أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - مسقط رأس_ثرثرة














المزيد.....

مسقط رأس_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 08:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من هنا يبدأ العالم. هنا ينتهي العالم. قرأت العبارتين في رواية( العام الأخير لريكاردو ريّس) أحد أبرز الأنداد عند بيسوا, لمواطنه سارا ماجو الشيوعي حامل نوبل للآداب. توقفت مليا عند كل عبارة لوحدها.
أجل من كل مكان يمكن القول: من هنا يبدأ العالم أو ينتهي العالم. في حياة كل منا عالم قائم بذاته, يتقاطع ويختلف ويشترك مع العالم الموضوعي, ويبقى العالم الشخصي الخاص بي وبك, أكثر من مدخل وباب للعالم.
أنا الآن في منزل العائلة في حراما لوحدي_ ولأول مرة. البيت الذي أمضيت فيه طفولتي وشبابي الأول, ورافقت بناء غرفه وأشجاره الكتف على الكتف. بعد 46 عاما من صرختي الأولى فيه, أكون لوحدي, الأب مات والأم العجوز تزور أولاده في دمشق, والبيت الذي كان بالفعل مثل وكر فئران, هو الآن فارغ وشاسع ومنه يبدأ العالم.
البرد قارس في الخارج, شتاء بيت ياشوط وقسوة جبالها وهوائها وبشرها وشجرها وحيواناتها. المكان الذي بقي طويلا "هو العالم" بصعوبة أمضي يومي فيه.
في بيت نبيل ورغداء سمعنا خبر إعدام صدام صبيحة العيد. بين الذهول والصدمة في غابة مشاعر تختلط فيها الشفقة بالتشفي ونوازع الانتقام, شاهدنا منظر الجنود الصغار يلفّون الحبل حول رقبة رجل بقي لعقود, أسطورة الجبروت والقسوة, رجل اختصر شرق المتوسط في حياته الشخصية, من التشرد بلغ ذروة المجد والتسلط, وعاد إلى حبل المشنقة, جسد بائس متهالك.... إلى متى سيبقى هذا الشرق مسرح الوحشية واللامعقول, وأنهار الدم تتدفق في سواقيه وبين نخله وزيتونه؟! متى نفهم أن الدم يغسل بالماء, والتسامح دواء العنف المزمن؟!
*
اتصّل أحمد جان عثمان من كندا, هو بخير ولديه عمل هو ونورما والصبيتين في المدرسة. نصف الكلام غير مفهوم بسبب التقطّع, احمد يجيد العربية أكثر مني, وسوريّته حقيقية أكثر مني, سنتراسل, سنكمل حوارنا المبتور...في بلادنا الكلام جوهر المحظور, في بلاد الندم.
أمام كمبيوتري وفي غرفتي نفسها, نعم أحمد, ما نزال في نفس البيت, وأما البيوت التي أكتب عنها هي في الخيال والأحلام والمخاوف, لدي "قابلية الإيحاء" دائمة التحفّز, بسبب سوء المناخ والأحوال وتقلبات الطقس والسياسة والأمزجة, لا شيء يبقى على حاله سوى اليأس .
إنه اليوم الأخير في سنة 2006, سنسهر...لا أعرف, سأقوم بجولات طويلة, إلى الكورنيش الجنوبي ومقاهي الشيخ ضاهر, وهل أحاول تناول كأس في النقابة أو السفينة أو هوى بحري أم في الشراع, ربما , مع من ارغب في التسكع اليوم الأخير في السنة....من يتذكرني الآن؟
مع أن القلق التوقّعي عندي في مستوياته العليا غالبا, تثيرني التواريخ الحديّة الشخصية والمشتركة, وفي أيام كهذه شعوري طيب ومزاجي رائق, أمامي خيارات متعددة, والبقاء بمفردي للقيام بعملية جرد نفسي وفكري للسنة أمر يمتعني, كما ارغب بالمشاركة في الشراب والاحتفال والثرثرة. الواقع النفسي الشخصي يحدد النهايات والبدايات, ويضفي طابعه الخاص على الوجود والعلاقات والأشياء.
*


ماذا يعني مسقط الرأس, المكان الذي ولدنا فيه؟
ماذا تعني الأمكنة التي نجهل وجودها وأنظمة عيشها المختلفة؟
ربما كنت اليوم لأختار بلدة في الهند, تلك التي حملت أسطورة بوذا وحياته, لو كان بمقدوري اختيار مكان لتمضية هذه الليلة, أمكنة كثيرة أخرى تضيئها صديقات وأصدقاء, ما زلت أعتقد أن المكان يكتفي بوجوده.
إلى أرصفة اللاذقية ومقاهيها ستتجه يا حسين, صبيحة رأس السنة, وكأنك لن تراها ثانية, ترغب بشرب كل خمورها ومحادثة جميع أوغادها وحكمائها, وترغب أكثر بتقبيل جميلاتها, نعم الجميلات في اللاذقية, كل يوم يزددن جمالا, وأنا أتقهقر إلى أرذل العمر. عليّ أن أتقبل هذه الحقيقة وأتعامل معها بحكمة, سنة سنتان وأكثر بقليل ولا يتبقى لي نصيب مع الجميلات سوى متعة النظر ودفء المؤانسة.
الطريق إلى القبر صار قصيرا, خلاصتي من جولة اليوم, مقهى الحكيم امتلأ بالنساء غير الجميلات, صحيح لا توجد امرأة قبيحة, لكن توجد كثيرات غير جميلات.
مع كأس من الريان السوري العظيم أبدأ أمسيتي, ربما اخبّص في الشراب اليوم, ويسكي وخمور وعرق, اليوم سماح, والأنا في أفضل حالاتها, لتخفف من قسوتها وصرامتها.... بصحتكم أيها الأصدقاء, تستحق حتى سنة مثل 2006 الاحتفال, ربما القادمة أجمل.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأدوار المهملة_ثرثرة
- عام جديد سعيد _ثرثرة
- رسائل جانبية_ثرثرة
- بيت في ساقية بسنادا_ثرثرة
- عودوا إلى شرب الشاي ....يا اصدقائي_ثرثرة
- مركب في الرمل_ثرثرة
- مرام في هونغ كونغ_ثرثرة
- الغراب الأبيض_مسودة خامسة
- اسم قديم للموت_ ثرثرة
- الموضوعية في (النظر والتفكير والسلوك) _ثرثرة
- المرأة ذات الجمال الخارق_ثرثرة
- سجن الذكريات_ثرثرة
- البيت الذي اسكنه الآن_ثرثرة
- كم نتشابه يا أخي_ثرثرة
- النظر من هناك_ثرثرة
- أرصفة أخرى_ثرثرة
- درس التواضع_ثرثرة
- هل تمارس النساء العادة السرية_ثرثرة
- إدارة الغضب_ثرثرة
- طريق اللاذقية دمشق حلب_ثرثرة


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - مسقط رأس_ثرثرة