أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مهند حبيب السماوي - دستويفسكي روسيا والارهاب في العراق














المزيد.....

دستويفسكي روسيا والارهاب في العراق


مهند حبيب السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 10:18
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لا ريب بأن الانطباع الأول لقارئ عنوان هذا المقال سيكون الاستغراب والدهشة. فما هي العلاقة بين هذا الروائي الشهير الذي يعد أحد أئمة الرواية الروسية في منتصف القرن التاسع عشر وبين العمليات العسكرية التي تقوم بها وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة العراقية ضد الإرهابيين؟ فهل للأدب الذي يمثله دستويفسكي علاقة أو أدنى صلة مع الحرب التي تشن على الجماعات المسلحة في العراق؟.
وقبل أن يسأم القارئ من غموض العنوان، ومن أجل أن أبين العلاقة الوطيدة بين الاثنين، لابد لي من التعريف بالاثنين لإدراك الصلة بينهما.
فدستويفسكي يعد أحد أبرز الروائيين في روسيا، حيث لإنتاجه الروائي مكانة خاصة لا في الأدب الروسي فحسب، وإنما يمتد ذلك إلى الرواية العالمية أيضا. وقد تشكل اتجاه دستويفسكي إلى الرواية كفن تحت تأثير التجربة الروائية لكل من بوشيكين وغوغول، بالإضافة إلى أهمية كل من بلزاك وجورج صاند وفيكتور هوجو وديكنز بالنسبة لدستويفسكي وأفكاره.
وقد برز دستويفسكي في الساحة الأدبية الروسية في أربعينات القرن الـ 19، وقد اتسم إنتاجه من أول رواية له (المساكين) بالمنهج الفني الجديد الذي ابتعد به عن الخط الهجائي لمعلمه غوغول، حيث نلاحظ أنه قد اتجه إلى البحث العميق في نفوس أبطاله غائصا في تفكيرهم مستغرقا في لا شعورهم.
كتب القصة والرواية، وكان أشهر رواياته: (المساكين 1845)، (المحقرون والمهانون1861)، (الجريمة والعقاب 1866)، (الأبله 1869)، (الشياطين 1872)، (المراهق 1875)، (الاخوة كرامازوف 1880).
ولا يحسب القارئ أني ابتعدت عن موضوع المقالة التي أنا بصدد الكتابة عنها، وإنما أنا في طريق الكشف عن الصلة بينهما، حيث نلاحظ أن دستويفسكي في روايته الجريمة والعقاب يتعرض لشكاة حيوية معاصرة، ألا وهي الجريمة والكشف عن الجذور النفسية والاجتماعية لها، وهي نفس المشكلة التي عاناها دستويفسكي حينما زج في السجن لدوافع سياسية، حيث تعرف على المجرمين وأحوالهم وظروفهم وجهاً لوجه لا عن طريق الكتب.
وفي روايته هذه يتحدث الكاتب عن قصة الشاب الجامعي رسكولينيكوف وعائلته الفقيرة المكونة من أمه وأخته مع عائلة مارميلادوف وابنته سونيا التي أحبها رسكولينيكوف، والتي دفعها والدها مدمن الخمر لممارسة البغاء من أجل شراء الخمر له. كما أن القصة تحتوي على شخصية العجوز المرابية وأختها ليزافيتا والداعر المجرم سفيرديجالوف الذين يستغلون الناس أبشع استغلال، فيقرر رسكولينيكوف قتل العجوز المرابية من أجل التخلص من شرها. وفعلا يفعل ذلك، فيقتلها ويقتل أختها معها لأنها اكتشفت الأمر. وبعد أن فرغ من محو جميع الآثار المادية عاد إلى بيتها ظنا منه أنه قد تخلص منها.
لكن يبدأ الآن لدى رسكولينيكوف إحساس غريب، فقد بات صريع شعور جديد غير محدد يتعمق تدريجيا في داخله، ألا وهو الشعور بعدم الارتياح والنفور تجاه كل شيء، فكل من يقابلهم في الشارع وجوههم قبيجة، وكذاك مشيتهم وحركاتهم.
لقد بدا لرسكولينيكوف أنه قد انفصل تماما عن الأحياء، وأنه كما لو كان قد قطع نفسه بمقص عن الجميع، ويحس بأنه تائه شارد الفكر، وأن الجميع يطاردوه، بما فيهم الشرطة والمحقق القضائي كقطيع كلاب.
هنا بدا رسكولينيكوف يسأل نفسه: هل قتلت العجوز؟ ويجيب بعد تمعن: لقد قتلت نفسي لا العجوز. ودستويفسكي لم يعاقب المجرم بتقديمه إلى حبل المشنقة، فقد بدا أن هذا العقاب أخف أنواع العقاب، أما العقاب الحقيقي رسكولينيكوف فقد كان في داخل البطل نفسه، كونه قد أحس بتأنيب الضمير، فثاب إلى رشده عقب الجريمة، وحينها قال: إن من عنده ضمير فهو الذي يتعذب إذا وعى الغلطة، وهذا هو عقابهّّّ. وقد ظل على هذا الحال هاربا من العدالة والجزاء القانوني حتى اعترف لسونيا ثم سلم نفسه طوعا للعدالة، فذاق طعم العذاب القانوني بعد أن مزقه أشتاتا العذاب النفسي.
ولأننا في العراق، وليس في بطيسبرج (لينغراد الآن)، ولأن من يقتلون العراقي بدم بارد لا يملك أشرف أشرفهم -إن كان لديهم شريف- بعضا مما لدى رسكولينيكوف من ضمير يؤنبه على ارتكابه الجرائم، ولأن وجوه الامن في العراق ليسو دستويفسكي... ولأن الجريمة التي ارتكبها رسكولينيكوف ليست كالجرائم والإبادات الجماعية التي يرتكبها الإرهابيون في حق العراقيين.
لذلك كان من المستحيل أن يُترك الإرهابيون والمجرمون يسرحون ويمرحون في العراق على أمل أن يؤنبهم ضميرهم أو حتى يملوا كما فعل دستويفسكي مع جريمة رسكولينيكوف وحكومة علاوي السابقة مع المسلحين.
ولهذا يجب ان لاتتعامل الحكومة مع هؤلاء الا بالقوة , حيث يجب ان تتحول من الانفعال إلى الفعل، من الارتكاس إلى المبادرة، ومن انتظار الإرهابيون إلى مهاجمتهم في عقر دارهم مادام هؤلاء المجرمون قد خلا قلبهم من الشعور بالذنب والخطأ وتعذيب الضمير، وما دام هؤلاء لا يؤمنون بأن (العذاب والألم ضروريان دائما للوعي الحقيقي والقلب العميق) كما قال رسكونيكوف وهو في خضم الأزمة ألنفسية التي كانت تعصف به بعد أن نفذ الجريمة.



#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلات الحكومة العراقية
- لهذه الاسباب قلنا انتصر حزب الله
- لنرحم العراق!!!!
- وستبقى لبنان رغماً عن انف اسرائيل
- هكذا نقد نيتشه الحضارة الاوربية
- ليل المقاومة ونهار الإرهاب
- حرية....ديمقراطية
- هكذا يموت العراقيون


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مهند حبيب السماوي - دستويفسكي روسيا والارهاب في العراق