أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - أسماء الله الحسنى من منظور ديالكتيكي















المزيد.....

أسماء الله الحسنى من منظور ديالكتيكي


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 1780 - 2006 / 12 / 30 - 12:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ليس ثمة من ضير في أن يصف الله نفسه في القران الكريم كونه ـ خير الماكرين ـ وغالبآ ما يوجه بعض النقاد اللادينيين سهام نقدهم للإسلام من هذه الزاوية.إن الله هو الحقيقة والحقيقة بطبيعتها ماكرة أي موضوعية ومستقلة عن وعينا ولذلك يصعب رصدها وإذا لم نكن أحرارآ في تفكيرنا حين نتوخى الحقيقة نجد أنفسنا دائمآ في حيرة وشك من قناعاتنا فالحرية هي فهم الضرورة الموضوعية والعمل على تغييرها تمامآ كالمؤمن العالم خير من المؤمن الجاهل في التعبير الإسلامي.والمكر في التفكير هو تبني المنطق الديالكتيكي الرصين وليس المنطق الشكلي الذي يعجز عن الربط بين الشكل والمضمون ، الظاهرة والجوهر ، وفي اللغة الكلمة والمعنى تمامآ كما يعجز اللادينيون والدينيون على السواء من غير الديالكتيكيين في منهجهم عن فهم المعاني الرمزية والفلسفية والجمالية البلاغية لكلمة الماكر كإسم لله أو الحقيقة المطلقة.
وتضع الماركسية أمام الإنسان إمكانيات كبرى لمعرفة الحقيقة والتقرب اليها عبر المنهج الديالكتيكي.والفرق بين الماركسية والهيغلية فرق بسيط ، لكنه نوعي الى درجة قيل عن ماركس أنه قلب هيغل على رجليه وكان قبله يقف على رأسه.أن هذا يشير الى ضرورة فهم الديالكتيك إذا كنا حقآ ، متدينين أو غير متدينين ، من طلاب الحقيقة المفعمين بالمكر والدهاء والفطنة.وتعترف الهيغلية بموضوعية وإستقلالية الحقيقة وتسعى لمعرفتها عبر الديالكتيك لكنها لا تضع أمام الإنسان إمكانية فعلية لمعرفتها فالحقيقة وفق هيغل ـ مطلقة المكر ـ في حين يضع ماركس الإنسان كمنتج لنفسه وتاريخه في عداد الماكرين ويعبر الإسلام عن هذه العلاقة بين الله والإنسان أو المطلق والشعور بالذات بالمصطلح الهيغلي كون الإنسان هو خليفة الله في الأرض.وإيمان الإنسان بالله ، وفق الإسلام ، أي حريته ، وفق الماركسية يتحدد بمستوى مكره ، أي معرفته للضرورة ، ووعيه لحركة التاريخ ، والضرورة هي الحقيقة النسبية في صيرورتها التاريخية أو الفعل الإنساني المغير الذي يرضي الله في التعبير الإسلامي ، ويحل المسألة الطبقية ويلغي الإستلاب وإستغلال الإنسان لأخيه الإنسان في التعبير الماركسي.
وقد يستغرب بعض القراء من اسلوبي هذا في الطرح ومحاولة التقريب بين الماركسية والإسلام ولهذا سأتحدث عن نفسي قليلآ.ويبدو من حسن حظي ، إني ولدت صابئيآ فهذا جعلني لا أضمر أي فوبيا أو ضغينة إتجاه أي دين أو فكر فالأديان والمذاهب بالنسبة لي هي مصادر للمعرفة وكل واحد منها لابد أن يحتاز جانبآ من الحقيقة.إنني أحاول دائمآ أن أكون ـ ماكرآ ـ وبقدر ما يسعفني ذكائي وفضولي ودأبي في سعيي للحقيقة لأنني أعرف أنها مستقلة وموضوعية خارج وعيي وهي دائمآ أكثر مكرآ مني لكني بقدر ما أزداد مكرآ ودهاء وذكاء في الرصد بقدر ما أقترب منها وهي الأخرى تقترب مني وتكون جادة في كشف نورها الكامن لي وهدايتي الى ذراها ، بتعبير ماركس في مقدمة رأس المال. في حين أن سخريتها مني تزداد بقدر جهلي ورعونتي وسيطرة الأوهام على منهج تفكيري.بل أني ومنذ سنوات تبنيت ، كتكنيك إضافي ، طريقة ستانسلافسكي في تدريب الممثل فأنا غالبآ ما أتقمص دور الاخر المختلف عني في الرأي أو الموقف إزاء الحياة والكون أو حتى من يمقتني كي أعرف أفضل مالديه فقد يكون هو على حق أو يمتلك وجهآ من أوجه الحقيقة لكنه يجهله أو غافل عنه وقد يكون الأمر معكوسآ فقد أكون أنا من يعمه في جهله وحسبي أني أتبع كل هذه الأساليب التي أمد بها جسورآ الى الاخرين كي لا أعيش على الأقل في جهل مظلم بعيدآ عن الحقيقة التي لا تحفل حتى بالسخرية من الجهلة والمغلقين على جهلهم والذين لا يتوقفون عن لوك وإجترار تمرات العبد الموروثة عبر الدهور وطوال حياتهم معتقدين أن هذا أفضل ما يفعلونه وأنه هو الحقيقة المطلقة.
إن النقاش الذي يجري حاليآ بين اللادينيين والمتدينين يفقد فحواه وتأثيرة إن لم يكن ضمن قنوات إيصال وجسور تبنى بين الطرفين ويتحمل في هذا المجال النقاد اللادينيون المسؤولية الأولى في إيجاد صلات الوصل هذه كونهم ينطلقون من العصر فيما يطرحون وما تم التوصل اليه من مناهج وحقائق في الفلسفة والعلوم.أتذكر كتابين شهيرين أصدرهما الدكتور صادق جلال العظم بعد هزيمة حزيران عام 1967 أحدهما بإسم ـ نقد الفكر الديني ـ ورغم الروح العلمية للكاتب واطلاعه على الماركسية إلا أن النقد وجه اليه من قبل العديد من الماركسيين وقتها كون كتابه كان يفتقر للمنهج التاريخي الديالكتيكي في النقد والطرح مما أدخل الكاتب في طروحات لا مخرج منها من مثل ديمقراطية ابليس وحريته في الإختيار وغيرها من المفاهيم الدينية ذات الطبيعة الرمزية وكون العلم ، مثلآ ، يتعارض مع وجود الله والأساطير الدينية.
لا شك أن للمنهج النقدي السوسيولوجي فوائد جمة في نسف القناعات الإجتماعية المتخلفة والخرافية للأفراد إلا أنه يبقى في نهاية المطاف منهجآ برجوازيآ قاصرآ ومثاليآ.إن اللاديني واللاأدري والوضعي يجدون أنفسهم دائمآ يدورون في ذات الدائرة غير المجدية للفكر الديني الذي يوجهون له سهام النقد إن لم يتبعوا المنهج الديالكتيكي في الطرح بسبب طبيعة وجوهر منهجهم الشكلي الذي يبعدهم عن جوهر المسألة التي يطرحونها.إنني حين أفكك أو أنتقد اسطورة ما علي أن لا أهمل بعدها التاريخي ، دلالتها الإجتماعية ، بعدها الرمزي الخاص الذي يضعها ضمن بعدها الكوني العام ، بعدها الجمالي ، وبكلمة أن لا أنسى العلاقة الديالكتيكية الرابطة بين ما هو فلسفي ورمزي ديني أو جمالي في هذه الأسطورة وإلا أكون قد جنيت عليها في باب من هذه الأبواب حتى لو خيل لي إني فندتها أو أطحت بها بمطرقة العلم.
إن الناقد اللاديني يمكن أن يبني جسورآ من التفاهم أو النقد البناء ويدخل مع مقابله المتدين في جدل مفعم وغني بصراع الأفكار إذا ما بحث مثلآ عن عناصر الديالكتيك في موضوعة من موضوعات النقاش الجاري فبدلآ من السخرية غير المجدية والشكلية من أسماء الله مثل المنتقم ، الضار ، المميت ، المهيمن ، المانع ، المذل ، المتكبر ، القهار ، الماكر بدلآ من هذه السخريةالتي قد تزيد الشقاق وتبعد التلاقي والتفاهم الإنساني المتبادل يمكن لي ، بل من واجبي كمنقب عن الحقيقة ، أن أنظر اليها من منظور ديالكتيكي.إن أسماء الله الحسنى في الإسلام مفعمة بعناصر الديالكتيك وبالأبعاد الثلاثة الرمزية والفلسفية والجمالية ـ البلاغية ـ بشكل أغنى وأوضح من الصياغات الهيغلية نظرآ للطاقة الحركية للكلمة العربية التي تضفيها عليها الحركات.إن قانون وحدة الأضداد جلي في ثنائيات الأسماء التالية التي ترد في الغالب متتالية ، القابض الباسط ، الخافض الرافع ،المحيي المميت ، المقدم المؤخر ، الأول الاخر ، الظاهر الباطن ، المقسط الجامع ، الضار النافع ، المبديء المعيد وهكذا العديد من الثنائيات الأخرى ذات الدلالة الكونية العامة أو التاريخية ذات الدلالة الإجتماعية المرتبطة بالصراع الطبقي مثل ثنائية المعز المذل.
وهناك أسماء تكتنز معنيين في داخلها بسبب إمكانية تحريك الكلمة فالمؤمن بتشديد الكسر على الميم تشير الى الله المطلق في حين تشير الكلمة بكسر الميم الى خليفته في الأرض أو في التعبير الهيغلي الشعور بالذات الفردي أو الجمعي أي الإنسان في صيرورته التاريخية ونلحظ نفس الدلالة في الوكيل ، الولي ، الوالي.وتوحي بض الأسماء الى مبدأ وحدة الوجود وإنتظام حركة العالم في صيرورته الأبدية مثل القيوم ، المهيمن ، الباقي ، الحفيظ ، الحسيب ، العدل ،الصبور .وترتبط بعض الأسماء بلانهائية المكان والزمان ونسبيتهما المطلقة مثل الكبير، الواسع ، العظيم ، الجبار ، الواحد ، الصمد.وفي الوقت الذي تؤكد فيه أغلب الأسماء ثنائية وحدة الأضدار يتضمن بعضها قانون نفي النفي مثل المعيد ، المحيي ، المميت ، الواجد ، الباريء ، المغني ، الخالق ، الباعث .
وتحمل بعض الأسماء معنى جماليآ بالدرجة الأولى وتؤكد مايطلق عليه هيغل عودة الشعور بالذات المغترب في التاريخ الى المطلق وبلوغة درجة الكمال فالله هو الملك ، القدوس ، السلام ، الحكيم ، الحق ، الماجد ، العفو ، الهادي ، البديع ، الوارث ، الرشيد ذو الجلال والإكرام .
وأخيرآ أقول ، ما هذه إلا مقدمة مختصرة في ديالكتيك أسماء الله الحسنى غير وافية قطعآ وما قصد بها إلا إثارة ضرورة الطرح العصري المبني على معطيات عصرنا الحديث ، عصر العلم وفتوحات الفكر المتطور أبدآ ، العصر الذي يمنحنا حرية كبيرة وجرأة وأداة للبحث بعيدآ عن إجترار مناهج القرون الوسطى التي إنتهى زمنها.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعي الأول كان ذميآ ياسعدي يوسف
- أشياء منسية
- الكسندرا... ونهاية التاريخ
- اللجنة الثقافية المندائية العليا هي نتاج العشائرية والتزمت
- لا تعتبن على حاكم مشبوه في وطنيته وعراقيته
- أحكام الإعدام تتعارض مع العقيدة الصابئية وأحكام الدستور العر ...
- الشيوعي الأخير ، بين سهام السنيك والشيعيك
- فقراء الصابئة مساكين ليس لهم سوى الله
- ينقرض الطغاة ونحن الصابئة لا ننقرض
- هل يحمل الدكتور محمود المشهداني روح الفنان سلفادور دالي ؟
- حذار من تغيير اسم الحزب الشيوعي العراقي ، حذار من المتصيدين ...
- الدكتور أحمد داوود يقرأ مقدمة الكنزا ربا من قناة الديارالفضا ...
- موقف الخنزير من نظرية دارون وجور بني ادم
- لأجل عيني أحمدي نجاد وتنوره النووي تسفك دماء الأبرياء في لبن ...
- كلمات إعتذار لتنورنا الحبيب
- المعزوفة الأخيرة لكونداليزا رايس
- ترتيلة صابئية مندائية تدين الصهيونية قبل ألفي عام
- هل بالإمكان أن تكون ماركسيآ ومؤمنآ ؟
- اسرائيل الكبرى أسطورة تحققها الحماقة والفهلوة والخرافة العرب ...
- حيث تكون الدولة يكون الشرك لمحة تاريخية وفلسفية


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - أسماء الله الحسنى من منظور ديالكتيكي