أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - توما حميد - امريكا تقتل صدام على الطريقة الزرقاوية















المزيد.....

امريكا تقتل صدام على الطريقة الزرقاوية


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 11:40
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


اعدم صدام حسين فجر يوم 30 كانون الاول 2006 بايدي المليشيات الشيعية وباوامر من الادارة الامريكية.
مما لاشك فيه ان الاعدام بوصفه عملية قتل متعمدة ومخطط لها عادة من قبل الحكام هو امر شنيع و غير مقبول من قبل البشرية المتمدنة ولكن، بامكان قطبي الارهاب العالميين فقط اعدام الناس بالطريقة التي اعدم بها صدام حسين. ان الفرق بين اعدام صدام والاعدامات التي كان يقوم بها الزرقاوي او المجاميع الارهابية الاخرى تافه جدا. انها مشاهد متشابه الى درجة كبيرة: رجال ملثمون في حالة هستيرية يرددون نفس الشعارات القروسطوية يستمتعون باهانة وقتل ضحيتهم المقيدة اليدين ومن ثم التمثيل بالجثة و نشر مشاهد هذا الطقس البربري على الانترنيت لكي يراها الجميع. الدافع الذي يقف وراء عملية الاعدام هي نفس الاهداف و التقاليد والقيم ونوع المجرمين. الجلادون يظهرون نفس القسوة وعدم الاحترام للانسان والحياة التي يبديها قطبا الارهاب في مناطق مختلفة من العالم. ولكن هذه المرة جاء الاعدام باوامر وتم تحت اشراف الحكومة الامريكية وليس القاعدة.

ان محاكمة واعدام صدام جائت باسم ضحايا نظام صدام وحقوقهم وكرامتهم وتحت مبرر معاقبة قتل ومضطهدي الجماهير وباسم تحقيق العدالة وفرض القانون والقيم الانسانية والكشف عن الحقيقة وانهاء العنف في العراق.

دون شك، كان صدام حسين لمدة 35 سنة على راس نظام يعتبر واحدا من اشرس الدكتاتوريات و اكثرها دموية في التاريخ. ارتكب نظامه جرائم لاتحصى ضد البشرية وقام بتدمير العراق من كل النواحي.

ولكن، لم يكن لاعدام صدام اي علاقة مع الاهداف المعلنة من قبل الاطراف التي اشتركت فيه. ليس لمحاكمة واعدام صدام اي علاقة بجماهير العراق و بتطلعاتهم او مع ضحايا النظام. في الحقيقة كانت اهانة للضحايا ومحاولة لطمس الحقيقة وحرمان الناس من العدالة. لم يكن الاعدام نصرا للقيم الانسانية بل كان نصرا للغطرسة والحقد والمشاعر الطائفية والعنصرية. لقد كان اعدام صدام عدالة قوة برجوازية ارهابية منتصرة. سوف يقوي الارهاب والقتل والجريمة المنظمة والعنف والثأر والقمع. لم يكن للجماهير في العراق اي دور في هذا الاعدام التي اظهر بشكل جلي مرائية الغرب وطبيعة ديمقراطيته.
لقد كان اعدام صدام بالنسبة لامريكا نصرا رخيصا او محاولة للتغطية على فشلها الراهن في العراق في وقت تعجز عن تحقيق اي نصر حقيقي. لقد كانت طريقة لترهيب مخالفي سيساتها في العراق ونظامها العالمي الجديد. قتل صدام لانه تحدى سياسات امريكا واعدامه كان درسا لاصدقاء واعداء امريكا في ان واحد.
بالنسبة للقوى الطائفية التي تجمعت في الحكومة العراقية الكارتونية ايضا كان اعدام صدام نصرا رخيصا، وعملية اخذ بالثأر بدائية وتهدف الى تحقيق نفس الاهداف التي كانت تقف وراء جرائم صدام نفسه اي ارهاب الجماهير والمخالفين وفرض حكمهم.

ان نظام صدام لم يكن الدكتاتورية الوحيدة في عالم اليوم. الكثير من الدكتاتوريين الذي يرتكبون نفس الجرائم ليسوا لايواجهون العدالة فحسب بل هم اصدقاء مقربون من الغرب ودكتاتورياتهم مدعومة من قبل الحكومات الغربية. ان محاكمة عادلة كانت ستكشف جرائم لاتحصر ضد البشرية ارتكبت من قبل نظام صدام ولكن كانت ستفضح العديد من القادة والحكومات في المنطقة والعالم ودورهم في الجرائم التي ارتكبها النظام البعثي. ان المحاكمة والاعدام كانت مرتبة بشكل تمنغ هذا الامر من الحدوث. باعدام صدام قبرت الحقيقة والكثيرمن الاسرار.
هؤلاء الذين امروا ونفذو الاعدام غير مؤهلين للحديث عن العدالة. اذا نسينا كل جرائم امريكا واستعمالها للسلاح الذري وتدخلاتها العسكرية في اكثر من 70 بلدا منذ الحرب العالمية الثانية وتأييدها لاسرائيل والكثير من الدكتاتوريات في العالم وركزنا على العراق فقط، نجد ان هؤلاء الذين امروا ونفذوا الاعدام اياديهم ملطخة بالدم العراقي بقدر تلطخ ايدي صدام ان لم يكن اكثر. لقد شاركوا في حرب الخليج الثانية و الحصار الاقتصادي وبعدها في حرب الخليج الثالثة واحتلال العراق. منذ 2003 شاركوا بقتل اكثر من 650.000 وشردوا الملايين وتسببوا في دمار مادي واجتماعي هائل ودعموا كل انواع الرجعية وفرض تراجع كبير على المجتمع العراقي في كل المجالات. يجب ان لاننسى بان صدام نفسه وصل الى السلطة بمساعدة الحكومة الامريكية وان معظم الجرائم التي اقترفها كانت عندما كان حليفهم ورجلهم المفضل في المنطقة. اذا كان هناك ادنى عدالة في عالم اليوم فان العديد من قادة الغرب وحلفائهم في المنطقة كان ان يحاكموا الى جانب صدام حسين.
ان صدام حسين وكل الدكتاتورين الاخرين هم نتاج النظام الراسمالي لادامة الاستغلال و الظلم الاجتماعي . ان الدكتاتورين المفضوحبن يمكن استبدالهم بدكتاتوريين جدد من قبل هذا النظام. ان محاكمة صدام لايمكن ان تكون محاكمة عادلة بدون ان تكون محاكمة لكل النظام الذي يهيأ الظروف المادية لبروز هكذا دكتاتوريين وارتكاب جرائم ضد البشرية. من جهة اخرى ان الجرائم التي ارتكبت في العراق تحت حكم صدام حسين هي جرائم النظام الذي يمثل حركة سياسية واجتماعية، اي الحركة القومية العربية.
بدلا من ان تكون محاكمة لكل النظام وحركة القومية العربية والنظام البعثي ككل فان محاكمة صدام اختزلت الى محاكمة شخص او مجموعة اشخاص. والادهى من ذلك اقتصرت المحاكمة على جريمة تم اختيارها بشكل دقيق على اساس طائفي وحتى لا يتم احراج الادارة الامريكية والغرب وحلفائهم في المنطقة. لهذا السبب كانت المحاكمة عملية هزيلة ولم يتوفر فيها اي من معايير محاكمة عادلة.
يشير الاعدام ايضا الى درجة عالية من عدم الاتقان في عمل الادارة الامريكية والحكومة الطائفية حتى عندما يتعلق الامر بعمل يقومون به كل يوم، اي القتل. ان مراسيم قتل صدام حصرت من قبل ممثلي الحكومة الطائفية ولكنها تشبه عملية قتل قامت بها عصابة اجرامية وليست حكومة قادرة على حكم 25 عشرين مليون انسان.
لقد اعدم صدام في عشية اعياد السنة الجديدة واليوم الاول من عيد الاسلام ، مثل ما قال احد مسؤولي الحكومة كهدية للجماهير. لقد كانت محاولة لمحاكاة تقليد ديني حيث تذبح الذبائح كقرابيين لله. يعتبرون كل العراقيين زرقاويين ورجال ميلشيات طائفية يلهثون وراء الثأر ويبتهجون بالاعدام ويستمتعون بمشاهدة مشاهد القتل التي تجعل الانسان يشعر بالغثيان و بضيق في الصدر. بعكس توقعاتهم، معظم الناس في العراق وفي العالم ليس لم يقبلوا الاعدام كهدية فحسب بل كانوا مشمئزين من هذه الحادثة الوحشية.
ان طريقة وتوقيت الاعدام تعبر عن غطرسة الادارة الامريكية وعدم احترامها لمشاعر ورأي الناس وعن الفجوة التي تفصل المجاميع الطائفية في العراق عن الجماهير.
كان في نيتهم اظهار صدام كسني جبان قتل الكثير من "الشيعة" الابرياء ولكن النتيجة كانت ان صدام قد حول الى بطل " قومي وسني" تحدى الاحتلال وواجه لحظاته الاخيرة بشجاعة وبكرامة رغم التعليقات الساخرة لمجموعة من المجرميين والحثالة الذين يبحثون عن ثأر طائفي وقبلي وعائلي والذين مثلوا الحكومة الشيعية الطائفية المنصبة من قبل الاحتلال. انه لامر مؤسف ان يكون المجتمع مشغولا بما اذا كان صدام بطلا ام دكتاتورا تافها. بدون شك ان حركة القومية العربية بحاجة الى "ابطال" موتى مثل صدام يظهرون شجاعة ويهتفون بشعارات تقدس " الوطن والامة" في لحظاتهم الاخيرة بغض النظر عن جرائمهم وعدائهم للانسان. ان هده الحركة ومعظم الحركات الرجعية الاخرى مهتمة بالموتى من الابطال اكثر من اهتمامها بالاحياء. بعكس توقعات الاحتلال والحكومة الكارتونية فان هذا الاعدام سيزيد الصعوبات التي يواجهونها.

اعدام صدام جاء قرارا سياسيا من الحكومة الامريكية ونفذ من قبل المليشيات الشيعية. انه ليس من اجل تحقيق العدالة وانهاء الدكتاتورية والقمع القومي والطائفي، انه امتداد لسفك الدماء والقتل الجماعي والقمع والتمييز، وهو تحريض على الثأر والحقد والطائفية والقبلية ولذلك سوف يزيد العنف القومي والطائفي. ان اعدام صدام من قبل الاحتلال والحكومة الكارتونية وبهذه الطريقة سوف لن يساعد العراق على تجاوز الوضع الكارثي الحالي. الاعدام اثبت بانه ليس في جعبة الجلاوزة الراهنين شيئ لمستقبل العراق مختلف عما كان لدى صدام.
ان منع الجريمة المنظمة والقتل الجماعي والقمع الذي حصل تحت حكم صدام وبعد سقوط نظامه وتحقيق ادنى حد من العدالة سوف لن يحدث من خلال قتل افراد بل من خلال القضاء على الظروف المادية لهذه الجرائم . هؤلاء الذين يحكمون العراق لايمكنهم تحقيق ذلك. هذا سوف يحدث من خلال تدخل الجماهير وبدعم القوى التقدمية في العالم لانهاء الاحتلال وكبح جماح الحركات والمجاميع الاثنية والطائفية واقامة حكومة علمانية. ان مؤتمر حرية العراق وقوة الامان هي مبادرة من اجل تحقيق هذا الهدف في خضم الفوضى الحالية.
اعدام صدام اكد ضرورة النضال ضد عقوبة الاعدام حتى عندما يتعلق الامر بمجرمين وطغاة باعتباره قتل متعمد من قبل الحكام من اجل ارهاب المخالفين والتغطية على الاسباب الحقيقية للعنف والقمع والتمييز. ان اعدام صدام ربما كان افضل حالة في التاريخ المعاصر تعكس حقيقة الاعدام. ان انهاء عقوبة الاعدام سوف تجعل المجتمع اكثر انسانيا وتمدنا وبذلك سوف تقلل الجريمة وتحدد القوى الدينية والقومية التي تستند على العنف والقمع والتمييز وعدم احترام حياة الانسان وكرامته.



#توما_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر حرية العراق بحاجة الى دعمك الملموس
- انضم الى مؤتمر حرية العراق
- وجهة نظر في التغيرات العالمية الراهنة ...1
- لماذا مؤتمر حرية العراق و قوة الامان؟
- انتفاضة السلطة والنفوذ بحجة الدفاع عن مشاعر المسلمين! - الجز ...
- انتفاضة السلطة والنفوذ بحجة الدفاع عن مشاعر المسلمين!
- قضية الكاتب كمال سيد قادر والبلطجة العشائرية للحزب الديمقراط ...
- حول محاولات امرار دستور اسلامي في العراق
- ما هو السيناريو الاسود ومن هي قواه وما هو دور الشيوعيين فيه؟ ...
- ما هو السيناريو الاسود ومن هي قواه وما هو دور الشيوعيين فيه؟
- الاعمال الارهابية ليست نتيجة اليأس بل نتيجة الايمان بعقيدة ا ...
- الغاء البطاقة التموينية يخدم الجريمة والارهاب والفلتان الامن ...
- هل يقف الحزب الشيوعي العمالي العراقي بالضد من العمل المشترك؟ ...
- بورصة نشطة لتجارة الدم في العراق نتيجة للارهاب الامريكي والا ...
- حرية التعبير هي من ابسط حقوق الانسان
- اختلافاتنا مع تقاليد اليسار الهامشي، رد على جليل شاهباز، الج ...
- الشيخوخة تصيب فرقة حميد تقواي في العراق
- الخلافات بين الشيوعية العمالية واليسار التقليدي-رد على جليل ...
- انا يساري فان لم تكن معي فانت يميني! رد على الرفيق جليل شهبا ...
- لاتطالبوننا بتحويل الشيوعية العمالية الى شيوعية بائسة - الجز ...


المزيد.....




- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - توما حميد - امريكا تقتل صدام على الطريقة الزرقاوية