أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميادة العاني - قصة قصيرة // مشانق غضة















المزيد.....

قصة قصيرة // مشانق غضة


ميادة العاني

الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 07:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن هذه هي المرة الاولى التي تطأ اقدامها ذلك الزقاق في الحي الشعبي , بدا مختلفا هذه المرة ليس كما الفته .. افتقدت نكهته ووجوه اهله التي تناثرت بغداد بين تجاعيدها .. عيونها تفترس الجدران الباكية والشبابيك المطلة بحذر على الازقة الحزينة .
كانت تسير بخطى وئيدة في ظهيرة اكتظت بساعات قيظ مهلكة .. وهي للتو كانت قد خرجت من بيت ( لبنى ) بعد ان هدها الاعياء وهي تجرجر خلفها حقبة من سنوات سمان وفي قرارتها صرخة ( معقول !؟ لبنى !؟ ) والصدى المتلاطم لامواج الاسئلة في مخيلتها يخبرها ان حقبة من سنوات عجاف مقبلات على مضض .
كان الزفاف على مقربة يومين وكانت تتامل بفرح – رغم ميلها الدائم الى الحزن والكابة - الحب الكبير الذي يربط لبنى بذاك الشاب الاسمر حامد . ذلك الحب الذي اغتالته يد المفخخة الاثمة والتي لها من الصفاقة ماتمتلكه اي فضائية تبث الخبر على شكل سبتايتل على شاشاتها لتنازع لبنى الموت ويبقى الخبر مجرد سبتايتل .
الالم ذاته وانكسار الفرح على رصيف الذكريات لاطائل لوصفه ولايمكن رسمه .
كانت سموم اب قد لفحت وجهها وهي تبتعد عن .. وتقترب من .. دونما هدف حتى لفت انتباهها محل عصائر صغير اثار استغرابها واخرجها من استغراقها بدندنات لاغنية من سحيق الذاكرة على غير ما اعتادته من صخب لهكذا محلات ..
(( زغيرة جنت وانت زغيرون .. نتغازل بنظرات العيون ))
انستها سموم اب وقفزت بها نحو اساطير الطفولة الغضة والتي لم يمض عليها الكثير في حسابات السنين وهي في حسابات العمر سفر من تاريخ اندثر تحت صدأ الهموم ووحل التمني .
كانت قد وصلت الى الشارع العام اشارت بيدها لاول سيارة ( كيا ) وصعدت دون ان تغادر ذاكرتها .
كانت الاغنية منفذا للهروب من متاهة الحزن حملتها نحو سطح الذاكرة وهبطت بها سلم السنوات نحو مرحلة من حياتها ربما كان لها ترابطا حسيا مع حالة الحب التي وئدت قبل ساعات . فقد حركت كلمات الاغنية ولحنها الرقراق عبثية اول حالة حب .. وهي مما تحفظت عليه في مفكرة الاسرار ومكنونات البوح .. انما لا باس من شذرات تعاود دق اجراسها على مذبح العتمة لواقع صدئ .
ارتدت ثوب ذكرياتها .. وجوه تراءت سرعان ما تلاشت واخرى راسخة .. تتقادم السنين تنفلت من زواياها احداث تسطع هنا وتنطفئ هناك وتوقفت العجلة عن الدوران في ذلك السوق المجلجل بالصخب والفوضى يتبعها ذاك الوسيم ليعترض طريقها مبادرا بسؤال عرفته القرون الوسطى :
- كم الساعة الان ؟
كان استئناف المشي وترك السؤال معلقا بلا جواب حالة لابد منها .
الحياء وقتها لم يمنعها ان تسرق غفلة من الزمن تتفحص فيها بمكر المراهقة ملامح هذا الكائن المقتحم لمنابع انوثتها اليانعة , واسلاك الخوف الشائكة لم تمنعه من اجتياح قلبها الغض واحتلاله بكل اسلحة الحب الشامل ولم تكن مقاومة عواطفها قادرة على الجهاد فسلمت كل اسلحتها ورفعت راية العشاق .
وكبت هو جماح الثعلب في نفسه حين قلب صفحات ريعانها فوجدها نقية صافية كالبلور فقيد نفسه الامارة بقيود برائتها لينساب في سحرها المختلف .. بقدرة فائقة على احتواء مشاعرها واندفاعها نحوه اذ كان يكبرها بعقد من السنين .
لم تكن تحب رياضة المشي – رغم انها اليوم تجيد الهرولة – وكان باص المصلحة ( سابقا ) يثير شهيتها لاعتلاءه في اقرب المشاوير واحد اجمل اماكن اللقاءات التي كانت تختلسها من زمنها المحدود بمشاعر ترسمها اقلام الخوف والحب والحياء .
كانت تريد ان تعرف عنه كل شئ مرة واحدة فيقول :
(( ان الحياة ستار كبير يخفي الكثير من الاسرار لتنكشف لنا تباعا ولا تفتح خزائنها دفعة واحدة .. فلكل سر ثمنه .. وانت اجمل اسراري واغلاها ))
لم تكن كبيرة لتفهم الحكمة في كلماته وكانت تلميذة خائبة في مدرسته وربما امامها وقت طويل لتكتسب خبرة الفهم والتعلم , وكانت تعنيها منه كلمات الغزل البريئة التي تثير العنفوان الغض في اعماقها .
استمرت معه فترة ليست قصيرة وانشغالها به انساها الالتفات نحو مدرستها ودراستها المنتهية بعد ان كانت دائما من الاوائل .. ويوم استلام النتائج كانت تعلم انه ملتحق بوحدته العسكرية وفاجئها ببزته واقفا في انتظار نتيجتها بلهفة حين خرجت من المدرسة حيث كان قد اخبرها مرة :
- اريد ان ارى فيك ما لم احققه لنفسي
التهم النتيجة بنظراته فاحمر وجهه غيضا وغضبا .. لم تكن الدرجات بالمستوى الذي اعتادته ولا الذي تمناه لها .. لم يكن منه الا ان صفعها دون ان ترتجف يده وسط حشود الناس المتزاحمة جيئة وذهابا وقال بحزم وتانيب :
- هربت !! فخذلتيني
لم يكن لكلماته ثالثا الا اردافه التي توارت عنها تاركا اياها بين وجع الضمير والم النتيجة غارقة بدموعها
كانت صفعة كلماته اشد ايلاما من صفعة يده ( التي اذهلتها ) اذنبتها امام نفسها وحسستها بجرمها تجاهه وتجاه اهلها ونفسها اولا . صفعة كانت لها فيما بعد ميزانا لكل خطواتها
واصلت حياتها وهو الى جانبها لم يتركها ابدا ولم يبخل عنها بالحكمة والتوجيه والحب الكبير
ذات يوم فاجئتها والدتها بعلمها بامر علاقتها بهذا الشاب , اربكها الامر وشد ذهنها لتعليقه برمته على اكتاف صديقتها الا انها احست بالخجل في قرارة نفسها اذ لم تكن تشعر بالخطأ ومن تحب لم يكن عابثا او لعوب , فاسرت والدتها بما لم تعرف مما ادخرته في مفكرة اسرارها الصغيرة صغر قلبها .
ذهلت الام لصراحة ابنتها الا انها لم تناصبها العداء بل ناصبتها الوفاء لرسالة ام اقسمت ان تؤديها فكان النصح والمنع اول الخطوات .. حرص الام لم يمنعها من الاستمرار الامر الذي حدا بها الى التقرب لابنتها بشكل مغاير والتعرف الى ذلك الشاب الذي فتح كل مغاليق افكار ابنتها .. باحثة عن ماهية السر الذي دعاها للتشبث به .
كان اكثر حفاوة بالتعرف الى والدتها .. شعرت الام بالرضا في نفسا وطلبت منه التقدم لخطبة ابنتها احتراما للعهد والاعراف .. لم يتردد بل طلب التاجيل لحين التسريح القريب من الخدمة الالزامية .
سرت الايام .. وازدادت الاوضاع سوءا وما ان تسرح من الخدمة حتى استدعيت مواليده من جديد لدخول حرب جديدة وما ان ينفك من الخدمة حتى يعاود لها .. ولانه يمتلك مواصفات الرجولة الحقة فقد طلب منها تركه لمجهولية مصيره مما زاد من اصرارها على التشبث به والاستمرار على انتظاره
لقاءاتهما لم تعد كالسابق , اصبحت المسافة تتجاوز الاسابيع وتمتد نحو الشهور احايين اخرى.. منحتها تلك المصاعب الكثير من الثبات والايمان به .
طال غيابه هذه المرة متجاوزا كل حدود الصبر , معتليا جبال الحياء , مستجمعا لكل تشظيات الشجاعة حين اقدمت على التوجه نحو منزله والسؤال عنه علها تجد عند اهله مايرفع حجر الضيق عن صدرها .
و .........
كانت غارقة بدموعها حين فاجئها سائق السيارة ( الكيا ) انه وصل نهاية الخط
استدركت زمنها واستاذنت ذاكرتها فعليها استئجار سيارة اخرى والعودة الى منزلها الذي تجاوزته مسافة طويلة .. في هذه الاثناء قفزت الى مخيلتها جملته الحوارية
(( ان الحياة ستار كبير يخفي الكثير من الاسرار لتنكشف لنا تباعا ولا تفتح خزائنها دفعة واحدة .. فلكل سر ثمنه )) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4/1/2007





#ميادة_العاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى شاعر من زمن العزلة
- بين المقصلة والجسد .. قصة قصيرة
- بضع خطوات نحو .. لوركا
- المراة الاعلامية .. بين المتاح والمفروض
- هذيان بعد منتصف الحلم
- هواجس متأرجحة
- سكرات البكاء
- لدمك يصرخ المدى
- قراءة اولية في .. معطف غوغول
- تم امرأة رد
- طقوس تجر اذيال خيبتها
- اعدام مؤجل لربيع مقيد بالبراءة


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميادة العاني - قصة قصيرة // مشانق غضة