أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ناظم الديراوي - العصامية كلثوم عودة؛الغربة واليتم والعلم















المزيد.....

العصامية كلثوم عودة؛الغربة واليتم والعلم


ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)


الحوار المتمدن-العدد: 1809 - 2007 / 1 / 28 - 04:23
المحور: سيرة ذاتية
    



كانت السيدة كلثوم نصر عودة،ابنة الناصرة،في السابعة والعشرين من عمرها عندما توفي عنها زوجها الطبيب إيفان فاسيليف،في آب عام (1919)،تاركاً لها ثلاث بنات:الكبيرة لودميلا(خمس سنوات)والوسطى فاليريا،والصغرى غالينا(ثلاثة شهور).وآنذاك كانت الأسرة تعيش بإقليم بولتافا- أوكرانيا.وهناك أصيب الأب– الطبيب بوباء التيفوس،عندما كان يعالج المرضى،فتوفاه الله في عز الشباب…ويومها كانت رحى الحرب الأهلية الروسية تدور، وكان الوضع العام في روسيا عصيباً للغاية.ورغم هذا،تمكنت العصامية كلثوم من النهوض بالأعباء الثقيلة وصنعت لها ولأطفالها مكانة مرموقة في المجتمع السوفيتي والروسي اليوم.
والمعروف أن السيدة كلثوم عودة زارت روسيا للمرة الأولى عام(1914)،بصحبة زوجها الطبيب إيفان - وعاشت فيها حتى وافتها المنية عام (1965)-لقضاء العطلة الصيفية مع أسرة زوجها،التي تسكن في مدينة كرونشتادت،قرب الشاطئ الشرقي للخليج الفنلندي، وبالقرب من مدينة سانت – بطرسبورغ،وحالت الحرب العالمية الأولى دون عودتهم إلى فلسطين. فالتحق الزوج بالجبهة أما الزوجة – كلثوم – فقد رافقت زوجها، بعد أن تخرجت في دورة تمريض،مُودعةً الطفلة الرضيعة لودميلا(ستة شهور)،عند أهل زوجها.وعملت مع زوجها الطبيب في جبهة القتال سنتين ونصف السنة.عملها في مجال التمريض نفعها بعد وفاة زوجها حيث واصلت العمل في المستشفى المحلي حتى عام(1924)،إضافة إلى أنها كانت مسؤولة دار المطالعة في المنظمة النسائية.
إطعام اليتيم وهموم التعليم
وفي عام(1924)انتقلت السيدة كلثوم إلى مدينة كرونشتادت لتعيش مع أهل زوجها الراحل.وفي لينينغراد التقت بالمستشرق الروسي إغناطيوس كراتشكوفسكي،الذي كان على معرفة بها وبزوجها إيفان فاسيليف،منذ عام(1910)في فلسطين،وعلى الفور دعاها لتدريس مادة اللغة العربية بكلية اللغات الشرقية الحية في لينينغراد،إضافة إلى أنها كانت تعمل مسؤولة عن أحد المراكز الطبية،كي تتمكن من إطعام أطفالها الثلاثة.وفي نفس الوقت كانت تواصل الدراسة للحصول على شهادة جامعية..ورغم مشاغلها الكثيرة كانت تخصص وقتاً كافياً – كما تذكر ابنتها فاليريا–لرعاية وتربية أطفالها وكانت:تحدثنا كثيراً عن بلدتها الناصرة وعن دراستها وحياتها في فلسطين وكانت تعلمنا ما هو حسن:حب الوطن، وضبط التصرفات بقوة..الحقيقة أن والدتي لم تكن لنا أماً وحسب بل كانت صديقاً ومرشداً لنا،معها اقتسمنا كل الأفراح والأحزان في تلك السنوات العصيبة..وتضيف الأستاذة فاليريا إيفانوفنا:في لينينغراد حصلت والدتي على سكن متواضع:غرفة مساحتها(76)متراً مربعاً أعِدنا بناءها لاحقاً وعشنا فيها حتى عام(1987).
وخلال حملة الاعتقالات والتصفيات – في عهد يوسف ستالين– اعتقلت الأستاذة كلثوم عودة عام (1930)لمدة(24) يوماً وتم احتجازها في زنزانة انفرادية.دون أن توجه لها تهمة..وفي آب عام(1937)اعتقلت ثانيةً حتى آذار عام(1938) .واعتقلت للمرة الثالثة بتهمة(عدوة الشعب)في أيلول(1938)وحتى شباط عام(1939)،ولما لم يتم إثبات التهمة أُطلق سراحها..وآنذاك طالت حملة الاعتقالات والتصفيات الجسدية خيرة العلماء والباحثين في أكاديمية العلوم السوفيتية ورجال الدين ونخبة الكتّاب والساسة و المثقفين الروس.
وتذكر المصادر أنه بعد إغلاق معهد اللغات الشرقية الحية في مدينة لينينغراد عام(1938)من قبل السلطات المعنية،انتقلت الأستاذة كلثوم عودة إلى جامعة لينينغراد و واصلت العمل فيها حتى عام(1941)إذ تم إجلاؤها مع أفراد عائلتها إلى قرية في إقليم(آلطاي)الروسي وهناك عملت في التوجيه السياسي والتربية الوطنية لشد أزر المقاتلين في الجبهة. وفي لينينغراد بقت إحدى بناتها تعمل في ظل الحصار الرهيب..
في تلك السنوات واصلت الأستاذة كلثوم عودة و بتكليف من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي ترجمة مؤلفات لينين إلى اللغة العربية،التي بدأتها قبل اشتعال الحرب الوطنية الروسية العظمى عام (1941).
تعليم الدبلوماسيين
وفي عام(1943) دعيت الأستاذة كلثوم عودة لتدريس مادة اللغة العربية وآدابها في معهد الاستشراق (المسكوبي)-كان وقتذاك يقع في مدينة فرغانة بآسيا الوسطى،ويذكر أن المعهد عاد ثانية إلى موسكو في خريف نفس العام- وكان من بين مدرسي مادة اللغة العربية وآدابها في المعهد الأساتذة:أ.أ.خوري، بيضون غراندي ويفغيني بيليايف.وقبل ذلك،في عام (1940) دعي الأستاذ علي ليبيرمان – عربي من يافا – لتوجيه وإدارة الدروس العملية في اللغة العربية.في موسكو واصلت (البروفيسورة عودة التدريس في المدرسة الدبلوماسية العليا التابعة لوزارة الخارجية، إلى حين وافتها المنية عام(1965
وبرز من بين طلبة البروفيسورة عودة علماء ودبلوماسيون وساسة كبار منهم:عثمانوف،بريماكوف،أوشاكوف،رومانتسوف،سولوفيوف،لوتسكايا،بيلكين،شرباتوف،بونياتوف،دوليننا وغيرهم الكثير الكثير.
وللأُستاذة كلثوم عودة قسط كبير في مجال تأليف كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في الاتحاد السوفيتي. وكذلك منتخبات من الأدب العربي الحديث والمعاصر إضافة إلى الأبحاث والدراسات العلمية في ميدان اللغة العربية وآدابها.
في كتابه(الاستعراب في الاتحاد السوفيتي)قال المستشرق غريغوري شرباتوف أن:(المنتخبات الأولية)لكلثوم نصر عودة فاسيليفا،التي صدرت في مدينة لينينغراد عام(1926)،تضمنت إلى جانب الحكايات الموضوعة على لسان الحيوانات،مقاطع من مذكرات الكاتب المصري قاسم أمين(1865-1908)ممثل الأدب العربي الجديد.وكانت هذه المنتخبات مُعدة لطلاب السنة الأولى وتحتوي مجموعة من الكلمات العربية مترجمة إلى اللغة الروسية ومرتبة حسب أحرف الهجاء.ويرى أنها كانت(المنتخبات)تراعي متطلبات طرق التدريس وتتضمن تمارين خاصة لدراسة أحرف الهجاء وللقراءة والترجمة،فقد كانت كتاباً ذا قيمة في دراسة اللغة العربية إلى إن ظهرت أولى الكتب الدراسية لتعليمها.
ثم صدرت،بعد سنتين،منتخبات كبيرة لعودة – فاسيليفا مخصصة للأدب العربي وهي:المنتخبات العصرية لدروس الآداب العربية(1880-1925).وما يميز هذه المنتخبات أنها تناولت لأول مرة بالدرس العلمي أكثر من أربعين مؤلفاً من النثر الفني والأدب الصحافي.وضمت مؤلفات للرعيل الأول من الأدباء العرب البارزين منهم:أديب إسحاق،وجرجي زيدان،وأمين الريحاني،وجبران خليل جبران،وميخائيل نعيمة،ومحمود تيمور...وفي عام(1936)أصدر معهد الاستشراق-لينينغراد(كتاب تعليم اللغة العربية)لكلثوم عودة– فاسيليفا،وكان ذا طباعة حديثة.وأملت من إصداره هدفين؛الأول والأساسي تعليم الطلاب اللغة العربية الفصحى،والثاني اطلاعهم على اللهجة السورية الدارجة.وأضافت المؤلفة إلى كتابها ملحق يحتوي مواد من كتابات الصحف الحديثة ونماذج جديدة من النثر الفني الحديث وهي مقاطع من مؤلفات الأديب أمين الريحاني في وصف الحياة الاجتماعية في الجزيرة العربية.وألحقت في طبعات تالية مقاطع من مؤلفات ممثلي الاتجاهات الحديثة في بعض الأقطار العربية،كطه حسين وتوفيق الحكيم وإبراهيم المازني وذنون أيوب، وتميزت هذه المنتخبات بثراء مادتها الأدبية.
زفاف اليتيمة ومقبرة العظماء
وجدير بالذكر أن العلامة المستشرق إغناطيوس كراتشكوفسكي أحاط السيدة كلثوم عودة وأطفالها اليتامى برعاية وعطف واهتمام جدير بالثناء.هذا ما تؤكده الابنة فاليريا إيفانوفنا:كان إغناطيوس كراتشكوفسكي وزوجته فيرا أليكسييفنا يقدمان لنا العون والنصيحة دائماً.. وكان يزورنا في أعياد الميلاد والفصح حاملاً الهدايا،وأذكر أنه في ليلة زفافي كان بمثابة والدي وراعي حفل الزفاف..وتتذكر الأستاذة فاليريا إيفانوفنا السنوات الأخيرة من حياة والدتها فتقول،في لقاء ودي معها عام 1992: كنت أزورها،في موسكو،باستمرار وكانت تلقبني بـ(الإسعاف).وحتى آخر لحظة من حياتها كنت بقربها وقد توفيت على يدي.. ودفنا والدتي في مقبرة(نوفوديفيتشي) بجانب قوميسار الكريملين مالكوف.
أما الدبلوماسي الروسي،الذي عمل في السفارة السوفيتية في بغداد في ستينات القرن الماضي،فيقول عن أستاذته البروفيسورة كلثوم عودة – فاسيليفا:)كانت إنسانة مبدئية وذات شخصية فريدة.. عادلة لا يمكن أن تساوم على حساب العمل والعلم..علاقتي معها كانت حسنة.. البعض يحبها والبعض الآخر يخشاها.. كانت امرأة صارمة المظهر طيبة القلب وسهلة التعامل..).وعلى الرغم من أن الفلسطينية كلثوم عودة لم تتمكن طوال نصف قرن من زيارة بلدها فلسطين والبلدان العربية الأخرى،إلا أنها كانت ترتبط بالشرق العربي بآلاف الروابط وقدمت الكثير الكثير للآداب والثقافة العربية في الاتحاد السوفييتي، وعملت ما فيه الكفاية لتعريف العالم العربي بأعمال المستشرقين والمستعربين السوفيت.. وتقديراً لهذه الجهود الكبيرة نالت البروفيسورة عودة – فاسيليفا مكانة خالدة في علم الاستعراب السوفيتي والروسي اليوم.وساهمت كثيراً في تقوية أواصر الصداقة والتعاون بين الشعبين العربي والسوفيتي..وعسى أن يواصل المستعربون الروس والعلماء العرب الرسالة الإنسانية النبيلة للمعلمة كلثوم عودة – فاسيليفا…

(في معهد بولتافا نال الأديب ميخائيل نُعيمة تعليمه العالي في الفترة 1905-1911)*



#ناظم_الديراوي (هاشتاغ)       Nazim_Al-Deirawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصوف السياسي وغراء الاحتلال
- صلات حضارية؛رحلات روسية إلى الأراضي المقدسة
- العقيدة الآمريكية؛إرهاب واستبداد
- رايس بلاء العراقيين..!
- الاحتلال فرَّخ الإرهاب والانعزال


المزيد.....




- بآخر تحديث للجيش العراقي.. هذه نتائج انفجارات قاعدة الحشد ال ...
- شاهد اللحظات الأولى لانفجارات ضخمة داخل قاعدة للحشد الشعبي ف ...
- فيدان: زيارة السيسي لتركيا ضمن جدول أعمالنا
- الميكروبات قد تحل ألغاز جرائم قتل غامضة!
- صحة غزة: 4 مجازر خلال 24 ساعة وإجمالي ضحايا الحرب تجاوز 34 أ ...
- الحرمان من النوم قد يقودنا إلى الإصابة بـ-قاتل صامت-
- مكمّل غذائي شائع يمنع الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا
- العثور على -بكتيريا مصاصة للدماء- قاتلة متعطشة لدم الإنسان
- -واتس آب- يحصل على ميزات شبيهة بتلك الموجودة في -تليغرام-
- لجنة التحقيق الروسية تعمل على تحديد هوية جميع المتورطين في م ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ناظم الديراوي - العصامية كلثوم عودة؛الغربة واليتم والعلم