أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن ميّ النوراني - قانون الحب ينقذ غزة من موت يلف سماءها ويغتصب أرضها ويطال براءة أطفالها




قانون الحب ينقذ غزة من موت يلف سماءها ويغتصب أرضها ويطال براءة أطفالها


حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)


الحوار المتمدن-العدد: 1771 - 2006 / 12 / 21 - 12:08
المحور: المجتمع المدني
    


لم تمر غير أيام قليلة على الهدوء الذي عاشه مواطنو قطاع غزة بعد سريان مفعول اتفاق التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.. عاد الخوف من الموت يهدد الآمنين، هذه المرة ليس من غارات ولا اجتياحات إسرائيلية، ولكن من زخات كثيفة من رصاص فلسطيني وتفجيرات تدوي في سكون الليل وفي صخب حياة يومية يضطهدها الفقر وصراخ مرضى يحتاجون للدواء فلا يجدونه، وبكاء أطفال مرير يريدون حليبا فتبكي الأمهات والآباء في قلوبهم لأن قلوبهم تنفطر وهم لا يستطيعون تلبية صراخ الجوع المنشقة صدور بريئة عنه.. وهذي الأسواق راكدة إلا من متسكعين يقضون في ضجر أوقاتهم في لتجوال..
ثم هذي ليلة الأربعاء (20/12/06) التي استبشر مواطنو القطاع فيها خيرا بالإعلان عن التوصل لاتفاق على وقف تبادل إطلاق النار بين الأجنحة العسكرية التابعة للفصائل المختلفة.. وبعد أن انتهى رئيس وزراء السلطة اسماعيل هنية من خطاب دعا فيه للتهدئة.. وبعد أن زف رئيس السلطة محمود عباس للمواطنين وفي ساعة متأخرة من الليل، نبأ التوصل لاتفاق ينهى مظاهر العنف في قطاع غزة، حدثتني نفسي أننا سنستعيد الشعور المفقود بالأمن.. كنت أرقب عقارب الساعة في انتظار حلول موعد بدء سريان الاتفاق الجديد الذي تم برعاية مصرية.. الموعد المقرر هو الساعة الحادية عشرة من ليلة الأربعاء.. لكن المفاجأة غير السارة، حملتها انفجارات وزخات رصاص متوالية كانت تشق صمت الليل البارد قريبا من سكناي وسط مدينة غزة، ظلت كذلك ساعات .. رباه.. لماذا يحدث ذلك قبل دقائق فقط من ساعة الصفر لوقف أعمال العنف.. لم أجرؤ على الخروج للشرفة الكائنة في الدور السابع ومن أمامها فضاء ترقد تحته منازل غزة القديمة البائسة والمرتجفة من أن تنحرف اتجاهات الرصاص فتصيبهم وهم في عقر دورهم.. أجل، هذا يحدث.. قبل عدة أسابيع، وخلال اشتباكات دامية بين أنصار تيارين مختلفين ضلت رصاصات طائشة الطريق فاستقرت على بعد حوالي متر فقط من مكاني وأنا واقف في الشرفة أحاول معرفة سبب ومصدر اطلاق النيران الكثيف يومها.. الناس يفقدون الأمن حتى وهم داخل بيوتهم.. انفجارات ليلة الأربعاء كانت قريبة مني وكانت مخيفة.. لم نعهد مثل هذا الانفجارات إلا عندما كانت القوات الإسرائيلية تنفذ عمليات تفجير منازل أو تقصفها بالطيران العسكري.. هذه المرة، التفجيرت تحدث في قلب مدينة غزة بأيادي إخوة لنا.. أخبار الصباح قالت إن مسلحين فلسطينيين قاموا بتفجير منزل بالكامل يعود لأسرة من حي الصبرة الواقع وسط مدينة غزة..
أغلقت جهاز الكمبيوتر وقمت من على مكتبي المطل على الشارع خشية أن تستهدفني في الليل البهيم رصاصة ضالة وأنا في منزلي.. أكثر من ذلك، خشيت أن تطالني الرصاصات الضالة وأنا أرقد في سريري الملاصق لنافذتي العالية المطلة على الأفق الغزي المفتوح على الموت العبثي المجاني..
في اليومين الأخيرين فقد قطاع غزة ثلاثة عشر مواطنا وأصيب عشرات بينهم أطفال طالتهم الرصاصات (الوطنية) الضالة.. الرصاصات الضالة ذاتها التي قتلت قبل وقت قصير ثلاثة أطفال أشقاء تتراوح أعمارهم بين الرابعة والتاسعة.. الرصاصات الضالة ذاتها طالت موكب رئيس وزراء السلطة وهو عائد من رحلته الخارجية الأولى.. فقتل فيها مرافق له وجرح ابنه ومستشاره..
في غزة تخشى الناس من التجول في الشوارع التي انتشرت فيها قوات أمن من اطياف متنازعة.. شوارع المدينة كانت يوم الثلاثاء شبه خاليه من المارة.. ترددت قبل أن أستقل سيارة وأطوف بها شوارع المدينة.. حاول السائق أن يعبر من شارع الجلاء الذي يبدأ أوله من نقطة يحدها الحائط الغربي لمبنى السرايا الأمني.. بعد خطوات، اكتشف السائق أن الطريق مغلق بحواجز تمنع مرور السيارات من الشارع.. في الطرف الثاني من الشارع في منطقة الشيخ رضوان، كانت الاقتتال مشتدا.. سارت بنا السيارة من طرق التفافية، قال السائق: أنا كنت معتقلا لسنوات طويلة، وكان من حقي أن أحظى بوظيفة في السلطة مكافأة لي على سنوات اعتقالي في السجون الإسرائيلية، لكنني رفضت، وآثرت أن أعمل سائقا.. تابع الرجل: هل تستحق السلطة كلها هذا الصراع الدامي؟! سألته: هل تؤيد اتجاها سياسيا ما؟ أجاب: كلا! ولكنه أضاف: كانت أسهم (الرئيس) أبو مازن عالية قبل خطابه الأخير (السبت الماضي الموافق 16/12/06 الذي أعلن فيه قراره بالدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعي مبكرة) لكنه (الرئيس) لم يكن موفقا في الخطاب الأمر الذي رفع أسهم حركة حماس. وفقا للرجل.. كثيرون يعبرون عن مواقف مؤيدة لما عبر عنه السائق وكثيرون أيضا يعبرون عن تأييدهم لدعوة الرئيس عباس..
والموقف الذي عبر عنه السائق، بالكلام، يعبر عنه المختلفون على الدعوة لانتخابات مبكرة بالرصاص وتفجير البيوت وقتل الأطفال .. وبأساليب أخرى أيضا: محمود، مواطن غزي، يعمل في وزارة يرئسها وزير من حركة حماس.. محمود، مثل مواطنين آخرين، ينتظرون ساعة خروج حركة حماس من السلطة.. مقابل آخرين يؤيدون بقاء حكومة حماس.. في مكان عام، ثرثر محمود بما يكشف عن موقفه الخاص.. شباب كانوا قريبين منه، صرخوا في وجهه محتجين على ما بدا لهم أنه موقف يؤيد خصم حركة حماس، أي: حركة فتح.. شعر محمود أنه يواجه تحديا قد يتطور للاعتداء عليه بالضرب، فسارع للاعتذار عما اعتقد الشباب المؤيدون لحماس أنه إهانة للوزير: أنا لست فتحاويا.. صاح محمود بخوف.. وأعتذر عما قاله..
ومثل محمود، وفي موقف منفصل، اضطرت المعلمة سميرة للاعتذار والانسحاب من موقف واجهت فيه زميلات لها في المدرسة ينتمين لحركة فتح.. سميرة تتعاطف مع حركة حماس، ولدى تعبيرها عن هذه العاطفة، وفي حوار تلقائي مع زميلات العمل، وجدت أنها أمام تحد شعرت أنها كانت فيه هي الطرف الأضعف.. فالمسألة قد تطال عملها.. لذا، وبسرعة اعتذرت سميرة لزميلاتها الفتحاويات، ففلتت من "انفلات أكبر من الصورة العسكرية له".. انفلات يطال جوانب واسعة من الحياة..
مع ذلك، فإن غالبية مواطني القطاع مع مبدأ "تحكيم العقل وقانون الحب".. وقبل دقائق من القاء الرئيس عباس لخطابه الأخير، رن هاتف مكتبي.. كانت على الطرف الثاني وعلى الهواء مباشرة، كوثر عويضة المذيعة بصوت فلسطين، الإذاعة الفلسطينية الرسمية، سألتني: ما المخرج أيها الداعي للحب يا نوراني؟ أجبت: قانون الحب .. قانون الحب.. أضفت: قانون العقل المحب هو الكفيل بأن يخرجنا من أزمتنا الصعبة.. ابراهيم أبو النجا، سكرتير لجنة المتابعة العليا التي تضم الفصائل الفلسطينية، كان قد سبقني على الهواء.. ودعا كما دعوت.. إلى سيادة قانون الحب..
العقلاء جميعا يدعون إلى تحكيم العقل.. ولكن الرصاص الضال وحده، هو الذي يغتال الحب وهو وحده الذي داس زهرات ثلاثة بعد أن طبعت أمهم وللمرة الأخيرة، قبلاتها الحارة على وجنتاهم المحمرة في صباح باكر قاسي البرد.. ومنذ مقتل أطفال بعلوشة الثلاثة، لا تزال سحابة سوداء باكية، تلف قطاع غزة، الذي يحلم بتهدئة توفر مناخا للحياة الكريمة والمطمئنة



#حسن_ميّ_النوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أنا -من أخطر الماسونيين نوعا- كما قال أخي الكريم الدكتور ...
- حب النورانية وحريتها
- ظاهرة تساقط الشهب في عقيدة أمي وتفسير العرب الأقدمين والقرآن ...
- دعوة النورانية - الله: الحرية المبتهجة بنورانيتها
- ديوان النوراني - إنَّ ال.... حبَّ فَوْقُنْ
- جائزة نوبل لأديب عربي! نجيب محفوظ ذو موقف فلسفي*
- أيها الإسرائيليون.. هل تريدون إطلاق أسيركم؟!.. أنا أدلكم على ...
- النوراني للرئيس عباس: كن إلى أبد الآبدين نورانيا.. ولا تستفت ...
- يا شرفاء فلسطين والعالم.. أعلنوا ثورة المجوعين المحاصرين الم ...
- حماس تدخل في النور من باب دخله عرفات متسللا.. قلبي وعقلي معه ...
- حكومة حماس لن ترجم الزناة ولن تقطع أيادي السارقين، وتحتسب فل ...
- تفكير المسلم المعاصر أبوي مغلق استبدادي!!
- النوراني يدعو حكومة حماس القادمة لإعلان -عيد الحب- عيدا وطني ...
- أسرة فتاة غزية تحمل الماجستير ترفض تزويجها لرجل يحمل الدكتور ...
- المترشحات للمجلس التشريعي في مناطق السلطة الفلسطينية ذكوريات ...
- سؤال للمرشحين الفلسطينيين.. أليس الكذبُ أصل كل فساد؟!
- رسالة مفتوحة للأشقاء في حركة حماس.. عروبة القدس أهم من دخولك ...
- النوراني يعتذر عن بيان له نشرته صحيفة -الحوار المتمدن-حول إع ...
- الانتخابات التشريعية في مناطق السلطة الفلسطينية بدون تأكيد ع ...
- نداء للزرقاوي.. أحبك فأصغِ إليّّ.. وأوقف الموت الذي يحصد الأ ...


المزيد.....






- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن ميّ النوراني - قانون الحب ينقذ غزة من موت يلف سماءها ويغتصب أرضها ويطال براءة أطفالها