أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - خطر الحرب الأهلية في فلسطين















المزيد.....

خطر الحرب الأهلية في فلسطين


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 1778 - 2006 / 12 / 28 - 13:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


الوضع في فلسطين يسير نحو الكارثة. حيث أصبحت حركة حماس وجهاً لوجه وحركة فتح في صراع يبدو أنه على السلطة. لقد أعطى الشعب الفلسطيني ثقته إلى حركة حماس في آخر انتخابات مارسها، ضداً من حركة فتح مؤسسة السلطة الفاسدة والتي قدمت تنازلات أكثر مما يجب بكثير. ونجحت حركة حماس لأنها كانت تعلن أنها ضد السياسات المساومة ومن أجل كل فلسطين، وكانت تمارس المقاومة على أساس ذلك. ليبدو أن الشعب يريد تغيير برنامج السلطة وطبيعتها كذلك.
هذه الخطوة أدت إلى أن ترفض حركة فتح التنازل السهل عن السلطة، التي هي سلطتها سواء من حيث التشكيل أو من حيث العناصر. وأن تستغل "الدول المانحة" (أي الدول التي تموّل السلطة لكسب خضوعها) ذلك بوقف الدعم المالي، الأمر الذي أوجد مشكلة كبيرة لقطاع من الشعب الفلسطيني هم الموظفون (وهم قرابة الـ 126 ألف موظف)، ووضع حكومة حماس في وضع حرج. ليبدأ الضغط من أجل أن توافق حماس على سياسة أوسلو والاتفاقات التي وُقعت على أساسها. أي أن تنتقل حماس إلى موقع حركة فتح، وأن تكمل التنازلات التي كان على فتح إكمالها. والتي تعني الخضوع لمنطق السياسة الصهيونية والقبول بـ "الحل النهائي" الذي قررته الحكومة الصهيونية، وبالتالي الموافقة على خطة الفصل.
لهذا عملت حركة فتح على التحريض للتحرك في مطالب هي محقة لموظفين لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر. ثم بدأ إعلامها وناطقوها التركيز على معاناة "الشعب"، وبالتالي على ضرورة "فك الحصار" الدولي من خلال قبول حماس بالاعتراف بالدولة الصهيونية وقبول "الدولة الفلسطينية المستقلة" في حدود سنة 1967، وكل الاتفاقات المعقودة مع تلك الدولة. ثم الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية توافق على تلك السياسة.
لكن تراجعات حركة حماس و"تأتأتها" لم تكن في المستوى المطلوب، لهذا إندفع أبو مازن إلى الدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة. وهو الأمر الذي فتح باب الصراع على السلطة، ودفع إلى الاقتتال الأهلي. فقيادة فتح لا تريد التخلي عن السلطة، وهي تعتبر أنها سلطتها هي وحدها. كما أنها تريد تقديم المزيد من التنازلات للدولة الصهيونية من أجل الوصول إلى اتفاق ما. حيث ليس من الممكن لها أن تنجح مصالحها دون ذلك، بعد أن أقام جزء منها شراكات مع شركات إسرائيلية، وحظيت هي كلها بامتيازات كبيرة. واستفادت من نهب مساعدات "الدول المانحة". المسألة بالنسبة لها باتت مصلحة أكثر مما هي مسألة وطنية. لهذا أغرقت في تقديم التنازلات. وهي مستعدة لبدء حرب أهلية من أجل ذلك. وهو ما بدأنا نلمس بداياته منذ خطاب محمود عباس الأخير الذي أعلن فيه الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية. حيث بدأت الاشتباكات المسلحة بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة.
ولقد ظنت حركة حماس أنها قادرة على المناورة، وبالتالي التقديم البطيء للتنازلات. ولم تنتبه لـ "الكماشة" التي نُصبت حول عنقها. لقد نجحت حركة حماس في الانتخابات كونها تحمل برنامجاً مختلفاً عن برامج كل التنظيمات الفلسطينية، برنامج "كل فلسطين" والمقاومة. واستلمت جزء من سلطة (الحكومة) قامت على أساس اتفاقات أوسلو، التي كانت تجعلها سلطة محدودة وتتعلق بالشؤون المدنية ( وأسمها في الاتفاقات: سلطة إدارة مدنية). واعتقدت أنها تستطيع ممارسة السلطة دون أن تقر بالاتفاقات التي أوجدتها، ودون أن تلغي هذه الاتفاقات التي تتعارض مع سياساتها. فأوقعت ذاتها في "الكماشة". حيث أن تمويل هذه السلطة هو في يد "الدول المانحة". وفي الوقت ذاته ليس من السهل على حركة فتح قبول أنها باتت في تنازع على السلطة، وأن هناك من يمارس سلطة الحكومة غيرها، وكل أجهزة السلطة مشكّلة من أعضاء في حركة فتح.
وكانت إثارة مشكلة وقف الدعم عن السلطة مقصودة هنا، لأنها المشجب الذي يعطي لحركة فتح أسباب التحرك عبر الرئيس لإبعاد حركة حماس عن الحكومة. رغم أن "الدول المانحة" والدولة الصهيونية تريدان ،ربما، إخضاع حركة حماس وتكييفها مع التصوّر المطروح وليس إبعادها. وهذا ما يدفع فتح إلى السعي الأشد لإبعادها لكي لا تصبح منافساً فعلياً، ليس في الواقع فقط، بل وفي العلاقة مع "الدول المانحة".
هل تريد حركة حماس هذا الوضع؟ لقد هربت حركة حماس من استحقاق إلغاء إتفاقات أوسلو على أمل ممارسة السلطة. فوضعت ذاتها في مأزق لأن لهذه السلطة قوانين واتفاقات، ولأنها خاضعة لـ "الدول المانحة". ولقد أوقعت ذاتها في الشرك الذي نصبته حركة فتح حينما لم توافق على شروط تلك الدول. فأربكت الجماهير الفلسطينية المعتمدة على راتبها القادم من السلطة، وسمحت لأن يتراجع الدعم الشعبي لها. ليبدو الصراع وكأنه صراع على السلطة، وليس صراع بين اتجاهات سياسية مختلفة. وبهذا عزلت ذاتها عن الشعب، أو عن قطاعات منه كانت قد دعمتها في الانتخابات. وقوًت اندفاعة قيادة حركة فتح لمواجهة مسلحة مع حركة حماس.
بمعنى أن حركة حماس باتت أضعف سياسياً. وهنا بدأ هجوم قيادة فتح، في صراع دموي يستهدف السيطرة على السلطة. وهذا يُظهر بأن السلطة باتت مشكلة مستعصية، فلا هي تخدم الشعب الفلسطيني، ولكنها أصبحت مدخل التصارع الداخلي الذي سيؤدي إلى مجازر أسوأ من المجازر الصهيونية. حيث أن الخياران المطروحان هما:إما تراجع حركة حماس وقبولها برنامج السلطة (الاعتراف بالدولة الصهيونية وبكل الاتفاقات معها)، وبالتالي تشكيل "حكومة وحدة وطنية". وسيبرر ذلك بتجنب الحرب الأهلية، وبوضع الشعب المعاشي. وإما بقاء مراوغة حركة حماس القائمة على "نصف اعتراف"، وبالتالي الانجرار إلى حرب أهلية مدمرة.
لاشك في أن زمن مقدرة حركة حماس على إلغاء اتفاقات أوسلو قد انتهت، لأن عدد كبير من أعضائها في المجلس التشريعي هم في السجن الصهيوني. ولن يخرجوا إلا بعد موافقة حركة حماس على الشروط الصهيونية (التي هي شروط أبو مازن كذلك). وبالتالي يكون الحل في تشكيل "حكومة وحدة وطنية". أما إذا تمسكت بالسلطة فإن الحرب الأهلية قادمة. أو تختار الانسحاب من السلطة لتتعرّض لهجوم سلطوي بشع.
سوف نشير هنا إلى أن كل القوى الأخرى (عدا فتح وحماس) تبدو مهمشة وهامشية في هذا الصراع الخطر. وليس من رؤية لديها لا لوقف الاقتتال أو للخروج من المأزق الدموي الحالي. حيث أن بعضها التحق بحركة فتح، وبعضها تبع حركة حماس، دون مواقف مستقلة. وبالتالي فهي غير قادرة على لعب دون مستقل الآن، والقوتان الأساسيتان تتجهان للتصارع.
وإذا نظرنا إلى ما تريده الدولة الصهيونية من هذه الأحداث سنصل إلى أنها تسعى لتأجيج الاقتتال الفلسطيني، والدخول في حرب أهلية تدمر قطاع غزة وتصفي قوى المقاومة، في الوقت نفسه الذي يغطي على سياستها الممارسة في الضفة الغربية من أجل تكميل الجدار العازل والسيطرة على الأرض في غور الأردن والمنطقة الممتدة بين القدس وأريحا. أي تكريس الكانتونات وضمان السيطرة على أكثر من نصف الضفة الغربية. ومن ثم فرض "عملائها" كسلطة في قطاع غزة بعد إنهاك كل القوى الموجودة.
إذن، الحرب الأهلية تخدم الدولة الصهيونية أولاً وأساساً. لكن ما هي الخيارات المطروحة؟
ليس المطلوب هو قبول شروط أبو مازن، ولا الشروط الصهيونية. وليس المطلوب التمسك بالسلطة لأنها ليست غنيمة بالنسبة للقضية الوطنية. والخطر في الانجرار للحرب الأهلية، حتى لو كان الثمن ترك السلطة. المطلوب هو أبعد من التمسك بالسلطة، أو رؤية الحل في إطار المفاوضات والاتفاقات والتعايش مع الدولة الصهيونية. حيث أن هذا التعايش مستحيل نتيجة طبيعة المشروع الصهيوني ذاته، وعدوانيته المستمرة، التي هي جزء عضوي فيه. المطلوب هو التفكير العميق بما آلت إليه الأوضاع على ضوء سياسات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية و"عمودها الفقري" قيادة حركة فتح. والخروج من المستنقع الذي جرت إليه "المرحلية" التي كانت غطاءً للتنازل والتكيف مع السيطرة الامبريالية الصهيونية.
وإذا كان الهدف الراهن هو عدم الوقوع في أتون الحرب الأهلية، فإن الهدف الرئيسي هو إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني، بما يخرجه من أوهام التعايش والسلام والدولة المستقلة في حدود سنة 1967. والتفكير بالشعب الفلسطيني كشعب موحد في مختلف مناطق تواجده. ورسم إستراتيجيته القائمة على أساس بناء الدولة الديمقراطية العلمانية على كل فلسطين. وتأكيد التعايش مع اليهود الذين يقبلون هذا الحل وإعطائهم كامل الحقوق بصفتهم مواطنين. وبالتالي إعادة بناء المقاومة على هذا الأساس. المقاومة المدنية والمقاومة المسلحة. وإعادة الترابط مع كل المقاومات والقوى المناضلة في الوطن العربي إنطلاقاً من أن المعركة هي واحدة ضد الامبريالية وفرعها المتمثل في الدولة الصهيونية.
ولكن يجب كذلك السعي لحل السلطة التي هي عبء على الشعب، ووسيلة تغطية على الاحتلال، كما أنها أداة نهب الفئات المسيطرة. ويجب العمل على إعادة بناء القيادة الموحدة للنضال (وللانتفاضة)، وممارستها الإدارة وتنظيم حياة المواطنين. يجب اعتماد الإدارة الذاتية بديلاً عن سلطة فاسدة وبشعة. وكجزء من إستمرار النضال من أجل التحرر.
إذن، يجب إعادة الأفق الاستراتيجي للمسألة الفلسطينية، وكذلك الأفق المقاوم، وأيضاً الأفق العربي. حيث ليس في الحلول المطروحة راهناً ما يخدم الشعب الفلسطيني. وليس في الأدوات القائمة ما يحقق أهدافه. ولاشك في أن الشعب الفلسطيني يعي ذلك أكثر من منظماته، لهذا فهو يرفض السلطة ويعرف أن المقاومة هي المنطق الوحيد الممكن مع الدولة الصهيونية. وهذا أساس إعادة بناء النضال.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على ملاحظات عصام شكري حول -نداء الى القوى والأحزاب المارك ...
- رد على ملاحظات عصام شكري حول -نداء الى القوى والأحزاب المارك ...
- رد على ملاحظات عصام شكري حول -نداء الى القوى والأحزاب المارك ...
- خطة أولمرت الجديدة
- مكانة اللينينية في الماركسية
- لماذا -ماركسية-؟ : بصدد تسمية الاتجاه الفكري الذي بدأ مع مار ...
- النضال الفلسطيني واشكالية القطري والقومي
- المقاومة الفلسطينية: محاولة تقييم انتقادي
- أزمة العقل الأحادي في تناول العلاقة بين الوطنية والديمقراطية
- الحزب الشيوعي العراقي ومسألة الأولويات
- من اجل تحالف القوى الماركسية في الوطن العربي
- حزب الشعب الفلسطيني وتعزيز الهوية اليسارية
- المساءلة حول المقاومة:بصدد حجج الليبراليين العرب الساذجة
- ترقيع السلطة الفلسطينية
- وحدة اليسار: حول اعادة صياغة اليسار الماركسي
- من أجل المواجهة مع المشروع الامبريالي الصهيوني
- الحرب على لبنان: الدور الصهيوني في الاستراتيجية الأميركية
- وضع فلسطين بعد الحرب على لبنان
- الصراع الطائفي يُفشل القتال مع الاحتلال الأميركي
- إنتصار حماس ومآل الوضع الفلسطيني


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - خطر الحرب الأهلية في فلسطين