أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - خواطر في الدولة















المزيد.....

خواطر في الدولة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1766 - 2006 / 12 / 16 - 10:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يستخدم الخطاب السياسي السائد مفهوم الدولة كثيرا هذه الأيام بمضمون يكاد يكون متطابق بين السلطة و المعارضة بل في كل مقاربات الخطابات السياسية و الفكرية السائدة و ذلك بمضمونه الإيجابي الذي يعتبر الدولة مركز الاجتماع البشري أي ضرورة لا مناص عنها..هذه المقاربة التي تخرج الدولة من مجال التغيير المطلوب و تستحضرها إلى ساحة الجدل كحالة مرجعية مركزية يتهم الخارجين على السائد السياسي بتهديدها الذي يعني تهديد المجتمع بأسره تضع الدولة كمؤسسة خارج الجدل و حدود النقد و التغيير..فبين استعادة السيادة و الاستقلال لمؤسسة الدولة في لبنان أو بناء الدولة القادرة تحضر الدولة كمؤسسة حضورا مركزيا في الجدل بل كمحور للصراع..
كانت الإمامة قضية محورية أيضا في الجهد الفكري الإسلامي و الصراعات السياسية التي بدأت مع وفاة الرسول وصولا إلى أحداث الفتنة و قد انصب هذا الجدل على هوية الإمام أو صفاته , هذا باستثناء فرقة الخوارج التي تعد الفرقة التي مضت بضرورات النص المقدس إلى أقصى مدى دون مساومة فشككت في ضرورة الإمامة أصلا ( حيث لا حكم إلا لله ) و عند ضرورة الإمام جوزت أن يكون عبدا حبشيا أو نبطيا ( أي من أسفل الهرم الطبقي القبلي ) و ألزموا الحاكم بإقامة الشرع و العدل الشيء الذي تساهلت فيه كل الفرق الأخرى حرصا منها على وحدة الجماعة و الدولة..قضية تكفير مرتكب الكبيرة أيضا جسدت قيام الخوارج بإلزام الناس بضرورات النص فيم شكل المرجئة ( الذين أصبحوا فيم بعد جزءا من فرقة أهل السنة و الجماعة ) بداية عملية تقليم و تعديل قراءة النص لتصبح "واقعية قابلة للحياة" جزءا من حياة الناس اليومية لتصبح أساس بناء "جماعة المسلمين" في تمايز عن غيرهم و في سلام مع القراءة السائدة للمقدس التي تأخذ ضرورات قيام و استمرار الجماعة أولا و تضع وحدة هذه الجماعة في مركز المرجعية الدينية..كانت الدولة ذات دور مركزي في إقامة الملة و وحدة جماعة المسلمين وفق الخطاب الديني السائد , الدولة التي لم يلزمها هذا الخطاب بإقامة العدل أو الشرع بقدر ما شرع مهامها القسرية تجاه الداخل و الدفاعية تجاه الخارج..الفرق العقلانية كالمعتزلة أخرجت الجدل حول الإمامة من حالته التاريخية ( أي بين الفرقاء المتصارعين بالاسم ) إلى نطاقه المفهومي عندما اعتبروا كل الأطراف المتورطة في أحداث الفتنة في حالة حكم الفاسق لا على التعيين..لم ينتصر المعتزلة أساسا ( رغم أن بعضهم ذهب إلى تأييد هذا الطرف أو ذاك ) لأي من الأطراف المتنازعة بل عدوا أفعالها جميعا خارجة عن المقبول شرعا..ذهب المعتزلة إلى أن العقل يوجب الحسن و القبح لذلك كان الإمام عندهم دنيويا و ليس ذا وظيفة دينية على عكس السنة و الشيعة الإمامية الذين ذهبوا إلى أن العقل لا يوجب و لا بد من السماع و القيام بالإمامة إقامة للدين و الملة..كانت مركزية الإمامة في صلب سعي الفرق المعارضة لاكتساب الشرعية فدور الإمام في تفسير النص حسب الفكر الشيعي كانت في مركز خطاب الحركة الإسماعيلية فيم مثل الزيدية حالة اندماج بين الفعل الثوري المباشر للخوارج و عقلانية المعتزلة ( الإمامة هنا تشترط الخروج على السلطان الجائر و هي لا تقوم بالنص أو التعيين بل إن أي فاطمي خارج على السلطان قائم بالشرع فهو إمام ) في مواجهة تقية الإمامية و تأجيلهم الخروج على السلطان الجائر بانتظار رجعة الإمام المهدي المنتظر و جعلهم الإمامة في أولاد الحسين بالوصاية و النص في إخراج للإمامة من دائرة الأنسنة إلى مركز المقدس..هنا سنجد أن الفرق التي رفعت الإمامة فوق المجتمع و ربطته بالمقدس ( عكس الخوارج مثلا الذين رفضوا ربط الإمامة بالمقدس ) هي التي تمكنت من البقاء و تحديد الوعي السائد في فترات الجمود التي مرت فيها أمتنا حيث أصبح التقليد أساس فعل المؤسسة الدينية..الغريب في القضية هنا أن نجاح الفرق المعارضة في بناء مشروعها الخاص عن الدولة سيمر بمرحلة أولى تشكل نقيض فعل السلطة العباسية التي ثارت عليها لكنها ستخلق في وقت لاحق ذات الوحش السلطوي الذي ينظر باستهانة إلى الشعب و ظروف حياته و يستثمر المجتمع لصالح النخبة الحاكمة..
هذا يذكرني بنهاية المشروع السوفييتي و يعيدني أبعد إلى تلك اللحظة التي افترق فيها ماركس و باكونين حتى أن الأخير حذر من قيام بيروقراطية حمراء قد تكون أسوأ نظام قهري ممكن لأنها تحكم باسم العدالة و الثورة باسم الجماهير..اختلف باكونين و ماركس على ضرورة الاحتفاظ بجهاز الدولة القمعي بعد انتصار الثورة المعادية للأوضاع القائمة فرأى فيها ماركس ضرورة للتغلب على مقاومة الطبقات السائدة فيم طالب باكونين بإزالتها فورا كجزء من حالة القهر للمجتمع..انتصرت الماركسية في الحركة العمالية العالمية و تمكنت من تحويل مشروعها إلى واقع في الاتحاد السوفييتي..هنا الدولة تحولت من جديد إلى غول يلتهم المجتمع باسم الثورة..كان هناك تروتسكي الذي حاول الوقوف في وجه صعود البيروقراطية و فضح انقلابها على المشروع دون جدوى..الجميل هنا أن هذه البيروقراطية في نسختها اليلتسينية و النزارباييفية و الشيفاردنادزية هي التي ستجهز على المشروع برمته لكنها ستحتفظ بسيطرتها على المجتمع و الدولة في فترة "التحول" بعد أن سرقت ثروة البلد في ليلة وضحاها..
هل هو النموذج الشرقي للإنتاج الذي يفترض مركزية فعل الدولة أم هي درجة التطور المجتمعي التي ما تزال قاصرة عن تحقيق الشروط المطلوبة للتحول إلى الديمقراطية أم هو فعل الخارج الذي يريد إبقائنا في حالة خضوع لمستبد يسهل التحكم به؟..ما اللعنة التي تحول كل رغباتنا إلى خلق وحش جديد يفترس المجتمع و يتمترس حول دولة تغيب المجتمع لحساب النخب الحاكمة..لماذا رغم كل ما قيل عن التغيير في العراق و ما جرى ترديده في مؤتمرات صلاح الدين و أربيل للمعارضة العراقية ثم في الحراك الذي تبع سقوط نظام صدام نرى أن كل هذه الرغبات المعلنة تنتهي إلى هذا الصراع الدموي الذي يجري حول أية طائفة ( بل أية قيادات طائفية ) ستحكم العراق هذا الصراع الذي لا يدور حول مستقبل أو حاضر العراق السياسي و الاقتصادي الذي لا يخرج عن حالة الصراع التي جرت في أحداث الفتنة ( و لو بفروق هامة ) منذ تمكن معاوية من تحويل قميص عثمان إلى ملك عضعوض مطلق و ضربت الكعبة و استبيحت طيبة ( مدينة الرسول الكريم من جيوش الحجاج ) في سبيل الحكم..منذ أن قبل الفكر السائد في المؤسسة الدينية أن يمتنع عن مقاربة تصرفات الخليفة الثالث عثمان بشكل نقدي ( رغم إقراره بخروجها عن نهج الرسول صلى الله عليه و سلم و الخليفتين أبو بكر و عمر ) و رفضه توجيه أي نقد للحاكم مهما اقترف ( كان ذلك يومها بحجة كونه من الصحابة المبشرين بالجنة ) و لو أن قراءات أخرى , معاصرة و قديمة , للمقدس لم تشرع الخروج عن نهج الرسول الكريم و عن الشرع حتى للصحابة ( أي قررت المقدس كمفهوم و عقيدة فوق شخصنة المقدس ) و هي للأسف قراءات توصم بالخروج عن الملة أو بالإساءة للدين , الدين الذي يساوى بالقراءة التي لا تقبل مقاربة فعل الصحابة المنخرطين في أحداث الفتنة بشكل نقدي لا يرغب في أن يؤسس لنقد تاريخي بقدر ما يؤسس لرؤية مستقبلية تحاسب الحاكم بعد أن تعيده إنسانا و تبقيه ( في وضعية المجتهد دينيا على الأقل ) في دائرة احتمال الخطأ و المحاسبة و التغيير, تعيد المجتمع لدائرة الفعل بل في مركز دائرة الفعل..
هل لنا أمل في البراء من لعنة الطغيان؟..هل يمكن لمجتمعنا أن يصبح في دائرة الفعل؟..ألا يتطلب ذلك تقييد بيروقراطية الدولة و قوننة عملها ( في أي نظام ) بحيث لا تستولي على الفعل المجتمعي؟..ألا يعني هذا أنسنة الدولة الحاكم و محاولة إعادة النماذج المختلفة من المستبدين ( المتنور و العادل و المقاوم ) إلى الواقع و ألا يعني هذا أن علينا أن نعيد صياغة كل أفكارنا ( ليس الدينية وحدها بالتأكيد ) لتقبل المجتمع كمركز للفعل و المحاسبة و التغيير؟..ألا يعني هذا أن علينا أن نقوم الدولة كمؤسسة ( أنا لا أدعي الدعوة لإلغائها فهذا شرف لا أستطيع إدعائه ) كمفهوم ضروري أولا و في مضمون علاقتها بالمجتمع و الشعب و الحراك اليومي..إن الصراع الحالي في لبنان و العراق الذي يستعير المقدس و يضعه في مواجهة مقدس آخر و يعطي توصيفات القداسة لصراعات دنيوية ( فلا الحكيم يمكن مقارنته بالحسين و لا السنيورة بعثمان أو حتى معاوية ) يزيف الصراع و يعيده سيرته الأولى عندما قبل آباؤنا أن يتركوا للضباط في المؤسسة العسكرية أن يحددوا طريق توجه البلد و أن يشكلوا الأنظمة و يغيروها بحجة التطور و الاستقلال أو الصمود, أي في صيغة تخرجها من دائرة النقد و تؤسس لحالة تغييب المجتمع و قهره التي تجثم على صدر مجتمعاتنا اليوم..






#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الخلاف السني-الشيعي
- نداء إلى القوى السياسية السورية - نداء إلى المعارضة السورية
- مقتل السيد بيار الجميل : رفض القتل كفعل في السياسة و رفض الم ...
- الطائفية و الشارع و اللعب بالنار
- محنة خلق القرآن: محاولة عقلنة الخطاب الديني بالقوة
- الخيانة , العنف و السلطة
- لا يهم مع من تحالفوا فالمضمون واحد
- الفصام بين خطاب الأمس و ممارسة اليوم
- التغيير الديمقراطي في سوريا بين المعارضة و الخارج
- الحجاب من جديد
- أكثر من مجرد تغيير
- قصتنا في الشرق - صعود و موت النبي
- في ذكرى نجيب سرور
- الشرعية بين الشعب و الخارج
- احتمالات المواجهة بين سوريا و إسرائيل
- الليبرالية و الطائفية-افتراقات الفكر و الممارسة
- تعليق على البيان الموجه إلى القوى و الأحزاب الماركسية العربي ...
- أطروحة المجتمع الدولي
- الطائفية , المعارضة و النظام
- ماذا عن سياسات النظام السوري الاقتصادية؟


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - خواطر في الدولة