أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مجدي الجزولي - فاطمة أخت البدور















المزيد.....

فاطمة أخت البدور


مجدي الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 11:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


فاتنا في غمرة انشغالنا اللهوج باليومي والعابر من شأن السياسة في بلادنا أن ننتبه انتباهة المعتبر إلى حدث شغل الأوساط التقدمية العربية وبه انتشت في الربع الأخير من العام الماضي، ذلك الذي غادرنا للتو محطاته فاترة الطعم واللون، والحدث أن "مؤسسة ابن رشد للفكر الحر" قد اختارت الرائدة فاطمة أحمد ابراهيم فارسة لعام 2006م فمنحتها جائزتها السنوية، فكان احتفاءاً صادف من تستحقه وتتفوق.
ولعله من نقص المدنية فينا وحكم البداوة تأففنا الزاهد عن شاهد كسب الفرد في تاريخ حياتنا الحديثة، وهو باب لخلق الرموز الوطنية لا بد لنا من ولوجه إذا رغبنا تعزيز مادة الوطن في فطن الناشئة، والاحسان إلى مصدر كل الهام للعمل والفداء العام، أي ذلك الحب العظيم، ذلك الحب الجارف الذي تجرع سابقون لنا من أجله كل مر، وخاضوا كل آسن، وضحوا بكل غال. وهو حب لا ينشأ من وحي التراب والفلوات والجغرافية المحضة، بل من وحي الانسان والحياة التي يصنعها، من وحي خبرة حية يدخرها الوعي ويتمثلها، لا يتخاذل عنها بفعل لدغها وألمها، ولا ينجذب إليها بداع متعتها ونشوتها، إنما يأخذ بها كما هي، منبعاً لرؤى الحب ومورداً، تبرر ذاتها بما هي عليه دون حوجة لقياس. ولربما كان عجزنا ابداع مثل هذا الحب بسبب الضجر، أو السأم، أو التعب، أو الاحباط هو مصدر شقوتنا، ليس بالحب وإنما بنقصه. لكن ما من محب صادق العشق يفتر عن طلب المحبوب. الصادقون سبقوا إلى صدقهم فبه سعدوا، ومن معينه نالوا فأكرموا حبهم عملاً دؤوباًَ، وفعلاً ناجزاً، وعزماً لا يلين. هكذا حب لا يحاكم بما يصل إليه آخر النهاية، إنما بالطريق، فسالكه فائز لا محالة.
من أهل الحب هؤلاء الرائدة التي بها احتفت دوائر التقدمية العربية، وقصرنا نحن في الاحتفاء بها، وفرطنا فقصرنا عن الاحتفاء بالاحتفاء. ولا نلومن إلا أنفسنا إذا خرج إلى دارة السودان من ناشئته من لا يُلقي بالاً لتضحيات سبقت في خيرها يعيش، أو لتاريخ حافل في حاضره يرفل، أو لمثال بارز على نهجه تساق الأمور أو من دروسه يستفاد؛ من لا يرى في الوطن سوى صفة لجواز سفر هامل يُفضِّل أن يهرب منها كما لو كانت الجرب، تلتصق على الأديم شامة قبح، لا شارة زينة وفخار. بالفعل، راكم حكم الاسلاميين في نفوس السودانيين من التعس والظلم والمسغبة ما استقر في أفئدتهم جفوة لذات الوطن حتى كفرت قطاعات منهم بحبه جملة، فماثلت بين السودان وبين حكامه، وجعلت من كل ما هو (وطني) عدواً وشراً مستطيراً شأنه شأن من انقضوا عليه بليل. بل زادوا بتدبيج الإدانة تلو الأخرى لكل كسب أهل الحب هؤلاء وكذلك لشخوصهم، ليس باحسان النقد الذي به نتقدم، وتعيين النقص قصد الكمال، وإنما بتعسف الهدم، حتى صارت سنة فئة من (المثقفين) أن يمتطوا صهوات ألسنتهم بالتجريح والتجديف في سابقات النضال، وفي حاضرات الهمم. الظاهرة تستحق النقاش المنضبط لا شك بتوخي الحذر من التعميم، وبتحسب الأسباب والدواعي، وبالنظر في أصولها، وعواملها، من كل النواحي، الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية السيكولوجية. مستبقين لهذا الجهد، وببعض غمة، ساقتنا الدعابة في جماعة إلى تصنيف المجدفين إلى نوعين إثنين: مناضلي الكؤوس، ومناضلي الكِي بورد، ومنهم من يجمع النعتين!
في أفق آخر أكثر اشراقاً لنا أن نسعد كل السعادة باختيار "مؤسسة ابن رشد للفكر الحر" الرائدة فاطمة أحمد ابراهيم العام الماضي سيدة على السادة والسيدات في سبيل حقوق الانسان. طلبت الرائدة الاعفاء من هذا المقام تواضعاً، وقدمت الاتحاد النسائي والشعب السوداني لشغله بقولها في ختام السيرة الذاتية التي كتبت في هذه المناسبة: :"ليس هنالك قيادي أو رئيس يصنع التاريخ وحده واليد الواحدة لا يمكن ان تصفق مهما بلغت من القوة. وصدق مثلنا الذي يقول (الخيل تجقلب والشكر لحماد)، وأنا حماد. والنصر المؤزر للاتحاد النسائي ولشعبنا العظيم". كذلك كرست الرائدة كلمتها للتعريف بالاتحاد النسائي السوداني وبالمرأة السودانية، فقدمت نبذة عن تاريخ ونشاط الاتحاد، وما حقق من مكتسبات، وما صادف من اخفاقات، ذلك في حفل التكريم الذي أقيم في برلين حيث مقر "مؤسسة ابن رشد" بتاريخ الثامن من ديسمبر 2006م.
في اعلانها عن الجائزة ساقت المؤسسة عدة اعتبارات لاختيار (أم السودانيين) تحت عنوان "دورها الرائد في الحقل السياسي وكفاحها المستمر من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية في وطنها والبلاد العربية". من ذلك أنها صارت بنضالها المستمر منذ ما قبل الاستقلال رمزاً لكفاح المرأة السودانية، والشعب السوداني كافة، ضد حكومات القمع العسكرية. تطرق البيان إلى دور الرائدة المركزي في تأسيس الاتحاد النسائي عام 1952م، وفي اصدار مجلة "صوت المرأة" عام 1955م، ثم قيادتها للاتحاد النسائي والنضال الصلب ضد ديكتاتورية عبود حتى نصر ثورة أكتوبر المجيدة. ثم ما أرست الرائدة في قيادة الاتحاد النسائي وكأول نائبة برلمانية من حقوق للمرأة السودانية. واستمرار كفاحها ضد ديكتاتورية النميري وضد ديكتاتورية الجبهة الاسلامية في الداخل ومن المنفى. ختم البيان ذكر فاطمة بكلمات بهية: "إن الكفاح من أجل حقوق المرأة في السودان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالكفاح من أجل الاستقلال السياسي والحرية وحقوق الانسان بشكل عام. وبهذا يكون عمل فاطمة أحمد ابراهيم وصمودها في وجه الاضطهاد ودفاعها عن حقوق الانسان وسعيها الدؤوب عملاً وطنياً في ظل التحولات الاجتماعية المتغيرة بين التراث والحداثة، والاستبداد والثورة. فاطمة كانت تقتحم وتجازف وتبادر وتطالب دون كلل وبإرادة لا مثيل لها، وتكون بذلك مثلاً أعلى في العالم العربي والاسلامي. ومن أجل هذه الشجاعة تكرم بجائزة ابن رشد."
أما "مؤسسة ابن رشد للفكر الحر" فهي جمعية مستقلة تسعى بحسب الديباجة إلى دعم الفكر الحر والديموقراطية والتنوير والتسامح في العالم العربي، وهي مسجلة في ألمانيا وتقدم جوائز سنوية لمن قام بدور في دعم ونشر الفكر الديموقراطي الحر، والديموقراطية والابداع في العالم العربي. تساند المؤسسة قامات ثقافية وفكرية عربية شامخة منها عزيز العظمة، وأدونيس، وصادق جلال العظم. وقد نال جوائزها عدد من المثقفين العرب، ثاني امرأة بينهم وكعادتها في السبق، الرائدة فاطمة أحمد ابراهيم، منهم: محمود أمين العالم (2001م)، عزمي بشارة (2002م)، محمد أركون (2003م)، صنع الله ابراهيم (2004م)، ونصر حامد أبو زيد (2005م). يتم تجديد تشكيل لجنة الاختيار للجائزة كل سنة، حيث سبق أن شارك فيها ضمن آخرين: هشام شرابي، وبرهان غليون، وفريدة النقاش، وسحر خليفة. أما هذا العام فقد تكونت من الشاعر قاسم حداد، والمحامية الناشطة في مجال حقوق الانسان أسمى خضر، وأستاذة الأدب العربي والدراسات الاسلامية البروفيسورة أنجليكا نويفيرت، ورئيس جمعية حقوق الانسان في سورية الدكتور أحمد فائز الفواز.
ألا هنيئاً لشعبنا بفاطمته، فهي مما يوجب الحمد، وأقله أن نقوم باعادة نشر ما خطه فكرها الثاقب عبر بنانها الثابت: (حصادنا خلال عشرين عاماً)، و(المرأة العربية والتغيير الاجتماعي)، و(حول قضايا الأحوال الشخصية)، و(حول قضايا المرأة العاملة السودانية)، و(آن أوان التغيير ولكن)، و(صرخة داوية لتهز ضمير العالم)، هذا بجانب العدد الضخم من المقالات والأوراق، بالاضافة إلى سيرتها الذاتية، ذلك في سفر واحد جامع يحفظ عهدها الذي به أبرت ويصون حرمة حبها الذي به شغفت. ولها كلمة من حديث العارفين: "هذا الجمال لمن يشاهده".

أول 2007م



#مجدي_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني)-7
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني)-6
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني)-5
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني)-4
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني)-3
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني)-2
- البترول في السودان: مورد وطني أم (مؤتمر وطني) -1
- عنف البادية، وقائع الأيام الأخيرة في حياة عبد الخالق محجوب: ...
- طريق الحزب الشيوعي السوداني إلى برلمان الفترة الانتقالية
- تورم الهويات: اختراع الوطن في ضنك التخلف
- الثورة تنتظر الثوريين-2: كشف الحال والشهيد صديق محجوب منور
- الثورة تنتظر الثوريين: عوج درب السياسة ما بعد اتفاقات السلام
- أيتها السودانيات: يلاّ ننظر شفق الصباح- الأخيرة
- الحياة مَرْتَبَة: في ذكري اغتيال الشهيد محمد عبد السلام
- أيتها السودانيات: يلاّ ننظر شفق الصباح-4
- بابكر بدري وأحفاده: رشد الحداثة وشرودها
- أيتها السودانيات: يلاّ ننظر شفق الصباح - 3
- نقد الاقتصاد السياسي للرأسمالية: مدخل
- حول الاقتصاد السياسي لكرة القدم
- أيتها السودانيات: يلاّ ننظر شفق الصباح -2


المزيد.....




- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مجدي الجزولي - فاطمة أخت البدور