أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محفوظ فرج - العبّارة














المزيد.....

العبّارة


محفوظ فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1773 - 2006 / 12 / 23 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
وجدتني مستلقيا على منحنى منحدر يؤدي إلى فجوة عميقة موحلة ...
تناهت إلى مسمعي أصوات انفجار مدوية تمخر عباب الأرض ، حاولت الالتفات إلى جانبي فاذا بي أمام وجه أنيس طالما برد وحشتي بأريحيته وعدم اكتراثه لنوازل الحدثان .
الأصوات المتقطعة ورذاذ المطر المتساقط أصبحا ساعة اصطدام ناظري ضحكة من ضحكاته التي يطلقها وهو يمسك بقدح الشاي
شعرت بأن أصداءها تمشت في مفاصلي فشقت خدرا جاثما في أعصابي ..
أنا وهو نائمان ..... أجل لقد أنهيت واجبي قبله وتسلم مني وسلم ونام !!
ولكنه ينام بلا فراش ، ونحن في نهار . . . دعني أيها الثقل الجاثم على صدري أن .... . ..... . ..... .
حاولت إغماض عيني هيهات هيهات بعدت الشقة بيني وبين الوصول إلى تضاريس الوسن عدت أتملى في وجه علي لعله يتململ قليلا أو يصحو ؛ لابد من ايقاظه يجب أن يستيقظ . حين تحرك فكي الأسفل ليخرج الحرف الأول من اسمه هاجمني وجع في بطني لم اكن أقوى على تحمله خرج صوت العين على أمل أن يتبعه اللام غير ان لساني خاني في الارتفاع إلى فكي الأعلى ،....
عدت ثانية إلى العين .. . انها صحوة الرصاص المزروع في بطني. حين تململ لساني ِشعرت بجفاف قاتل في فمي ..... ولكن عليا ينام نوما عميقا لا يوقظه صوتي فلأمد يدي إليه ؛ زحفت يدي نحو صدره بصعوبة بالغة ولكن لا جدوى ....... تناهت إلى مسمعي أصوات بعيدة أحدها يقول ( ليس هناك جريح كلهم شهداء احملوهم إلى العربة ) لا بد من إيقاظ علي بأي شكل ليحملني هممت بالزحف إليه رغم كل شيء ، وما إن انقلبت على بطني حتى اتضح لي كل شيء بلحظة خاطفة ، وجدت مجموعتي كلهم يرقدون في داخل الحفرة العميقة ، تذكرت إننا منذ ثلاثة أيام قد لقنا كتيبة دبابات غادرة من أعداء الإنسانية درسا لن ينسوه أبدا فهذه المجموعة كل شهيد فيها يعادل كتيبة ......
وجدت أحشائي تندلق من بطني فسقطت على صدر علي ، عاودني الوعي ثالثة فأحسست أن رأسي ينام تحت فراش وثير وأن عيني تتحركان في ظلام دامس يتخلله بين آونة وأخرى بريق أخاذ ...... عليّ أن ألتفت علّي أبصر وجه صديقي فأطمئن على اني لازلت في مكاني ومع أصدقائي ، لم أستطع أن أتبين شيئا في خضم الظلام الدامس ، ولكن شفتي لامست نعومة لم اكن أعهدها وهناك رائحة يزداد نشرها في أوصالي ، انتابتني قشعريرة مقيتة من قدمي حتى فروة رأسي ..... أحسست أن عينيّ تقدحان بألوان بنفسجية مشوبة بحمرة ترتعد منها العتمة ، لم يكن استلقائي هذه المرة طبيعيا حيا كنت أو ميتا فهذه الإستقامة تنم عن فقدان أعضائي الحرية في اختيار المكان المناسب لها ثم إنني على الرغم من ذلك أراني في منزلق ينحدر بي إلى الأسفل كما لو أنني أهوي موثوقا من قمة جبل أنتظر بفارغ الصبر نهاية سفحه ، شقوق الضوء المتناوبة يتسرب معها لدي أمل في الحياة فهنالك أصوات تلاحقني وأصوات أخرى تقاطع انحداري كانت ترتفع باقتدار .. صحوة الرصاص المزروع في بطني تعيقني عن الحركة فكلما هممت للتململ تفاقم الألم وازداد بلل الدم تحتي حاولت أن أرفع رأسي بسرعة وليكن ما يكون ، حين فعلت اصطدم رأسي بسقف قريب جدا ....... فجأة توقف كل شيء لكن هديرا لايفتأ يتردد مع لغط متداخل ، كيف يمكنني أن أرى الناس أو يراني منهم أحد؟ .
ترددت كثيرا كلمة ( العبّارة ، العبّارة أين العبّارة ؟ هذه السيارة التي تحمل الشهيد لا بد من الاسراع بها إلى الضفة الأخرى ) ....... حينئذ تيقنت أني ملقى في تابوت على سيارة .. خارت بقايا قواي ... إنه صوت يخرج من فمي أو اصطدام رجلي أو يدي في خشب التابوت فينبه من حولي انني ما زلت حيا كيف يمكن أن أفعل ذلك ؟ وليس لدي سوى النفس الصاعد والنازل ، وحتى إذا فعلت ذلك فقد لا ينتبه إليّ أحد في خضم الضجيج والدوي الهائلين .........
فجأة شعرت بحركة السيارة إلى العبّارة لتستقر .............
لا أستطيع أخفي ما فعلته أنفاس الهواء الندية المحيطة بي حين حملني دجلة .... ( لا بد لك أن تستنشق الهواء حتى الثمالة ) لم اكن أعلم أن سكرتي سيكون لها طعم لآخر إن تنفست عميقا حتى فوجئت بصحوة الرصاص في بطني فارتعدت رعدة أفقدتني ما أطمع أن أصل إليه الحركة .... الكلام ولكن هذه الرعدة أعقبتها رعدة من الخارج زلزلت العبّارة إنها طائرات العدو الغاشم قد أمطرتنا بوابل من قنابلها فإذا بي وتابوتي لوحدنا يقلبني ذات اليمين وذات الشمال ........... وما هي إلا لحظات حتى طالني الماء شيئا فشيئا فانقلبت إلى جهة فارقت تابوتي من خلالها على أمل أن أعود به إلى صحوة أخرى .



#محفوظ_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهك
- في البناء الأسطوري / محمود جنداري مثالاً
- قصيدة النثر بياضات الشاعر خزعل الماجدي
- الدوامّة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محفوظ فرج - العبّارة