أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناهد بدوي - الاحتلال والديكتاتور














المزيد.....

الاحتلال والديكتاتور


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 1782 - 2007 / 1 / 1 - 09:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الملاحظ أن مشهد إعدام صدام حسين قد أثار شعوراً بالغثيان والاختناق والقلق عند أغلب أبناء المنطقة العربية، فهو لم يثر شعوراً بالفرح عند أعدائه ولا بالحزن عند أصدقاءه لأنه عملياً قد أصبح من الماضي ولا يعني الشيء الكثير. إن الذي يعني الجميع الآن هو الحاضر والمستقبل الذي يبدو مظلماً. إن الذي يعني الجميع الآن أولئك الذين قاموا بإخراج فيلم إسقاطه ومحاكمته وإعدامه. فهم تحديداً الخطر الحقيقي الآن.
في تتالي الصور الذي عرضته الأقنية التلفزيونية والذي يبدأ بسقوط تمثال صدام حسين وينتهي بمشهد إعدامه، مروراً بالقبض عليه، ومشاهد محاكمته، ظهرت بشكل جلي طبيعة الإخراج الرديء للفلم الهوليودي الأمريكي الطويل في العراق.
اللافت للنظر في هذا الفيلم هو التشابه الكبير بين العقلية الأمريكية ومستواها الفني منذ دخول القوات المحتلة إلى العراق، وبين العقلية التي حكمت سلوك الديكتاتور الذي أسقطوه. السمة الأساسية المشتركة هو استخدام مبدأ القوة المطلق في السيطرة، ولكن أيضاً دعونا نتذكر أكثر من ذلك ونبدأ بالتعتيم الإعلامي الذي رافق الحرب على العراق منذ أول يوم دخلت فيه قوات الاحتلال إلى العراق. ثم انتقاء الصحفيين الذين رافقوا قافلة الاحتلال بدقة. ثم الحملة الشعواء على وسائل الإعلام التي يختلفون معها. وصولاً إلى التركيز على الشعارات الرنانة وتعداد الانجازات والإخراج المسرحي الرديء للحدث الذي يريدون الإعلان عنه.
ولكن أكثر ما هو لافت للنظر في هذا التشابه الأمريكي مع الأنظمة الاستبدادية هو الإصرار الدائم على تصوير الناس وهم يرقصون كالقردة فرحاً بالانجازات العظيمة، انجازاتهم هم! لا انجازات الراقصين أنفسهم. نشهد الطريقة نفسها في الحركة المدروسة والموجهة للكاميرا فقط .فكلما اقتربت الكاميرا من الراقصين ازدادت حماستهم في القفز والرقص الخالي من العفوية والفرح الصادق.
يستغل الأمريكيون عادة القدرة الهائلة لوسائل الإعلام في خدمة مصالحهم، خصوصاً إذا علمنا أن الولايات المتحدة تمتلك اليوم 56% من بنوك المعلومات في العالم، بينما تعود نسبة 27% منها إلى دول الاتحاد الأوربي، و12% إلى اليابان، فيما تبقى نسبة 1% فقط لدول العالم النامي مجتمعة. أليس من اللافت للنظر أنهم لم يستخدموا إمكانياتهم وبراعتهم تلك؟؟. بل انتقلوا إلى أسلوب أكثر همجية وتخلفاً في التدخل في مصائر الشعوب، من أساليبهم السابقة التي تعتمد على الغزو الثقافي والإعلامي التي عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "جورج شولتز" في وصفه لتقنية البث المباشر "بأنها أنجع من أسلحة نووية عديدة لغزو الكتلة الشرقية، وإن شعوب أوربا الشرقية ثارت على الشيوعية لأنها تمكنت من التقاط برامج التلفزيون الغربي والأمريكي".
لقد استخدمت الصورة في العراق بنفس الطريقة التي يستخدمها الديكتاتور وبالذوق المتدني نفسه. وفي كل مرة كنت ألمس قصدية تأثير الصورة كنت أشعر بالاهانة الموجهة لنا وكأننا شعوب لا يناسبها إلا شكل واحد من الخطاب، وهذا المستوى الفني الرديء جداً، والإخراج الذي يشبه المسرح المدرسي الذي يوصل الفكرة بشكل مباشر وعبر الحركة المباشرة الدالة بشكل حسي على الفكرة المراد إيصالها. وكأنهم يتوجهون إلى شعوب طفلة ومحدودة ولا تحتاج لجهد كبير وتقنية عالية وإخراج متقن للصورة كي ننجح بالسيطرة عليها. لذلك تخرج سقيمة وقبيحة تشبه تلفزيونات الأنظمة المستبدة حيث تتم السيطرة على المجتمع بالقوة العسكرية المباشرة وليس بالصورة أو الوسائل المتطورة التي تحاول السيطرة على عقول ذكية في مجتمعات ديمقراطية.
الاحتلال الأمريكي لم يبذل جهداً كافياً كما رأينا. ويكمن السبب في طبيعته العنصرية بالذات، حيث ينظر إلى شعوب المنطقة وكأنهم دون الحضارة.
يمكن أن تكون الايجابية الوحيدة لما يجري هي أن الحقيقة أضحت واضحة فاضحة لا تقسم الناس إلى معسكرين، واحد معها والآخر ضدها، وهذا ماحصل عشية احتلال العراق، بل توحدهم ضد حقيقة الاحتلال الأميركي الوحشية والعنصرية بامتياز. والتي تتلخص بأنهم مستعدون أن يدفعوا شعوباً بكاملها ثمناً لاستمرار سيطرتهم على العالم.



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف ضد النساء والعنف ضد المجتمع
- الديمقراطية ضحية الاحتلال والحرب
- مجتمع إسلامي أم مجتمع ذكوري؟؟؟
- عذرا عمر أميرلاي
- عودة الروح _ جيل السبعينات وجيل الألفية الثانية
- عودة الأيديولوجية القديمة
- أنا مثلكم موجوعة، وأشعر باليتم
- نساء ممنوعات من السفر ونساء مسرحات من العمل
- القمع التافه
- لماذا تأخر الشرق الأوسط عن الديمقراطية
- الصحافة الصفراء ومعهد آسبن في باريس
- تمرد لغوي عودة تاء التأنيث
- رسالة قصيرة إلى زياد رحباني
- تراث طمس الاختلاف العلم السوري وإعلان دمشق
- لا..للعقائد التي تقتل التنوع والأطفال - فيلم السقوط
- اقتصاد سوق اجتماعي بدون تعاقد اجتماعي
- العلمانيون المؤمنون والعلمانية بمعناها الواسع
- لن يكون دستورا ديمقراطيا إذا لم توافق عليه النساء الديمقراطي ...
- نــــــــــداء إلى جميع المنظمات النسائية
- خلاف في الأقبية!! على مفهوم الوطنية الذي لا يتجزأ


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناهد بدوي - الاحتلال والديكتاتور