أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - الأقمار بعد الحرب في -فلافل-ميشال كمون:القتل في المخيلة















المزيد.....

الأقمار بعد الحرب في -فلافل-ميشال كمون:القتل في المخيلة


فجر يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 07:27
المحور: الادب والفن
    


يهدي المخرج اللبناني ميشال كمون فيلمه الروائي الطويل الأول (فلافل) إلى ذكرى شقيقه "روي". لابد أن في الإهداء المكون من كلمات قليلة مايفيد وجود واقعة شخصية في حياة المهدى إليه، أو الذي تتكرس التفاصيل من أجل تمجيده كما في حالات الغياب القسري، كذلك في حالات الحضور الاسترجاعي، وهنا يمكن لهذه المفردات أن تحتل قائمة أكبر من قدرتنا على الاستهداء بها طالما أنها نابعة من الحرب الأهلية اللبنانية وتفاصيلها الطويلة في السرد الذي لاينتهي، أو قد يقيّض له أن ينتهي.
المخرج ميشال كمون الذي يستهدي بسن الشباب لم يكن من الجيل الذي عايش هذه الحرب بوصفه عنصراً فاعلاً او منفعلاً فيها، بل هو مشتق منها، وهو قد كان صغيرا يحلم مثل أقرانه بالذهاب الى دورالسينما "مأوى المخيلة"، وكل مخيلة في ذلك الزمان، ربما ليغير قليلاً من واقعة الحرب الثقيلة على الكواحل والقلوب، ولم يكن ليخطئ لولا أن توفيق في الفيلم، كما في الحياة، لا يغير من زمنه الحاضر، وهو زمننا لحظة المشاهدة، بل يتوقف عند ليلة كاملة ستدور الأحداث فيها، ومن خلالها سوف نمضي الى هذا الكم الكبيرمن الواقعية والشغف بالحياة. فكيف يستتب الأمر إذا كان هنالك شيء شخصي يقود العلاقات الفيلمية المتأرجحة في الزمن الحاضر الى كل هذا الشغف والقسوة في آن..!! نعم هكذا تبدو العلاقة بين توفيق (إيلي متري)، وشقيقه الأصغر رامي في تلك الليلة الوحيدة؛ ذلك أن الشخصية مستوحاة من طريقة روي في الحياة، وهو الذي يحمل وزر الاهداء على كتفيه. وحتى عندما لايحقق توفيق رغبة شقيقه الذي يحلم برؤية الغد أكثر مما يحلم بالذهاب الى السينما، فإنه لا يمكننا أن نعتبر ذلك انقطاعاً ما في سيرورة العلاقة بينهما، فليس ثمة غد في الفيلم، وهو ينتهي في الزمن الحاضر، ذلك أن الفيلم، كما يعترف لنا ميشال في حوارنا معه عقب عرضه في المسابقة الرسمية لمهرجان نانت للقارات الثلاث المنعقد في الفترة ما بين 21 تشرين الثاني و28 منه، هو وعد بشيء، أو هو الرغبة بشيء، بما أنه ينتهي في زمن حاضر، وبالتالي لن نرى الغد بالطريقة التي نقلب فيها صفحة الحاضر للعبور نحو المستقبل، ولهذا ربما يؤجل المخرج من رغبتنا المتأججة برؤية اليوم التالي، ليس لأن نغمة تشاؤمية هي ما تتحكم به، لا.. ليس الأمر كذلك، فالفيلم كما يريد له صاحبه هو كمثل صورة شعاعية مسروقة من اللحظة الآنية تنتقي من رغباتنا، الرغبة الأكثر حضوراً، والأكثر نصاعة، والأكثر رغبة بالتغيير.. ولكن تغيير ماذا؟
ربما يريد توفيق، ويريد المخرج بالطبع، أن يجري هذا التغيير بطريقة طبيعية، فعندما يعمل المرء على أشياء واقعية تنبثق عناصرها من الواقع، أو عندما تشتغل على شخصيات من لحم ودم وتريد لها أن تكون حقيقية، فإن الخلفية يجب أن تكون موجودة من أجل الحفاظ على هذه الواقعية ودراسة خلفياتها الآتية من تاريخ هذا المجتمع، ولهذا ـ يشدد المخرج ـ يجب أن تكون جزءاً من "بروفيل" الشخصية نفسها، فنحن هنا شهود على آثار الحرب في الفيلم، لأن الحرب قد تركت آثارها على الناس والشخصيات، يتجلى ذلك من خلال مراقبة الناس. ولهذا لايبدو لنا أن الفيلم يتحدث عن الحرب، بل عن الفترة التي تلت الحرب، وتشهد على ذلك اندفاعات الشباب البركانية وقسوتهم تجاه بعضهم البعض. هنا تتم المحافظة على الواقعية من خلال بناء الشخصيات والأحداث، وبالرغم من أن ميشال كمون يستخدم عناصر واقعية للتعبير عن سحرية السينما، فإنه يدعو الى التوفيق بينها، كما يدعو توفيق النجمة الى مغادرة مكانها بحركة من إصبع يده عندما يريد أن يفاجئ ياسمين وهي تغمض عينيها مباركة مايحدث أمامها من اجتماعات صاخبة للشباب والصبايا وهم يشرّحون المجتمع اللبناني بعد الحرب، وهويؤول الى قصص وحكايا تكون هي الحلول التي يجري اقتراضها من الواقع، ذلك إن السحر موجود في اللحظة، وشاعريتها هي شاعرية الحياة اليومية، فالسحر إذا ما انبثق من الواقع أجدى له من أن يظل محكوماً بأضاليل المخيلة، ومشاهد الفيلم ـ كما يريد المخرج ـ سوف يحس بوقعه الأكبر، كأن الفيلم مجرد رحلة قصيرة في دور السينما التي لن يطأها رامي بقدميه أبدا، فالحرب كانت قد استهلكت هذه الامكانية من زمن بعيد، أو هي استهلكت غد السينما نفسها، ولكن بطريقة ميشال كمون. وهذه هي طريقة المشاهد نفسه في النظر الى الفيلم، ومعاينة أصل الحكاية عندما يهطل الفلافل على فقراء جزيرة سومطرة مدة خمسة عشر يوما، وكأن ثمة ما يغريه بالحديث عن الأجواء التي سادت بعد الحرب بهذه الطريقة.
من المؤكد إنه ليس بوسع أحد الاجابة عن تساؤل يخص هذه الرواية ـ يقول ميشال ـ فالقصص ستفقد سحرها، لأن من يضع نفسه مكان الشخصيات، وتصبح مخيلته هي مخيلة الشخصيات نفسها، سيتكلم بمنطقه ويتصرف دوما بطريقة مختلفة، وسيصبح هو الشخصيات ويتكلم من خلالها. يتكلم ميشال كمون في هذا المنحى، ويتكلم كثيراً على غير عادة بطله، على أن بائع الفلافل الذي يتهم توفيق في ذات الليلة بإهانته، لأنه أهان الفلافل، أكلة الفقراء، يقوم من فوره برواية حكاية فلافل سومطرة، وسيقف مطمئنا الى "فعالية" مصنوعاته عندما يشاهد قرص فلافل عملاقاً في إعلان تلفزيوني يتدحرج على سطح القمر ويطأ من فوره أعضاء المركبة الفضائية ديسكفري ليسحقهم دون رحمة، وبعضهم يفر في مختلف الاتجاهات. لم يكن توفيق هو من يشاهد القرص العملاق ليكمل سيطرته في الوعي على عناصر القصة كلها حتى من بعد أن تتجمع في يديه، لأنه لا يمكنه أن يسرق عالم بائع الفلافل، وهذا يبدو شيئاً شخصياً بالنسبة للمخرج نفسه الذي يريد أن تتجسد من أجل أن تصبح حقيقية تحت مسمّى فلسفة الشارع، كما يرغب هو في ذلك أيضا. باختصار تصبح هذه التفاصيل هي عالم هذا البائع المتفلسف في هذه الليلة وهي تؤرخ للحادثة ـ الانعطافة ـ في حياة توفيق، وهو يواجه اعتداءً "جوي، أحد افرازات الحرب الأهلية بامتياز، أو يشهد على حادثة الخطف أمام محطة البنزين، وهذه أشياء لم تكن ثمرة مخيلته أبداً بالرغم من أنها قد تبدو كذلك. مايؤكد هذا التماهي هو المطلوب من الفيلم، بالرغم من أن المخرج يؤكد في حوارنا معه إنه لاعلاقة له به، فهو يعمل على فيلمه بطريقة غير مباشرة، والمشاهد فقط من يكون بوسعه أن يخبرنا عن هذا. على أن هذا المشاهد يظل في مخيلة كمون هو المشاهد الأول الذي يعيش بداخله حتى وهو يعاين الواقع اللبناني ـ كما ورد في الفيلم أقلّه ـ وعمّا اذا كان قد ترتب بهذه العناية بتأثيرات الحرب، أو أنه كان موجوداً من قبلها. لاريب إن السؤال اجتماعي، فالذي يدور أمامنا هو ما قد نتج أصلاً عن المراقبة اليومية للعناصر والأشياء في النهار الذي سبق الرواية، فالجميع هنا هم أولاد الحرب، لا آباؤها، والحرب جزء من التاريخ اللبناني، وليس بوسع أحد أن يدّعي أنه سيقوم من فوره ليلغي هذا التاريخ أو يشطبه. بالتأكيد لايدعي توفيق الذي يصرف الليل على متن دراجة نارية وهو يتدرب على محاولة قتل "جوي" المسؤول عن الانعطافة الدرامية في حياته، وهو يقتله في المخيلة فقط. لايدّعي هنا شيئاً، فالأشياء شخصية، أو أكثر من شخصية، وتبدو لنا متراكمة بهذا الشكل وكأنها مفتاح فيلم (فلافل)، حتى من بعد التورية التي يقوم بها المخرج، عندما تنعطف الدراجة النارية بصاحبها يميناً، وتستمر الكاميرا في طريقها لتفترق عن صاحب هذه الليلة المليئة بالقسوة والرهافة... والشغف بالحياة الى حد الملل...



#فجر_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم سوري ينتصر للشعر ضد السينما
- همبورغر عراقي في معسكر قوة التحمل الأميركي
- الشقيقان جلادو على متن التابوت الطائر
- أفواه وأرانب
- صنع الله ابراهيم يستسلم لروحانيات الآلة الكاتبة
- تلك القائمة
- الصورة الانكشارية
- في فيلم رشيد مشهراوي الجديد
- انفلونزة كونية
- دمشق في السينما
- الماكييرة الصلعاء
- الصورة أصدق انباء من الكتب
- عنف أقل
- وجوه معلقة على الحائط للبناني وائل ديب:الغائب الذي يعذبنا با ...
- الآثار العراقية في فيلم وثائقي
- جان جينيه والارتياب على آخر نفس
- لأدوية البطولية بحسب بودلير
- في فيلم باب المقام لمحمد ملص حلب لم تتغير.. بورتريهات شيوخ ا ...
- سيناريو لقصي خولي:يوم في حياة حافلة سورية
- سوردا للعراقي قاسم عبد


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - الأقمار بعد الحرب في -فلافل-ميشال كمون:القتل في المخيلة