب تعاور هذه الحرب من خلال الالحاح على هذه الوظيفة الايرانية لتلك الحرب، الأمر الذي من شأنه أن يدفع حزب الله للإقلاع- نهائيا والى الأبد- عن اتهام الأطراف الوطنية الأخرى ( 14 آذار ) بالتبعية للغرب، فاتهامه لهم يغدو –والأمر كذلك – ليس إلا نوعا من الردح السياسي الثرثار، أمام واقع ملموس ومتعيّن لحالة التبعية المالية والعسكرية وبالمآل – وبالضرورة موضوعيا – التبعية السياسية لحزب الله تجاه ايران (العظمى!)!؟.



أما محاولة دفع تهمة المذهبية والطائفية من خلال الهروب للأمام باتهام الآخرين (السنة) بتأجيج الفتنة المذهبية وذلك من خلال خطاب قادة الحزب والخطاب الكئيب والبائس لقناة (المنار) التي لم تجد مثلا أعلى اعلاميا لها سوى الإعلام السوري الذي يجري مقابلاته وحواراته وندواته بصيغة أمنية تقوم على: التحقيق والاستجواب وحيث الجواب بنعم أو لا، اوالايحاء بالجواب من خلال اتمام صيغة السؤال بوصفه النصف الأول من الجواب ....الخ من تقنيات الاستجواب !



نقول إن محاولة دفع التهمة من خلال لصقها بالآخر ما هي إلا أوالية بدائية تلقائية غريزية أيضا يمكن أن نتقراها في علم سلوك الطفل وطريقة استجاباته نحو المحيط حوله، وذلك لأن مذهبية وطائفية حزب الله لا تحتاج لأثبات بل هي تعبير عن بداهة وجوده ومعنى رسالته، وبنية تكوينه الاجتماعي السوسيولوجي والثقافي المذهبي، بل وقواعد السلوك والزي واللباس واللحية والفصاحة المشيخية والترخيم والتلفيظ والفخفخة البلاغية والترنم بالمديح والهجاء وهو ما يسمى عادة بحضارة الوجه، أي شكل الحضور والمظهر الذي يعيش حالة استلاب تجاه نموذج الزي الإيراني الذكوري والأنثوي الأصالوي المهجن بذوق بلدي، بالضد من نموذج الزي الفرنسي الذي من خلاله يظهر جماعة 14 آذار تفوقهم المديني الحداثي الرهيف على التقشف الريفي الغليظ والفظ للأصالوية الشعبوية الايرانية التي تستعير الزي الغربي وتعيد انتاجه أصالويا وقوميا فتشوه الأصل إذ تزيف النسخة وتزورها، بل إن حزب الله هوالحزب الوحيد في لبنان الذي يمتنع عليه تكوينيا أن ينضم إليه عضو غير شيعي في حين يمكن أن ينضم إليه أعضاء ليسوا لبنانيين (الإيرانيين) وحتى يمكن أن يبلغوا سدرة قيادته العليا، بل إن أيةعودة لقناة الكآبة والعزاء والرثاء والناحات والردح والادانات والتجريم والتخوين (المنار )، فإنه من الصعوبة بمكان أن تعرف أنها قناة لبنانية لأنها تبدأ أخبارها الأساسية بأخبار ايران وأنباء آيات الله وتصريحاتهم بل وأخبار الوفيات الايرانية، حيث في الفترة ذاتها التي استشهد فيها الشاب بيير الجميل، وبينما كان الاعلام اللبناني يهتم بأخبار اغتياله والدعوات إلى مراسيم ومواعيد العزاء كانت المنار منهمكة ببث خبروفاة أحد الملالي الايرانيين ومراسم التشييع والعزاء ... بل إن الغربة الطائفية عن لبنان الوطن تمارس كسلوك يومي طقسي، إذ أن وصية كل الشهداء لأهليهم وأبنائهم وهم يودعونهم عند الذهاب إلى القتال، تبثها قناة (المنار) تصويريا، حيث أن المقاتلين جميعا -كما أشرنا- يوصون وصية واحدة ومتكررة وهي (محبة آل البيت ) ولم نسمع توصية واحدة للأبناء يدعونهم فيها إلى (محبة لبنان ) الوطن، وذلك –فيما يبدو - لأن معاناة حزب الله كربلائية وليست معاناة لبنانية، حيث آلامه وقضاياه سماوية وليست أرضية أو وطنية (أرض وتراب وحجارة ) وليست حقوقية بشرية تعاقدية، بل إلهية لأن حزب الله وجد كما وجد محمد وعيسى والقرآن وليس كما يوجد البشر على حد تعبير أحد فصحائه المتقحمين الميامين !


إن الله والتاريخ سيسائل حزب الله و مرجعيته الايرانية عن بدعة الصراعات المذهبية والطائفية التي أيقظوا فتنتها في الثلاثة عقود الأخيرة عربيا واسلاميا من خلال تهوسهم لحمىّ التبشير المذهبي وتصدير ثورتهم الماضوية القروسطية التي تجاوزها الاجتماع السياسي الايراني والعربي منذ التأسيس للشرعية الدستورية في بداية القرن الماضي العشرين : في ايران عبر المشروطة الدستورية للإمام النائيني، وفي العالم العربي عبر المشروع الدستوري للإمام محمد عبده ومدرسته التي مارست الزعامة الثقافية والفكرية عربيا واسلاميا حتى قيام الانقلابات العسكرية في الخمسينات، وفي تركيا عبرالثورة الدستورية المدنية، أي أن الشرعية الدستورية المدنية نهضت في تناظر وتزامن وتواءم في الدول الاسلامية الأكبر (مصر –تركيا –ايران ) مع بدايات القرن العشرين، وإذا كان ثمة نكوص عربي عن الشرعية الدستورية باتجاه الاستبداد، فإن ثمة غرائزية ظلامية ايرانية تريد أن تعمم ظلمتها على منطقة الشرق الأوسط باسم اسلام كهنوتي مذهبي يغلف تعصبا قوميا في خدمة مشروع : الأمة /الطائفة أو الطائفة /الأمة : الطامحة للهيمنة بارادة لاهوتية ترفض العقلانية والنسبية منهجا وممارسة، وتؤوب إلى نزعة رغائبية تحل (الهناك) المفارق الغيبي محل (الهنا) المحايث البشري والزمني والتاريخي، ونتمنى أن لاتقود ايران أحلام (منامات خامنئي) كما فعلت (منامات الخميني )، لأنها سيصدق عندها نبوءات نجاد في أننا على ابواب مجيءالساعة وعودة الإمام الغائب حيث القيامة الآن وللتو ...



#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الله بين ولاية الفقيه الإيراني ووصاية الرفيق البعثي 1 من ...
- قومنة الدين -ثيوقراطيا- في ايران
- المثقف العربي و-وطنية- ولاية ملالي إيران1 من 3
- حزب الله : بين خامنئي وابن جبرين
- هل مآل الحلم القومي العربي اليقظة على كابوس طهران آيات الله ...
- باغتيال سمير قصير اغتيل منبر النهار كمنبر للمثقفين السوريين
- الخطاب الاعلامي السوري - الدعوة إلى حقوق التساوي مع اسرائيل ...
- التوقيع الشفوي: تقرير علني للأمن السياسي
- اليبان الانقلاب - حول بيان الاخوان المسلمين ضد الإساءة إلى ش ...
- هزمهم حيا وهزمهم شهيدا
- اطلقوا الرصاص على ماضيكم الأسود لكي لا يطلق المستقبل عليكم ا ...
- رسالة إلى الأخوة في حزب الله: دعوة إلى المقايضة: هل تبادلون؟
- سوريا : البحث عن دولة ومجتمع ! ؟
- إعلان دمشق : هل يؤسس البديل للنظام السوري المتداعي ؟
- هل يقود البعث السوري البلاد إلى الاحتلال ؟
- النخب السورية.. الديمقراطية وشرط العلمنة
- وزير الإعتام والإظلام
- النخب السورية وترف الاختيار بين الديموقراطية والليبرالية!
- المؤتمر الثامن لحزب البعث واستحقاقات الاصلاح المستحيل
- في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الرزاق عيد - حزب الله بين ولاية الفقيه الإيراني ووصاية الرفيق البعثي 2من 2