أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - مات الدكتاتور ... فهل ستموت لدكتاتورية في بلادنا؟















المزيد.....

مات الدكتاتور ... فهل ستموت لدكتاتورية في بلادنا؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 13:52
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مات الدكتاتور .. وهو ليس أول دكتاتور يموت في العراق بطريقة غير طبيعية, بل أن العشرات بل المئات من الحكام العراقيين ماتوا على هذه الشاكلة عبر تاريخه الطويل .. فهل سيكون هذا الحاكم المسؤول عن موت مئات الألوف من الناس الأبرياء آخر دكتاتور حكم العراق وآخر دكتاتور يصدر عليه حكم الإعدام؟ هل ستنفق الدكتاتورية في بلادنا... هل ستنتصر الديمقراطية بموت الدكتاتور؟ هل سيتغير الإنسان العراقي؟ وهل سيتعظ الحكام الجدد في العراق بتجربة الآخرين من المستبدين ويتخلوا السلوكية التي تدفع بهم إلى الاستبداد, المستبد بأمره لا يولد مستبداً, فهل المجتمع والبيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي التي تصنع منه مستبداً؟ هذه الأسئلة وغيرها بذات المضمون دارت في مخيلتي وأنا استمع إلى خبر تنفيذ حكم الإعدام بالطاغية صدام حسين.
لا يمكن لأي إنسان أن يقدم ضمانات في أن العراق سوف لن يشهد طغاة جدد, ما دامت الأرضية أو البيئة الاقتصادية والاجتماعية, وبالتالي السياسية, مؤهلة لإعادة إنتاج هذا النمط من البشر.
دعيت في العام 1995 إلى مدينة هامبورگ بألمانيا لإلقاء محاضرة عن الوضع الإنساني وحقوق الإنسان في العراق في ضوء الكتاب الذي كان قد صدر لي في بيروت من نفس العام تحت عنوان "ساعة الحقيقة: مستقبل العراق بين النظام والمعارضة". وكانت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق/ألمانيا (أومرك) التي كان يترأسها مؤسسها الصديق الدكتور غالب عبد العزيز العاني, هي الجهة الداعية لهذه الندوة. طرحت في هذه الندوة فكرة جوهرية كانت قد وردت في الكتاب المذكور مفادها: "أن فينا, نحن قوى المعارضة العراقية بعض الشيء من سمات صدام حسين", وكان النقاش يمس موضوع الاستبداد والقسوة والدكتاتور صدام حسين وواقع المجتمع العراقي وواقع المعارضة حينذاك.
لم تستفز هذه الفكرة أحداً, بل وجدها الحضور منطقية ومعاشة يومياً في صفوف النظام العراقي من جهة, وفي العلاقات القائمة في ما بين قوى المعارضة وفي داخل كل منها مع قواها الداخلية من جهة أخرى, مع اختلاف جوهري واحد يتجلى في عمق وشمولية وشدة وأساليب وأدوات ممارسة الاستبداد والقسوة هو أن صدام حسين كان في السلطة الفعلية ويمتلك الكثير من القدرة على ممارسة الاستبداد والقسوة والعنف, في حين أن المعارضة كانت ما تزال خارج السلطة وتمارسها في ما بينها من حيث السلوكية والتصرف.
لم أكن حينذاك, ولا في هذا المقال, أرغب في استفزاز أي إنسان عراقي بهذا القول, بل كنت أرغب, وما أزال, في جلب انتباهنا جميعاً إلى أننا نمتلك بعض تلك السمات التي يمكن أن يتحول كل منا بسببها بشكل عام في لحظة ما إلى شخص لا يختلف قطعاً عن أي مستبد في العالم حال امتلاكه السلطة. وعلى عاتقنا, إن كنا نريد العيش في حياة تتسم بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام حقوق القوميات والعدالة الاجتماعية, تقع مسؤولية معالجة ما فينا من سمات ليست ناتجة عن جينات بل هي مكتسبة, وأنها أصبحت منذ سنوات طويلة جداً ذات طبيعة مجتمعية جمعية. وحين أتحدث عن هذه السمات العامة في الفرد العراقي لا أبعد نفسي عن هذه الإشكالية, بل أقصد نفسي أيضاً. وقد حاولت في هذا الكتاب وفي كتاب آخر لي تحت عنوان "الاستبداد والقسوة في العراق" أن أشير بوضوح إلى أن هذه السمات ليست ناشئة عن جينات بعينها موجودة في بنية الإنسان العراقي, بل هي نتاج الحياة المديدة التي تمتد إلى ألاف السنين حيث عاشت مكونات هذا المجتمع في ظل نظم سياسية اجتماعية تميزت بالاستبداد والقسوة, سواء أكان ذلك في العراق القديم أم العراق الإسلامي العربي والعثماني والفارسي وفي ظل الهيمنة البريطانية والحكم الملكي, ثم في ظل النظم القومية البعثية التي حكمت العراق طيلة أربعين عاماً. فعودة سريعة إلى تطور القوانين والشرائع التي عرفها العراق على امتداد التاريخ سيتعرف الإنسان على التحولات السلبية في العقوبات الردعية المؤذية للنفس والجسد أو القاتلة للنفس البشرية إلتي صاغها المشرع العراقي والتي تجلت في مقولة "العين بالعين والسن بالسن", ومن ثم أحكام الموت التي تجاوز عددها العشرات, سواء في ظل "الحاكم بأمر إله الشمس" حمورابي أم الحاكم بأمره صدام حسين. ولا شك في أن هذا التطور قد ارتبط عضوياً بنشوء وتطور التقسيم الاجتماعي للعمل وظهور فائض الإنتاج والملكية الخاصة والبيع والشراء أو التبادل وظهور الرغبة في الاكتناز وتنمية الثروة الخاصة وتطور دويلات المدن ...الخ. لم يكن هذا التطور محصوراً بالعراق, بل يمكن التعرف عليه لدى الغالبية العظمى من الشعوب, ولكن الفارق يبرز في أن عددا مهماً من هذه الشعوب يعيش اليوم في مجتمعات أكثر تقدما في مجال التنوير الديني والاجتماعي والثقافي وأكثر تطوراً في المجال الاقتصادي, أو أنه يشهد مرحلة تاريخية مختلفة عن المرحلة التي يعيش في ظلها المجتمع العراقي ومجموعة غير قليلة من مجتمعات البلدان النامية.
إن التركة التراثية في مجال الاستبداد والعنف والقسوة في العراق ثقيلة جداً وهي تضغط بقوة على تكويننا النفسي والاجتماعي والسياسي وتحدد معالم شخصيتنا التي تتسم في غالب الأحيان بالازدواجية, كما أنها تميز سلوكنا اليومي وعلاقاتنا اليومية المتبادلة. وما تراكم حديثاً على هذه التركة التراثية ثقيل جداً وخاصة في الفترة التي بدأت مع بداية الستينات واستمرت حتى سقوط الدكتاتور.
ولكن هل انتهت هذه السلوكية بسقوط الدكتاتورية البعثية الصدامية البغيضة وبإعدامه أو إعدام مجموعة من الحكام العراقيين الذين عاثوا في العراق فساداً وقتلاً وتخريباً؟ هذا السؤال يجيب عنه الواقع العراقي المعاش حالياً. فالواقع العراقي المعاش يومياً يؤكد بما لا يقبل الشك صواب المقولة السابقة, أي أن فينا نحن العراقيين شيء من سمات صدام حسين, من سلوكه الاستبدادي ومن الاستعداد لممارسة العنف والقسوة, ليس إزاء الآخر, بل في ما بيننا أو إزاء بعضنا الآخر أيضاً. وهي ظاهرة غير محصورة في فرد واحد أو جماعة واحدة أم حزب واحد, بل هي عامة وتمارس يومياً من كل فرد منّا دون أن يحس بها أو يعي وقوعها, فهي جزء من قيم وسلوكية عامة وجمعية تقريباً, ولا يعني ذلك عدم وجود استثناء, بل وجود الاستثناء يؤكد وجود الظاهرة العامة. حتى أولئك الذين يشجبون يومياً الاستبداد والعنف والقسوة يمارسونها يومياً وهم في السلطة أو في البيت أو مع أفراد العائلة أو مع المحيطين به والعاملين معه, دون أن يدرك أنه يمارس ذلك, إذ غالباً ما يحس بها الآخر, ولكن لا يتحدث بها أو لا يشجبها مباشرة وصراحة, بل يكظم غيظه.
إن التربية الذكورية والعنفية وما يطلق عليه بالمرجلة, بكل معانيها السلبية والإيجابية, والتصرف الخشن إزاء المرأة أو مع الأبناء والبنات في البيت أو في الشارع أو في مجال العمل أو في المدرسة من قبل المعلم, ثم التصرف الأبوي المرتبط بالعلاقات الإقطاعية والعشائرية من جانب السلطة وأجهزتها المختلفة والاقتصاد المتخلف والريعي هي من بين أكثر العوامل المسببة لبروز هذه الظواهر في سلوك الإنسان العراقي واستمرار إعادة إنتاج هذه القيم كـ "الاستبداد والعنف والقسوة". ولا شك في أن المستوى التعليمي والثقافي للمجتمع ونوعية التعليم والثقافة وغياب التنوير الاجتماعي والديني, لها دورها البارز في كل ذلك. إنها إشكالية ستبقى ترافقنا ما لم نسع إلى إعادة بناء وتطور الاقتصاد والمجتمع والتخلص من المرحلة الراهنة وإعادة بناء الفرد العراقي في ظل علاقات اقتصادية واجتماعية جديدة وتغيير الكثير من القيم التي ما يزال يتعامل بها ويؤمن بصوابها. وهي عملية معقدة وصعبة وطويلة في آن واحد, بل هي أكثر العمليات صعوبة التي تواجه المجتمع العراق في هذه الفترة ولعدة عقود قادمة. وقيل قديماً إن القيام بثورة هو أسهل بكثير وكثير جداً من تغيير ما في النفس.
كان هدف هذه المقالة تشخيص الظاهرة واستمرار وجودها في العراق حتى الآن وستبقى فاعلة إلى حين يتسنى لنا تغييرها, وعلى عاتقنا جميعاً تقع مسؤولية معالجتها.
أواخر كانون الأول/ديسمبر عام 2006



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يفترض أن يدار الحوار في إطار قوى اليسار العراق؟
- ما المهمات التي تستهدفها المصالحة الوطنية؟
- لو كانت زمرة صدام حسين البعثية جادة لقدمت اعتذاراً إلى من غد ...
- هل أن العلمانيين ملحدون حقاً؟
- هل من إستراتيجية جديدة في السياسة العراقية؟
- تعقيب على تعقيب الأستاذ القاضي زهير كاظم عبود حول مقالي النق ...
- سعيد قزاز وإعادة كتابة التاريخ في العراق!*
- هل انتصرت هستيريا القتل الطائفي السياسي المتبادل في العراق؟
- هل من أمل وطريق لإنقاذ لبنان من حلبة الصراع الإقليمي؟
- العراق وغياب الدولة المؤسسية!
- ما الدور الذي يمارسه الشيخ الضاري في أحداث العراق الراهنة؟
- هل من سياسة جديدة للولايات المتحدة في العراق؟
- هل من علاقة بين التحالف الإيراني- السوري وتدهور الوضع الأمني ...
- هل من جديد في العلاقات العراقية الأوروبية ؟
- أقتلوني ومالك!
- هل بعض حكامنا في العراق هم من القتلة؟
- لجنة دعم الديمقراطية في العراق والمهمات الجديدة
- نعم للحوار والمصالحة, لا للإرهاب والموت اليومي في العراق!
- لكي لا نسمح لعصابات الجريمة السياسية والقتل بالجملة أن تربح ...
- حول الواقع الاقتصادي والاجتماعي الراهن في العراق وبعض مهمات ...


المزيد.....




- تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه ...
- قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر ...
- -تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ ...
- البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا ...
- اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر ...
- -النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة ...
- بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
- الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - مات الدكتاتور ... فهل ستموت لدكتاتورية في بلادنا؟