نبال شمس
الحوار المتمدن-العدد: 1767 - 2006 / 12 / 17 - 10:57
المحور:
حقوق الانسان
لست معتادة على قص قصة العيد لطلابي, وخصوصا أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وينقصهم دائما الدعم المعنوي والنفسي والحسي, فكيف سأقص لهم قصة إبراهيم الخليل وقصة المذبح والسكين والدم, وقطع الرقبة, ذلك النوع من العنف, وأنا ما زلت أشرح لهم عن موضوع قتل الحيوانات واحضر معهم العبارات: كفوا عن قتل وتعذيب الحيوانات.
فكم أريد الآن أن اخرج للشارع واصرخ وانتف شعري, والطم وجهي على غبائي المقصود وعلى هذه الشفافية الحقيرة, المضحكة والمؤلمة والمبكية.
يا الهي, مشغولة بقصص قتل الحيوانات وقصص العيد. فخورة بنفسي وبصراعي الداخلي عن الوجه التربوي, وأثره بقص قصة إبراهيم الخليل والمذبح على الطفل؟ فأي عماء هذا وأية رؤية تجعلني أتكلم عن قتل الحيوانات واحجب قصة العيد, والقتل أصبح ملموسا ومحسوسا وموجودا على أبواب المدارس.
لم اسرد لطلابي قصة إبراهيم الخليل كي لا اكشف لهم جانبا أخرا للعنف, كي لا أريهم المذبح والسكين وان يتخيلوا جبل عرفات مصنوعا من دم وشوك. كي لا يعرفوا أن السكين بالأصل كان للذبح.
لم اسرد لطلابي قصة العيد والكبش, لان صفي ما زال ممتلئا بعبارات كفوا عن قتل الحيوانات.
فكيف سنذبح كبش العيد ونناقض أنفسنا الحالمة؟
لم اسرد لطلابي قصة داليا اللئيمة التي عذبت جراء جدتها كي لا أعلمهم نوعا آخرا للعنف. لكن كيف سأجري وراء طلابي للبيت واكسر لهم شاشات التلفزيون وأقول لهم لا تنظروا كي لا تتألموا. لا تسمعوا كي لا تتأخروا نفسيا ومعنويا.
كيف سأحجب الفضائيات والصحف اليومية من أمام الأطفال كي لا ينظروا للعنف الذي بين السطور والدماء التي على الصفحات, و الحفلات الإعلامية فوق دماء الأطفال؟
أي عيد هذا وأي مبدأ وأي نظرية تربوية . ونحن ما زلنا نلملم أشلاء الخيبة من أمام تلك المدرسة الممزوجة بالدماء والعنف وصور الملاك و أكباش العيد.
كيف سأقفل تلفزيوناتهم وأقول لهم لا تنظروا للوجه الآخر للإنسانية التي تقتل بعضها وتقتل أقرانكم؟
سأذهب للصف الآن وأمزق العبارات كلها وأمزق صور العيد وصور الملائكة واكتب على الجدران بالأحمر: كفوا عن قتل الأطفال..كفوا عن قتل الأطفال يا حيوانات غزة, لنعلم أطفالنا أن يكفوا عن قتل الحيوانات. ولننصرف لنفكر بالنظريات التربوية وقصة العيد.
( اثر ما حدث في صبيحة 11.12.06 أمام احد المدارس في غزة)
#نبال_شمس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟