أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فتحى سيد فرج - حلم الخروج من الوادى















المزيد.....


حلم الخروج من الوادى


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1788 - 2007 / 1 / 7 - 10:07
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


حلم الخروج من الوادى

لا يختلف أى مواطن مصرى منشغل بمستقبل بلاده بأهمية الخروج من الوادى والدلتا ، وضرورة إعادة توزيع السكان والأنشطة الاقتصادية فى مساحة أوسع من البلاد ، كم يتفق فى ذلك كل المهتمين بشئون مصر من العلماء والخبراء والمفكرين بغض النظر عن اتجاهاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية ، ولهم فى ذلك أسباب عديدة تدعوا لضرورة هذا الخروج .
· فاغلب العلماء والخبراء يتفقون على أن مصر غنية فى مواردها الطبيعية والبشرية ، ولكن غالبية شعبها يعتبر من أفقر شعوب العالم ، وتمثل مصر رقم 110 فى ترتيب التنمية البشرية الدولى من ضمن 160 دولة ، ولا ينقصها سوى إرادة سياسية واعية وكفاءة فى إدارة هذه الموارد لتحقيق مستوى ارقى فى نوعية الحياة لجميع مواطنيها .
· تعتير مصر نموذج صارخ فى سوء توزيع السكان فبالرغم من أن متوسط الكثافة النظرى لا يزيد عن 58 فرد / كم2 فأن المتوسط الحقيقى يصل إلى أكثر من 100 ألف نسمة /كم2 فى مناطق عديدة خاصة فى المدن الكبيرة ـ القاهرة والإسكندرية وبعض عواصم المحافظات ـ ويعنى هذا وجود فجوة كبيرة لا نظير لها فى أى مكان آخر من العالم بين الكثافة النظرية والكثافة الحقيقية ، حيث يتركز 98 % من السكان وجميع انشطتهم الاقتصادية حول مجرى نهر النيل وفروعه ، تاركين مساحات شاسعة خارج الوادى والدلتا غير مأهولة بالسكان .
· يقل نصيب الفرد فى مصر سواء من المساحة المأهولة أو المزروعة ، وكذلك نصيبه من المياه العذبة المتجددة عن المستوى الحدى لمعيشة الفرد ، فبالرغم من أن المساحة الكلية لمصر تبلغ أكثر من مليون كم2 أى حوالى 240 مليون فدان ، فأن المساحة المأهولة بالسكان لا تزيد عن 3.5% من جملة المساحة الكلية، ويقدر متوسط نصيب الفرد من المساحة الكلية بحوالى500 م2 أى حوالى 20× 25م2 عليه أن يدبر منها معاشه بالكامل من سكن وزراعة وصناعة ، وأن يغطى جزء منها لمختلف المرافق فى حياته ومماته ، بينما تشير المعدلات الدولية إلى أن أقل مساحة يمكن أن تمون الفرد بحاجته من الغذاء لا تقل عن 8500م2، ويصل متوسط نصيب الفرد من مساحة الأرض المزروعة إلى حوالى
1% من الفدان بالنسبة إلى المساحة الحقلية تصل إلى 1.7 % بالنسبة للمساحة المحصولية ، كما أن
متوسط نصيب الفرد فى مصر من المياه العذبة المتجددة حوالى 830 م3 لكافة الأغراض ، بينما حد
الفقر المائى لا يقل عن 1000م3 للفرد سنويا من المياه ، ومع ذلك فأن هذا النصيب من الأرض
والمياه فى تناقص مستمر من خلال استمرار تزايد عدد السكان ، ويعانى من الإهدار والفاقد وارتفاع
معدلات التلوث .
· وقد ترتب على تدنى نصيب الفرد من مساحة الأرض والمياه تناقص نسب الاكتفاء الذاتى من السلع الضرورية ، واتساع حجم الفجوة الغذائية خاصة فى السلع الأساسية مثل القمح والذرة والسكر واللحوم والألبان والدهون ، مما أدى إلى ارتفاع قيمة الواردات الغذائية منذ بداية الثمانينيات وأصبحت تلتهم قيمة الصادرات المصرية ، وتحول الميزان التجارى الزراعى الذى كان يتمتع بفائض حتى عام 1974 إلى العجز الذى اخذ يتواصل باستمرار مما ساهم فى زيادة أعباء الدين الخارجى .
· تتأثر جميع نواحى الحياة فى مصر من جراء ارتفاع الكثافة السكانية ، وأننا لا نبالغ إذا قلنا أن أغلب ما تعانيه مصر من مشاكل إنما يعود سببه الأول إلى هذا التكدس السكانى ، فتردى نوعية الحياة ومستوى الخدمات فى التعليم والصحة ، وتكدس المساكن وأذد حام المرور ، وارنفاع معدلات التلوث فى الأرض والمياه والهواء مما يهدد استمرار الحياة ، ويبدوا ما أشار إليه جمال حمدان فى أوراقه الخاصة من أن المتغيرات الخطيرة التى تضرب فى صميم الوجود المصرى ، فأرضها معرضة للتآكل ولم تعد تتجدد سنويا بفعل ترسبات الفيضان ، وأصبحت بيئة نموذجية للتلوث ، وقد وصل الطفح السكانى إلى مداه ، وبلغ ذروة غير متصورة وتعدى إمكانيات الأرض ، وأصبح بالوعة لها يقلصها باستمرار من جراء التوسع فى المدن والقرى والطرق ، حتى سيأتي اليوم الذى ستطرد فيه الزراعة تماما من أرض مصر لتصبح كلها مكان سكن ، دون مكان عمل ، أى دون زراعة ، أى دون حياة ، لتتحول فى النهاية من مكان سكن على مستوى الوطن إلى مقبرة بحجم دولة .
وإذا كانت هذه نظرة مغرقة فى التشاؤم إلا أنها لا تخلوا من حقيقة إذا أستمر الحال على ما هو حاصل الآن ، قد تكون حقيقة مفزعة ، ولكن علينا إدراكها والتعامل معها بكل جدية ، فليس أمامنا سوى أن نخرج من هذا الوادى الضيق ، إلى الفضاء الفسيح لنعمر الصحراء ونفتح مجالات عمل وحياة جديدة للأجيال القادمة .
لكل ذلك أصبح لا مناص أمام المصريين سوى ضرورة الخروج من الوادى والدلتا ، وليس أمام أى مفكر إستراتيجي يرنو إلى المستقبل سوى أن يفكر جديا فى استغلال المساحات الواسعة غير المأهولة فى مصر على طرفى الوادى شرقا وغربا فى عمق الصحراء المترامية ، وإقامة المدن والمشروعات التنموية الجديدة للمساهمة فى حل المشكلات المزمنة نتيجة التكدس السكانى حول نهر النيل ، والعمل على الارتقاء بنوعية الحياة فى مصر
وجهة نظر رشدى سعيد
طرح العالم الجيولوجي والمفكر المصرى رشدى سعيد وجهة نظر حول تعمير الصحراء ، وهو يتفق مع غيره من العلماء فى أن مصر تعتبر بالنسبة لعديد من الدول خاصة المحيطة بها دولة غنية بالموارد ، ومع ذلك فأن الأغلبية من أفراد الشعب المصرى تعيش فى ظروف غير طبيعية ، وتعانى من عديد من المشكلات المتعلقة بالسكن والتكدس العمرانى وسوء الخدمات العامة ويتساءل : لماذا يزدحم المصريين على رقعة من الأرض لا تزيد مساحتها على 7.5 مليون فدان تاركين أكثر من 240 مليون فدان غير مأهولة بالسكان ؟ ، ولماذا يتنافسون على المكان حتى كادو يفسدونه بالمناطق العشوائية التى أحاطت بالمدن دون تخطيط ، والمبانى الأسمنتية التى أقيمت فى قلب الريف وزحفت على أجود الأراضى الزراعية التى تقلصت مساحتها عاما بعد آخر ؟ .
ويبدو للناظر من بعيد أنه لا يوجد سبب واحد يجبر المصريين على العيش فى هذا الضيق ، فأمامهم المكان متسع فى الصحراء الشاسعة التى تحيط بوادى النيل ، كما أن بلادهم تتوفر بها المقومات الأساسية التى تقوم عليها عملية التعمير من المياه والطاقة والقوى البشرية ، ولا يوجد أى مبرر لاستمرار عجز المصريين عن الاستفادة من هذه المصادر الثلاثة الأرض ، والمياه ، والطاقة ، فى ظل تزايد السكان .
الأرض والسكان
يسكن أرض مصر الآن قرابة 60 مليون نسمة ـ أى عام 1996 الذى نشر فيه رشدى سعيد كتابه ـ وقد وصلوا حاليا فى بداية عام 2007 لأكثر من 74 مليون نسمة أى بنسبة تزايد تصل إلى 23.3 % خلال عشر سنوات , وهم مازالوا يزدحمون على رقعة من الأرض لا تزيد مساحتها على 7.5 مليون فدان بالرغم من أن جملة مساحة مصر تزيد عن 240 مليون فدان ، بحيث يخص كل فرد فى المساحة المسكونة أقل من 500م2 عليه أن يغطى جزا منها لمختلف المرافق اللازمة لحركته وسكنه وتعليمه والعناية بصحته ، وجزءا آخر لأقامة البناء الأساسى لأنشطته الاقتصادية من زراعة وصناعة و منشآت عامة .
وهذا يجعل كتلة البشر تتنافس على الموارد المحدودة فى هذا النطاق الضيق ، ومما جعل إيضا أهمية التفكير فى تعمير الصحراء أمرا محتما ، فما زالت الصحراء التى تحيط بوادى النيل من كل جانب هى الجهة الباقية أمام مصر للتخفيف عن الوادى الذى تدهورت فيه نوعية الحياة تحت ضغط كتلة البشر المكدسة داخله ، وقد ظلت الصحارى المصرية حتى وقت قريب أرضا لا عمار فيها يخافها المصريون ولا يرغبون فى العيش فيها ، يخشون زيارتها ولو زيارة عابرة ، ويتصورون أنها مغامرة كبيرة ، ولعل ذلك من أرث المراحل السابقة التى لم يكن يسمح للمصريين بالتجول فيها ، فقد كان دخولها يحتاج إلى تأشيرة من السلطات .
ويقسم رشدى سعيد سكان مصر إلى كتلة البشر " الغاطسة " وهى الغالبية من السكان التى تمثل 86 % ولا تحصل سوى على 26 % من الدخل القومى ، يسكن أكثر من نصفها فى الريف ، ويسكن الباقى فى المدن سواء فى أحيائها الشعبية الفقيرة ، أو على أطرافها فى مناطق عشوائية ، ولا يحتاج المرء إلى خيال كبير لكى يرى أن هذه الكتلة الكبيرة من البشر سواء فى الريف أو المدينة تعيش فى مساكن بدائية تعانى من تدنى الاشتراطات الصحية التى تتمثل فى سوء التهوية والإضاءة ونقص المرافق الضرورية ، ويزدحم السكان فى هذه المناطق بحيث يبلغ متوسط عدد الأنفس فى الحجرة الواحدة أكثر من ستة أفراد .
ولعدم وجود تخطيط سليم فأن سكان الريف يضطرون لبناء مساكنهم ومرافقهم العامة على أجود الأراضى الزراعية التى تتقلص مساحتها عاما بعد آخر ، كما أن الامتداد العمرانى على أطراف المدن يلتهم مساحات أخرى من الأراضى الزراعية أيضا ، بحيث يصل تقدير الخبراء إلى أن الفاقد من الأراضى الزراعية يتراوح ما بين 30 - 60 ألف فدان سنويا ، وإذا كانت كتلة البشر الغاطسة وتدنى قدراتها الاقتصادية التى تحكم بعض تصرفاتها لم تجد من الدولة الرعاية الكافية ، فقامت بحل مشكلاتها فى تدبير السكن والمعيشة بهذا الشكل العشوائى ، ورغم أن ذلك يشكل إهدارا لكثير من الموارد إلا أننا قد نجد لها بعض العزر فى ذلك .
أما الكتلة الثانية من السكان فيسميها رشدى سعيد " بكتلة البشر الطافية " ورغم أنها لا تمثل سوى 14 % من سكان مصر إلا أنها تحصل على 74 % من مجمل الدخل القومى ، وقد برزت من هذه الكتلة شريحة بالغة الثراء يقل عدد أفرادها عن 2 % من جملة السكان تستهلك أكثر من 20 % من جملة الكهرباء فى مصر وتعيش فى مستوى من الرفاهية الاستفزازية لباقى أفراد الشعب المصرى .
هذا وقد تغير الأمر بالنسبة للصحراء فى الفترة الأخيرة نتيجة تقدم وسائل النقل والمواصلات وتحت عوامل الضغط السكانى ، وتمكنت الكتلة الطافية بما تملكه من إمكانيات أن تكتشف وجها واحدا من إمكانيات تعمير الصحراء فوجدوا فى شواطئ البحر الأحمر وإقليم غرب الإسكندرية أماكن صالحة للترفيه والراحة بعيدا عن تكدس وعشوائية الكتلة الغاطسة ، واتخذوا من هذه الأماكن وسيلة للاستثمار الريعى السريع خاصة بعد تدفق أموال ضخمة على مصر بعد عام 1973، وكان تعمير هذه الشرائح يعنى إقامة مبان أسمنتية فى أطراف المدن أو فى تجمعات خارجها سميت المدن الجديدة ، ثم انتقل هذا النشاط فيما بعد إلى شواطئ البحار ، ففى السهول التى تحدها بل وتحت مياهها تقع مكامن الغاز الطبيعى والذى يشكل مصدرا للطاقة كان من الممكن أن ينبنى حوله منشآت التعمير الصناعية مما يحقق قيمة مضافة أكبر للاقتصاد القومى .
وأنه لأمر يصعب على الفهم أن يسمح المصريون لشواطئهم بهذا الاستغلال غير المنظم ، فالساحل الشمالى قد تبدد تماما بسلسلة من المبانى الخاصة بحيث أصبح الوصول الحر إلى هذه الشواطئ مستعصيا ، وما يزال الاتجاه يسير فى نفس النهج على طول سواحل البحر الأحمر وخليجى السويس والعقبة ، ومما يساهم فى تفاقم هدر وتبديد المكان عدم وجود طريق منظم لامتلاك الأراضى الصحراوية وتداولها فى الأسواق مما تسبب عنه نهب أجزاء كبيرة خرجت من دائرة الاستفادة العامة ، وما زالت ملكية الأراضى الصحراوية تتم كمنحة من الحاكم أو بالاستيلاء عليها عنوة وبفرض الأمر الواقع فى غفلة من القانون ، والكتلة الطافية هى المستفيد الوحيد من كل ذلك بحكم ما تملكه من إمكانيات وما تحرزه من نفوذ إضافة إلى أن أساليبها فى استغلال هذه الأراضى لم تساهم فى حل أى مشكلة سواء التكدس السكانى أو زيادة الإنتاج .
من أجل كل ذلك يطالب رشدى سعيد بضرورة وجود خطة قومية لتنمية الصحراء توقف هذا التبديد الذى يتم بأشكال مختلفة ، وذلك عن طريق رفع خرائط مفصلة تحدد الأماكن الصالحة للزراعة ، والأماكن الصالحة لإقامة مشروعات صناعية أو خدمات ، مع أهمية الاحتفاظ ببعض المناطق كمحميات طبيعية .
وإذا كان رشدى سعيد لم يهتم بالموارد البشرية بنفس اهتمامه وتركيزه على الموارد الطبيعية ، فأن عالم الاجتماع سمير نعيم أحمد أعطى لهذه الموارد الأهمية التى تستحقها فى كتابه " أهل مصر . دراسة فى عبقرية البقاء والاستمرار " فهو يتفق مع عديد من العلماء والخبراء فى أن مصر غنية بمواردها الطبيعية غير المستغلة والمهدرة ، ويضيف إلى ذلك أن البشر هم اعظم ثروة فى مصر ، فهم العنصر الأول والأساسى فى عملية الإنتاج وبأيديهم وعقولهم يمكن تحقيق منجزات فى مضمار التقدم والرقى .
وإذا كان البعض يحذر من خطورة تزايد عدد السكان فى مصر ويطلقون عليه " الانفجار السكانى " بدعوى أنه يعوق التنمية ويستنزف الموارد - وهذا هو الرأي السائد لدى الدوائر الرسمية لتبرير حالة التخلف الاقتصادى ، وارتفاع معدلات الفقر فى مصر ـ فأن سمير نعيم على خلاف ذلك ، حيث يرى أن مشكلة مصر الحقيقية ليست فى التزايد السكانى ، ولكن فى سوء توزيع السكان والدخل القومى والافتقار إلى التخطيط العلمى السليم فى تضافر الاستفادة من الموارد الطبيعية مع الموارد البشرية ، وأن التزايد ليس سببا للتخلف والفقر ولكن نتيجة لهما ، وأن مصر يمكنها أن تستوعب الزيادة السكانية وتحولها إلى طاقة هائلة تنتج وتثرى وتحقق التقدم .
وقد ارتبط عدد السكان بنهر النيل وازدهار الحضارة على ضفافه ، فمن الثابت تاريخيا أن أن عدد السكان كان يزيد كلما كان الاهتمام بنهر النيل فى أولويات من يحكم مصر ، وأن هناك تلازما ما بين زيادة عدد السكان وازدهار الحضارة ، وعلى العكس من ذلك تلازمت فترات التدهور والركود الحضارى مع تناقص عدد السكان .

الـمـيـاه
تتمتع مصر دون غيرها من دول حزام الصحارى المدارية بنصيب كبير نسبيا من المياه ، وذلك لوجود نهر النيل فيها والذى يمدها بحوالى 55.5 مليار م3 من المياه ، وهناك مصادر أخرى أقل أهمية ، مثل مياه الأمطار التى تسقط على السواحل الشمالية ، والمياه الجوفية التى لا يتعدى السحب الأمن بالإمكانيات الحالية أكثر من 2.5 مليار م3 ، إضافة إلى إمانية إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى فى حدود ما بين 3- 4 مليار م3 ، وبذلك تكون جملة الموارد المائية المتاحة حاليا فى حدود 61.5 مليار م3 وجملة الاستخدامات فى الرى والاستخدامات الصناعية والمنزلية ولأغراض الملاحة والكهرباء تصل إلى أكثر من 62 مليار م3 ، وليس فى الأمد المنظور إمكانية لزيادة الموارد المائية سوى بترشيد الاستخدام ومحاولة تقليل الفاقد ، وإلا سوف نعانى فى السنوات القادمة من درجة أكبر من الشح المائى .
وإذا كان متوسط نصيب الفرد من المياه العذبة المتجددة فى مصر مصر حاليا جوالى 830 م3 لكافة الأغراض ، بينما حد الفقر المائى لا يقل عن 1000م3 وأن هذا النصيب يقل بأستمرار فى ظل ثبات كمية الموارد المائية مع تزايد عدد السكان وارتفاع احتياجاتهم المختلفة ، فأننا بذلك نكون مهددين فى العنصر الحدى الحاكم فى التوسع الزراعى والعمرانى سواء فى الوادى أو الصحراء .
ومصادر المياه العذبة بالصحراء تنحصر فى الأمطار التى تتساقط على السواحل الشمالية بقدر متواضع يصل متوسطها إلى حوالى من 100- 150 مم فى العام تكفى بالكاد لنمو نباتى محدود ، وتتجمع بعض مياه الأمطار وتتحول إلى سيول جارفة فى بعض الوديان ، وقد حاول بعض المصريون أخيرا حجز هذه المياه بإقامة السدود لمجاريها ، إلا أن محاولتهم لم تكلل بالنجاح ، وهنالك دراسة حديثة لإمكانية تخزين حوالى 25 مليون م3 من مياه السيول بشمال سيناء .
أما عن مخزون المياه الجوفية بالصحراء فأنه توجد طبقات حاملة للماء فى التكوينات الجيولوجية فى صحارى مصر ، لعل أشهرها هى طبقات الحجر الرملى النوبى فى الصحراء الغربية والتى تغذى واحات الوادى الجديد ، وهى طبقات سطحية يكون الماء فيها غير بعيد من 60 - 100 م ، وفى الواحات الداخلة والخارجة تكون أعمق عن ذلك ، وهذه المياه عبارة عن مورد حفرى قديم لا يتجدد إلا بما ينتقل بين الطبقات الحاملة للماء ، لذلك تحتاج هذه الموارد إلى الاقتصاد فى استخدامها حرصا على احتياجات الأجيال القادمة ، وهناك إمكانية سحب حوالى 25 مليون م3 فى السنة من خلال أبار سطحية فى وادى العريش لزراعة ما يقرب من 4 آلاف فدان .
أما خزان الصحراء الغربية فيسحب منه فى الوقت الحاضر حوالى 400 مليون م3 بشكل سطحى، ولكن تناقص تصرف بعض الآبار وتوقف تدفق الكثير منها أستوجب أستخدام محطات رفع جعلت ثمن أستخراج المثر المكعب بعد رفع سعر الطاقة يزيد عن 16 قرشا ، وتستخدم هذه المياه فى الوقت الحالى لزراعة 43 آلف فدان فى الوادى الجديد ، ويحتاج الفدان إلى حوالى 7500 م3 تبلغ تكلفتها الحقيقية 1200 جنيه فى السنة ، مما يجعل من الزراعة فى الصحراء عملا غير اقتصادىوغير مجد ، فإذا أضفنا إلى ذلك أن كمية المياه المتاحة فى الصحراء هى كمية محدودة لا تزيد بأى حال عن 4 مليار م3 لأيقنا أن التوسع الزراعى فى الصحراء لن يؤدى إلا إلى زيادة طفيفة فى جملة الإنتاج الزراعى فى مصر .
ومما يزيد من صعوبة إمكانية التوسع الزراعى فى الصحراء أن رفع المياه بالطرق التقليدية أصبح غالى التكلفة مما يجعل أستخدام هذا المورد الثمين فى الزراعة من الأمور التى تدخل فى باب التبديد ، فمردود أستخدام المياه فيها قليل مقارنة بمختلف الأنشطة الأخرى ، وحتى فى المناطق التى يتدفق فيها الماء دون حاجة إلى رفعه ، فأن مردود الزراعة يكون ضئيلا حيث أن الأمر يحتاج إلى أساليب صرف للمياه ترفع من تكلفة الإنتاج الزراعى ، وأبرز الأمثلة لذلك ما يحدث الآن فى واحة سيوه حيث تسبب تفجر المياه فيها فى ارتفاع منسوب المياه الأرضية وزيادة الأملاح وتدهور زراعتها مما سيؤدى بكل تأكيد إلى اختفاء هذه الواحة فى غضون الخمسين سنة المقبلة ما لم يتم إيجاد حل لصرف المياه الزائدة عنها ، ولنا فى الماضى عبرة ، فقد تسبب تدفق المياه فى غابر الزمان إلى أتشاء مناطق واسعة فى منخفضات الواحات الخارجة والداخلة ، بل واحات كاملة أخرى كانت زاهرة فى ماضى الزمان اختفت تماما اليوم عندما دق الرومان الآبار فيها دون حساب لاستخراج الماء من الطبقات السطحية فتفجرت العيون فى أماكن كثية وتحولت أجزاء من هذه المنخفضات إلى بحيرات ، فلما أنتهى مخزون المياه تركت الواحات خرابا .
الـطـــاقــة
· يوجد البترول والغاز الطبيعى بكميات تفيض عن الحاجة الآن فى مصر .
· تصدير هذه الطاقة يعتبر شكل متخلف بالنسبة لمصر ، فإذا صح ذلك بالنسبة للدويلات قليلة السكان ، فأنه لا يصح بالنسبة لمصر .
· مصر لديها قاعدة من العلماء والخبراء تمكنها من الاستفادة من هذه الثروات فى بناء قاعدة صناعية يمكن أن تدر أضعاف عملية تصدير هذه الطاقة ، كما أن ذلك يمكن أن يساهم فى تقليل معدلات البطالة خاصة بين المتعلمين الذين يمكن أن يشاركوا فى مثل هذه المشروعات .
ويمكن أن نخلص من كل ذلك إلى أن ما يحدث الآن يعتبر تبديد للموارد الطبيعية والبشرية التى تزخر بها مصر بدلا من أن تكون أساسا لتعمير الصحارى وتحسين حياة أبنائها ، وذلك بإقامة الصناعات بجوار مصادر الطاقة وتوفير الخامات مثل منطقة خليج السويس ، حيث تتوفر خامات الفوسفات والبوتاسيوم اللازمتان لصناعة الأسمدة ، كما تتوفر فى مناطق عديدة من الصحراء المصرية الخامات اللازمة لصناعة الأسمنت والسبائك المختلفة ، أما أفضل المناطق للزراعة فهى المناطق التى تتدفق فيها الآبار دون الحاجة إلى رفعها مع ضرورة الاهتمام بوسائل الصرف واستخدام الأساليب الحديثة فى الرى لقليل الفاقد وترشيد المتاح فى مثل هذه المناطق التى تعتبر المياه فيها العنصر الحاكم لاستمرار الحياة وللوفاء باحتياجاتنا الآن وفى المستقبل .









#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماعة الإدارة العليا - 4
- جماعة الإدارة العليا -3
- جماعة الإدارة العليا - 2
- جماعة الإدارة العليا
- رؤية أولية فى تخلفنا العربى - النموذج المصرى للتخلف - شخصنة ...
- رؤية أولية فى تخلفنا العربى وآفاق تجاوزه - النموذج المصرى لل ...
- رؤية أولية فى أسباب التخلف العربى وآفاق تجاوزه -الاقتصاد الر ...
- رؤية أولية فى تخلفنا العربى وافاق تجاوزه
- قراءات ورؤى حول مشروع سمير أمين - رؤية نقدية
- الفكر العربى وسوسيولوجيا الفشل المقالة الرابعة - التجارة الب ...
- الفكر العربى وسوسيولوجيا الفشل المقالة الثالثة. سوسيولوجيا ا ...
- الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية آم انقطاع المقالة الأخير ...
- الحضارة المصرية القديمة ...استمرارية آم انقطاع المقالة الراب ...
- الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية ام انقطاع المقالة الثالث ...
- اسكندرية مدينتى (1) بيروت الإسكندرية 00 التنوع يصنع الازدهار
- الحضارة المصرية القديمة 0اسمرارية 00أم انقطاع- المقالة الثان ...
- الحضارة المصرية القديمة ..استمرارية أم انقطاع- المقالة الأول ...
- لماذا سؤال الهوية ؟! ( المقالة الأخيرة )0
- لماذا سؤال الهوية ؟! ( المقالة الرابعة )0
- لماذا سؤال الهوية ؟! المقالة الثالثة


المزيد.....




- الولايات المتحدة تسحب ترخيص التعامل مع قطاع الطاقة الفنزويلي ...
- المركزي العراقي يحذر من عمليات شراء وهمية للدولار
- النقد الدولي يرفع توقعاته لاقتصاد روسيا
- وزير الزراعة السوداني: الحرب أفقدتنا زراعة 10 ملايين فدان
- إسرائيل تصادق على خطة بـ5 مليارات دولار لتطوير بلدات غلاف غز ...
- نيوم السعودية تعرض أمام 500 من قادة الأعمال في الصين فرصا لل ...
- إيطاليا تقدم تمويلات لتونس بنحو 112 مليون دولار
- سلام: 10 مليارات دولار خسائر الاقتصاد اللبناني بسبب الحرب
- معظم أسواق الخليج تواصل الهبوط.. وبورصة مصر ترتفع
- صندوق النقد يحذر من تفاقم الدين العالمي بقيادة أميركا والصين ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فتحى سيد فرج - حلم الخروج من الوادى