أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد الله مزرعاني - الأزمة اللبنانية: مقاربة للحلّ ذات أساس وأفق ديموقراطي















المزيد.....

الأزمة اللبنانية: مقاربة للحلّ ذات أساس وأفق ديموقراطي


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لاحظنا في مقالة سابقة ان أزمات لبنان تتواصل وتتفاقم منذ الاستقلال (على الاقل) الى اليوم. وأن الحلول عندما تأتي، تكون مجتزأة ومؤقتة وهشة، وتأتي دائماً من الخارج، مقرونة بفاتورة مصالح أو مطالب أو إملاءات...
لاحظنا أن النظام اللبناني بسبب المرتكزات الطائفية والمذهبية للسلطة فيه، ينطوي على خلل جوهري يجعله مفتقراً لمرجعية داخلية تعالج الأزمات أو تمتصها على الاقل. فما العمل إزاء الأزمة الخطيرة والمتصاعدة الآن؟
ينبغي أن نلاحظ بدءاً، ان القسم الأعظم من الطاقم السياسي القديم والجديد او المتجدد، يتفق على استمرار النظام الطائفي. اما الخلاف فيدور على النسب والحصص. انه صراع من داخل النظام، وفي نطاق تعديل التوازنات فيه، فحسب. هكذا كان الأمر منذ الاستقلال، وهكذا هو حتى هذه اللحظة، بما في ذلك في مرحلة الإدارة السورية للبلاد. فقد إستسهلت تلك الإدارة الممثلة لنظام علماني (رسمياً ونسبياً)، ان تتوكأ في إدارتها لشؤون لبنان، على صيغته التقليدية الطائفية، مغيَّرة، فقط، في التوازنات، بما يمكن اعتباره نقل سلطة القرار أو النفوذ من جهة الى جهة دون المساس بالجوهر. خطأ الإدارة السورية تلك، مضاعف. والسبب، أنه كان امام هذه الإدارة اتفاق سياسي، جاءت هي في نطاقه، وكان عليها أن ترعى تطبيق بنوده. عنينا "اتفاق الطائف" الذي ينص في أحد بنوده الرئيسة على مباشرة اصلاح النظام السياسي، معظم مؤسسات النظام، بما فيها السلطة السياسية، مقابل إنشاء "مجلس شيوخ" يعالج الهواجس الطائفية ويحاصر تأثيرها في أضيق مدى ممكن.
هذا الى بنود إصلاحية أخرى جرى إقرارها، وجرى بالمقابل، إفراغها من مضمونها الفعلي. ينطبق ذلك على "المجلس الدستوري" و"المجلس الاقتصادي الاجتماعي" والإنماء المتوازن" واللامركزية الإدراية...
لقد شكل البند الاصلاحي في "اتفاق الطائف" إختراقاً أولياً، كان يمكن له أن يتحول الى اختراق فعلي، لولا الارتداد عليه من قبل المشاركين في السلطة ما بعد "الطائف"، ولولا تواطؤ المعارضين لتلك السلطة، ولولا إدارة الظهر له من قبل الإدارة السورية للبلاد!
ويتذكر الجميع كيف تحول موضوع تشكيل "الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية" المكرسة في الدستور، الى "فزيعة"، وكيف تحول مجمل موضوع التغيير الى أداة إبتزاز طائفية، تماماً بعكس وظيفته ودوره المصيري في تغيير النظام اللبناني ومعافاة الحياة السياسية اللبنانية!
مرة جديدة إذن، جرى تكريس النظام الطائفي، وجرى تكريس المؤقت، وتحويله الى دائم. وفي نطاق ذلك، تفاعلت جملة تناقضات. وإنعقدت على تناقضات أخرى وافدة من الخارج. وتبدلت المعطيات والظروف والتوازنات، وتفاقمت الصراعات... الى أن وصلنا الى مانحن فيه من عميق الإنقسام وعظيم المخاطر.
الدور اللبناني:
ان الامور في لبنان حالياً، على درجة شديدة من التعقيد. وعناصر المعالجة موزعة بين الداخل والخارج. ونعترف أن مباشرة عملية معالجة نوعية والوصول بها الى كل نهايات مراحلها، يكاد يكون من اصعب الامور. ومع ذلك، لا بد من المحاولة وفق العناوين المتكاملة الآتية التي يشجع عليها أن جميع القوى تعلن موافقتها على الطائف، كل الطائف، دون تحديد:
1- احترام نصوص الدستور اللبناني. ويعني ذلك اتخاذ قرار عام بوضع المواد 22و24 و25 موضع التنفيذ، عبر آلية مناسبة. ويستدعي ذلك وضع قانون إنتخاب جديد، على أساس النسبيه والدائرة الواحدة، ثم إجراء إنتخابات مبكرة ينجم عنها، بالضرورة مجلس نيابي شامل التمثيل وصحيحه. تتيح هذه العملية إعادة تكوّن السلطة والنظام في آن واحد. وهي يجب أن تقترن، وفق الدستور، أيضاً، بإنشاء "مجلس الشيوخ" المنصوص عنه في المواد الدستورية المذكورة آنفاً.
2- ان تحديد صلاحيات "مجلس الشيوخ" المذكور، بما هو مكان مناسب للتعبير عن الهواجس ومعالجتها أو نقل معالجتها الى الهيئات الدستورية الأخرى (مجلس النواب ومجلس الوزراء)، هو مسألة أساسية. أما المسألة الاخرى الأكثر أهمية، فهي الحرص المكرس في النصوص والممارسة، على بناء مؤسسات ديمقراطية، تعتمد هي أيضاً، آليات ديمقراطية مناسبة، من أجل تأمين وصيانة الحريات، ومن أجل تكريس المساواة في المواطنية وفي الحقوق والواجبات.
3- يستطيع المجلس النيابي الحالي أن يباشر هذه العملية، وفي أقرب فرصة ممكنة، كجزء من آلية متكاملة لولوج طريق المصالحة والحل. ولا شيء يمنع أن يكون تشكيل "الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية"، هو نقطة البداية. فهذه الهيئة تستطيع أن تكون الاطار الوفاقي المناسب لإدارة مجمل عملية المعالجة وتوفير التفاهمات الضرورية لذلك.
وبالتأكيد، للهيئات الدستورية المنبثقة عن هذه العملية، ان توفر المرجعية الداخلية، الطبيعية، للبنانيين الذين يجب أن يعتادوا ذلك في أسرع وقت ممكن!
والمؤسسات والهيئات الشرعية المذكورة، وفق تركيبتها الجديدة، تكون قد الغت، دستورياً، الدويلات الطائفية ـ المذهبية القائمة، لمصلحة الدولة الواحدة، ووضعت الاساس لكي يصبح كامل القرار السياسي بشأن قضايا لبنان المختلفة، في هذه الهيئات والمؤسسات. وهذه أما أن تمارسه فتواصل عملها، أو أن تعجز عن ذلك فيتم اللجوء، ومن ضمن الآليات الدستورية نفسها التي تعمل وفقها هذه المؤسسات، الى الانتخابات النيابية المبكرة، او الى استبدال الحكومة..
ويقتضي كل ذلك تعزيز دور الدولة، ومؤسساتها الخدمتية خصوصاً. إن بناء الدولة الراعية، هو في لبنان، أكثر من عملية اجتماعية. انه عملية سياسية، لكي تحل الدولة تدريجياً، محل الدويلات ، وتوفر بشكل واقعي، الخدمات الضرورية الممكنة للمواطن، وبطريقة سليمة وشريفة وبعيدة عن ما هو قائم من أنماط التحاصص والزبائنية واسترهان المواطن..
ولمثل هذه العملية سياسات وخطة ومؤسسات، منها ما كان قائماً وجرى تعطيله (مجلس الخدمة المدنية، مؤسسة الضمان الإجتماعي... )، ومنها ما يجب إستحداثه في نطاق عملية إصلاح إداري، تشمل أيضاً تعزيز دور القضاء وأجهزة الرقابة ومكافحة الفساد والرشوة والهدر وتسخير مؤسسات السلطة.
الدور السوري:
لسوريا دور كبير في مجمل هذه العملية التاريخية المنشودة! قد يتبادر الى الذهن مشروع لعودة سورية الى لبنان! ابداً، العكس هو المطلوب. المقترح هنا، تحديداً، إنما هو تعاون إيجابي، هذه بعض عناصره أو موجباته:
أ‌. إعلان سوري رسمي وصريح ومقنع، بأن سوريا قد طوت الصفحة السابقة الإستثنائية، في علاقتها بلبنان. وهي في سياق مراجعة جديدة للمرحلة الماضية، تؤكد إحترامها لإستقلال لبنان ولسيادته ولقراره المنبثق عن مؤسساته الدستورية، كما تعلن تعاونها معه في كل ما يوطد له الأمن والإستقرار.
ب‌. بديهي أن ذلك ينبغي أن يحصل في نطاق عملية تعاون بين سلطتي البلدين. وهذا التعاون الذي يحترم إستقلال وسيادة كل منهما، يكرس، بالمقابل، تفاهماً عميقاً بينهما، يلهمه التاريخ، وتعزّزه المصالح المشتركة، وتحفّزه التحديات المستهدفة لكليهما.
يبقى أن نختم بأن مثل هذه العملية، في شقها الداخلي وفي إطارها الخارجي، يجب ان تتم على أساس خلفية صحيّة وطبيعية وأكاد اقول بديهية. إنها خلفية رفض العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، ودعم حق هذا الشعب في إسترجاع الحد الأدنى من حقوقه: إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة... أما العنصر الثاني في هذه الخلفية، فهو في رفض المشاريع الأميركية الإمبراطورية الحديثة للسيطرة على المنطقة، على غرار "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وكل مشروع مشابه، ورفض، خصوصاً، إستخدام لبنان أداة لهذا المشروع على غرار ما هو حاصل حالياً.
ذلك يعني إشتقاق وصياغة مشروع لبناني للتغيير. من هي قواه. وكيف نقترح عليها ان تعمل. هذا ما سنناقشه في مقالة لاحقة.

14-12-2006



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون والمقاومة: بعض من ...
- مرة جديدة مع تشافيز: ثائر متجدد ومثلٌ على التجاوز والابداع
- تشافيز يزداد إحمراراً
- الخلاف مع المعارضة اليمينية استنزف الحزب الشيوعي اللبناني
- نقاش ودي مع السيد هاني فحص المعارضة الحزبية مسؤولة عن فشل ال ...


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد الله مزرعاني - الأزمة اللبنانية: مقاربة للحلّ ذات أساس وأفق ديموقراطي