نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1802 - 2007 / 1 / 21 - 12:50
المحور:
المجتمع المدني
لاأدري بكم أشتري دمعة هذا الرجل العجوز التي أطلقها في تقرير رياضي يغطي فوز الفريق العراقي على الفريق القطري في منافسات خليجي ــ 18 على ملعب الشيخ زايد ، حين كان بسنينه السبعين يقف شامخا إلا من دمعته الهاطلة على خديه وهي ترسم السعادة وأشياء لها معاني أخرى لاتهم الفوز وحده ..
الصينيون يقولون : الدموع أوضح الرسائل .
ودمعة هذا المشجع العراقي رسالة واضحة لنا ، هي أعمق وأذكى من تحليل أي سياسي إستراتيجي يلمع بربطة عنقه الملونة في برنامج النقاشات التلفزيونية كل ليلة ، فهي قدر ماتكون واضحة فهي عميقة وقصدها هو أمنيتنا جميعا ، أن نصبح مثل لاعبي المنتخب العراقي وننتصر على هاجس الخوف والطائفية والأرهاب والتشتت المهجري وأشياء اخرى جعلت الوطن متعبا مثل قافلة لاتعرف خط سيرها والى أين المصير ؟
ولا أدري لماذا العراق في عهود كثيرة يحتاج لرسائل الدموع لتفضح سره . ربما يعود الأمر الى رهافة حس الشخصية العراقية وطيبتها ، ويعود أيضا إننا صنعنا مجدنا كله من خلال لغة الدمعة ، فكنا رواد القصيدة والأغنية والأسطورة وملاحم الرثاء وبنادق الحروب.
وهاهي الدمعة في القرن العراقي الحادي والعشرين . القرن الذي أستقبلت فيه بغداد كما تعودت في سابقات العصور إن تستقبل خطوات المحتلين لقدر فرض عليها بسبب طوبغرافية المكان وتكوين النظم الحاكمة والحظ أيضا .
دمعة على مدرج ملعب كرة قدم ، قالت تعابيرها لنا بفلسفة وحكمة ، وعلى الساسة وأصحاب الحل والشد ان يفهموها . فحين يُبكي النصرعيناً ، فإن قصد سقوط الدمعة من المقلتين كبيرا .
أنا ايضا دمعت مع دموع هذا الأنسان البسيط وحملت دموعه بكف التمني أن تحقق السماء حلم قلب دمعته وهي تخفق بالأمل ان نتتصر على كل المعاناة التي نتلقاها في داخل الوطن كل يوم ، وان تعود البلاد موحدة ومساكة خط سير حياتها الى افق جديد ، لاقتل فيه ولامفخخات ولاتهجير .
فالى ذلك العراقي الشهم الذي أسقط دمعته الصادقة على اوراق الشعر والتحليل وبيانات وزارة الدفاع والداخلية وتصريحات الساسة والبرلمانيين ورسائل العشق وقوائم الراتب .
أقول : كم أنت طيب ونزيه أيها الشيخ العراقي الجليل !
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟