أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسين عبدالله نورالدين - سبعة و سبعون















المزيد.....

سبعة و سبعون


حسين عبدالله نورالدين

الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:28
المحور: القضية الفلسطينية
    


ما يجري في الأراضي الفلسطينية هذه الأيام يذكر بصورة كئيبة بما جرى في الأردن عام سبعين. ربما كثيرون من قادة الفصائل الفلسطينية الذين يحملون السلاح الآن فضلا عن الشباب المسلحين في القطاع لم يكونوا قد ولدوا بعد عندما وقعت الأحداث الدموية المؤسفة في الأردن في ذلك العام. ربما كان رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي وكذلك بعض قادة الفصائل الفلسطينية لم يتجاوزوا العاشرة من أعمارهم. ولم يكونوا منخرطين في أي عمل سياسي أو مسلح. لكن الرئيس محمود عباس كان في تلك السنة الكئيبة رجلا ناضجا ومسؤولا في منظمة التحرير وكان وقتها في عمان على ما أظن وكانت له تجربه صعبة في تلك الأحداث.

ماذا يتذكر الرئيس محمود عباس عن تلك السنة؟ لا بد انه يتذكر الشيء الكثير وكذلك لا بد انه يتذكر العبرة والحكمة التي خرج بها بعد تلك الأحداث.

في تلك السنة شهدت عمان وبعض المدن الأردنية فلتانا امنيا أشبه ما يكون بما يجري الآن في قطاع غزة. فصائل ومنظمات مسلحة أخذت تنتشر في شوارع عمان وساحاتها. بدأت الحالة الأمنية تتدهور منذ شهر تشرين ثاني نوفمبر عام ثمانية وستين، وتلاحق التدهور عام تسعة وستين وبلغ ذروته عام سبعين.

كان الملك حسين بكل حكمته ورويته وصبره وحلمه يحاول (كما يحاول محمود عباس الآن) احتواء ألازمة وتجنب الصدام. تعرض لمحاولات اغتيال من قبل بعض الفصائل، وجرت محاولات حكومية عديدة لضبط الشارع ومنع الاحتكاك بالجيش. تم التوقيع على أكثر من خمس اتفاقات بين الحكومة الأردنية واللجنة التنفيذية. تم إنشاء ما عرف بالكفاح المسلح لضبط الفدائيين. قدمت الحكومة الأردنية كثيرا من التنازلات. الملك حسين كظم الغيظ وأعفى، كما طلبت المنظمات والفصائل الفلسطينية، قائد الجيش من منصبه، وكان خاله، وكذلك أعفى قائد سلاح المدرعات وكان ابن عمه، وأعفى رئيس وزرائه وعين رئيس وزراء مرضي عنه فلسطينيا.

كلف الملك الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في تصريف الأمور وتامين النظام والأمن والاستقرار في العاصمة وفي المملكة. وبعد بضعة أيام اتفقت الحكومة والمنظمات على وقف إطلاق النار ومجموعة بنود أخرى. ومع ذلك لم تلتزم الفصائل بل تفاقمت الحالة وبلغت الذروة بخطف الطائرات وتفجيرها.

عند هذه النقطة وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة. أقيلت الحكومة وكلفت حكومة عسكرية "لتخليص البلد من فتنة لا يستفيد منها إلا أعداؤنا". كانت مهمة الحكومة العسكرية ... إعادة الأمور إلى ما ينبغي أن تكون عليه ووضعها في نصابها الصحيح وحفظ الأمن وإعادة النظام وفرض سلطة الدولة على رعاياها وصون المقاومة وحمايتها من المخطط المعادي لها وتحقيق التعاون الايجابي الفعال معها".

بالتأكيد أن الرئيس محمود عباس وقد عاش تلك الفترة يعلم انه لولا الحزم والتحرك السريع واستخدام القوة من قبل السلطة الأردنية لما كان الأمن قد عاد للبلد. وبرغم وقوع بضع مئات من الضحايا(وليس آلاف الضحايا كما ادعى المدعون) فان دمهم لم يذهب هدرا بل كان القربان الوطني من اجل الأمن والاستقرار الذي تلا تلك الأيام العصيبة.

ليس القصد من هذا الكلام تحريض السلطة الفلسطينية ضد حركة حماس فالدم الفلسطيني مقدس ولا يجوز هدره بدون ثمن. ولكن في الوقت نفسه، لا يجوز أن يستمر الوضع على ما هو عليه الآن. الوضع الآن لا يطاق في غزة. لا رواتب، لا عمل، لا تنمية ولا حياة طبيعية، بل قتل وموت وانتشار لحالات اضطراب وفوضى سيكون لها نتائج سلبية ومدمرة على البلد والناس.

من المعروف أن ما قام به وزير الداخلية الفلسطيني بتشكيل قوة مسلحة من حركة حماس ليضاهي بها قوة الأمن الوطني الفلسطيني ويتحدى بها سلطة الرئيس محمود عباس هو أمر مخالف للقانون الأساسي أولا وبادرة انشقاقية ستؤدي إلى حالة عصيان وفوضى واستقطاب تجر إلى اقتتال بين الأخوة لا يفيد منه سوى الأعداء.

بالتأكيد أن الرئيس محمود عباس الآن في وضع حرج للغاية، فهو لا يملك قوة ضاربة تعيد فرض الهيبة والأمن ويخشى أن حاول ذلك أن يخسر ما تبقى له شخصيا من هيبة. أما أن يترك الأمر للمسلحين ممن ينتمون إلى حركة فتح، وان كان يبدو أن هؤلاء مستعدون لذلك، فالنتيجة ستكون دموية وتوقع ضحايا عديدة. وبالطبع لن يستطيع الرئيس عباس أن يطلب مساعدة عسكرية من إسرائيل أو أي دولة عربية للقيام بمثل هذه المهمة.

على المستوى المحلي الفلسطيني فان أكثر ما يخشاه الفلسطينيون هو الاقتتال الداخلي وفقا لاستفتاء أجرته وكالة : "معا نيوز" حيث أشار ثمانية وستون في المئة من الذين شاركوا في الاستفتاء إلى خشيتهم من الاقتتال الداخلي في هذا العام أكثر من خشيتهم من الاحتلال الإسرائيلي.


أما لجوء الرئيس محمود عباس إلى لعبة الديمقراطية مجددا على أمل أن يختار الشعب حركة فتح من جديد وإعادتها إلى السلطة وتكون الديمقراطية هي الأداة للتخلص من حماس فلن يحل المشكلة. عند ذلك ستتحول حركة حماس إلى منظمة معادية وربما تعمل تحت الأرض وتقوض السلطة الوطنية الفلسطينية نهائيا وتقع البلاد تحت رحمة المتطرفين.

وقبل ذلك، هل يضمن الرئيس محمود عباس نتائج الانتخابات؟ وهل يضمن أن الشعب سيعود وينتخبه رئيسا؟ إلا يخشى أن تأتي نتائج الانتخابات التي دعا إليها بحماس من جديد كأغلبية في المجلس التشريعي كما قد تأتي بمرشح حماس للرئاسة فيخسر هو وفتح كل شيء؟

الوضع الآن في الأراضي الفلسطينية يتطلب خطوة جريئة حاسمة، تكون في الوقت نفسه مدعومة شعبيا ودستوريا ومقدور عليها عسكريا. واستنادا إلى القانون الأساسي الفلسطيني في مادته رقم مئة وعشرة فإنه عند وجود تهديد للأمن القومي بسبب حرب أو غزو أو عصيان مسلح أو حدوث كارثة طبيعية يجوز إعلان حالة الطوارئ بمرسوم من رئيس السلطة الوطنية لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما.

وما يجري في الأراضي الفلسطينية الآن تهديد سافر للأمن القومي وهو أشبه ما يكون بعصيان مدني الأمر الذي يخول الرئيس الفلسطيني فرض حالة الطوارىء. فلماذا لا يفعل. لماذا لا يفرض الرئيس حالة الطوارىء ويقيل الحكومة ويقيم حكومة أمنية مصغرة يكون هدفها الوحيد إعادة الأمور إلى نصابها. اعتقد أن الدول العربية لن تعترض على ما قد يقدم عليه الرئيس الفلسطيني في هذا الشأن طالما كان الهدف هو المصلحة الوطنية العليا. حتى الشعب الفلسطيني لن يعترض. صحيح أن حربا أهلية محدودة ستقع بين الأخوة ويصبح الفلسطينيون مثلا للإخوة الأعداء، ولكن الحرب الأهلية ستقع لا محالة وبصورة أكثر دموية لو بقي الأمر معلقا كما هو الآن.

الرئيس محمود عباس في وضع لا يحسد عليه. فهو ينطبق عليه المثل القائل مثل بالع السكين. ولكن حتى بالع السكين يأتيه وقت لاتخاذ القرار الحاسم. وربما كان هذا الوقت بالنسبة للرئيس محمود عباس يقترب.

أما إذا لم يتخذ الرئيس محمود عباس القرار الحاسم المطلوب وفي الوقت المناسب قبل فوات الأوان، فإنه يصبح كمن ينتظر خروج روحه من جسده. والخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني.

حسين عبدالله نورالدين
[email protected]
كاتب صحفي عمان الأردن



#حسين_عبدالله_نورالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقل جاء الحق وزهق الباطل
- موت رئيس والضلال الذي كنا فيه
- حزب الله في الشارع
- الديمقراطية الأردنية ثغرات وأمنيات
- ويفعلون ما يؤمرون
- السباق نحو الهاوية: لبنان، ماا شبه الليلة بالبارحة
- في يوم الذكرى: لن يخفنا الارهاب ولن يوقف حياتنا
- هل اقتربت النار من دمشق
- غزوة منهاتن في الذكرى الخامسة
- انه الإرهاب من جديد
- بعد أن صمتت المدافع: أي نصر وأي هزيمة
- النفق المظلم ومغامرة حزب الله
- أين الله
- مهرجان التحريض والتطاول
- هل وقعت حماس في فخ القاعدة
- الاخوان المسلمون وشعرة معاوية: حانت ساعة الحقيقة
- نقص الإرهابيون واحدا
- فلسطين الى اين
- فرسان الحق مقابل فرسان الباطل
- أسلحة حماس في الأردن والخطاب السياسي للحركة


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسين عبدالله نورالدين - سبعة و سبعون