أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - دولة تعشق الفساد !















المزيد.....

دولة تعشق الفساد !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 13:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا يمكن لأي باحث أن يحصر كم الفساد الهائل الذي استبد بالدولة العراقية ، والذي لم يترك وجها من أوجه الحياة فيها إلا وقد حل فيه ، وصار هو القاعدة التي تتعامل بها هذه الدولة ورعاياها على حد سواء ، وما عداه صار هو الاستثناء ، رغم كل التصريحات التي تصدر من المسؤولين اليوم ، والتي يُراد منها الضحك على عقول الناس في العراق ، وهي ذات التصريحات التي كانت تسمع من المسؤولين في السلطة إبان حكم البعث المباد كذلك .
لقد كان صدام يصرح خلال الحرب التي تواصلت على مدى ثماني سنوات ضد إيران من أن العراق في حربه تلك كان يحارب نيابة عن الأمة العربية ! واليوم ها هو المالكي ، رئيس وزراء الحكومة في العراق ، يعيد نفس ذاك التصريح لكن بتعديل أبشع فيقول : إن العراق يحارب الإرهاب نيابة عن العالم ! وعلى هذا يتساءل العراقيون ، وأنا واحد منهم ، لماذا يحارب العراق بالنيابة دوما ؟ هل العراقيون وحدهم مسؤولون عن هذا العالم الذي يشكل العراق نقطة من بحره المترامي الأطراف ؟
هذا في الجانب السياسي فتعالوا اسمعوا صولاغ ، وزير كل وزارة ! وهو يصرح على هدي من تصريحات أركان البعث المنقرض ، فيقول : إن وزارته ، أي وزارة المالية ، قد أعدت خطة انفجارية لسنة 2007م ، قوامها 41 مليار دولار . أنا نفسي ، ومعي الكثير من العراقيين ، قد سمعوا هذا التعبير الاقتصادي ( خطة انفجارية ) من مسؤولي حكومة البعث وقتها في العراق ، وفي مطلع السبعينيات من القرن المنصرم ، وبعد الارتفاع الكبير لسعر برميل النفط إبان ما سمي وقتها بالفورة النفطية التي أعقبت حرب اكتوبر ، مثلما سماها المصريون بذلك ، فلفظ " الانفجاري " هذا ، رغم عدم علميته ، ليس لفظا صولاغيا ، وإنما هو لفظ ولد في حضن حكم البعث لينسجم مع النهج المستبد الذي كان عليه النظام وقتها ، تماما مثل لفظ : التشظي ، الذي هو وليد ثقافة الحروب التي خاضها صدام ، تلك الحروب التي تشظت فيها القنابل على مدى سنوات كثيرة ، ومن ثم شاعت الكلمة في كتابات الكثير من المثقفين العراقيين بقصد أو بدون قصد .
ويبدو لي أن صولاغا ومن على شاكلته يستعير ثقافة البعث وأساليبه في القول والعمل ، فهو واحد من أولئك الذين عناهم واحد من طلبتي ، واسمه : حسين السراج ، حين سألني ، وأنا عائد ذات صيف الى دمشق ، العاصمة السورية : متى نعود - يا أستاذ - الى العراق ، لقد طال بنا المقام في الغربة ؟
قلت له : أنت تنتظر مجئي ، أنا البعيد عنك ، لتسألني هذا السؤال ، ودونك المئات من مريدي الحسينيات والجوامع في السيدة زينب ! ؟
قال : أنا أعرف جواب هؤلاء ، فهو يقوم على ثلاثة أشياء لا غير ، حفظتهن أنا عن ظهر قلب ، وهن : إن شاء الله ، والله كريم ، والفرج قريب !
وعلى هذا يبدو لي أن صولاغ ، وزير كل وزارة ، لا يملك من الجواب إلا ثلاثية حسين السراج تلك ، ولهذا راح هو يغرف من وشل البعث البائد .
هذا على جانب القول ، أما على جانب العمل فالعراقيون ، خاصة في الجنوب ، يقولون : إن الأحزاب الشيعية الحاكمة اليوم تنهج نهج البعث في التعامل معهم ، ويخصون بذكر من هؤلاء جماعة المجلس الأعلى ، وذلك من خلال تجنيد الناس ليتجسس بعضها على البعض الآخر ، تماما مثلما كان يفعل البعثيون زمن حكمهم ، ويضيف العراقيون هؤلاء كذلك : إن التوظيف في دوائر الدولة أو في المؤسسات العسكرية من شرطة وجيش لا يتم إلا بعد الحصول على تزكية من هذه الأحزاب التي تقوم بإعداد قوائم بأسماء بعض من منتسبيها ، ثم ترفع الى الجهة المسؤولة عن التعين ليتم التصديق على تلك الدرجات الوظيفية ، وعلى هذا فإن المواطنين المستقلين أو من الأحزاب العلمانية ، حتى لو كانوا من الشيعة ، لا نصيب لهم في هذه التعينات ، كما حرم من هذه الوظائف أبناء الديانات والمذاهب الأخرى .
ولعمري أن هذا الأسلوب في العمل درج عليه حزب البعث من قبل ، وحرم العراقيين المعتزين بأفكارهم من فرص عمل هم أحق بها من غيرهم ، أولئك الذين تحصلوا على تلك الفرص من دون وجه حق ، وإنما لدوافع حزبية ضيقة ، بعيدة كل البعد عن الكفاءة والمقدرة في الوظيفة والعمل .
ويستمر عراقيو الجنوب هؤلاء فيقولون : لقد وردت قائمة قبل أيام مصدقة من رئيس الوزراء ، وضمت 550 اسما ، تم تعين أصحابها في جهاز الشرطة ، وبرتب تراوحت بين رائد ، ونقيب ، وملازم ، وتوزعت على منتسبي الأحزاب الشيعية مثل : المجلس الأعلى ، وحزب الدعوة ، تنظيم العراق ، وحركة مجاهدي الثورة الإسلامية القريبة من اطلاعات ، ( جهاز المخابرات الإيرانية ). والغريب في الأمر أن هؤلاء مُنحوا هذه الرتب العسكرية الكبيرة دون أن يدخلوا كليات عسكرية ، أو حتى دورات عسكرية قصيرة ، هذا بالإضافة الى أن البعض منهم لا يحمل حتى شهادة الدراسة المتوسطة التي تسبق دراسة المرحلة الثانوية ، وحين سألت أنا عن سبب ذلك ، قالوا لي : إن صداما حين شكل جيش القدس عمد الى تعين بعض خريجي الجامعات برتب ضابط ( ملازم ) من دون أن يمروا بدراسة في معهد أو كلية عسكرية ، وعلى هذا الأساس فقد سارت هذه الأحزاب على نهج صدام ، وزادت عليه في أنها عينت منتسبيها برتب متقدمة في الشرطة مع أنهم لا يحملون مؤهلا جامعيا ، مثلما كان صدام يفعل ذلك .
الحديث عن الفساد في دولة العراق تحت ظلال المدفع الأمريكي حديث طويل ، ومتشعب ، ولا يمكن لدارس أن يلم به ، وهو في عجالة من أمر ، خاصة في النواحي الاقتصادية ، وفي الهدر الفظيع الذي تتعرض له الثروة العراقية ، وفي الإصرار على تحطيم الإقتصاد الوطني من خلال تدمير الصناعات الوطنية التي أنفق عليها الشعب العراقي الملايين العديدة من الدولارات ، وذلك من خلال جعل السوق العراقية تعج بالبضاعة الرديئة المستوردة ، خاصة تلك البضائع القادمة من الجمهورية الإسلامية في إيران ! التي راحت تغرق بها الأسواق العراقية على رداءة تلك البضائع ، فعراقيو الجنوب يتذكرون كيف تسمم الناس في مدينة العمارة من الشراب الإيراني المسمى : بزمزم كولا ، مثلما يتذكر أهل محافظة الكوت كميات الدجاج الإيراني الفاسدة ، والتي تعرض معها الكثيرون من العسكريين الى التسمم كذلك ، ولكنني أترك كل ذلك ، وأريد الحديث عن آخر مبتكرات هذا الفساد الذي يتشارك فيه بعض العراقيين والإيرانيين على حد سواء.
لقد قرأت تصريحات للدكتور صبحي الجميلي ( من الحزب الشيوعي العراقي ) وكيل وزارة الزراعة العراقية الآن ، تلك التصريحات التي جاء فيها إن وزارة الزراعة : (عمدت الى رفع اسعار الكثير من المحاصيل الزراعية ضمن خطتها لدعم الفلاح، اضافة الى تقديم القروض الميسرة والتي تجاوزت مبلغ الـ9 مليار دينار لكافة الانشطة الزراعية، وان هذه الفعاليات ادت الى تطور ملحوظ في كميات المحاصيل الزراعية خلال الموسم الماضي مقارنة بالموسم الذي سبقه )
هاكم اسمعوا كيف انتفع وكلاء جمهورية إيران الإسلامية ! في العراق من زيادة الأسعار التي تحدث عنها الجميلي ، ومن دون أن يدري أن تلك الزيادة لم ينتفع بها الفلاحون العراقيون ، مثلما قال لي البعض منهم ، وإنما تمت سرقة تلك الزيادة من قبل تجار الجمهورية الإسلامية في إيران ! ومن قبل الدائرين في فلكها من العراقيين ، أما كيف حدث هذا ، فيشرح الفلاحون ذلك على الشاكلة التالية ، فيقولون : لقد رفعت وزارة الزراعة العراقية سعر الطن الواحد من الشلب ( الرز قبل جرشه ) الى 800 ألف دينار للطن الواحد ، أملا في مساعدة الفلاحين في الجنوب ، ولكن وكلاء الجمهورية الإسلامية ! حولوا الزيادة في تلك الأسعار لمصلحتهم ومصلحة شركائهم في إيران ، وذلك عن طريق شرائهم للشلب الإيراني من الفلاحين الإيرانيين بسعر 450 ألف دينار للطن الواحد ، ثم قاموا ببيعه للدولة العراقية على أنه شلب عراقي ، ولفلاحين عراقيين ، وبسعر 800 ألف دينار للطن الواحد ، وفي عملية خداع وغش واضحة ، ، هذا في وقت يباع فيه الطن الواحد من الرز الصافي الفيتنامي أو التايلندي بسعر 500 ألف دينار للطن الواحد ، بينما سيصبح سعر طن الرز الإيراني أكثر من 800 ألف دينار عراقي ، وذلك بعد أن يتم حساب أجرة تحويله من شلب الى رز معد للطهي . وعلى هذا فقد ضاعت أموال الدولة العراقية التي تحدث عنها الدكتور صبحي الجميلي في تصريحه المار الذكر من خلال عملية غش حذقها الإيرانيون وأعوانهم ، ولم يلتفت لها الوكيل ووزارته في دولة صارت كل عين فيها تعشق الفساد .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البكاء على التدخل في الشؤون الداخلية !
- البكاء على التدخل في الشأن الداخلي !
- الموافقة الأمريكية والرغبة الإيرانية قتلتا صداما !
- حصيلة إعدام صدام نبذ الشيعة !
- هل تعدم أمريكا صداما ؟
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد . 8
- 7عرب الأهوار ، الضيف والشاهد
- ( الغزال ( 1
- تقرير جيمس بيكر- هاملتون : الفشل والانسحاب !
- (عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (6
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (5)ه
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(4)ه
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد(3 )ه
- ( عرب الأهوار ، الضيف والشاهد ( 2
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد*
- أطلال الديمقراطية في العراق !
- اقرؤوا هذه المقالة ثانية !
- الشاعر الشيوعي يوسف أتيلا : 4
- الفيدرالية تصعد من وتائر الموت في العراق !
- وأخيرا بصق بوش عليهم !


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - دولة تعشق الفساد !