أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل يعقوب - المحافظون الالمان بين تعثر الاصلاح والحيرة امام مجتمع متعدد الثقافات -عودة الثقافة الرائدة















المزيد.....

المحافظون الالمان بين تعثر الاصلاح والحيرة امام مجتمع متعدد الثقافات -عودة الثقافة الرائدة


نبيل يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نبيل يعقوب

عودة الثقافة الرائدة
المحافظون الالمان بين تعثر الاصلاح والحيرة امام مجتمع متعدد الثقافات

حتى عطلة عيد الميلاد ونهاية العام باجوائها الاحتفالية التي اعتاد الاعلام تقليديا ان يشيع اثناءها جوا من السلام والتفائل لم تخلو من رسائل التحذير التي واصل الاعلام بثها من اخطارأمنية وسياسية وثقافية تحدق بالبلاد بسبب الهجرة. وتمثل قضايا الهجرة والاندماج واستراتيجيات المجتمع للتعامل مع المهاجرين طوال السنوات الماضية موضوعا ساخنا في المانيا يؤثر بشكل كبير على تشكيل الوعي العام وعلى المزاج الانتخابي للمواطنين.

ومنذ قامت الحكومة الالمانية السابقة (ائتلاف الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر) بدءا من سنة 2000 بادخال اصلاحات على قوانين الهجرة والمواطنة تماهيا مع قرارات الاتحاد الاوروبي لم ينقطع هجوم المحافظين واليمين المتطرف على هذه السياسة التي اتهمت بانها تحمل تهديدات امنية واجتماعية وثقافية لالمانيا. وقد تضمنت هذه الاصلاحات تعديل قانون المواطنة فاصبح الحصول على الجنسية الالمانية ممكنا بشروط معينة بالنسبة للاطفال المولودين في المانيا وللمهاجرين الحاصلين على حق الاقامة. وجرى الاعتراف بأن المانيا دولة تقبل الهجرة بعد ان انكرت هذه لحقيقة حكومات المحافظين زمنا طويلا معتبرة المهاجرين "عمالا ضيوف" لن يلبثوا ان يعودوا لاوطانهم.

المانيا في مواجهة الانكماش السكاني

التطور الديموغرافي الحالي في المانيا كما في العديد من دول الاتحاد الاوروبي جعل من استقدام مهاجرين قضية استراتيجية في بسبب الانكماش السكاني الخطير الذي بات يهدد التطور الاقتصادي والاجتماعي. وتتنبأ احصاءات الاتحاد الاوروبي بأن عدد سكان المانيا سيهبط بنحو 30 بالمائة الي 58,8 مليون (من 82 مليون حاليا) ان توقفت الهجرة تماما.
بل تتفق دراسات عديدة في ان المانيا تحتاج سنويا الي 324.000 مهاجر لتحافظ على التوازن السكاني عند مستواه الحالي. ولكن التطور الاقتصادي الذي يتسم بارتفاع معدلات البطالة منح معارضي الاصلاح حججا قوية تدعي ان الاجانب يسلبون الالمان اماكن العمل ويحملون الميزانيات الاجتماعية ما لا تحتمله. ورغم ان من الثابت ان المؤسسات الاقتصادية للمصنفين كأجانب والعمالة الاجنبية تسهمان في تنمية الدخل القومي وتعودان بعائد ايجابي ملحوظ الا ان الدعايات الاكثر رواجا نجحت في نشر الخوف من الاجانب في اوساط شعبية واسعة وزادت من ظاهرة العنصرية.

اختراع الثقافة الرائدة بدلا من تصحيح االسياسات الاقتصادية الاجتماعية

تعكس وسائل الاعلام والحوارات التليفزيونية التي يتابعها ملايين الالمان ملل الشعب من العراك اليومي بين الاحزاب حول الاصلاحات الاجتماعية التي يرى الكثيرون انها لا تستحق اسمها. تحت مسمى الاصلاح اجريت تغييرات واسعة على القوانين المنظمة لمعونة البطالة فقلصتها لاعداد كبيرة من المواطنين. وتقرر رفع سن المعاش الي 67 سنة، والغيت علاوات وتعويضات وتخفيضات ضريبية كان العاملون يستفيدون منها. وتقلصت خدمات التأمين الصحي بالزام المواطنين بتحمل جوانب هامة من تكلفته. ويزداد القلق من تحول نظام الرعاية الصحية الي نظام طبقي يميز بين المشتركين في التأمين الصحي العام وهم الاكثرية الساحقة من السكان والقلة الثرية المشتركة في التأمين الصحي الخاص. الخدمات الاجتماعية والضمان الاجتماعي اللذان مثلا احد اهم اسس دولة الرفاهية او ما يسمي اقتصاديات السوق الاجتماعية يعانيان من التآكل بفعل النهج الحكومي النيوليبرالي. هذا في الوقت الذي تحقق فيه الشركات الكبرى ارباحا هائلة وتدفع ضرائب اقل. السخط والقلق العام من تردي الاوضاع الاجتماعية يدفعان الناس للخوف من المستقبل وتضعف ثقتهم بالحكومة وبالنظام الديمقراطي كما تسجل استطلاعات الرأي.

في ظل الاوضاع المتغيرة الي الاسوأ يسعى المحافظون لايجاد مخرج من مأزق سياساتهم، التي لم يعد الدفاع عنها سهلا، بتقديم صورة للواقع تغير من أوزان المشكلات المجتمعية وتضع في الصدارة منها قضايا الهجرة وبخاصة الاخطار التي يرونها متمثلة في تفكك اللحمة التي تربط المجتمع بسبب تعدد الولاءات والثقافات الغريبة فيه.
وبعد الفشل الذي منوا به منذ سنوات في فرض هذه الرؤية التي لا تعكس الواقع يسعى المحافظون بحذر لاعادة فتح معركة حول مضمون الثقافة بمطالبتهم باعتماد الثقافة الالمانية "ثقافة رائدة" او "ثقافة قائدة" تجاه الثقافات الاخرى في المجتمع. وكان الحزب المسيحي الديمقراطي قد تردد ازاء اعتماد هذا الشعار حتى انه لم يضمنه في وثائق مؤتمره الاخير. ويجد آباء هذا الشعار صعوبة في تعريفه. فبينما تحدثوا في البداية عن "الثقافة الالمانية الرائدة" عادوا وسحبوا منها كلمة "الالمانية" بعد عاصفة من الاحتجاج ومن داخل الحزب نفسه.
وتفسير هذا الشعار حسب تصريحات متكررة من زعماء المحافظين وفي مقدمتهم السيد شتويبر رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي (بافاريا) هو: من يريد ان يعيش هنا عليه ان يلتزم بقواعد اللعبة التي نعتمدها. وعرف المحافظون الثقافة الرائدة على انها الثقافة ذات الجذور المسيحية الغربية. ورغم كل التفسيرات الناعمة لهذا الشعار، فهو يدعوا بوضوح كاف اعتماد ثقافة مهيمنة لا اساس لها في دستور المانيا، ولا في وثائق الاتحاد الاوروبي ومنها مشروع الدستور الاوروبي. اذ تعتمد المانيا نظاما علمانيا ودستورها ينص على حرية ممارسة الشعائر الدينية ويمنع التمييز بسبب الجنس أو الاصل القومي او العنصر او العقيدة أو أو اللغة او المذهب السياسي او الديني.
الحزب الديمقراطي الاجتماعي المشارك في الحكومة الاتحادية واحزاب الخضر واليسار والليبراليين اعلنوا رفضهم لهذا الشعار. وكان مخترع هذا المصطلح وهو د. بسام طيبي، الاستاذ الجامعي الالماني ذو الاصل السوري، قد احتج على اساءة استخدام المصطلح، وقال انه يقصد ثقافة رائدة ترتكز الي قيم التنوير الاوروبي ومنها العلمانية وحقوق الانسان والديمقراطية والحداثة. بسام طيبي اعلن مؤخرا عزمه على ترك المانيا الي امريكا يأسا من حالة الغربة وعدم الاعتراف الني يعاني منها واصفا السياسات المطبقة تجاه المهاجرين في المانيا بانها "ليست سياسات اندماج".

اعتماد ثقافة "رائدة" ملزمة يؤدي بالضرورة الي الانغلاق الثقافي والتمييز ليس فحسب ضد ثقافات الشعوب الاخرى بل والاتجاهات الثقافية المتعددة التي تتعايش في ابلد ذاته. وكان غاندي اطلق حكمة تقول "لا تستطيع ثقافة ان تعيش ان حاولت ان تحصر نفسها في خصوصياتها"

تسعى كتابات المحافظين لاسباغ صفة سلبية على مفهوم التعددية الثقافية، فهي تقود في نظرهم الي مجتمع تعيش فيه كل من الاقليات في عزلة وتقيم مجتمعاتها الموازية. بينما المقصود بالمجتمع متعدد الثقافات الاعتراف بالتعددية الثقافية والحوار والتبادل بين الثفافات، وهو المنهج الوحيد الذي يؤدي لاندماج طوعي ديمقراطي وينعكس اثراء للحياة المجتمعية.
الامر الذي تتفق عليه معظم التيارات الاجتماعية هو ان اساس التعايش والتطور الثقافي يتمثل في الدستور الديمقراطي الذي يكرس الحريات والتعددية ونظام دولة القانون.








#نبيل_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !كرة القدم.. الهوية والعداء للأجانب فى ألمانيا


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل يعقوب - المحافظون الالمان بين تعثر الاصلاح والحيرة امام مجتمع متعدد الثقافات -عودة الثقافة الرائدة