أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب تومي - نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية














المزيد.....

نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية


حبيب تومي

الحوار المتمدن-العدد: 1789 - 2007 / 1 / 8 - 12:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مهما حاولنا التقليل من دور صدام في التاريخ الحديث للعراق ، فإن محاولاتنا تذهب أدراج الرياح إن لم نتسم بالواقعية والموضوعية ، فصدام حسين جزء من تاريخ العراق شئنا أم أبينا .
لقد حمل صدام حسين فكر قومي ، واسترشد بالنظرية الميكافيلية في تحقيق أهدافه في أن الغاية تبرر الوسيلة ، ولم يعدم وسيلة من أجل بلوغ غايته مهما كان الثمن .
لقد استطاع صدام من تحشيد الشارع العربي وكسب ودّه حتى لو كان هذا على حساب الشعب العراقي ، وتمكن أيضاً من فرض وقائع وقرارات على الدول والحكومات العربية وتجلى ذلك في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بغداد .
ولولا مغامرته الأخيرة في احتلال الكويت لكانت منزلته باقية بين الدول العربية الى اليوم . لقد كان سخياً للعرب باموال الشعب العراقي وثروته ، وكان بخيلاً للصرف على شعبه ، وهكذا كسب قلوب العرب ، وخسر شعبه .
أراد صدام أن تكون قراراته نافذة دون الرجوع الى البرلمان او الى الشعب او الى الحكومة ، فكان هو الرئيس وهو الدولة وهو الحكومة ، أما الشعب فكان صدام قد استثمر الغريزة الجمعية والتي تتسم بها المجتمعات البشرية ، وهي متمركزة في المجتمعات التي يهيمن عليها الخطاب الديني والقومي .
لقد استطاع صدام ان يجعل من الشعب العراقي بفضل سياسة الترغيب والترهيب ، مجتمعاً يطيع ويخلص ويهتف له بالروح والدم والفداء . إن أي دكتاتور يجد سعادة عظمى حينما يتحدث أمام أجهزته الدعائية في دولته وخارجها عن بطولاته ومآثره وانتصاراته ، حتى لو كانت هذه الأنتصارات هزائم محققة وواضحة ، إنه يحتكر وسائل الدعاية السمعية والبصرية والصحف والمجلات ليتحدث لشعبه ، دون معارضة او استفسار او مقاطعة ، حيث يحول قطاعات كبيرة من شعبه الى كتل من الخائفين وحشود من المصفقين .
يحدد ما هو الصالح وما هو الطالح ، وما هو الحق وما هو الباطل ، إنه العبقري العارف بكل العلوم وكل الفنون . إن أسلافه لصوص وفاسدين ، وإنه وحده الأنسان المستقيم وهو الذي يحقق البطولات والأنتصارات ، إنه خالق الأمجاد لقومه إنه صانع التاريخ .
في جانب آخر فإن العقل الجمعي يتقن صناعة الأبطال او الأصنام كي يعبدها ويشكل آلة طيّعة بيدها ، إن الشارع او الرأي العام هو الذي يصنع الأبطال المغامرين ويعلنون له وجه الطاعة ويستسلمون ويصبحون اتباع لهولاء القادة الذين يستغلون سذاجتهم وإخلاصهم وتفانيهم من اجل المبادئ .
إن الشارع بلغة اليوم او الجماهير او الرأي العام هي التي حكمت بإعدام المسيح وقبله على أعدام سقراط بالسم وهذا هو العقل الجمعي في كل زمان ومكان .
لقد مثل صدام حسين مرحلة تاريخية قومية معاصرة وقد جسد ذروة الفكر القومي العربي ، لكن بدلاً من ان تمثل هذه الأفكار وجها تحررياً علمانياً أنسانياً ، صبها في بودقة الفكر القومي المتعالي الشوفيني المتاخم للفكر الفاشي .
لقد أخذ صدام حكمه العادل الذي كان يستحقه كأي حاكم ظالم لشعبه . لكن التداعيات التي اعقبت طريقة تنفيذ حكم الأعدام والتي جرى تسريبها عبر التسجيل في الهاتف النقال البعيد عن رقابة الحكومة ، وفي الحقيقة أن الوجه الرسمي للحكومة ليس من صالحها تسريب مثل هذا الفيديو الذي عكس بصورة جلية مدى ضعف الحكومة ومقدار الأعتداء على هيبتها .
إن التداعيات التي برزت بعد مشاهد عملية الأعدام قد شرعت الأبواب على مصاريعها لجملة من تساؤلات كانت الحكومة ، بمتاعبها الكثيرة ، في غنى عنها . منها أن الحكومة نفذت حكم الأعدام عن قضية واحدة وهي قضية الدجيل وهنا يخرج المراقب بانطباع وكأن المسألة ثأرية طائفية باعتبار أن قضية الدجيل كانوا الضحايا من الشيعة فحسب ، في حين أن صداماً أعدم الى جانب الشيعة ، أعدم من الأكراد في عمليات الأنفال المشهورة وقتل من المسيحيين واليزيدية ومن اليهود وقتل من السنة ومن مدينته تكريت بالذات ومن أقرب أقربائه ، أي ان ظلمه كان يشمل الشعب العراقي وليس ضد شريحة معينة .
كان ينبغي ان تطرح كل هذه الجرائم لكي يكون جلياً ان صدام حسين حكم بالأعدام لجرائمه ضد شعبه ، وحتى لو لم ينفذ حكم الأعدام فلا اهمية لذلك .
ومن نافلة القول التأكيد على خطأ توقيت تنفيذ الحكم وهي اعياد رأس السنة التي يحتفل بها في معظم أنحاء المعمورة وكذلك يوم حلول عيد الأضحى المبارك الذي يعتبر يوم تقليدي للعفو عن المحكومين .
ثم كان هناك اسلوب التنفيذ الذي عكس سيكولوجية منفذي الحكم ، ففي البداية في كل المعتقدات البشرية هناك موقف مهيب للموت ، ولم تراعى هذه الناحية لحظة تنفيذ حكم الأعدام ، كما ان الهتافات التي سمعناها تعكس عرساً للتشفي والثأر . لكن يبقى أهم ما في الحدث الدرامي انه عكس ضعف الحكومة وهيمنة الميليشيات على قراراتها ومواقفها .
بقي أن أقول أن صداماً قد سجل موقفاً صادقاً في تلك اللحظة ، صحيح انه لم ينتصر في حروبه السابقة فقد كانت خسارة للشعب بكل معنى الخسارة ، لكنه حقق انتصاراً في تلك اللحظة ، لقد استقبل الموت برباطة جأش ، وبدا عملاقاً بيد جلاديه .
إن الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطياً كان يجب ان لا تتسم بالطائفية ، وكان يمكن أن تثبت ذلك للعالم لو قامت بعمليات البناء وتعمير العراق ورسخت الأمن والأستقرار في ربوع الوطن ، وفرضت هيبة الدولة على الجميع ، وعاملت العراقيين كل العراقيين أنهم متساوون أمام النظام والقانون دون تفضيل بدواعي المحسوبية والمصالح الحزبية والمذهبية على مصلحة الشعب ، ودون اللجوء للحشودات الطائفية .
وقتذاك تقول الحكومة العراقية لصدام ولمؤيديه وللعالم : هكذا خرب صدام العراق ، ونحن هكذا قمنا ببنائه .
نتمنى لحكومتنا أن تقوم ببناء هذا البلد المنكوب ، لا ان تكمل وتواصل تهديمه على رؤوس المواطن العراقي المغلوب على أمره .
حبيب تومي / اوسلو



#حبيب_تومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رابي يونادم كنا .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
- المؤتمر الآشوري في السويد وأوهام في الرؤية السياسية
- الشئ الذي لم أشبع منه طول عمري !
- يا عقلاء الأسلام صافحوا هذا الرجل إنه إنسان عظيم
- حكومتنا .. لأنها تؤمن بالديمقراطية فعليها ان تستقيل
- لماذا يسكت عقلاء الأسلام على ذبح الأقليات الدينية العراقية ؟
- الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية 4
- يشوع مجيد هداية شهيد الوطن العراقي
- حتى أنت يا قس عمانوئيل يوخنا!
- نعم نعم لوحدة شعبنا ولمشروع الحكم الذاتي
- منصور أودا استاذ في الرياضيات والتراث الألقوشي
- مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية -3
- أحبائي الشيعة .. الأسلام السياسي الشيعي فشل في حكم العراق
- وبعد مبايعة كنائسنا للسيد سركيس آغاجان .. ما العمل ؟
- الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية الح ...
- الأب يوسف حبي وعظمة بابل
- الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية / ا ...
- معذرة استاذ سركيس آغاجان دمج تسمياتنا يفقدها إصالتها التاريخ ...
- ابن القوش .. ابن العراق الشهيد فلاح زرا .. لماذا يقتل ؟
- قراءة نقدية لثلاث محطات من برنامج الحزب الشيوعي العراقي


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب تومي - نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية