أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سامح سعيد عبود - الجزء الثانى الرأسماليون انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا















المزيد.....


الجزء الثانى الرأسماليون انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1769 - 2006 / 12 / 19 - 10:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الطبقة الرأسمالية تضم كل أصحاب العمل الذين يستخدمون عمالا مأجورين ويديرون عملهم، و يستحوز هؤلاء على النصيب الأعظم من عوائد التملك من أرباح و فوائد و ريع ، و هم يملكون وسائل الإنتاج و يشترون قوة العمل وفق توازنات السوق و يتخذون القرارات الرئيسية للإنتاج والتراكم الرأسمالى، و يمارسون السلطة داخل النطاق المباشر للعمل، و يستغلون العمال، كما يمارس كبار الرأسماليين السلطة على مستوى النظام ككل فى حين لا يمارسها صغارهم.
عدد أصحاب الأعمال التى يديروها ويستخدمون عمال ، وفق احصائيات 2004 يصل إلى 3237100 صاحب عمل. وينقسم هؤلاء من حيث محل الإقامة لرأسمالية مدينية يبلغ عدد أفرادها1009600 صاحب عمل، وهم غالبا ما يمارسون أنشطة صناعية وخدمية وتجارية إلا أن هذا لا يعنى عدم ممارسة بعضهم أنشطة زراعية، و رأسمالية ريفية يبلغ عدد أفرادها2227500 صاحب عمل غالبا ما يمارسون أنشطة زراعية إلا أن هذا لا يعنى عدم ممارسة بعضهم أنشطة صناعية وخدمية وتجارية.
فالظاهرة الجديرة بالانتباه هنا هى تزايد ترييف المدينة وتمدين الريف فى مصر، مما لا يضع حدودا فاصلة و حادة بين الريف والحضر من حيث المقيمين بأى منهما أو الأنشطة التى يمارسونها، و خصوصا فى المدن الصغيرة والقرى الكبيرة، حيث تتكاثر المصانع داخل القرى أو بالقرب منها، و حيث تتواجد أنشطة زراعية داخل المدن أو بالقرب منها، و حيث يعمل الكثير من سكان الريف بالمدن، و يعمل كثير من سكان المدن بالريف، ويتنقلون للعمل أو للإقامة بين الريف والمدينة بسهولة و سرعة أكثر من قبل، و ذلك لسهولة الانتقال فيما بين الريف والحضر مع تطور وسائل النقل والمواصلات والاتصالات.
إلا أن هناك بالطبع فوارق بين الرأسمالى الريفى و الرأسمالى المدينى تحددها ارتباطاته العائلية، و مكان إقامته فضلا عن طبيعة نشاطه، ويحددها اختلاف المصالح الثانوية، و لا شك أن هذه الاختلافات تحدد مواقفهما السياسية كما أن هناك اختلافات بينهما من حيث مستوى المعيشة، و نوعية الوعى الطبقى، و نوعية الثقافة، وعلاقة كل منهما بالعاملين لديهما.
وجدير بالذكر أنه ينقص لبيان حجم أفراد الطبقة الرأسمالية بدقة، معرفة من يعتمدون فى دخلهم فقط على ريع ما يملكوه من عقارات سواء أكانت للإيجار أم للبيع أم للمضاربة، فضلا عن الذين يعيشون على فوائد أوراقهم المالية المختلفة من أسهم وسندات و أوراق مالية مختلفة وودائعهم بالبنوك، وهؤلاء فى الغالب أقارب من الدرجة الأولى لملاك منشئات القطاع الخاص الذين هم غالبا فى نفس الوقت ملاك عقارات و أوراق مالية بجانب امتلاكهم لمنشئاتهم.
ومن ناحية أخرى تتنوع أوضاع الرأسماليين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بتنوع أنشطتهم فى الإنتاج الزراعى والصناعى والخدمات والتجارة الخارجية والداخلية والنشاطات المالية والمصرفية المختلفة و أعمال السمسرة والمضاربة فضلا عن الملكية العقارية، وتتنوع مصالحهم الثانوية ومواقفهم السياسية و وعيهم الطبقى ومستوى معيشتهم بتنوع تلك الأنشطة.
من أبرز السمات التى تميز الرأسماليين المصريين هى السيطرة البيروقراطية عليهم،فبرغم أنهم المهيمنون فى نمط الإنتاج الرأسمالى، إلا أن هناك هيمنة بيروقراطية حكومية لا شك فيها فى نفس الوقت على الرأسماليين المصريين الأمر الذى يقسم هؤلاء الرأسماليين إلى من يطلق عليهم رأسمالى الدولة هؤلاء المستندين فى نشاطهم على دعم بيروقراطيوا الدولة لهم وعلاقاتهم برجالها و إلى الرأسماليين العاديين الذين لا يستمتعون بتلك الإمكانيات. وهذه الخاصية التى تتميز بها الرأسمالية المصرية هى سر التخلف المزمن ،والفيروس المسبب لإعاقة التطور الاجتماعى فى مصر عبر تاريخها الطويل، فالبيروقراطية الحكومية لدينا تمارس دور البلطجى الذى يجمع الأتاوات من الرأسماليين ليسمح لهم بالنشاط أو لا يسمح، وهذا البلطجى الحكومى الذى هو امتداد للمملوك القديم وأسلافه من الحكام، قادر على وضع كافة المعوقات أمام هذا الرأسمال ونموه واتساعه أو إفساح المجال للحركة أمامه ، و قادر على أن يصادره لحسابه فى أى وقت أو يغلق السوق أمامه، فانخفض بالتالى ميل الرأسمالى المالى أو التجارى باعتباره الأقدم فى الوجود تاريخيا فى استثمار أمواله فى الصناعة أو الزراعة، و لهذا السبب لم تتحول الرأسمالية التجارية لرأسمالية صناعية رغم إزدهارها طوال القرون الوسطى،لسيطرتها على طرق التجارة العالمية، ولم تشهد بلادنا الثورة الصناعية التى شهدتها غرب أوروبا التى سمحت ظروفها بهذا التحول عندما تضافرت الثورة العلمية مع التراكم المالى من نهب المستعمرات والسيطرة على طرق التجارة فضلا عن العامل الأهم و هو عدم خضوع هؤلاء التجار الأوروبيين للبلطجة التعسفية التى واجهها زملائهم فى الشرق الأوسط طوال القرون الوسطى من الحكام المستبدين.
وفى العصر الحديث استمرت لدي البيروقراطية الحكومية نفس الميول البلطجية المنتمية للعصر المملوكى على رأسالمال باستثناء فترة النصف الأول من القرن العشرين، واستمر التراكم الرأسمالى حتى بعد طفرة البترول يصب فى الاستثمار العقارى والمالى والمضاربة على السلع والخدمات فيما عدا قطاعات محدودة للغاية منه استثمرت فى الصناعة والزراعة .
ويفاقم من خطورة الظاهرة أنها مازلت مستمرة فى زمن الانحطاط الرأسمالى العالمى الذى من سماته أن غالبية الرأسماليين فى مصر والعالم فى الوقت الراهن لا يملكون سوى نقود وحسابات بنكية و أجهزة كومبيوتر واتصال دائم بشبكة الانترنت. وهم يشترون ويبيعون طول الوقت عبر بورصات الأرض المختلفة، أسهما وسندات ونقودا وسلعا وعقارات مختلفة، و عبر عمليات المضاربة التى تتم بمجرد الضرب على لوحة مفاتيح الكومبيوتر، يربحون نقودا بلا جهد يذكر، كما يفلس بعضهم بالطبع، ويثرى بعضهم ثراءا فاحشا، بنفس البساطة التى يتنفسون بها، فبإمكان الواحد منهم أن يشترى لوحة فنية أو قطعة آثار مثلا بمبلغ مليون جنية ليضعها فى مخزنه، و ليبيعها هى نفسها بلا أدنى تغيير بعد فترة بخمسة ملايين جنية دون بذل أى جهد، ليشتريها آخر ليبيعها بعد فترة بعشرة ملايين جنيه وهكذا، هؤلاء المضاربون المنتشرون عبر الأرض تراهم يندفعون لشراء أسهم مشروع ما فى البورصة فترتفع قيمة أصول هذا المشروع فى السوق، وترتفع أسعار أسهمه و يحقق بما أتاه من أموال من جراء شراء أسهمه أرباحا وهمية وفقا لذلك، ثم يندفع هؤلاء المضاربون مجددا ليبيعون أسهم نفس المشروع فى السوق فتنخفض أسعارها، وتنخفض قيمة أصول المشروع فى السوق، و يحقق خسائر وهمية وفقا لذلك ، ومن هنا تصبح الخسائر والمكاسب مجرد أرقام تتحرك فى دفاتر الموازنات من بنود الأرباح لبنود الخسائر وبالعكس، وقد يؤدى هذا لإفلاس المشروع، و يتم تشريد العاملين فيه لمجرد ألعاب المضاربون التى تتم فى البورصة،وفى حين ترتفع أسعار الأسهم وأرباح المؤسسات بنسب تبلغ عشرة فى المئة وأكثر،تنخفض أجور العاملين وفى نفس الوقت تتفاقم البطالة.
ماذا يفعل هؤلاء الرأسماليين المضاربين بما كسبوه من نقود لا تعبر عن إنتاج قيمة مضافة حقيقية تم إنتاجها، أنه يربحون نقودا من الهواء لينفقوها مجددا على شراء ما ينتجه الاقتصاد الحقيقى، فيرفعون أسعار ما ينتجه من سلع وخدمات، دون أدنى تفكير فى استثمار ما ربحوه فى توسيع رأسالمال الثابت أو توظيف رأسالمال الحى مما يزيد من أزمة البطالة والتهميش ، فلا يوجد دافع منطقى لدى المضارب لينشأ مصنعا أو يزرع أرضا أو يوظف عمالا، إذا كان يكسب بمجرد شراءه أو بيعه أسهم مشروع قائم بالفعل، أو عقارا أو سلعا يعلم بارتفاع ثمنها فى المستقبل بأضعاف مما كان سوف يربحه من الاستثمار فى الاقتصاد الحقيقى ، وهكذا لم يعد الاقتصاد الحقيقى للسلع والخدمات والاقتصاد الرمزى للمال والائتمان مرتبطا أحدهما بالآخر ارتباطا عضويا بوصف الاقتصاد الرمزى تعبيرا بالضرورة عن الاقتصاد الحقيقى. وإنما اصبحت حركة رأسالمال وأسعار الفائدة و أسعار الصرف منذ النصف الأول من السبعينات بعيدة عن حركة التجارة الدولية بصرف النظر عن ما يحدث فعليا فى الاقتصاد الحقيقى من ركود، فالمضاربة تزيد من حجم النقود المتداولة إذن فى أيدي هؤلاء الرأسماليين ، وهو ما يدفعهم لإنفاقها فى السوق لطلب المزيد من الأسهم والسندات والنقود والسلع المختلفة، أو يدفعهم لإنفاقها على الاستهلاك الترفى والكمالى، أو يدفعونها لأيدى أخرى تحقق لهم بعض الخدمات، فيوسعوا بذلك من حجم الطلب، مما يرفع من أسعار السلع والخدمات و هو ما يعرف بالتضخم.و المضاربة كما يشارك فيها كبار حائزي النقود، يشارك فيها أيضا صغار ومتوسطي الحائزين، سواء عبر البيع والشراء مباشرة للأسهم والنقود والسلع والعقارات، أو بشكل غير مباشر بمدخراتهم فى البنوك وصناديق التأمينات والادخار، وبجانب الأفراد المضاربون بتفاوت أحجامهم ، فإن المضاربة عملية تنخرط فيها المؤسسات الرأسمالية الإنتاجية نفسها، وصناديق التقاعد والتأمينات ، والحكومات نفسها، وهذه العملية تسبب ظاهرة تسمى ديكتاتورية سوق المال العالمى التى تنحنى أمامها كل الحكومات القومية من أقواها إلى أضعفها.
ينقسم الرأسماليون كطبقة إلى طبقتين فرعيتين وفق عدد من يعملون فى المنشئات المملوكة لهم، فضلا عن مقدار ما يملكوه من أوراق مالية وسندات و أسهم تدر عليهم فوائد وعقارات تدر عليهم ريوعا وعلى مستوى انخراطهم فى النشاطات المالية والمصرفية والمضاربة ، وفى الحقيقة أننا لن نستطيع أن نقدم صورة دقيقة عن حجم كل طبقة فرعية للرأسمالية لعدة أسباب منها
أولا:ـ أن منشئات القطاع الخاص لا تسجل رسميا كل من يعملون لديها بدقة، وهو معيار مهم فى التفريق بين ملاك هذه المنشئات.
ثانيا: أن التطور التكنولوجى نفسه أصبح يقلص باستمرار من عدد العاملين بالمنشئات التى أصبحت تتزايد كثافة رأسمال فيها، و تتقلص بها قوة العمل مما يستدعى تعديل معيار حجم العاملين بالمنشأة كأساس للتفريق بين شرائح الرأسمالية .
ثالثا:ـ أن الرأسمالى الواحد يمكن أن يملك أو يشارك فى منشئات متعددة كبيرة و متوسطة وصغيرة، و يمارس أنشطة رأسمالية متنوعة، ومن ثم يحصل على مصادر متعددة للدخل من عوائد التملك (الأرباح والفوائد والريع) التى لا ترصدها الاحصائيات بدقة.
رابعا:ـ هذه المعايير الحجمية يمكن أن تحمل درجة من التعسف، وإن كانت هامة جدا لدواعى التقسيم، فهناك فروق مؤكدة بين كل من الرأسمالى الكبير و الرأسمالى الصغير من حيث المصالح ومستوى المعيشة والوعى الطبقى والموقف السياسى ومن حيث درجة ممارسته للسلطة على مستوى النظام ككل وعلاقته بالدولة و موظفيها وعلاقته بالعاملين لديه.
خامسا:ـ أننا يمكن أن نتعرف بدرجة ما من الدقة على أوضاع الرأسماليين فى الاقتصاد الحقيقى فى الإنتاج الصناعى والزراعى والخدمات و فيما هو رسمى منه فقط ، إلا أنه فيما يتعلق بالاقتصاد الرمزى فى القطاعات المالية والتجارية و فيما هو غير رسمى من النشاط الاقتصادى، فأنه لن يمكنا التعرف بدقة على حجم الداخلين فى تلك الأنشطة وحجم ما يحققوه من دخول.
أن عدد المنشئات التابعة للقطاع الخاص وفقا لإحصائيات 1996 كان 1640366 منشأة قطاع خاص وقد بلغ عدد العاملين المؤمن عليهم فيها 3974810 عامل فى حين يبلغ عدد العاملين المنتظمين والمسجلين و المؤمن عليهم فى منشئات القطاع الخاص وفق احصائيات (عام2004) 4265800.بزيادة حوالى 300ألف عامل، وقد تحركت أعداد ونسب هذه المنشئات بالاستثمارات الجديدة و الإفلاس والنمو والدمج والانقسام خلال العشر سنوات الماضية إلا أننا لم نتوصل لإحصائيات دقيقة حول الوضع الحالى. وهذه المنشئات تنقسم لثلاث أنواع
(أ) منشئات قطاع خاص كبيرة يعمل فيها من خمسين عامل فأكثر وتبلغ 3054 منشأة بنسبة 0.2% من إجمالى منشئات القطاع الخاص و يعمل فيها 455268 عامل بنسبة 12.3 % من اجمالى العاملين المؤمن عليهم فى القطاع الخاص وفق احصائيات 1996. وتبلغ تلك المنشئات فى قطاعات الصناعة التحويلية والتعدين والطاقة والغاز والتشييد والبناء 1769 منشأة ، أما باقى المنشئات 1285 منشأة فتعمل فى التجارة والخدمات.
(ب) منشئات قطاع خاص متوسطة يعمل فيها من 10 عمال إلى 49 عامل وتبلغ 23454 منشأة بنسبة1.4% من اجمالى منشئات القطاع الخاص و يعمل فيها 410961 عامل بنسبة 10.3% من إجمالى العاملين بالقطاع الخاص وفق احصائيات 1996، وتبلغ المنشئات المتوسطة التى يعمل فيها من 15 إلى 49 عامل فى قطاعات الصناعة التحويلية والتعدين والطاقة والغاز والتشييد والبناء 6510 منشأة أما باقى المنشئات 8506 فتعمل فى التجارة والخدمات. من إجمالى15016منشأة .
(ج) منشئات قطاع خاص صغيرة يعمل فيها من عامل إلى 9 عمال و تبلغ 1614858 منشأة بنسبة 97.3% من المنشئات فى القطاع الخاص و يعمل فيها 3072671 عامل بنسبة 77.3% من إجمالى العاملين بالقطاع الخاص وفق احصائيات1996 ، وتبلغ المنشئات الصغيرة التى يعمل فيها من 5 إلى 14 عامل فى قطاعات الصناعة التحويلية والتعدين والطاقة والغاز والتشييد والبناء 43668 منشأة أما باقى المنشئات 57621 فتعمل فى التجارة والخدمات من إجمالى 101289منشأة. وتبلغ المنشئات الصغيرة التى يعمل فيها من 1 إلى 4 عمال فى قطاعات الصناعة التحويلية والتعدين والطاقة والغاز والتشييد والبناء 232608 منشأة أما باقى المنشئات1300881 فتعمل فى التجارة والخدمات من إجمالى 1533489 منشأة.
يلاحظ أن المنشئات الأصغر التى تستخدم من (1-4) عامل تمثل 92.6% من حجم منشئات القطاع الخاص أما المنشئات الصغيرة التى تستخدم (5-14 عامل) تمثل 6.12 % من القطاع الخاص فى حين أن المنشئات المتوسطة التى تستخدم من (15-49 عامل) فتمثل 0.9% من القطاع الخاص وأخيرا فإن المنشئات الكبيرة التى تستخدم من 50 عامل فأكثر فتمثل 0.48 % من القطاع الخاص.و يبقى أن نذكر أن منشئات القطاع الخاص الصغيرة التى تستخدم من عامل إلى خمس عمال فى الزراعة تبلغ 80% من إجمالى المنشئات العاملة فى هذا المجال.
جدير بالذكر أن أكثر من 60% من منشئات القطاع الخاص تعمل فى التجارة، و أن الكثير مما يطلق عليها منشئات صناعية هى منشئات يملكها تجار فى الأصل فضلوا استيراد مكونات السلع من الخارج ثم تجميعها محليا كالسيارات والأجهزة الكهربائية المعمرة أو تعبئتها فى كالشاى والأدوية، و من ثم فهى منشئات لا تشكل صناعات حقيقية . كما أن معظم المنشئات الصناعية التحويلية كالملابس الجاهزة والصناعات الجلدية والخشبية والصناعات الغذائية هى مجرد ورش حرفية كبيرة لا ينطبق عليها نظام المصنع تماما، و يملكها حرفيون كبار لم يتحولوا بعد لرأسماليين كاملى التطور.
وفى الحقيقة أن ما تدخله الصناعة من نسبة مرتفعة من الدخل القومى لمصر والتى تبلغ 31% لا يأتى من تلك الصناعات التحويلية التى مازلت فى غالبها فى الطور الحرفى أو الرأسمالى البدائى والعاجزة عن إشباع السوق المحلى والتنافس فى السوق العالمى، وإنما يأتى معظم العائد من الصناعة من صناعات استخراجية فى البترول والغاز و المعادن .
يجب الوضع فى الاعتبار نمو عدد منشئات القطاع الخاص وزيادة عدد العاملين فيها فى ضوء برامج الخصخصة و زيادة الاستثمارات الصناعية خلال العشر سنوات التالية لآخر إحصاء و من ثم فيمكن أن نستنتج أن عدد المنشئات من ذلك النوع وعدد العاملين فيها قد شهدا نموا لم نستطع حصره وفق الاحصائيات المتاحة. فضلا عن أنه من المؤكد أن عدد هذه المنشئات و عدد العاملين فيها أكبر مما ترصده الاحصائيات الرسمية وذلك للظاهرة المؤكدة و هى عدم تسجيل مجمل العاملين لدى منشئات القطاع الخاص تهربا من دفع اشتراكات التأمينات الاجتماعية ، واعتماد هذه المنشئات غالبا على العمالة المؤقتة والموسمية.
ولكننا على العموم يمكن أن نقسم الرأسماليين لطبقتين فرعيتين فيما يلى
الرأسماليون الكبار هم ملاك منشئات القطاع الخاص الكبيرة والمتوسطة بالإضافة إلى كبار كل من التجار والمضاربين على السلع والأسهم والعقارات، و كبار ملاك العقارات، وكبار ملاك الأوراق المالية. ويلتحق بهؤلاء كبار المهنيين والحرفيين المستقلين، و غالبا ما يرتبط كبار الرأسماليين بأجهزة الدولة و بيروقراطيوها بعلاقات الفساد المتبادل حيث يطلق عليهم رأسماليوا الدولة. و هم يمارسون السلطة على مستوى النظام فى مجموعه، و يشكلون أقلية صغيرة داخل الطبقات المالكة لوسائل الإنتاج. وهم الذين تتركز فى أيديهم معظم الثروة، ويحصلون على الجزء الأكبر من الدخل القومى.
الرأسماليون الصغار ملاك منشئات القطاع الخاص الصغيرة الذين يشغلون عدد محدود من العمال المأجورين، و الذين يطلق عليهم صغار رجال الأعمال ، غالبيتهم تتكون من متوسطى كل من المزارعين و المهنيين المستقلين والحرفيين المستقلين و متوسطى كل من التجار والمضاربين على السلع والأسهم والعقارات ، و متوسطى ملاك العقارات ومتوسطى ملاك الأوراق المالية.
و هم يشاركون كبار الرأسماليين كل المعايير السابقة فيما عدا أن صغار الرأسماليين لا يمارسون السلطة على مستوى النظام فى مجموعه، و أفراد تلك الطبقة يعملون غالبا بأنفسهم جنباً إلى جنب مع العدد المحدود من العمال الذين يستأجرونهم والذى لا يكفى عددهم لعمل تراكم رأسمالى كبير... و الرأسماليون الصغار يشكلون الغالبية العظمى من الرأسماليين فى مصر و ذلك نظرا للتضخم الحاد فى منشئات القطاع الخاص الصغيرة و التى تتجاوز فى الصناعة والخدمات والتجارة 97% من المنشئات، و تتجاوز فى الزراعة 96% من الحيازات الزراعية، و فى نفس الوقت التضاؤل الحاد لمنشئات القطاع الخاص المتوسطة والكبيرة التى تقل عن 3% من المنشئات فى الصناعة والخدمات و تقل فى الزراعة عن 4% من الحيازات الزراعية. حيث تبلغ الحيازات من فدان إلى خمسة أفدنة منها 20% تقريبا من إجمالى الحيازات، و الحيازات الأقل من فدان 76 % تقريبا من إجمالى الحيازات ، والملاحظ أن خريطة الملكية الزراعية تعبر عن تزايد حدة التمايز الاجتماعى حيث أن صغار الملاك ( الذين يملكون أقل من خمسة أفدنة ) يمثلون حوالى 95.8% ويملكون 50 % من إجمالى الأرض الزراعية، أما الملاك المتوسطون ( الذين يملكون من ما يزيد عن خمسة أفدنة إلى خمسين فدانًا) فيمثلون 4% إلا أنهم يملكون30% من المساحة الكلية للأراضى الزراعية وهم يشكلون البرجوازية المتوسطة فى الريف ، بينما يمتلك 02, % -هم أصحاب الملكيات الكبيرة أكثر من خمسين فدان- حوالى 15% من المساحة وهم يشكلون البرجوازية الكبيرة فى الريف . وبالطبع فإن الحيازات التى تقل عن خمسة أفدنة لا يستخدم حائزيها العمل المأجور، وهم يشكلون البرجوازية الصغيرة فى الريف، و يتبقى لنا فى النهاية 4% من الحيازات تلك التى يمكن لحائزيها استخدام العمل المأجور الذى غالبا ما يكون يومى أو موسمى، ذلك لأن العمل المأجور لا يكون دائم إلا فى المزراع الكبيرة والحديثة وهى قليلة للغاية، و برغم ذلك فهى تعتمد أساسا على العمل اليومى والموسمى.
فقاعدة الملكية فى مصر واسعة جدا مما يعنى أن الغالبية الساحقة من الملكيات صغيرة و قزمية.وأكثر من 90% من منشئات القطاع الخاص الكبيرة والمتوسطة والصغيرة هى منشئات فردية أو عائلية، و لا توجد آليات قوية لخلق شركات مساهمة برأسمال ضخم للاستثمار فى صناعات حقيقية قادرة على المنافسة فى السوق المحلى أو العالمى.
وهؤلاء الرأسماليون الصغار الذين يتجاوزون الثلاث ملايين من بين أصحاب العمل الذى يديروه ويستخدمون عمالا فى وضع مختلط طبقيا ، حيث يمارسون الهيمنة فى نفس الوقت التى تمارس فيه الهيمنة عليهم من قبل البيروقراطية و الرأسماليون الكبار.
ما يمكن أن نخلص إليه هو أن الرأسماليون فى مصر يشكلون طبقة رثة ومتخلفة وبدائية مما لا يسمح لهم غالبا إلا بمشاركة محدودة فى السلطة السياسية وبفتات موائد السوق الرأسمالى محليا وعالميا.و هم لا يهتمون بتطوير قوى الإنتاج فلا اهتمام برفع مستوى التعليم والمهارات لدى العاملين لديهم، حيث أن معظم أنشطتهم تعتمد على عمالة غير ماهرة، و لا اهتمام بالبحث العلمى وتطوير التكنولوجيا، وهم عاجزين عن الخروج من الحالة الرأسمالية البدائية التى يقع فيها غالبيتهم الساحقة ليس فقط لميولهم فى الاستثمار التجارى والعقارى والمالى والمضارب ، وليس فحسب للسيطرة البيروقراطية عليهم،وإنما للطابع الفردى والعائلى لنشاطهم الذى لا يسمح بالتوسع فى نشاطهم و و لاتجميع مدخراتهم لتأسيس شركات أموال عملاقة قادرة على الاستثمار الصناعى الجاد.



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الأول: محددات الرؤية انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا
- الهوس الجنسى فى زمن الانحطاط
- هل الديكتاتورية العسكرية اليمينية قادمة؟
- الازدواجية! التناقض بين ما ندعيه عن أنفسنا، و بين ما نمارسه ...
- الحرية لا تعنى سوى الحرية الفردية
- الفردية المنطوية على نفسه
- توضيح لمعالم اليسار اللاسلطوى-2
- توضيح لمعالم اليسار اللاسلطوى
- معالم اليسار اللاسلطوى الجديد
- المهمشون و كيف تساعدهم التعاونيات
- مشروع لإنشاء شركات مدنية على أساس المبادىء التعاونية(معدل
- أى شرعية تلك التى تحترمون
- التعاونيات كأداة للتحرر الذاتى
- الأجور والأسعار فى عهد حكم الحزب الوطنى
- الطريق إلى الحرية و المساواة
- العاملين بأجر فى القطاع الخاص والتغيير
- ما هو الزائف ؟ و ما هو الحقيقى؟ فى-الإمبريالية
- فصام الاشتراكيين الثوريين
- الديمقراطية التى نريد.. 3
- الديمقراطية التي نريد..2


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سامح سعيد عبود - الجزء الثانى الرأسماليون انحطاط الرأسمالية .. مصر نموذجا