أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - دلور ميقري - حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 3















المزيد.....

حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1781 - 2006 / 12 / 31 - 08:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


رابعاً ـ النمْنمَة والفنّ المحرَّم

" لم يبدأ باموك كاتباً ، بل بدأ رساماً . رسم بغزارة حتى سن الثانية والعشرين ، وكان يقول أنه سيتفرغ للرسم . تابع في جامعة إسطنبول التقنية ، دراسة الهندسة المعمارية . لكنه بعد سنة إتخذ قراره : لا للرسم ولا للهندسة المعمارية . وتحوّل إلى الصحافة ، حيث تخرج من المعهد العالي للصحافة في جامعة إسطنبول ، لكنه لم يمارسها أبداً . في عمر الرابعة والعشرين ، قررَ : سأكون روائياً " (1) . هذه الكلمات ، المكثفة ، التي توجز ما طرأ من تحوّلات على مسيرة أورهان باموك ، نستلّ منها إشارة مهمة عن الهاجس ، الأول ، لروائي المستقبل ؛ ألا وهوَ فنّ الرسم . إنّ روايات باموك إنطوَت على لمحات من شغفه هذا بالألوان ، وكما نلاحظه إعتباراً من قراءتنا لعناوينها ؛ كـ " القلعة البيضاء " و " الكتاب الأسوَد " . فضلاً عن " إسمي أحمر " ، المنذورة كلياً للإحتفاء بالفنون الإسلامية ؛ حتى أنه ليجوز لنا التأكيد ، بأنها الرواية الفريدة في المشرق الإسلاميّ ، التي ذخرت بكل تلك التفاصيل ، الآسرة ، عن التصوير والعمارة في القرون الوسيطة . جدير بالتنويه أيضاً ، أنّ لمحات من سيرة الكاتب ، الشخصية ، مبثوثة هنا وهناك في هذه الرواية : كما في التفاصيل الخاصة بمنشأ البطل ( " قرة " ) وموهبة الرسم لديه ، التي تطورت لتكون حرفته . فضلاً عن أن صوت الراوي ، الذي تقمصه بطلنا هذا ، يحيل إلى إتجاه المؤلف باموك إلى حرفة الكتابة : ولم يكن إتفاقاً ، برأيي ، أن يفرد المؤلف في نصه فقرة للطفل المسمى " أورهان " ( إبن " شكورة " ) ؛ مُستلهماً فيه إسمه الأول بالذات . وحتى إسم الحبيبة ( " شكورة " ) ، فهوَ إسم زوجة أورهان باموك ، الفعليّ ! وعطفاً على إشارتنا ، في مستهل المقالة ، عن مسألة عنوان " إسمي احمر " ، فلا بدّ أن يستوقفنا قبل كل شيء المغزى في إسم بطلها ، " قرة " ؛ الذي يعني بالتركية إسم أحد الألوان أيضاً : الأسوَد . وهذا الإسم ، يبدو أنه يُطلق على المولود ، الأسمر السحنة . إلا أننا لم نعثر في النصّ على ما يشير إلى تلك الصفة ، المميزة ، لدى بطلنا . وربما أنّ ثيمة " القرين " ، الروائية ، قد تمنحنا تفسيراً ما للمعضلة . فحبيبة بطلنا الأولى ، " شكورة " ، أصابها اليأس من غيابه الطويل في رحلة له إلى بلاد العجم ( إيران ) . ولا تلبث أن تقترن بفارس وسيم ، إختارته بنفسها ؛ كما راحت تتباهى في مناجاتها : " عشقته فوراً ، جسمه أبيض ، ووجه مائل إلى السمرة ، وعيناه خضراوان ، وذراعاه قويتان ولكنه يبدو بريئاً ، وهو صامت كطفل نائم " (2) . ولكن هذا الزوج ، الفارس ، ما عتم أن رحل مع الجيش إلى إيران لمحاربة الصفويين ، فلم يرجع أبداً من إحدى المعارك الدموية ، وعُدّ مفقوداً : هيَ ذي ثيمة " القرين " ، تتجلى هنا كما سنرى . فالزوج ، يُشبه الحبيب الأول ، على الأقل من ناحية ما باحت به " شكورة " من صفات الوسامة فيه ، إلى خجله وإنطوائه . كذلك يستوقفنا هنا ، أنّ الرجليْن كانا قد تبادلا فعلاً موقعيهما بالنسبة لهذه المرأة : الحبيب يرحل إلى بلاد العجم / والزوج المنتظر يحضر على الإثر ليقترن بها = الزوج يرحل للحرب فيقتل على الأرجح في إيران نفسها / والحبيب الأول يعود منها ليتزوجها . وبما أننا ما فتئنا في ما يمكن نعته بـ " عالم العلامات " ، فلنقل إذاً أنّ بطلتنا هذه ، أعطتنا علامة بخصوص ما سيدهم الحكاية من أحداث دموية ، كان الفنّ المحرّم مسببها . هاهيَ " شكورة " تستعيد ذكريات طفولتها مع " قرة " ، الذي يكبرها بدزينة من الأعوام : " كان يرسم كل منا بخطوط وألوان معينة مازحاً في بعض الأحيان : أنا بالأزرق ، هو بالأحمر . وكأن هذا لم يكفِ ، فقد كتب إسمينا تحت " خسرو " و " شيرين " في الرسم . ترك الرسم في مكان أستطيع رؤيته وهرب كأن الذي عمله جريمة " . ( ص 60 )

سبق لنا في دراسة اخرى ، مقارنة ، بخصوص " إسم الوردة (3) ، أن أحلنا إهتمام أمبرتو إيكو بعالم القرون الوسطى ، الأوروبيّ ، في روايته الكبرى هذه ، إلى إختصاصه العلميّ في حقل السيميولوجيا ( علم الإشارات ) . وكانت فنون ذلك العالم ، التصويرية والمعمارية ، قد حفلت بها روايته ؛ حدّ أننا نذهب للقول بأنها كانت متفردة عن مثيلاتها ، الأوروبيات ، بهذا المضمار . وكما كان الحال في رواية باموك تلك ، فإن رواية إيكو هذه ، لا يمكن القول بأنها مبنية في سردها على الحياة المتشكلة للأبطال . فكل منهما كان يعطي نبذات هنا وهناك ، عن ماضي أولئك الأبطال ونتفا من طفولتهم . وإذ شاء مؤلفُ " إسمي أحمر " منحَ السرد أصواتا متعددة ، فبالمقابل حصَره كاتبُ " إسم الوردة " بصوت الراوي ؛ الراهب " إدسو " ، الذي من المفترض أنه مؤلف المخطوط ، المزعوم ، الشاهد على أحداث الحكاية . قلنا أن هذا الراهب كان في رحلة إلى مكان عمله ، الجديد ، في دير لطائفة الفرنسيسكان ، الكاثوليكية ، حينما صادف خلال طريقه " غوليامو " ؛ الرجل الذي سيصبح معلمه ، والمقدّر له أن يضطلع بصفة " المحقق " في الرواية . إنّ ثيمة " القرين " ، الروائية ، ملحوظة هنا في ثنائية " المعلم والتلميذ " هذه . والقرين هنا ، لا يستعير ضميراً غائباً ـ كما كان الأمر في " إسمي أحمر " ، بالنسبة لزوج شكورة ـ بل هوَ أمامنا كشخصية محورية في السرد ( غوليامو ) ؛ وبصفاته الشخصية ، المقتدرة ، كما يقدمها لنا تلميذه : " هكذا كان أستاذي . لم يكن يعرف قراءة كتاب الطبيعة الكبير فحسب ، بل والكيفية التي كان الرهبان يقرأون بها الكتب المقدسة ويفكرون من خلالها " (4) . وكنا قد برهنا في دراستنا الأولى ، الموسومة آنفاً ، بخصوص " إسم الوردة " ، أنّ ثنائية المعلم والتلميذ ( المتكئة هنا على ثيمة القرين ) كانت صدىً للسيرة الشخصية للمؤلف إيكو ، بالذات . وعوداً إلى تلك الجملة الأخيرة ، الواردة على لسان " إدسو " ، لنستجلب منها علامة على ما سيدهم الدير من أحداث دموية . إن تشديد الراوي على " معرفة " أستاذه بالكيفية التي كان الرهبان يقرأون بها الكتب المقدسة ويفكرون من خلالها ؛ هكذا تشديد ، يحيلنا إلى طبيعة عمل أولئك الرهبان وماهية الكتب تلك . إننا هنا ، في " إسم الوردة " ، في غمرة عالم الدير ، المحدود المكان ؛ ولكنه في آن " عالم مصغر " ، بحسب وصف " غوليامو " ، سالف الذكر . بعبارة أوضح ، فقد شاء المؤلف أن يكون هذا الدير ، الصغير ، صورة عن عالم القرون الوسطى الأوروبيّ ، بأسره ؛ وبكل معالمه وأشيائه وكائناته وصراعاته ومشاكله وأسراره . وإذ كان عملُ نقاشي الدير مقترناً بتزيين الكتب ، فمما له مغزاه هنا أن تكون تلك الكتب ، المقدسة ، محظوراً عليها في البناء الغامض ، الملغز ، المنعوت بـ " المكتبة " ؛ والتي وصفها الراوي بالمتاهة : " لا يجوز الدخول إليها ، لأن فيها كتب السحَرة واليهود والوثنيين والكفار [ يقصد المسلمين ] ، هي متاهة روحية ، ولكنها متاهة أرضية أيضاً . فقد تقدر على الدخول إليها ، وقد لا تقدر على الخروج منها " . ( ص 58 )

قلنا أنّ النقاش الميّت ، " ظريف أفندي " ، في رواية باموك ، هوَ من إبتدهَ السردَ بحكايته ؛ عبْرَ مناجاةٍ شجنة ، وساخطة في آن ، عبّر فيها بشكل خاص عن ألمه لمصير عائلته التي تبحث عنه ، دونما أن تعلم بأنه مستقرّ في أعماق جبّ مهجور . وعلى هذا ، فلدينا في النصّ " مفقودٌ " آخر ، بعدما علمنا بحكاية زوج " شكورة " ، الأول . الفقرة التي عنوانها " أنا ميت " ، الخاصة بنقاشنا ، لن يتاح لها مرة ثانية أن تبثّ مناجاته . ونرجحُ تفسيرَ ذلك ، بكونه مقترناً بالعثور على جثة النقاش نفسه ؛ فهوَ قد ماتَ وكفى . وبأيّ حال ، لدينا من تلك المناجاة علامة ، بيّنة ، على الجريمة التالية المُقدّر لها في الأسبوع التالي مباشرة ً أن تطال ، أيضاً ، أحد نقاشي القصر : " وراء موتي مؤامرة مقرفة على ديننا ، وتقاليدنا ، ورؤيتنا للعالم . إفتحوا أعينكم ، واعرفوا لماذا قتلني أعداء الإسلام الذي تؤمنون به ، وتعيشونه ، ولماذا يمكن أن يقتلوكم في يوم ما " ( ص 11 ) . سيتناهى لنباهة القارئ بعدئذٍ ، أنّ ما أسماه ظريف أفندي بـ " المؤامرة " ، له علاقة بمهمة كلف بها مع زملائه النقاشين ، ألا وهيَ تحضير رسوم منذورة لترقيش " سَرْنامة " ( وتعني بحسب المترجم : وقائع إحتفال رسمي في كتاب مرسوم ) ، أمرَ السلطان بإنجازها كيما تهدى إلى دولة البندقية . ولكنّ ما يضفي على الأمر إشكالاً مضاعفاً ، كون هذا الكتاب ، تحديداً ، مضروباً عليه نطاق محكم من الكتمان وبأمر من الذات العليّة نفسها . هوذا بطلنا ، قرة ، يدخل السردَ بعودته من بلاد العجم ، نشداناً للمهمة الموسومة . فهوَ يفيدنا بأنه تلقى رسالة من زوج خالته ( والد شكورة ، حبيبته ) ، طالباً منه العودة إلى إسطنبول لمساعدته في " كتاب سريّ " يحضّره بأمر السلطان . إنه الرجل ، الذي ستعرّفه الرواية خلال فقرات خمس بهذا العنوان ، " أنا زوج خالتكم " . وهوَ أيضاً الضحية الثانية التي ستنهال عليها ضربة القاتل ، المميتة . سيتاح لزوج خالتنا إذاً ، الكثير من الوقت لكي يحاول إجلاء ما غمض من أمر ذلك الكتاب السريّ : " إتفقتُ مع أمهر نقاشي النقش خانة السلطانية : أكلف واحداً منهم برسم كلب ، وآخر شجرة ، وآخر إطار مع غيمات في الأفق ، وآخر خيول . الأمور التي كلفتهم برسمها هي كتلك التي رسمها أساتذة البندقية " ( ص 38 ) . سنرى إثرئذٍ أورهان باموك ، بصنعته الأدبية الحاذقة ، كيف منحَ كلّ من تلك الرسوم فقرة ً خاصة لتتكلم بأصواتها ؛ وربما بهدف تدجين النصّ بالمفاهيم المتقاطعة مع مفهوم ذلك العصر ، الفنيّ . ومن المهمّ التنويه أيضاً ، بأنّ الأجواء الفنتاسية في السرد ـ التي إئتلفت مع أصوات تلك الكائنات والأشياء ، المرسومة ـ ستتماهى بصوت نقاشنا هذا ، في الفقرتيْن الأخيرتيْن اللتيْن إتيحتا له ؛ وبصفته كميّتٍ ، تحديداً . ولكن ما هيَ تلك الرسوم ، المفترض أنها مخصصة لذلك الكتاب السلطاني : " لقد نقشت يدي رسومي التي يراها كثير من الناس معجزة بمساعدة هؤلاء الجان والشياطين " ( ص 176 ) ، يقول المجرم ، المجهول ، في المناجاة الخاصة بصوته ، في الفقرة المعنونة بـ " سيقولون عني قاتل " ؛ هذه التي نعرف منها أنه أحد نقاشي القصر . هيَ ذي ثيمة " الفنّ المحرّم " ، تطالعنا هنا . فالمعروف أنّ الفن الإسلامي عصرئذٍ كان يحرّم تصوير المخلوقات الحيّة ، بحجة شبهة التمثل بالخالق . فكان أن إنحصرت مشاغل الفنانين بالنقوش والزخرفة والنمنمة ، وخصوصاً تزيين الكتب . ويبدو أنّ نقاشي السلطان ، وبتدبير من معلمهم ، المدعو زوج الخالة ، كانوا على بعض الحرية ؛ كأن يُسمح لهم بقضاء بعض الأعمال في منازلهم ، مما أتاح لهم تدبيج الرسوم غير المسموح بشغلها في النقش خانة . ولا يخفي زوج الخالة " خطيئته " تلك ، ما دام يُخاطبنا من خلف دياجير موته : " خلال العشرين سنة الأخيرة من حياتي تأثرت برسوم الكفار التي رأيتها في البندقية . حتى أنني طلبت عمل رسم شخصي لي حسب أصولهم ، ولكنني خفت من هذا " . ( ص 340 )

وها نحنُ في البلد الذي يحتبي " البندقية " ؛ تلك الإمارة الإيطالية التي أخبرنا زوج الخالة للتوّ ، ( في رواية باموك ) ، عن تاثره بأساليب رساميها . إننا على عودة إذاً ، إلى عالم كاتبنا إيكو ، القروسطي . في سبيل مقاربتنا " إسم الوردة " مع " إسمي أحمر " ، يستوقفنا هنا العلاقة ، الخاصة ، التي كانت قد ربطت النقاش " ادالمو " ، القتيل الأول ، مع " بيرينغاريو " ، مساعد حافظ المكتبة ؛ هذا الذي ما عتم بدوره أن أضحى الضحية الثانية للقاتل : ففي رواية باموك أيضاً ، كان القتيل الأول ، النقاش " ظريف أفندي " صديقا مقرباً لزوج الخالة ، القتيل الثاني ، الذي كان مساعداً للأستاذ عثمان ، رئيس النقش خانة . إننا هنا في مجال موضوعة " الفنّ المحرّم " ؛ في كون القتيل " ادالمو " قد إرتكب معصية حينما رسم على كتاب رفائيل نمنمة ، غريبة عن التقاليد الدينية ، الرصينة ، للفنّ المسيحي : " رُسمَ عليه عالمٌ مقلوب بالمقارنة مع العالم الذي عوّدنا عليه حسّنا ؛ حيث تفرّ الكلابُ أمام الأرانب ، وتصيد الأيائلُ السباعَ ، وقردة ذات قرون " ( ص 101 ) . الأرجح أن قيام رسام أو أكثر ، من رسامي الدير ( الذين بالمناسبة ، يشغلون قاعة تشبه بناء " نقش خانة " رواية باموك ) ، بوضع نمنمات لأحد الكتب ، قد جعل الإطلاع على محتوياته أمراً ملحاً لباقي الزملاء ، الفضوليين . هيَ ذي علامة على النكبات التي ستضرب هذا الدير الهاديء ، المنعزل . فثمة معلومة ، يسوقها أحدهم عن " فينانسيو " ، أحد أولئك الرسامين القتلى ، من ضحايا المجرم الغامض . ويبدو أنه تجادل قبل موته ، حول " كتب معينة " ، مع " يورج " ؛ الكاهن الكهل ، الأعمى ، ذي القدر المعتبر في الدير . إذ إحتدّ غضب هذا الأخير ، عندما نوّه الكاهن الشاب بأنّ فيلسوفاً عظيماً كأرسطو خصص للضحك الكتاب الثاني من مؤلفه " الشعر " : " فلا بدّ أن يكون الضحك شيئاً هاماً " ( ص 134 ) . ها نحنذا أيضاً أمام معضلة " الكتاب السريّ " ، المكتنف في ثناياه مغامض المعرفة ، غيرَ القابلة للإفشاء للعلن . المعرفة ، التي كان " الفن المحرم " مسلكاً إليها ، لا يطرقه إلا كلّ مغامر بحياته ومصيره . ولكي يتمّ ضبط الأمور ووضعها في نصابها المعيّن ، من لدن القائمين على الدير ، المتوارثين إياه منذ القدم إلى لحظة السرد ؛ ما كان من غنى عن شخصية مرهوبة الجانب ، كالكاهن الأعمى ذاك . ها هوَ يشرح مفهومه للفنّ المسيحيّ ، منطلقاً من تشبيهات أدبية مجازية ، مستعيرة لسان يسوع ؛ وأنه قد أوصى بألا يتعدى كلامنا على كلمتيْ " نعم " و " لا " : " وإن ما زاد على ذلك هو عمل من الشيطان ، وأنه يكفي أن يقول المرء " سمك " للدلالة على السمك ، دون إخفاء المعنى بأصوات كاذبة " ( ص 135 ) . والطريف ، أنه بمقابل لفظ " الكفار " ، الذي كان سائداً في عصر " إسمي أحمر " للدلالة على المسيحيين الغربيين خصوصاً ؛ فإن اللفظ نفسه ، كان في زمن " إسم الوردة " منسوباً لصفة المسلمين . وكما إستمدّ " زوج الخالة " ، في رواية باموك ، معارفه الفنية من الأساتذة البنادقة في شبه الجزيرة الإيطالية ؛ فهذه الأخيرة بدَتْ في رواية إيكو ، على تماس مباشر مع المعارف الإسلامية ، المختلفة . وكان " غوليامو " أحياناً ، يردد لتلميذه الشاب نتفاً مما حفظه من تلك المعارف : " في علوم الرياضيات فقط ، كما يقول إبن رشد ، تتطابق الأشياء المعروفة لدينا وتلك المعروفة إطلاقاً " . ( ص 240 )

الهوامش
1 ـ محمد نور الدين ، جائزة للأدب التركي أم ضده ؟ ـ صحيفة " السفير " تاريخ 13 / 10 /2006
2 ـ أمبرتو إيكو ، إسم الوردة ـ الطبعة العربية في ليبيا 1993 ، ص 65 : وجميع إستشهاداتنا مستلة من هذه الطبعة
3 ـ يُنظر في دراستنا : عبور البشروش عبْرَ فضاءات إسم الوردة ـ منشورة في المواقع الإنترنيتية عام 2006
4 ـ أورهان باموك ، إسمي أحمر ـ الطبعة العربية في دمشق عام 2000 ، ص 43 : وجميع إستشهاداتنا مستلة من هذه الطبعة

* للبحث صلة ..

[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 2
- السلطة والمعارضة : الإسلام السياسي واللعبة الديمقراطية
- النبي ؛ هل كانَ جبرانُ نبأً كاذباً ؟
- الهولوكوست اليهودي والهلوَسة الإسلاموية
- سياحات : دمشق بأقلام الرحّالة 2 / 2
- نادية : نهاية زمن الرومانسية
- العتبات الممنوعة
- العصابة البعثية والتفجير الطائفي
- سياحَات : دمشق بأقلام الرحّالة 1 / 2
- جرائم أجاثا كريستي ، اللبنانية
- الحزب الإلهي وأولى ثمار الحرب الأهلية
- ناصر 56 : الأسطورة والواقع
- رحلاتٌ إلى مَوطن الجرْمان 3 / 3
- النظامُ القرداحيّ والقرون اللبنانيّة
- رحلاتٌ إلى مَوطن الجرْمان 2 / 3
- صدّام ؛ صورٌ شخصيّة للطاغيَة
- مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 2 / 2
- مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 1 / 2
- رحلاتٌ إلى مَوطن الجرمَان 1 / 3
- الحارَة ؛ بابُها وبشرُها


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - دلور ميقري - حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 3