أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الكراهية المؤسسة للسياسة















المزيد.....

الكراهية المؤسسة للسياسة


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من طبيعة السياسة أن تقوم على أسس من المصالح، فتكبر بكبرها وتصغر بصغرها، فهذا أمر يمكن فهمه وتفهّمه مهما كانت شقة الخلاف والاختلاف مع هذه المصالح كبيرة. ففي البداية والنهاية الحياة مصالح، تديرها وترعاها السياسة. وإذا كان اللعب في السياسة غير جائز، حتى في المسائل الشخصية والمباشرة، فهو ضار جدا في الشأن العام.
غير أن من ينظر في ما يجري في لبنان هذه الأيام، يجد ما يخالف ذلك، أي أنه يجد لعبا وهذرا في السياسة حتى في القضايا ذات الصلة بمصالح الدولة اللبنانية العليا. من غير المفهوم، وهو على العموم في غير صالح لبنان وسوريا، أن تؤسس السياسة في لبنان، سياسة القوى القابضة على السلطة، تحت عنوان الأغلبية النيابية، على الحقد والكراهية تجاه سوريا، سوريا الكيان السياسي، سوريا الشعب، وربما أخيرا سوريا النظام السياسي. من المستفيد من تأجيج الحقد والكراهية ضد سوريا، الشقيق والجار للبنان، سوريا المجال الحيوي لكل لبنان، ومن دونه يكاد يختنق؟!!!
بطبيعة الحال، وبصفتي معارضا سوريا، كنت في حينه قد تفهمت مطالبة اللبنانيين بمغادرة القوات العسكرية السورية للأراضي اللبنانية، وإن كنت قد تمنيت مغادرتها قبل ذلك بكثير، في ظرف مختلف، وبطريقة مختلفة، بعد كل التضحيات التي قدمتها في سبيل لبنان واللبنانيين. بل وتساءلت في حينه، مستهجنا ومستنكراً جملة من الأدوار الأمنية التي لعبها بعض العاملين في الأجهزة الأمنية السورية في لبنان، لماذا وصلت الأمور بين سوريا ولبنان إلى ما وصلت إليه؟!! لماذا انقلب حلفاء سوريا عليها بهذا الشكل الدراماتيكي اللافت وغير المسبوق؟!! بل وحتى حلفاؤها السياسيين في الوقت الراهن، لا يريدونها أن تتدخل في شؤونهم، وحسب ما صرح به أحد أبرز المقربين إليها من أقطاب المعارضة، إنه(م) على استعداد للوقوف ضدها في حال قررت العودة بقواتها أو أجهزتها الأمنية إلى لبنان مرة ثانية. ولا ينفع في تفسير ذلك تعليقه كاملا على مشجب المؤامرات الصهيونية والأميركية على لبنان وسوريا، بل يتحمل النظام السوري، بطريقة تعاطيه مع القضايا اللبنانية عموما، جزءا من المسؤولية، وهذا ما اعترف به بعض المسؤولين السوريين على أعلى المستويات.
من يتبصر في مجريات الأمور يدرك بأن ثمة مؤامرة كبيرة على لبنان وسوريا وغيرهما من البلدان العربية، وهي ليست وليدة ظرف معين، بل مستمرة ودائمة، لأن ذلك هو من ضرورات استمرار وجود الكيان الصهيوني، ومن ضرورات استمرار بقاء أنظمتنا الاستبدادية حتى تظل الشعوب العربية خارج العصر ببقائها متخلفة، ومستنزفة، ومقموعة. وإذا كان من طبيعة هذه المؤامرة، وجزءا أساسيا منها، أن تحول بيننا وبين رؤية عوامل القوة الحقيقية للتصدي لها، بل والوقوع في شراكها كعناصر قوة لها تؤدي وظائف محلية ليس باستطاعة القوى الصهيونية ذاتها القيام بها، وفي مقدمة هذه الوظائف، أن تجعلنا لا نرى الفرق بين الصديق والعدو، بين الصديق بطبيعة المصالح المتبادلة معه، وإن اختلفت معه مرحليا أو حول بعض القضايا، والعدو بطبيعة مصالحه، حتى ولو بدا أن ثمة اتفاقا معه في بعض القضايا مرحليا أيضاً. وأتحدث هنا عن مصالح فقط، وليس عن روابط قومية وتاريخية، ومصير مشترك، التي حولها البعض إلى دعابة. ومن هذه الوظائف، بل في مقدمتها، تعميم الحقد والكراهية تجاه الصديق، وجعله أساسا لسياسة الدولة، والعمل من اجل استمرار هذا الحقد بتغذيته المستمرة بالأكاذيب، وتلفيق التهم له حتى ولو كان ذلك يضر بالمصالح العليا لكلا الطرفين.
البداية الظاهرة كانت مع اغتيال الشهيد رفيق الحريري، لكن السرعة اللافتة في توجيه التهمة الى سوريا بتدبير عملية اغتياله، تبين أن البداية غير الظاهرة كانت قبل ذلك بكثير. ومع إنني في حينه كنت، بالتحليل السياسي، قد توصلت إلى رفض فرضية تورط النظام السوري في عملية الاغتيال، لسبب بسيط أنه المتضرر الأول من عملية الاغتيال، وهو ضرر من العيار الثقيل، إنه ضرر ذو أبعاد إستراتيجية، وهذا ما برهنت الأحداث التي تلت عملية الاغتيال، وخصوصا لجهة تدويل المسألة، صحته. وتأتي الاغتيالات اللاحقة، وخصوصا اغتيال المرحوم جبران تويني، والوزير اللبناني المرحوم بيار الجميل، لتبرهن أن سوريا بريئة من دمهما، وان المجرم الفاعل هو في مكان آخر، يجري التستر عليه.
مع ذلك اتهمت سوريا مباشرة بأنها تقف وراء عملية الاغتيال التي جرت، قبيل ساعات من اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير ميليس المتعلق باغتيال المرحوم رفيق الحريري. ومن مصلحة سوريا في مثل هذه الحالة أن تجري مناقشات مجلس الأمن في جو غير مشحون لا سياسيا ولا عاطفيا، فجاء من يرتكب جريمة الاغتيال ليخلق هذه الأجواء المتوترة والمشحونة ضد سوريا في مجلس الأمن.
واغتيل أخيرا المرحوم بيار الجميل في وضح النهار، بطريقة تقليدية، وفي منطقته، وفر الجناة، وألقيت التهمة مباشرة على سوريا. كنت في ذلك الأثناء أتابع المؤتمر الصحافي لرئيس تيار المستقبل، عندما نقل إليه أحد السعاة خبر الاعتداء الآثم على الوزير الشهيد، الذي لم يمض عليه إلا دقائق، حتى بادر إلى توجيه التهمة نحو سوريا بصورة مبطنة لكنها واضحة. وما إن انتقل الخبر وشاع حتى اشتغلت ماكينة فبركة الاتهامات ضد سوريا من قبل زعماء قوى 14 شباط جميعا وبطريقة تثير السخرية. وهنا في حالة اغتيال المرحوم بيار الجميل، كما في جميع حالات الاغتيال السابقة، فقد تأذت سوريا أيضا، نتيجة للإرباك الذي حصل للمعارضة اللبنانية التي كانت تتهيأ للنزول إلى الشارع للمطالبة بإسقاط حكومة السنيورة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. والمعارضة اللبنانية بتشكيلتها الراهنة لا يمكن وصفها بالتبعية لسورية، فهي معارضة وطنية لبنانية، تسعى في سبيل مصالح لبنان والمشاركة الفاعلة في السلطة، من دون إقصاء لأحد. وكجزء من هذا المسعى في سبيل مصالح لبنان الوطنية، قد تحاول إيقاف هستيريا التحريض ضد سوريا والسوريين، الذين سقط منهم نتيجة لذلك قتلى، وترك أغلبهم أعماله ومصالحة في لبنان، ما ألحق أضرارا فادحة بلبنان أيضاً. فهي أعلنت مرارا تأييدها للمحكمة ذات الطابع الدولي، إنما في إطار القانون اللبناني والدستور اللبناني، وهي معنية بمعرفة الحقيقة عن كل جرائم الاغتيال التي حصلت في لبنان، ربما أكثر من بعض أطراف قوى الرابع عشر من آذار، الذين يروق لهم المناخ السياسي الذي تولده هذه الاغتيالات.
الحقد على سوريا إذا هو في صلب السياسة التي ينتهجها بعض أطراف قوى الرابع عشر من آذار، والحقد في هذه الحالة له ترجمته السياسية في خطاب وممارسة هذه القوى، يتلون حسب مقتضيات الحال. فمنهم من يريد طرد سوريا من منظمة الأمم المتحدة، ومنهم من يريد طردها من جامعة الدول العربية، ومنهم من يريد محاسبة مسؤوليها، وجميعهم في الممارسة يحاسبون شعبها من خلال السوريين الموجودين في لبنان للعمل في مختلف ميادين اقتصاده. ويبقى السؤال من المستفيد من هذه السياسة المؤسسة على الحقد والكراهية تجاه سوريا؟
في لبنان كما في سائر المنطقة العربية يجري الاستقطاب السياسي بين خطين: خط تقع عليه من حيث الجوهر والأساس المصالح الإسرائيلية والأميركية، ومصالح الأنظمة الاستبدادية العربية، وقوى الإرهاب المختلفة، حتى ولو بدت ظاهريا أنها في موقع آخر. وخط تقع عليه مصالح الشعوب العربية، وهو خط المقاومة الحقيقية، خط التحرير والديموقراطية، وامتلاك عناصر القوة بالمعنى الحضاري. وإذا كان الخط الأول قد بدأ بالتراجع على طريق هزيمته المؤكدة في النهاية، بعد أن جرب كل ماكينته العسكرية والسياسية والإعلامية، وبعد أن أنفضح زيف ما حاول تغطية نفسه به من شعارات التغيير والديموقراطية والإصلاح..الخ، ولم يبقى في جعبته سوى سلاح زرع الفتنة والحقد، في صفوف الشعوب العربية، وتأجيج الغرائز الطائفية والمذهبية فيها. غير أن الخط الثاني الذي جاء من حيث الأساس كرد فعل على الخط الأول يستجمع في كل يوم قوة اكبر، ورؤية أوضح، ويقسي عزيمته باستمرار، وسوف ينتصر في النهاية لا محالة.
على الساحة اللبنانية ظهر التمايز بين هذين الخطين بكل وضوح بالعلاقة مع العدوان الإسرائيلي على لبنان في الصيف الماضي، حيث ظهر التناغم بكل جلائه ووضوحه بين القوى الداعمة والمتبنية لسياسة العدوان الإسرائيلي، سواء على الصعيد الدولي أو العربي أو المحلي، كما ظهر التناغم أيضاً بين القوى الداعمة لخيار المقاومة، وصد العدوان وهزيمته. وما إن توقفت الحرب حتى تكشف الواقع عن هزيمة من العيار الاستراتيجي للعدوان الإسرائيلي، وللمشروع الأميركي الطامح إلى شرق أوسط جديد وفق الرؤيا الأميركية الصهيونية. فما كان من المهزومين في ميادين المواجهة الحامية، إلا العمل الالتفافي على هذا الانتصار في محاولة للتخفيف من نتائجه الكارثية، فتم تفعيل المواجهات الداخلية بين اللبنانيين، حتى ولو كان ثمن ذلك تقديم بعض الأضاحي، وتأجيج نار الفتنة الداخلية، وإعادة رفع رايات الحقد والكراهية ضد سوريا.
غير أن الرد هذه المرة جاء من قبل الشعب اللبناني الذي نزل إلى شوارع بيروت بكثافة وزخم غير مسبوقين في تاريخ لبنان والمنطقة العربية عموما، حتى في المسيرات الاحتفالية المرتبة والمدروسة. لقد نزل الشعب اللبناني إلى ساحات بيروت من كل المناطق والطوائف في تظاهرة احتجاجية وطنية، ليقول لا للمشروع الأميركي الصهيوني، لا للفتنة الداخلية، نعم للوحدة الوطنية، نعم لخيار المقاومة والتحرير والديموقراطية، نعم لمعرفة الحقيقة في جريمة اغتيال رفيق الحريري، وجميع الجرائم الأخرى، التي أدت إلى خسارة الشعب اللبناني نخبة من قادته ورموزه. وإذ يتحرك الشعب اللبناني بهذه الكثافة والزخم والعزيمة، فهو بلا شك سوف يعيد بناء لبنان وطنا عربيا، بعيدا عن أية وصاية أو غير أخوية. وإذ يفعل فهو يقدم درسا هاما جدا للشعوب العربية المقموعة والمستكينة لأنظمتها الاستبدادية العميلة.
إننا في سوريا كشعب وقوى وطنية حريصون على لبنان حرصنا على بلدنا سوريا، وإن ما يؤذي لبنان يؤذي سوريا، وفي هذا الإطار تندرج مقالتي هذه، بصفتي مواطنا سوريا. وأعتقد جازما أن الشهيد رفيق الحريري لو بعث حياً، لغضب كثيرا ممن يتاجرون بدمه واسمه.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السقوط في الهاوية
- ثقافة الخوف
- المعارضة السورية ومزاد الإعلانات
- بمثابة مشروع برنامج سياسي
- سورية تودع عاما صعبا وتستقبل عاما أصعباً
- عبد الحليم خدام: الفضيحة غير المتوقعة للنظام السوري
- سورية للجميع: هل الجميع فعلا لسورية؟
- الاصلاح في سورية- ضروراته ومعيقاته
- مساهمة في إعادة صياغة إعلان دمشق
- الخطر الذي يواجه سورية قادم من أين؟
- تقرير ميلتس: بوابة عبور خطرة جداً
- سورية إلى أين؟
- إعلان دمشق والمسؤولية الكبيرة
- ما أفسدة دهر الاستبداد هل يصلحه عطاره الجديد؟!
- في سبيل حوار رصين وهادئ
- أدوات قديمة لا تصنع جديدا
- نحو حزب بلا تاريخ- مرة اخرى
- محددات السياسة الامريكية في الوطن العربي
- وأخيرا عقد البعث مؤتمره
- السوريون يكسرون القاعدة الذهبية لنظامهم


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الكراهية المؤسسة للسياسة