أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - العقلية العنصرية والقضاء الإسرائيلي















المزيد.....

العقلية العنصرية والقضاء الإسرائيلي


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 1767 - 2006 / 12 / 17 - 11:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


خيرا فعلت إسرائيل حين أطلقت على ما يعرف عالميا بوزارة "العدل"، اسم وزارة القضاء، ولربما هذا نابع عن إصرار ان جهازها القضائي لم يولد من أجل العدل، بل "حماية" للفكر الصهيوني وسياسته، تماما كما أطلقت إسرائيل اسم وزارة "الأمن" على ما يعرف عالميا بوزارة "الدفاع"، لأن إسرائيل تعرف جيدا أن جيشها لا يدافع عن أي شبر من الحدود التي اعترف لها العالم بها، بل إن الجيش الإسرائيلي ينتشر على حدود محتلة من كافة الجهات.
في الأسبوع المنتهي أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، برئاسة رئيسها المتقاعد حديثا، أهارون براك، ثلاثة قرارات تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، أولها يتعلق بحق الفلسطينيين بالتقدم بدعاوى قضائية أمام المحاكم الإسرائيلية، لطلب تعويضات عن أضرار تكبدوها، إما جسدية أو مادية جراء عمليات قوات الاحتلال.
وقد أقرت المحكمة جزئيا بهذا الحق للفلسطينيين، حين قالت أن لكل فلسطيني مثل هذا الحق، شرط ان تكون إصابته أو أضراره قد وقعت في فترة اللا حرب، وهناك من سارع ليحتفي بهذا القرار ويغني لديمقراطية إسرائيل، رغم ان القرار في طياته لا يحمل أية "بشرى" إلا لعدد قليل جدا من الفلسطينيين، لأن إعلان الحرب واللا حرب يبقى بيد الاحتلال، الذي يعلن عادة انه في حالة حرب دائمة أمام الفلسطينيين.
أما القرار الثاني فإنه يتعلق بجدار الفصل العنصري في قلب مدينة القدس، إذ لم تكتف المحكمة العليا الإسرائيلية بزعم ان الجدار "قانوني"، بل راح رئيس المحكمة براك، ليقول ان أمن الإسرائيليين أهم بكثير من حقوق الفلسطينيين، بعبارة لا لبس فيها، بل واضحة ومباشرة.
ويتعلق القرار الثالث بجرائم الاغتيالات، فأيضا بهيئة قضاة يرأسها براك نفسه، "قررت" المحكمة أن هذه الاغتيالات "قانونية"، وأن هناك "حقا" لإسرائيل باستخدامها، "حماية لأمن مواطنيها".
هذا التسارع في صدور القرارات هو حالة نادرة، فالملفات الثلاثة مطروحة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية بمبادرة جمعيات حقوقية إسرائيلية، بالأساس، إلى جانب أفراد أو جهات فلسطينية منذ عدة سنوات، ولكن القاضي براك من المفترض ان ينهي عمله في الأيام المقبلة، ولهذا فإنه ينهي جميع الملفات التي بين يديه قبل خروجه الكلي للتقاعد.
لا يمكن الحديث عن أي جهاز قضائي في العالم بمعزل عن الدولة التي يعمل فيها، ومثل هذا الجهاز في إسرائيل محكوم ليس فقط للقوانين التي يسنها المشرّع الإسرائيلي، بل بالأساس للعقلية التي تحكم المشرّع نفسه، والمؤسسة الحاكمة، عقلية الاحتلال والحرب، عقلية استعلائية عنصرية، عمودها الفقري الفكر الصهيوني المبني على استعلائية مصالح اليهود على جميع المصالح في العالم.
وتكثر إسرائيل في استعمال مصطلح "قانون" و"قانوني" في كل ما يتعلق باحتلالها وجرائم قواتها العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى بتنا أمام قاموس إسرائيلي لن تجد له مثيلا في العالم، مثل أن تسمع ان في الضفة الغربية وهضبة الجولان هناك "مستوطنات قانونية"، مستوطنات قائمة على أرض الغير، يرفضها القانون الدولي والمنطق البشري والإنساني.
وتستمد إسرائيل "قانونية" هذه المستوطنات من أنها أقيمت بقرار من الحكومة الإسرائيلية المعتدية التي تمارس الاحتلال.
ولكي تكمل إسرائيل المعادلة، فإنها تعلن جهارة ان هناك مستوطنات غير قانونية، وتقصد بها البؤر الاستيطانية التي أقامتها عصابات المستوطنات من دون قرار حكومي، رغم ان تقريرا إسرائيليا رسميا كشف عن أن جميع هذه البؤر أقيمت بدعم مالي ولوجستي من الحكومات الإسرائيلية بما فيها الأخيرة.
ولكن في عصر كهذا فإن إسرائيل تنجح في فرض قاموسها، ليصبح الشغل الشاغل للأسرة الدولية بالبؤر الاستيطانية "غير القانونية"، مقابل صمت مطبق على المستوطنات الضخمة.
وهذا يسري أيضا على جرائم الاحتلال ومجازره، فالقتل له قانون، وإسرائيل تغتال وتذبح الناس وهم نياما في بيت حانون "وفق القانون"، ويقول براك وهو يغادر المحكمة كاشفا عن وجهه الصهيوني العنصري القبيح المقيت، "إن القانون الدولي لا يسري على مثل هؤلاء"، أي الفلسطينيين الذين تغتالهم إسرائيل، بزعم إنهم يمارسون "الارهاب".
وكذا الأمر بالنسبة لجدار الفصل العنصري، فهذا الجدار ومهما كتب عنه وتم تصويره وعرضت الأفلام حوله، فإنه لا يمكن ان يعكس صورته الحقيقية المأساوية، فجدار كهذا يمر في كثير من الأحيان بين بيتين متجاورين، لربما لشقيقين، لتتحول المسافة بينهما من متر واحد إلى كيلومترات.
وهذا الجدار دمّر حياة مئات آلاف الفلسطينيين، الذين خسروا أراضيهم ومصادر رزقهم، وقيمة بيوتهم، خاصة حينما نتحدث عن الجدار في داخل أحياء القدس العربية، فهذه جريمة لا مثيل لها في التاريخ، ويتسرّع البعض حين يشبّه هذا الجدار بجدار برلين الزائل، أو بجدران الغيتوات، فهذا الجدار نموذج وحيد من نوعه في العالم، بتفاصيله الكبيرة والصغيرة، لأن إسرائيل لم تكن في أي يوم بحاجة لنسخ جرائم ضد الإنسانية، بل هي مبتكرة للجرائم، وإذا ما هناك أنظمة عنصرية قائمة في العالم، فمما لا شك فيه ان هذه الأنظمة ستحتاج لنسخ كتاب القوانين الإسرائيلي وممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
على هذه الأرضية تأتي قرارات المحكمة الإسرائيلية، الصادرة عن هيئة قضاتها الموسعة، ولهذا يجب عدم الاستغراب من نوعية هذه القرارات، فالجهاز القضائي الإسرائيلي موبوء بالعنصرية الحاقدة، وهذا ليس كلاما في الهواء بل يؤكده بحث جامعي، أجري في جامعة حيفا الإسرائيلية، وأجراه باحث إسرائيلي كبير، أكد في معطياته على ان القضاة الإسرائيليين يطلقون أحكاما مضاعفة على فلسطينيي 48 مقارنة بنفس الجنح إذا ما ارتكبها يهود، ومنذ ان صدر هذا البحث قبل عامين، فإن شيئا لم يتغير سوى أنه إزداد سوءا.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في مثل الحالة، هو الداعي للتوجه إلى جهاز القضاء الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالاحتلال منذ العام 1967، فمجرد التوجه لهذا الجهاز هو اعتراف ضمني، ولربما غير مقصود، "بشرعية" جهاز المؤسسة في المناطق المحتلة.
في الغالب فإن من يقدم الالتماسات هي جمعيات حقوقية إسرائيلية، ولكن من بينها جمعيات عربية، ومثل هذه القرارات يجب ان تشعل الضوء الأحمر، لتوقف عملية "الحجيج" إلى الجهاز القضائي الإسرائيلي.
إن مواجهة الاحتلال يجب ان تعتمد على أنه ليس شرعيا من أساسه، فكيف من الممكن التأكيد على عدم شرعية الاحتلال، ومن جهة أخرى التوجه إلى مؤسساته "القضائية" بحثا عن عدل مفقود في قوانينة وفي أخلاقياته.



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 92% من أصحاب العمل يخرقون حقوق العمال
- 450 الف عاطل عن العمل كامل وجزئي في إسرائيل في العام الماضي
- من 9 ديسمير إلى 9 ديسمبر
- خطاب أولمرت: التكتيك والاستراتيجية
- بيرتس وأولمرت وسباق الخروج من الحضيض
- منطق المقاومة الفلسطينية
- لبنان والصمت الإسرائيلي المستغرب
- أزمة إسرائيل ونظام الحكم
- عناق الدببة والمجازر الإسرائيلية
- الضعف الإسرائيلي في الحلبة السياسية
- ليبرمان الدموي داعية الترانسفير
- أولمرت وليبرمان: حسابات الربح والخسارة
- حكومة أولمرت ليبرمان
- الحرب والأعياد كشفت الفجوات الاجتماعية في إسرائيل
- ليفني وبينيس وجهان جديدان في القيادة الإسرائيلية المقبلة
- فتح وحماس والشعب الضحية
- قراء في التقرير السنوي -لمعهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي-
- إسرائيل غارقة في فساد السلطة
- سيناريوهات توسيع ائتلاف الحكومة الإسرائيلية
- -خطة التجميع- تنفذ ميدانيا


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - العقلية العنصرية والقضاء الإسرائيلي