أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم الداقوقي - المشترك الثقافي الانساني .... يدعو الى التآلف الحضاري في حوار المستقبل















المزيد.....


المشترك الثقافي الانساني .... يدعو الى التآلف الحضاري في حوار المستقبل


ابراهيم الداقوقي

الحوار المتمدن-العدد: 1775 - 2006 / 12 / 25 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تؤكد كتب البوذيين المقدسة ، التي يطلقون عليها veda جمهرة المعرفة – وترجم بعضها البيروني الى العربية - ان “ على الإنسان التخلّي عن كل شر والقيام بالأعمال الحسنة و أن يطهّر قلبه و ينظّفه من كل غل ، وان يمارس اليوغا yoga أي الاجتماع بالله أو البراهمن أو الخالق " الذي جعل البشر على شاكلته و وهبوه صفات الحيوان المتميزة : حكمة الفيل وقوة الفهد وجمال الغزال ورشاقته ووفاء الكلب ، ليكون سيدا للمخلوقات ، وخليفتهم على الارض ..... فانما ، هي اشارة الى فكرة وحدة الوجود " وحدة روح الإله مع الانسان والطبيعة " او اتحاد الوعي الفردي للانسان بالوعي الاعلى للكون وادراكهما لاهمية وقيمة كل الكائنات الموجودة في الحياة ، التي انتقلت اليهم عن الشامانية ، وانتقلت بدورها - منهم - الى الديانات الابراهيمية الثلاثة في اطار التصوف ، من جهة . ومن جهة اخرى ، فانها تدل على الصدق مع النفس ومع الاخر ، اضافة الى التسامح واحترام الآخر . وان اجتماع الإلهة بالبشر وتكلمهم معا ، التي وردت في البوذية لدى ممارسة ( اليوغا ) عرفتها الديانات السماوية ايضا : عندما " زار الرب مع الملكين ، التبي ابراهيم في خيمته ( تكوين ) او عندما كلّم الله النبي موسى ، وتحدث الله تعالى مع النبي محمد ( ص ) عن طريق القرآن .
اما أسطورة سلالة bharata الذين يدخلون في معارك دامية – من اجل الاستحواذ على امرآة - تنتهي بموتهم جميعا ثم يحشرون في نوع من أنواع جهنم وبعدها يستقرون في سماء Indra وهناك ينتهي عذابهم . ألا تذكرنا هذه الاسطورة برحلة الجحيم للشعراء الفلاسفة : هوميروس وفرجيليوس ودانتي وأبي العلاء المعري ، حيث أخذوا بعضا من الأفكار والرؤى الموجودة في هذه الاسطورة وفي الكتب التي تعد بالعشرات وتضم مئات الالاف من القصائد الشعرية البوذية.
ان البوذية ديانة ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية ، في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي فترة النبوغ الاغريقي واستمرارها بازدهار حضارة بابل وتقدم الفينيقيين في بلاد الشام وعصر الفراعنة العظام ( اخناتون ) في مصر مع بزوغ فجر الديانات التوحيدية ( اليهودية ). ورغم ان البوذية كانت في بدايتها متوجهة إلى العناية بالإنسان كما أن فيها دعوة إلى التصوف والخشونة ونبذ الترف والمناداة بالمحبة والتسامح وفعل الخير ، ولذلك فقد" طلب بوذا من أتباعه تقديم الصّدقة و مساعدة كل الناس بما في ذلك أعداءه " لكنها لم تلبث بعد موت مؤسسها ( بوذا ) أن ألهوه ، باعتقادهم أن بوذا هو ابن الله، وهو المخلص للبشرية من مآسيها وآلامها وأنه يتحمل عنهم جميع خطاياهم ، لاسيما اصحاب المذهب الشمالي المنتشرين في الصين واليابان ونيبال وسومطرة . .
وعندما اعتنق المغول الشامانيون( 1 ) ، الديانة البوذية - التي انتشرت بعد القرن الخامس قبل الميلاد - بين عدد كبير من الشعوب الآسيوية بمذهبيه : المذهب الشمالي وكتبه المقدسة مدونة باللغة السنسكريتية ، ويسود اليوم في الصين واليابان ونيبال وسومطرة . والمذهب الجنوبي وكتبه المقدسة مدونة باللغة البالية ، وهو سائد في بورما وسيلان وسيام ..... وجدوا ان البوذية قد استبطنت معظم القيم الشامانية ، حيث ان نصف اصول البوذية من تعليمات بوذا – العشرة الموجهة للرهبان البوذيين - التي وردت في انجيل بوذا ، كانت قد انتقلت اليهم عن الشامانية ، وهي :
1ـ تحريم قتل النفس.
2ـ تحريم السرقة.
3ـ تحريم الزنا.
4ـ تحريم الكذب.
10 - تحريم قبول الهدايا من الذهب والفضة.

لان الشامان ، يحترمون النفس ( الروح ) والاخر ، ولا يسرقون ولا يزنون لانهما من الاعمال الرذيلة التي يجب ان يتجنبها الانسان الصادق مع نفسه ومع الاخر – ولذلك حرموا الكذب ايضا – لتقديس الشامان للعمل الخيّر والنبيل والمساهم في التطوير والتقدم . في حين ان الشامان كانوا يختلفون عن البوذيين في الاصول البوذية الخمسة الاخرى ، وهي :

5 ـ تحريم الخمر.
6ـ تحريم الأكل بعد الظهر.
7ـ تحريم الرقص والموسيقى.
8ـ تحريم التطيب.
9ـ تحريم الجلوس على الشوارع والمكان المرتفع.

لان الشاماني كان يقوم بصنع الخمر من لبن الفرَس ، ويسمونه ( قيميز ) ، كما كان الراهب الشاماني شاعرا وراقصا وعازفا للساز – وهي آلة موسيقية ذات ثلاثة اوتار ، تشبه التار الروسي – ويقوم بالتطبيب من خلال استحضار الارواح وسؤالهم عن علاج المريض . غير ان هذا التلاقح الثقافي لم يقتصر على الشامان والبوذيين ، وانما انتقل – عبر طريق الحرير الحيوي – الى معظم الشعوب الواقعة على جانبيه ، من الصين الى اوروبا وافريقيا . لأن الأديان الشرقية " تتشابه في عدد من الخصائص التي تجمعها مع الديانات العالمية الأخرى ، إلا أنها تتجاذبها نزعتان مختلفتان تمام الاختلاف، فيما يتعلق بالإله ، وهاتان النزعتان هما نزعتا الوحدانية وتعدد الآلهة ، لانه لا يمكن عزل أي منطقة في العالم القديم عن المناطق الأخرى " .
ان المبادئ الخمسة التي آمن بها الشامان وبوذا : تحريم قتل النفس والسرقة والزنا والكذب و تحريم قبول الهدايا من الذهب والفضة – أي عدم تعاطي الرشوة باعتبارها نوعا من السرقة والابتزاز - هي قيم انسانية نبيلة ، آمن بها الاسلام الحنيف ايضا ، عندما اكد " ان من قتل نفسا فكانما قتل الناس جميعا " وقام بتحريم السرقة ، لان العمل هو شرف الحياة ومدعاة احترامها مع احترام الآخر ، كما انه ماكنة قطار التطور والتقدم " اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " . اما الزنا فقد كان جزاؤه الرجم بالحجارة و / او الجلد اللذين يؤديان الى الموت ، في حين كان تحريم الكذب هو الرديف للصدق مع النفس ومع الآخر . بينما عد الاسلام " قبول الهدايا من الذهب والفضة " رشوة وابتزازا وسقوطا اجتماعيا وعدم احترام لملكية الآخر ، وحقوق الانسان . ومن هنا كان انتشار الشامانية المغولية من منغوليا الى بلاد الامازون ومن اسكندنافيا الى جنوب افريقيا . و كان تقدم البوذيين والكونفوشيوسيين اليابانيين والهنود في المجالين العمراني والتكنولوجي ، اما – نحن المسلمين – فقد بقينا متأخرين ومتخلفين ، لاننا لم نلتزم بتلك القيم الانسانية النبيلة (2) . كما ان تشريع تلك العقائد المتماثلة – برسالات الحكماء والعلماء والانبياء - البعيدة عن بعضها البعض بمسافات شاسعة وفي تلك الازمان الغابرة في القدم : ونقصد بها الشامانية المنغولية والبوذية الهندية – المنتشرة اليوم في كافة ارجاء جنوب شرقي آسيا – والاسلام العربي ، الذي يؤمن به اكثر من مليار شخص في عالم اليوم ... لتلك القيم الانسانية النبيلة ، تأكيد على ضرورة تجديد الثقة بسماحة الاديان كمصدر للروح الانسانية الخلاقة ، من اجل نزع اشواك الارهاب وغطرسة الهيمنة من ازاهير الحضارات والثقافات ، لاجراء التحولات العميقة في العلاقات الدولية رغبة في السلام وتحقيق التنمية الحضارية لكل البشر . لان الحضارة – والعقائد تشكل اطار الايمان والطقوس والهوية لها - والتي نعيشها في القرن الحادي والعشرين ، هي جماع تراكم المعرفة البشرية والقيم المشتركة منذ فجر التاريخ ، وخلاصة التقارب الايجابي ، وتطور الأساليب الحياتية ، وطرق التفكير العلمي والاجتماعي والسياسي للانسانية جمعاء . ومـن هنا ، فان محاولة جورج بوش الثاني – وزمرته الحاكمة من المحافظين الجدد - الاستئثار بمنجزات البشرية ومحاولة توظيفها لخدمة اهدافهم الايديولوجية ، باضفاء القدسية على ( الدولة ) مع تسييس الدين لاقامة الامبراطورية الامريكية ... أمر خارج منطق التاريخ لانهم يسوقون نموذجا جامدا للتفكير ، الذي يقضي بضرورة التعاون الثقافي – العلمي ، العالمي لتحقيق الامن والسلام . . . ومن هنا ،عندما يؤكد هنتنغتون : " إن التاريخ العالمي يدفـع الآن - بعــد انهيار فكرة القوميات والأيديولوجيات - الثقافات بعضها ضد بعض ، وهذه الثقافات سوف تؤلف المجموعات المتعادية مستقبلاً . بل إن ذلك يجري أساساً في الوقت الراهن . وفي الأفق يتهدد التحالف الإسلامي - الكونفوشيوسي كل شيء غربي ". فانه يريد التذكير هاهنا بـالخطرين : الاسلامي ، في صورة " الأتراك على أبواب فيينا المحاصرة توطئة لفتح اوروبا " و صورة " الخطر الأصفر " البوذي الياباني ، الذي تحالف مع النازية ، و " الكونفوشيوسي الصيني " الذي سيكون القوة العظمى الكبرى في العقد الثاني من القرن ، للهيمنة على العالم . وهما – الاسلامي والاصفر - يشكلان صدمة نفسية عميقة الجذور في الذاكرة الجمعية للشعوب الغربية ، الامر الذي دفع بالشعوب الاوروبية للانجراف خلف فكرة ( محاربة الارهاب العربي – الاسلامي ) بسهولة من جهة ، والى رفض قبول " تركيا المسلمة " في " النادي المسيحي الاوروبي " رغم ايمان تلك الشعوب بالديموقراطية الاجتماعية وتبؤ اليسار الاشتراكي – المؤمن بتآلف الحضارات - على دست الحكم في معظم اقطاره ، من جهة اخرى .
ان فكرة ( صراع الحضارات ) التي اطلقها هنتنغتن ، تنطوي على سوء النية وخبث الطوية ، لانها نوع من البدائية الفكرية المناقضة للقيم الحضارية الانسانية النبيلة ، وهي اغتيال للضمير الجمعي الانساني الحي القائم على مبادئ حقوق الانسان وتحقيق المصلحة المشتركة في الحياة الحرة والكريمة بأمن وسلام ، بعيدا عن الغلو والعنف والاستبداد ورفض الاخر ... ونشر للصور النمطية المقولبة Steriotypes السلبية حول ( التحالف الكونفوشيوسي الإسلامي ) غير الموجود اصلا . ومن هنا فقد تنادى المفكرون والمثقفون من جميع انحاء العالم الى ضرورة ازالة كافة العراقيل التي تعطل السلم الاجتماعي، والتشارك الايجابي المتبادل بين الثقافات المختلفة ، باقامة جسور الحوار في اطار المشترك الثقافي الانساني البعيد عن التشنجات المؤسسة على احتقار الآخر او تكفيره او تشويه صورته .
واذا كانت بعض تلك الحوارات قد أنتجت مناخا معتدلا للتعامل المشترك، والتعاون المتبادل، لانه كان يرتكز على قبول الآخر ، في حين كان بعضها الآخر سيئا للغاية ، لانه انقلب الى عمل تبشيري يهدف إلى إقناع الآخر بوجهة نظره ، ليكون تابعا له ..... فان الحوارالذي نستهدفه هو الذي يطرح القضايا الكبرى ( قضايا حقوق الإنسان ، والعلاقات الايجابية بين الأديان ، ومستقبل البيئة ومشكلات التنمية ، وتحقيق السلام والأمن الدوليين ) للمناقشة ، من اجل صناعة تاريخ مشترك يعطي لكل واحد حق ممارسة قناعاته وفق عقد مسبق يربط فيما بين الأطراف، وميثاق يسمح بالخصوصيات والمحليات . ومن هنا ، فاننا ندعو انصار ( العقل المستنير ) والديموقراطي ، لاجراء الحوار بين مختلف التيارات الفكرية وفق المنهجية العقلية النقدية لاجراء تغييرات جذرية داخل التيارات القومية والدينية والسياسية الليبرالية ، وصولا الى الحوار الحقيقي والشفاف .... دون احكام مسبقة ، مع الاعتراف بصلاح كافة الاديان والعقائد .
ان خطاب الايديولوجيات المسيطرة ( 3 ) : الليبرالية الاميركية المعولمة المتسلطة ، والشوفينية الشيعية الاصولية الفارسية والوطنية الفاشية الاسرائيلية والابنلادينية الاصولية الارهابية ، تحاول اليوم فرض ايديولوجيتها الاصولية الارهابية - المتطرفة ، على العالم بالقوة الغاشمة من خلال العولمة المتوحشة . لان ذلك الخطاب ينبني على الغطرسة والطموحات الإمبريالية والفكر الاحادي مع رفض الآخر، وليس على التعاون مع القوى الأخرى للتصدي للمشكلات التي يعاني منها العالم .
وقد ادى ذلك الخطاب الايديولوجي الاصولي المزدوج ( الاسلامي والامريكي - الصهيوني ) وتبادل الاتهامات ثم رفض احدهما للآخر ، الى خلق نوع من عدم الثقة بين الجانبين ، وقامت الايديولوجيات المسيطرة الاخرى – الشرقية والغربية المستفيدة من عدائهما – بحفر الابار العميقة في طريقهما للايقاع بهما معا . ولكن - ومع كل ذلك - يمكن التقاء حركة التقدم العربي الديموقراطي المستنير مع الحضارة الغربية في منتصف الطريق - مرة اخرى ، للانتقال بالحوار من السجال الفكري المشحون بالخصومات والاحكام المسبقة والصور النمطية المقولبة إلى التحالف الحضاري المبدع ... بمحاولة انسنة القرارات الدولية لحل المشاكل المزمنة في العالم بالعدل والانصاف . وعلى رأسها الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بما يحقق قيام دولتين ديمقراطيتين عربية وعبرية في المنطقة ، مع ضمان حدودهما واستقلالهما معا . اضافة الى تجديد الثقة بسماحة الاديان كمصدر للروح الانسانية الخلاقة ، من اجل " نزع اشواك الارهاب وغطرسة الهيمنة من ازاهير الحضارات والثقافات " لاجراء التحولات العميقة في العلاقات الدولية رغبة في السلام وتحقيق التنمية الحضارية لكل البشر . والسؤال الذي يطرحه كل المحللين السياسيين - من المسلمين والغربيين - هو : ما العملُ إذن؟ وكيف يمكننا - اليوم - انقاذ انفسنا والحضارة من شرور الارهاب الاعمى ؟
نقول مع اولئك الباحثين الموضوعيين : ان اتهام الاسلام وحده او الغرب بوحده ( ومعه اسرائيل ) بالارهاب ، سوف لن يدفع " هؤلاء الشبان الانتحاريين الملغومين بالعجز والقنوط واليأس من الحياة الدنيا ، والتوق للحياة الاخرى "... الى التخلى عن تدمير انفسهم والاخرين . وانما يتم ذلك من خلال عدم احتقار الآخر ( القاتل والمقتول ) ونبذ فكرة صراع الثقافات وكذلك الاحكام المسبقة حول الاخر ، مع ضرورة تأكيد مراجع الاديان بان ( طريق الخلاص ) ليس بوضع الغوييم ( الغرباء الآخرين ) في الجحيم - كما يعتقد اليهود - ولا بالقضاء على الاسلام والكونفوشيوسية ، مثلما يؤمن دعاة صراع الحضارات من المحافظين الجدد في اطار المسيحية الاميركية المتصهينة- التي ترفضها الفاتيكان - المستندة على المفاهيم الشتراوسية ، ولا برفض الاصولية الاسلامية للآخر وتكفيره ... وانما من خلال اخراج الديانات - السماوية وغير السماوية - من المعترك السياسي ، باعتراف كل طرف بعقائد الاطراف الاخرى ، في تصالح حضاري تعلنه المراجع الدينية على الملأ . وهو الامر الذي اعلنه الفاتيكان - في خطوة حضارية انسانية منذ العام 1964فقد " أقرّ المجمع الفاتيكاني في 21 نوفمبر من عام 1964بموافقة 2151، ومعارضة خمسة فقط من أعضائه، نصاً يقول: ".. بيد أن تدبير الخلاص يشمل أيضاً أولئك الذين يؤمنون بالخالق، وأولهم المسلمون الذين يعلنون أنهم على إيمان إبراهيم، ويعبدون معنا الله الواحد، الرحمن الرحيم، الذي يدين الناس في اليوم الآخر. ... أما الإطلالة الأولى للبابا الجديد على الإسلام فقد جاءت في مدينة كولونيا في ألمانيا (مسقط رأسه) مع مسلمين أتراك من الذين استوطنوا ألمانيا وأصبحوا من رعاياها. وترافقت هذه الإطلالة مع إطلالتين له على اليهود وعلى المسيحيين الإنجيليين، الأمر الذي يرسم الإطار العام لموقف الفاتيكان الجديد من غير الكاثوليك " ( محمد السماك / الاتحاد في 26/8/2005 ) . كما ان " أساقفة الكنيسة الانجليكانية اقترحوا ( الاثنين 199/9/2005 ) ان يعتذر القادة المسيحيون من المسلمين عن حرب العراق " تصحيحاً للخطأ الذي ارتكبته الحكومة البريطانية . ففي تقرير بعنوان “مكافحة الارهاب: السلطة والعنف والديمقراطية بعد 11 سبتمبر/ ايلول " بلورت مجموعة عمل بتكليف من الكنيسة البريطانية افكاراً عن " العلاقة المعقدة بين الدين والعنف " ودرست كيف يستطيع " تقليد اعلان التوبة " في الكنيسة ان يسهم في " المصالحة " بين الغرب والمسلمين " ( صحيفة الخليج - في 20/9/2005 ) . مع ضرورة تنقية علاقة الدين بالدولة من الشوائب والاجتهادات المتطرفة ، في مشروع حضاري تجتمع لاعداده المرجعيات الدينية - الحضارية في العالم ، في رؤية انسانية تستنكر الارهاب - والارهابي : من كان ومن اية ديانة او قومية ، لانه لا ديانة ولا قومية له - وتحترم الاخر ومجتمعه ودينه ، على ان يصدر كوثيقة دولية ملزمة ، وفي تصد واضح للارهاب الفردي والجمعي والدولي بشجاعة وارادة قوية ، ليس فقط من خلال القوة والعنف وانما بمعالجة اسبابه ومسبباته اقتصاديا واجتماعيا ، ايضا ( 4 ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لاتزال شعوب جنوب شرقي آسيا يطلقون على المغول ، تسميتهم التاريخية التي كانوا معروفين بها في تلك المنطقة ، وهي ( المنغول ) كما ان بلادهم لا تزال تسمى ( منغوليا ) . غير ان المؤرخين العرب – المسلمين ، بدأوا يطلقون عليهم الاسم المحرف ( المغول ) بعد ظهورهم على الساحة السياسية منذ القرن السابع الميلادي . حيث اننا نجد ابن الأثير ، يذكر في كتابه " " الكامل في التاريخ " في حوادث سنة 628هـ ، وقبل سقوط بغداد ( استباحة المغول للمدن والقرى وابادتهم الناس .... ) .
2- الايديولوجيات المسيطرة : هي تلك الدول – او الجماعات- القوية عسكريا واقتصاديا والمتقدمة تكنولوجيا والتي تؤمن بايديولوجية سياسية طاغية وتسعى لنشرها بالقوة في العالم ، او عن طريق الغزو الثقافي لمجالها الحيوي . كالاتحاد السوفييتي- سابقا - والصين الشعبية ( الشيوعية ( وامريكا ) اسلوب حياة وفكر المحافظين الجدد ( واسرائيل ) الصهيونية( وطالبان ( الاصولية المتزمتة الرافضة للآخر ) او تسعى لتصدير ايديولوجيتها الفكرية – الثقافية الى الدول المجاورة او مجالها الثقافي الحيوي كايران ) شيعية ولاية الفقيه المسيسة ( وبعث صدام حسين ( تحقيق الوحدة بالقوة ) وتركيا ) الكمالية العسكرية ، الرافضة للآخر (واليابان ) الكونفوشيوسية ( وفرنسا ( الفرنكفونية ) وانكلترا ( الكومونويلث ) .
3- دعيت في عام 1982 – عندما كنت رئيسا لقسم الاعلام في كلية الاداب بجامعة بغداد – من قبل احدى المؤسسات الاعلامية اليابانية لزيارة طوكيو ، ولما وصلتها انبهرت بالتقدم العمراني والتكنواوجي والحضاري لمدينة طوكيو – التي تقطنها 14 مليون نسمة – وبنظافتها وجمال اسواقها ومنتجعاتها . فسألت مرافقي – وكان استاذا في قسم الاعلام بجامعة طوكيو – عن سر هذا التقدم المذهل في اليابان . فاجاب ، بابتسامة لاذعة ، ان هذا التقدم الذي انبهرت به ، هو بفضل بوذا ، الذي علمنا : الصدق مع النفس ومع الآخر ، واحترام النفس والآخر ، وتقديس العمل . ولما قلت له : اننا – نحن المسلمين – نؤمن ايضا بهذه المبادئ ... ولكننا لا نزال متخلفين ومتفرقين ويحاول الواحد منا إلغاء الآخر !!! . فابتسم قائلا : لاننا – نحن البوذيين – ملتزمين بها ، في حين انكم تركتموها منذ القرن الثالث عشر الميلادي . انه درس لا ينسى .
4 - اعتمدنا في كتابة هذا الموضوع ، على المصادر التالية :
1 - Encyclopedia Britannica, Vol. 3 (Press 1979) .
2-Ibrahim Dakuki , Irak Turkmenleri , Guven Mataasi – Ankara 1970 , sh. 27 , 71, 83 , 115 , 157.
3 – Piers Vitebsky , Schamanismus – Glaube & Rituale , D.B.Publishers Ltd .2001.pp 34 , 42,44,46 – 74 , 167 – 181 .
4– Johannes Schneider , Die Bhagavadgita , In der Übersetzung von Rıchard Garbe , marixverlag – Wiesbaden 2006 . pp.37 – 45 , 116 – 205 .
5- إنجيل بوذا، ترجمة عيسى سابا، بيروت، مكتبة صادر، سنة 1953، ص 8 ،13، 17، 271.
6 - شلبي، الدكتور أحمد، أديان الهند الكبرى، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، ط8، سنة 1986، المدخل و ص 184 ـ 185.





#ابراهيم_الداقوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ينقذ بوش من مستنقع العراق ؟
- العراق الجديد ... الى اين ؟!!!
- الاقليات ... وشرعنة حق الاختلاف مع الآخر ...!!!
- ازمة الكاريكاتيرات .... مظهر لحرب المقدسات الاصولية بغطاء دي ...
- الجعفري لن يؤلف الوزارة ... واذا الفها فستسقط قبل سبتمبر الق ...
- كركوك ..... المعضلة والحل !!! .
- الرئيس المشكلة ... جورج بوش الابن !!!
- التشيع بين الاعتدال والتطرف
- الانتخابات القادمة ستغير الكثير من المفاهيم والتوازنات السيا ...
- الاختلاف الثقافي لا يقف حائلا دون انظمام تركيا للنادي الاورو ...
- هل تقبل اوروبا العانس بقبلة الشاب الشرقي الولهان ؟!!
- المثقف والسلطة .... والمؤسسة الثقافية المؤطرة للانتلجنسيا
- نعم للمقاومة ... ولكن!!!
- رهان العراق الجديد : الهوية الوطنية والتحول الديموقراطي
- فشل الاعلام العربي في مواجهة تحديات حوار الثقافات المعاصر
- بغداد ... ونرجسية المافيا وانتقام الجبناء
- حروب القائد الضرورة والديموقراطية وعراق الغد
- عبدالرحمن منيف عاشق الحياة ورفيق الضحايا والمعذبين
- استراتيجية غزو العراق تدشين لولادة الإمبراطورية الأمريكية وب ...
- عراق الغد : بحث عن اساليب الحوار العابر للثقافات


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم الداقوقي - المشترك الثقافي الانساني .... يدعو الى التآلف الحضاري في حوار المستقبل