أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - اضواء - امرأة سومرية















المزيد.....

اضواء - امرأة سومرية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 536 - 2003 / 7 / 7 - 03:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

لو ألقي كل منا نظرة إلي الوراء واستعاد ذكرياته، لوجد أن الصدفة المحضة لعبت دوراً كبيراً في مسيرته الحياتية وماذا أراد أن يكون وأين يقف الآن. فأغلب التحولات في حياتنا تحصل ليس عن طريق التخطيط المسبق بل عن طريق الصدفة. وهذا لا يعني أننا لا نخطط لحياتنا أو لا قيمة لما نخطط، بل يعني أن الصدفة تتدخل وتغير الكثير مما خططنا لحياتنا ولها الدور الأكبر في مصيرنا.
والصدف منها السيئة ومنها الجيدة. وعن طريق الصدفة الجيدة، التقيت لأول مرة بالدكتور أحمد النعمان قبل سبع سنوات. تعرفت علي النعمان، أولاً عبر كتاباته قبل أن ألتقيه شخصياً وذلك من خلال ما كان ينشره، كما عودنا، من مقالات جادة تجذب انتباه القراء في صحف المعارضة العراقية التي كانت تصدر في لندن.
ومن ثم تعرفت بالمنتدي العراقي في شمال شرقي إنكلترا علي الكاتبة والفنانة أمل بورتر التي أخبرتنا عن صدور كتاب الدكتور أحمد النعمان الموسوم (غائب طعمة فرمان، أدب المنفي والحنين إلي الوطن).
وأخيراً التقيت الرجل بشخصه الكريم، عندما جاء من موسكو إلي بريطانيا للإقامة فيها.
وكان من حسن الصدف أن يختار مدينة نيوكاسل التي اسكن فيها. كان ذلك يوم 4 كانون الثاني 1997 كما هو مثبت من تاريخ إهدائه لي كتابه المشار إليه أعلاه. بدأت بقراءة الكتاب من أول ما استلمته بنهم وشوق لما فيه من معلومات أدبية مثيرة وشيقة وثقافة أصيلة لا يستغني عنها أي قارئ جاد له اهتمام وإلمام بالأدب العربي بوجه عام والعراقي بوجه خاص. ومن فرط إعجابي بالكتاب، كتبت مراجعة أو قراءة تأملية عنه، نشرت في الصحف في وقتها.
ثم تتالت لقاءاتنا بإستمرار، سواء في بيوتنا أو في المنتدي العراقي. وكلما التقيه اكتشف كنوزاً جديدة من خزينه الثقافي، فالرجل عبارة عن موسوعة معرفية يتمتع بقاعدة ثقافية واسعة ومعين لا ينضب، متعدد المواهب والمؤهلات.
فهو فنان تشكيلي في الرسم، وشاعر وكاتب رواية وصحفي وعمل كمذيع ومراسل لوكالات الأنباء وناقد أدبي ومحلل سياسي وخبير في اللغة العربية. أكاد أجزم أنه لو كان النعمان مستقراً في عراق ديمقراطي يتمتع بشيء من الإستقرار والهدوء لكان له شأن آخر، ولبرز كعلم من أعلام الفن أو في أي مجال آخر من نشاطاته الثقافية. يمتلك النعمان مكتبة غنية كلفته كثيراً في عملية الشحن والنقل من موسكو إلي نيوكاسل.
وقد ساهمنا معاً في ندوة أدبية بمناسبة مرور عام علي رحيل الشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري التي نظمها المنتدي العراقي في مدينة مدلزبرة، تناولت أنا تاريخ حياة الشاعر، بينما تناول الأخ النعمان الجانب الشعري والأدبي. وكانت ندوة ناجحة.
في أحد الأيام من التسعينيات وأنا أزوره في بيته في نيوكاسل، قدم لي رزمة من الأوراق المطبوعة، مقترحاً عليَّ أن أقرأها عندما أري فسحة من الوقت. وأخذت الرزمة وعنوانها (جيكاتيلا). وقرأتها بعد عودتي إلي البيت فوجدتها مشروعاً واعداً لرواية جادة ومثيرة وناجحة. وكانت فكرة الكاتب إصدارها كقصة تسجيلية. فاقترحت عليه كتابتها رواية.
لأن الأحداث التي تطرق لها والشخصيات التي حللها تحليل خبير في علم النفس، علي طريقة ديستويفيسكي في عرض شخوص رواياته، تدل علي أن الكاتب يمتلك مؤهلات الكاتب الروائي بجدارة.
لذا اقترحت عليه أن يتوسع فيها ويحولها إلي رواية. يبدو أنه اقتنع بالفكرة. ثم اعترضتُ علي الإسم. فلو أصدر الرواية بإسم (جيكاتيلا) ربما لا يهتم بها القارئ العربي، لأن الإسم صعب علي العرب حتي في تلفضه. ومن قراءتي للمسودة، عرفت أن الإتحاد السوفييتي كان ينخر فيه الفساد والجريمة بصورة واسعة كما ينخر السوس في السن المهملة. ولكن الكتّاب ووسائل الإعلام كانوا يتسترون علي هذا الجانب الأسود ولا يخبروننا إلا بالجنة الشيوعية الطوباوية الموعودة علي الأرض.
وكان الكاتب قد عاش في موسكو أكثر من ثلاثة عقود ودرس وعمل وتزوج وأنجب هناك وتعمق في المجتمع السوفييتي حتي صار واحداً منهم. لذلك فخبرته عن المجتمع السوفييتي كانت من الدرجة الأولي. وهذه الرواية كانت نبوءة الفنان الأولي في إسقاط النظام السوفييتي.
فاقترحت عليه تسمية الرواية بإسم (الجريمة والإنهيار) علي غرار ملحمة دستويفسكي (الجريمة والعقاب). فاستطاب التسمية. وأخيراً صدرت الرواية بإسم (الإنهيار) وهو الأفضل، لأن كلما كان الإسم قصيراً كان أفضل. وقد استقبلت الرواية بنجاح باهر من قبل القراء والنقاد، فقرأت العديد من المقالات عنها في كبريات الصحف العربية مثل الزمان والشرق الأوسط اللندنيتين، كذلك أجريت لقاءات تلفيزيونية وإذاعية عديدة مع الكاتب حولها.
مشكلة الدكتور أحمد النعمان وكفنان أصيل، أنه صريح يقول ما يراه صحيحاً دون مبالات بالمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها من قبل المتزمتين. كما عهدناه من مقالاته الغزيرة، سواءً في مواقع الإنترنت أو الصحف، صريح في آراءه الجريئة في السياسة والدين والفن والأدب وغيره. لذلك تعرض النعمان إلي هجوم ظالم من قبل المتزمتين سواء من الإسلاميين أو السياسيين. ولكنه صامد لا تأخذه في الحق لومة لائم ويتلقي ذلك بصدر رحب كما هو واضح من ردوده علي ناقديه.
يقولون إن الفنان يسبق عصره! ولكن عندما سألت الفنان احمد النعمان عن ذلك قال: (لا. إن الفنان لا يسبق عصره. انه يكتشف أسرار عصره ويتنبأ بها قبل غيره!)، وما سأتناوله بوستر 60 سمx 40 سم كان ضمن المعرض الذي أقامه ونظمه النعمان مع مجموعة من الفنانين العراقيين والبريطانيين في نيوكاسل عام 2000 حيث كان المعرض تظاهرة ضد الدكتاتورية في العراق استأثرت بالرأي العام في هذه المدينة شمال ــ شرقي انكلترا وكتبت عنه الصحافة العراقية المعارضة آنذاك إلي جانب تغطية الصحافة البريطانية. رأس الفتاة المعروف في أرجاء العالم كله يعود إلي ما قبل 4000 سنة، من حضارة وادي الرافدين.
وكان هذا التمثال محفوظا في المتحف الوطني في بغداد الذي تعرض للنهب والتحطيم من قبل الرعاع والمندسين من بعض دول الجوار بعد سقوط الدكتاتور في التاسع من نيسان (ابريل).
تمعنوا مليا في الصورة! ألا يعني هذا التصميم بان الفنان قد تنبأ قبل ثلاثة سنوات من سقوط النظام الفاشي في العراق بان الحضارة العراقية القديمة والمعاصرة ستتعرض للنهب والسلب والتحطيم وإشعال الحرائق؟!
كان الفنان قبل إجراء عملية زرع الشرايين عام 1998 قد ترك وصية لدي مما جاء فيها: (اخصص أربع لوحات هدية لمتحف الفن العراقي المعاصر، إذا ما حدث أن ارحل عن الحياة) وعدد أسماء اللوحات واشترط أن تقدم للمتحف بعد سقوط الدكتاتور صدام حسين.
كما فعل بابلو بيكاسو مع لوحته الشهيرة غيرنيكا واشترط إهداءها لبلده الأم اسبانيا بعد أن يسقط الدكتاتور فرانكو! ولما زرته في المستشفي بعد نجاح العملية، أعطيته الوصية مع باقة الزهور قائلا له: ينتظرك المتحف ولكن عليك أن تقدم بمناسبة نجاح العملية خمسة لوحات بدل الأربعة.
ومعروف للقليل من أصدقائه بأن لأحمد النعمان لوحتين في (متحف فنون شعوب الشرق) في موسكو إلي جانب لوحة (شهرزاد) للفنان الراحل جواد سليم. ولوحتا النعمان: (التعذيب) صورة حية لما يجري في أقبية الأمن العامة أيام الدكتاتور صدام حسين وهي لوحة كبيرة وكذلك لوحة (عندما تنطفئ الشمس) وهما سورياليتان ذلك الاتجاه الذي ظل عليه الفنان احمد مواكبا منذ عام 1968.
والي جانب محاضراته في الفن والأدب في لندن وغيرها من المدن الانكليزية فقد أقام النعمان خمسة معارض شخصية في نيوكاسل الي جانب معرضه الدائم الذي بقي لأكثر من سنة مفتوحا في وسط مدينة نيوكاسل. كما ان هذا البوستر الذي ننشره اليوم، طبع منه آلاف النسخ كبوستكارد ووزع في انحاء العالم كوثيقة احتجاج ضد النظام الفاشي في العراق.
 



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المذابح في العراق بدأها النظام الملكي
- نوال السعداوي و-التشادور- العراقي
- فوضى تغيير أسماء الشوارع.. لصوصية تحت واجهة دينية
- رفع الحصار إنتصار آخر للشعب العراقي
- هل هؤلاء رجال دين أم بلطجية؟
- سقطت الفاشية ولم تسقط بغداد..!!
- هل ظاهرة النهب والشغب في العراق مجرد بداية لما هو أدهى وأمَّ ...
- محاولة لفهم الفوضى والنهب بعد سقوط الإستبداد!
- كـمسـتقبل ألمانيا بـعـد هــتلر
- مخاطر إنسحاب الحلفاء المبكر من العراق
- لماذا ترفض روسيا وفرنسا رفع العقوبات عن العراق ما بعد صدام؟
- الصحاف هو الوجه الحقيقي للإعلام العربي
- 9 نيسان 2003 أسعد يوم في حياة الشعب العراقي
- نريدهم أحياءً !! بمناسبة مصرع علي الكيمياوي
- رحيل باحث نزيه - بمناسبة أربعينية الفقيد علي كريم سعيد
- لماذا تأخرت الإنتفاضة؟
- الديمقراطية لن تولد متكاملة وقد لا تكتمل!
- الوصايا العشر إلى الحكومة العراقية القادمة
- الإقتصاد العراقي - الماضي والحاضر وخيارات المستقبل
- موقف فرنسا وألمانيا من الحرب المرتقبة انتهازي نفعي وليس اخلا ...


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالخالق حسين - اضواء - امرأة سومرية