أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسيب شحادة - حُرّاسُ المدينة، ناطوري قارْتا















المزيد.....

حُرّاسُ المدينة، ناطوري قارْتا


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:04
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


اسم هذه المجموعة الدينية اليهودية في الأصل هو ”ناطوري قَرْتا” أي حرّاس المدينة، مدينة القدس، وهما لفظتان آراميّتان كانتا تعنيان في الماضي البعيد في التراث اليهودي كما ورد في التلمود الفلسطيني / الأورشليمي ”رؤساء المدينة ومديروها”. وهؤلاء الحرّاس هم الكتبة والمتعلمون وليس الجنود، كما ورد في حادثة ذكرها يهودا هَنَسي، جامع المشناة اليهودية، التوراة الشفوية، ويُنظر في سفر المزامير 127 ومسيخت حجيجه 76. أسست هذه الحركة الأرثوذكسية في القدس عام 1935 إثر انشقاقها عن أجودات يسرائيل التي تأسست عام 1912 وذلك بغية محاربة الحركة الصهيونية. ويحاول المنتمون لهذه المجموعة قدر الإمكان عدم استخدام الخدمات الحكومية في إسرائيل كالمحاكم وبطاقات الهوية والمدارس العامة والعملة الخ. وتدّعي هذه المجموعة اليهودية الإشكنازية الصغيرة نسبياً أنها المحافِظة على قداسة مدينة السلام، وتعارض كّلا من الحركة الصهيونية وقيام دولة إسرائيل. وتقول لا حق لأحد في هذه الحقبة الزمنية من الحياة في الشتات في إقامة دولة يهودية.
ومن الأسس التي تنادي بها هذه المجموعة، كما ورد على لسان الرابي يِسْرائيل فِلدْمان، أن أساسَ الصراع وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط يُعزى إلى الحركة الصهيونية الكافرة وأن الدولة الإسرائيلية صهيونية ملحدة وغير شرعية. في نظر ”حُرّاس المدينة” هناك تعارض صارخ ما بين قيام الدولة العبرية الصهيونية وتعاليم التوراة، إذ أن تلك التعاليم تُحرّم قيام الدولة وتأمر اليهودَ أن يبقوا في الشتات حتى خلاصهم من الآثام على يد الله نفسه دون أيّ تدخّل من قِبل الانسان، آنذاك سينعَمُ العالَم بأسره بالسلام والوئام ويعبد بنو البشر كافّةً الخالقَ الواحد الأحد. ويعتبر أتباع هذه الحركة أن الأرثوذكسية اليهودية والصهيونية عدوان لدودان، وما الصهيونية إلا ردّة فعل على اللاسامية التي ظهرت في أوروبا ولا علاقة لليهودية بالقومية. وينعت حرّاس المدينة هرتصل، مؤسس الحركة الصهيونية، بالقول: هرتصل يشو، واللفظة الثانية عبارة عن اختصار بالعبرية معناه ”فليمح اسمه وذكره”، وفي الأساس أطلق هذا على يسوع، يشوع بالعبرية وأسقط الحرف الحلقي لعسر لفظه. ومما يجدر ذكره أن هناك كتابات دينية صهيونية تستعمل : ناصر يشو وحتى عرفات يشو!
قبل قرابة ألفي عام، عند خراب الهيكل، منع اللهُ اليهودَ، كما ورد في ”رسالة عقود القِران” في التلمود )مَسّيخت كِتوبّوت ص. مائة وأحد عشر ا (، من التوّجه الجماعي المكثّف إلى الأراضي المقدسة ومن التمرّد على الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها ومن القيام بأية محاولة لإنهاء العيش في الشتات والمهجر وعليهم العيش كمواطنين صالحين. وغنيّ عن البيان أن ”حرّاس المدينة” يدّعون بأنهم ممثلو اليهودية الحقيقية وأن الصهيونية هي نتاج تفكير الملحدين والكَفَرة في حين أن اليهودية تحرّم مصادرة الأراضي بطريقة غير شرعية واضطهاد الآخرين وإذلالهم. وتعارض هذه المجموعة بشدّة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلّة وتدينها بحزم جليّ قائلةً بأن كلّ ذلك لا يتمشّى وتعاليم التوراة. وتضيف قائلة أنّ المعاناة التي يعيشُها الفلسطينيون منذ قرن من الزمان بسبب الحركة الصهيونية مردّه إلى التمرّد الصهيوني ضد الخالق. وترى هذه المجموعة أن الحلّ الوحيد لهذه المعضلة المتجذرة بغية تحقيق السلام الحقيقي المرتكز على العدل والقرارات الدولية هو تغيير الحُكم في فلسطين التاريخية، تبنّي الحل التوراتيّ وهو اقتلاع الكيان الصهيوني غير المشروع واسترداد السيادة الفلسطينية الكاملة على كامل التراب الفلسطيني. ويضيف أفراد هذه المجموعة جازمين أن حلاً كهذا لن يتمخّض عنه ذبح اليهود دون تمييز على يد الفلسطينيين.
قد يظنّ القارىء ولو لوهلة أننا بصدد الحديث عن بعض الحركات الإسلامية الأصولية مثل حركة المقاومة الإسلامية، حماس، أو الجهاد الإسلامي الخ. لا إننا نعني ”حراس المدينة” الذين يروْن بأن الدولة الصهيونية تعرّض حياة اليهود للخطر لأنّها تشرّع تمرّداً مفتوحاً ضد الخالق. سيعود السلام والوئام إلى أرض السلام، بين العرب واليهود، كما كانت الحال عليه قبل قرن من الزمن، حين يعود الشعب الفلسطيني إلى دياره كشعب ذي سيادة حقيقية وعند انقشاع الظلم الصهيوني من على وجه التراب الفلسطيني المقدّس، وألا يبقى أي لاجىء فلسطيني يودّ العودة إلى أرضه خارجَ الوطن. إن الدولة الصهيونية تدنّس قدسية السبت، تشجّع اللباس غير المحتشم ووسائل الإعلام فيها غير أخلاقية، كما وتضرب العديد من القوانين التوراتية بعرض الحائط. زِد إلى ذلك كله، أن إسرائيل والصهيونية كانتا مصدر معاناة للشعب اليهودي، أين لقي اليهود حتفَهم منذ الحرب العالمية الثانية أكثر مما حدث في الدولة الصهيونية؟ كل ذلك من جرّاء الطموح الصهيوني الفجّ من أجل التمتع بالقوة الضاربة والجبروت المتغطرس عبر تحدٍّ صفيق لتعاليم التوراة واليهودية وقيمها الإنسانية الرفيعة. إنّ أي إنسان، ولو كان على أدنى حدٍّ منَ المعرفة للتاريخ وللأحداث الراهنة، يعلم علم اليقين أن الدولة الصهيونية كانت إحدى أكبر المآسي التي حلّت بالشعب اليهودي، كما وخلقت صراعاً أليما ودمويا مع العرب والمسلمين على حدّ سواء. ويُذكر أن اليهود كانوا قد عاشوا بسلام واطمئنان على العموم مع العرب خلال عدّة قرون من الدار البيضاء وإلى بغداد الرشيد لا سيّما في الأندلس، فردوس العرب المفقود. والأمة العربية، يقول حرّاس المدينة، لم تؤذ الشعب اليهودي حتى بزوغ الصهيونية القومية. اليهودية ليست الصهيونية. اليهودية هي إيمان الشعب اليهودي بالله وبتوراته في حين أن الصهيونية تمثّل الإيدولوجيا العنصرية لمجموعة من العصابات التي تؤمن بأنها الوحيدة القادرة على حماية اليهود من التهديدات الخارجية. ومن المعروف، كما يقول ”حُرّاس المدينة” إن هؤلاء الصهاينة كانوا قد قاموا بإذكاء جذوة المناهضة لليهود في شتّى أرجاء المعمورة بغية حمل اليهود على الهجرة إلى شطّ الأمان، الدولة العبرية الصهيونية. لنتذكّر كيف قام الصهاينة بزرع القنابل والمتفجرات في الكُنس، دور العبادة اليهودية، في اليمن والعراق وأرض الكِنانة وغيرها وراح ضحية هذه الممارسات الفظة الكثير من البريئين. كل ذلك من أجل ترويع اليهود وإجبارهم للهجرة إلى إسرائيل.
إن التحامل على العرق اليهودي وإذكاء أجيج الآراء السبقية اللعينة إزاء اليهود هي في الواقع قِوام الحياة بالنسبة للحركة الصهيونية، وبدونها لا تقوم أية قائمة لها. تسعى الصهيونية جاهدة في نعت كل من يجرؤ على معارضتها من قريب أو بعيد بمعاداة السامية و”ببهدلته” على الملأ، حتى ولو كان في المعارضة قدر كبير من المنطق والصدق والموضوعية. إنهم يحتكرون العرق السامي لوحدهم وكأن العرب مثلا جاؤوا من فلك آخر لا يمتّ لسام بن نوح بأية وشيجة أو صلة.
إن العودة إلى اليهودية الحقّة وإلى الله هو الضمان الوحيد لإنهاء الحلقة المفرغة من العداء المستشري وسفك الدماء في الأراضي المقدسة. كما وينادي أعضاء ”ناطوري قارْتا” المسلمين بعدم اقتراف الخطأ المأساوي في اعتبار اليهودية والصهيونية وجهين للعملة ذاتها، إنهما، كما يقولون، أمران على طرفي نقيض. إنّ اليهودي الحقيقي يشعر مع الفلسطيني الذي يقاسي الأمرّيْن، ويعتقد أن الرجوع إلى الله هو السبيل الوحيد للسلام، وكما ورد في نبوءة النبي أشعياء، 11:9 ”لا يُسيئون ولا يُفسدون في كل جبل قُدسي لأن الأرض تمتلىء من معرفة الربّ كما تغمر المياهُ البحر”، وجاء في سفر المزامير، 102:23، ”حين تجتمع الشعوب والممالك معاً ليعبدوا الربَّ”. وكان الربي عمرام بلاو قد كتب نشيدا وطنيا للحركة في الأربعينات من القرن العشرين أوله:
الله ملكُنا
نحن خدّامه
التوراة المقدّسة شريعتنا
ويعبّر اليهودي سنوياً في عيد رأس السنة اليهودية عن رغبته في أن تجتمع البشرية في عبادة الله الواحد بأخوّة ووحدة.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبز الشاودار الفنلندي? ?ذو القيمة الغذائية العالية
- التدريس الجامعي بالعربية، ضرورة التنسيق في التعريب بين كافّة ...
- عرض لكتاب حول تأثير الفكر الأفلاطوني السياسي على الفارابي
- فذلكة حول إعداد عربيّ المستقبل
- الساونا، الحمّام الفنلندي
- القدّيس توما الكمبيسي
- كُلثوم الناصرة، كلثوم نصر عودة فاسيليفا
- لقاء الله
- هرتصل واللغة العبرية
- حركة غوش إيمونيم
- آراء وأقوال في الثقافة والفكر
- حركة أمناء الهيكل وأرض إسرائيل
- قصة من صميم الحياة اليومية
- معرفة اللغة العربية أمر نسبي
- مون والحقيبة وشجرة الزيتون
- يلا خيرها بغيرها
- ليبرمان نادى بإعدام أعضاء كنيست عرب
- تأبط شرا
- فذلكة في إعداد عربيّ المستقبل
- الفهرست لابن النديم


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسيب شحادة - حُرّاسُ المدينة، ناطوري قارْتا