أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام يوسف الطاهر - ارض الضوء














المزيد.....

ارض الضوء


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1799 - 2007 / 1 / 18 - 11:16
المحور: الادب والفن
    


توارت الشمس غروبا، فارتدت الارض والشجيرات رداءا شاحبا وهي تستقبل الليل.
كثير مايكشف الظلام ما لم نره تحت ضوء الشمس، فكلما كان الليل حالكا كلما بدت تلك الاشياء اكثر اضاءة. لذا تملكتني الدهشة والخوف حين رأيت تلك الاشعة وكأنها تحاول الاختباء. نظرنا للسائرين بين الحقول الصغيرة، او الحدائق المتراصة المزروعة، فعقدت الدهشة لساني وانا ارى ضوء ازرق يغلف احذيتهم والجزء الاسفل من ارجلهم ويتبعهم حيث يمشون!
صاح احدهم:
- انها اشعاعات نووية!
فتملكنا الفزع، ثم شعرت بالغضب اكثر من شعوري بالخوف.
- هل معقول ان يكونوا قد دفنوا (النفايات الكيمياوية) هنا؟. تساءل احدنا، لااذكر من كان, ربما انا او احد الحظور.
لم اتساءل عن سبب تواجدنا هناك، من نحن؟ كم عددنا؟ قررت ان امشي على الارض المحروثة توا، في احدى الحدائق الصغيرة، على ان ترقبني صديقتي ،التي كانت ترافقني، من بعيد لتؤكد لي رويتها لذلك الاشعاع.. فقد انتابني احساس ما، ان اؤلئك الذين رأيتهم، هم كائنات غريبة، من الفضاء ربما.
صاحت صديقتي مؤكدة رؤيتها ذلك الضياء الازرق، لكني نظرت مليا لقدمي دون جدوى.
سيطر الغضب والحزن علي، فاستنكرت على زميلي مبادرته بتصوير المكان. ثم سار بنا مسرعا نحو البحيرة، وهو مشغول بكامرته الصغير يهمس بانفعال:
"لابد ان ارسل الصور للصحيفة، ستحدث ضجة". تسائلت بصمت الا يجب ان ننقذ الناس اولا؟
البحيرة واسعة وهادئة ليلا ومضيئة بشحوب، ربما بسبب انعكاس النجوم على صفحة الماء ،ولكن اين هي النجوم؟ لم اتوقف كثيرا عند ذلك الاكتشاف المخيف!
لمحت رجلا في وسط البحيرة يطشطش الماء من حوله وهو يصيح بصوت خافت، كنت ارى حركة يديه وشفاهه دون ان يسمع له صوت. لكني فجأة سمعته وكأنه يهمس باذني "انظروا ماذا فعلوا بنا، انقذونا.."
انتبهت لقميصه الابيض الذي تكاد ازراره تتقطع من انتفاخ بطنه، اكثر من انتباهي للخوف البادي على وجهه، الذي كان سببه ان الماء وهو ينثره بيديه يتحول الى اضوية زرقاء تتطاير كشعل من جمرات! لااعرف ما الذي منعني ان اصيح به ليخرج من الماء. ولم اتسائل لم هو باق هناك وكأن شئ ما يشده للمكان!
التفت، لم اجد زميلي! كان قد ترك المكان مبكرا للحاق بالصحيفة، سنين وهو يحلم بموضوع يسجل به سبقا صحفيا، يمنحه شهرة تحقق له امنياته.
انتابني شعور بالخوف وقد لاحظت اختفاء رجل البحيرة ايضا، ركضت صوب امرأة لأسير
معها في طريق العودة الذي صار موحشا. وجدتها تبكي، سألتها وكأني اتمم حوارا سابقا معها
- هل مات؟
هزت رأسها "نعم". وواصلت البكاء.
كنت على يقين انها تعرف الطريق، فانا لم اطأ هذه الارض من قبل. لم اسألها كما هو المفروض، عن هذا المكان ومن كان ذلك الرجل؟
"سأتأخر على امي" هكذا فكرت وانا ارى اسوارا حديدية صدأة ترتفع فجأة لتحيط بنا من كل اتجاه، فيتحول المكان الي متاهة حديدية، لم يخيفني او يزعجني ان المتاهة هذه باسوار حديدية، وليست كما حدائق العالم باسوار من الياسمين او غيرها من الاشجار! بل تضايقت ان الحديد كان صدئا متآكلا!.
سحبتني المرأة من يدي باتجاه باب ضيق وصغير باحد الاسوار تلك مربوط بحبل. اخرجت مقصا من حقيبتي وقطعنا الحبل وركضنا خارج تلك الاسوار، وانا اتسائل لماذا كنت احمل ذلك المقص؟ .

لندن
اكتوبر 2005



#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ..يا أمة ضحكت من جهلها الامم
- الحجاب بين السياسة والتقاليد
- لابد من التخلص من الافعى, لطرد الحاوي
- المكالمة السرية، بين العراب والقائد الشِفيّة
- البعث الصدامي: راس صدام لو راس الوطن
- الحزب الجمهوراطي والدكتاتورية الامريكية
- .... شر البلية
- ما الفرق بين شارون وصدام حسين؟
- هنيئا لاسرائيل بالقاعدة
- الحاضر غرس الماضي
- احلام مشاكسة
- وطنية مدفوعة الثمن
- قصة قصيرة جد
- انما للصبر حدود- نوافذ خاصة على محاكمة صدام
- الاحتجاج الكاركتيري
- متى يكون الجهاد عدوا وأخطر من قوات الاحتلال
- المخرج ليث عبد الامير وأغنية الغائبين
- المسيار، المتعة، العرفي..ثلاث اسماء لمعنى واحد مرفوض
- رامسفيلد وخططه (الذكية) لاشعال حرب اهلية!
- الرجل الذي فقد صوته


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام يوسف الطاهر - ارض الضوء